الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية بابل*

صائب خليل

2006 / 10 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لماذا بقي إسم فيثاغورس مستلباً النظرية التي اكتشفها البابليون قبله بعشرة قرون، حتى بعد ان عرفنا الحقيقة؟ سؤال الح علي وأنا اقرا مقالة للدكتور علي ثويني: " ودليلنا بأن نظرية المثلثات التي نسبت إليه، قد وجدت في بابل برقم طيني تعود الى ألف عام قبله."

لم تكن هذه المعلومة جديدة علي, فكثرما قرأت ان تلك النظرية الأساسية الجميلة التي يحتسب فيها طول اي ضلع في المثلث القائم الزاوية من الضلعين الآخرين, حيث يساوي مربع الوتر مجموع مربعي الضلعين الباقيين, نظرية فيثاغورس, كانت قد اكتشفت من قبل البابليين. فقد اكتشف المنقبون رقما طينياً يعود للألف الثاني قبل الميلاد عليه رسم يبين النظرية بوضوح تام, فلا يختلف عليه اثنان.

لماذا بقي اسمها إذن, حتى في كتبنا المدرسية, "نظرية فيثاغورس" ولماذا لم تسم بـ"نظرية بابل"؟ وإذا كان الغربيون (ليس كلهم بالتأكيد) سيقفون بوجه الحقيقة انتصاراً لأنفسهم، واحتكاراً لتأريخ المعرفة البشرية بدون وجه حق، افليس هذا أدعى الى الإصرار على تسميتها بإسمها على الأقل في بلداننا لتنكشف ويعترف العالم بها ؟

والحقيقة ان "نظرية بابل" (من الآن فصاعداً, ...اتفقنا؟) ليست النظرية الوحيدة المظلومة من قبل اهلها. فعلى امتداد البلاد العربية والإسلامية والشرق عموماً, تنتشر انجازات علمية مظلومة وحقائق مقموعة لا لشيء سوى انها لم تجد من يمثلها ويطالب بحقها من اهل بلادها. وعلى امتداد بلدان العرب والشرق كثير من القبور لعلماء أسهموا بقسط جليل في خدمة الإنسانية بالعلوم, دون ان يذكرهم البشر, لا لشيء سوى ان أبناءهم لم يكلفوا انفسهم عناء اداء واجبهم في احقاق اجدادهم. والحقيقة ان هؤلاء الآباء لم يعودوا بحاجة الى ذلك المجد, فقد رحلوا ورحلت معهم كل حاجاتهم, إنما نحن, الأبناء الجاحدين الكسالى, من يحتاج الى ان تر تلك الحقائق النور, نحن المتهمون اليوم بأن لادور لنا غير الإرهاب في هذه الحضارة.

" فما زلنا إلى الآن نعتبر أن تاريخنا هو التاريخ السياسي فنختزل به حضارتنا وما بها من تقدم في صور الصراع السياسي العربي أو في فترات الحروب، ويتحول التحدي التاريخي في نفوس أطفالنا؛ وبالتالي في نفوسنا نحن أيضا إلى تحد سياسي فقط في وقت نجابه فيه تحديات تقنية رهيبة متسارعة الخطوات، علينا أن نؤهل أطفالنا لها، مؤكدين لهم أننا جزء من تاريخ هذا التطور." د. خالد عزب رئيس قسم الإعلام بمكتبة الإسكندرية

كم "نظرية بابل" يطويها النسيان والإعماء المتعمد يا ترى؟
يقول د. علي ثويني:
" ويمكن أن تشكل هذه المعلومة تشجيعا للبحث والتدقيق في فك رموز المليون رقم طيني ونيف المسروقة من المواقع الآثارية العراقية ،و التي تقبع اليوم منسية وتائهة وتحمل الكثير من الأسرار في متاحف اسطنبول وبرلين واللوفر والأهم ما تضمه (سراديب) المتحف البريطاني، ويقدر عددها بنصف مليون رقم، و التي سوف يكون فتح رموزها وبالا على مسلمات العلم وشطحات النظريات التي لوت أعناق الحقائق خلال قرون، فيا ويلها من فتح قمقم الأسرار الأركيولوجي،وياصدمة المتشنجين بالفكر الإستشراقي،بعدما ستعلن الجذر العراقي للفلسفة اليونانية (الشكوكية) .وهذا الأمر قدم له (مارتن برنار) الأنكليزي في كتابه الموسوعي (أثينا السوداء) التي أثار بعد صدوره عام 1989 زوابع ، وأعلن من خلاله بالبحث المقارن الجذور المصرية والشامية والعراقية للحضارة اليونانية، وان آلهة اليونان كلها سامية،وأن ثمة إحتلال (هكسوسي) سامي لليونان حدث عام 1500 قبل المسيح"

ليس دافع كلام علي ثويني قومية متطرفة فالغربيون قد قالوا ما هو اكثر:
(( و ما المكتشفات اليوم لتحسب شسئاً مذكوراً أزاء ما نحن مدينون به للرواد العرب الذين كانوا مشعلاً وضاءً في القرون الوسطى المظلمة ولا سيما في أوروبا)) .
(( ان الميراث الذي تركه اليونان لم يحسن الرومان القيام به أما العرب فقد أتقنوه و عملوا على تحسينه و أنمائه حتى سلموه إلى العصور الحديثة )) .
(( أن العرب هم في الواقع أساتذة أوروبا في جميع فروع المعرفة )) .


وعلى اية حال, قد يكون علي ثويني مبالغاً, فعلينا ان نحقق بالأمر فلا نقفز الى النتائج التي نحبها إجحافاً للحقيقة. وقد يكتشف ثويني ان لم يكن "ثمة إحتلال سامي لليونان 1500 ق.م." لكننا مطالبون بالمقابل بالعمل على ما هو مؤكد ومعروف ومتحقق منه. لقد حرمنا كسل آبائنا وتفريطهم بتأريخ هذه البلاد, من نعمة الإعتزاز بالنفس ونحن طلاباً ندرس العلوم منذ الصغر, إذ نقارن انفسنا بالحضارة الغربية فهل لنا ان نوقف هذا الإرث المتواصل من الإحساس بالدونية في هذا المجال على الأقل تأريخياً,فنسمي الإشياء بأسمائها؟

وانت ياقارئي..قررت ان أعفيك من المقتطفات من المقالات التي جمعتها عن انجازات عربية واسلامية وفرعونية وغيرها من حضارات هذه البلدان التي تربينا فيها, فأنت بلا شك قرأتها مراراً وتكراراً ثم نسيتَها مثلما نسيتها انا, لأننا لم ندر ما يجب ان نفعل بها....والآن؟ سمعت ان وزير التعليم صديقك اليس كذلك؟ ام انه وزير الثقافة؟ ... نائب في البرلمان؟ ..رئيس تحرير صحيفة؟ صحفي فقط..لابأس... هل اتفقنا؟
أنت وأنا ،على الأقل، سنرفع مساهمتنا في الظلم عن "نظرية بابل" ونسميها باسمها منذ الآن.. لعلنا نبذر بذرة خير تنموا الى سنديانة كبيرة.. اليس كذلك؟
..."نظرية بابل".... "نظرية بابل" ....."نظرية بابل"....

........

(*) أنا اعلم ان الكتابة عن كرة القدم أثناء النزف خيانة، لكن تحملوها مني هذه المرة، فبين الحين والآخر, نحتاج كلانا الى بعض الراحة، وان نبعد عيننا عن الحقائق المنغصة للحظة لكي نبعد القرحة عن امعاءنا ولو لحين, لكي نتمكن من ان نستمر لفترة اطول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن الجمعية الوطنية الفرنسية؟ • فرانس 24


.. فلسطينيون يقيمون مصلى من القماش وسط الركام في جباليا




.. دمار كبير في أحياء غرب رفح جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غ


.. مصابون يصلون إلى مستشفى ناصر في خان يونس بعد قصف على مناطق ج




.. حريق ضخم اندلع في سانتا باربرا الأميركية .. والسلطات تخلي ال