الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنوثة أقسى اللعنات

حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)

2023 / 3 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الأنوثة أقسى اللعنات بعد لعنة الوجود في المجتمعات العربية، فأن تكون أحد مواطني دول العالم الثالث لهو سؤ حظ، لكن أن يسؤ حظك أكثر لتكون أنثى عربية فهو أمر لا تحسد عليه البته.
تخلصت المرأة من الوأد الجسدي حين تطورت الحضارة دون أن تتطور نظرتنا الحقيقة للأنثى.. فهي بحكم السلوكيات والعادات والنظرة الدونية التي نراها بها ما زالت تتعرض للوأد النفسي والقتل المعنوي مئات المرات خلال مسيرة حياتها..
قد يكون القتل لمرة واحدة جريمة بكل المقاييس لكن القتل الطويل والمستمر والممنهج والمكرر لهو جريمة الجرائم وكارثة الكوارث بكل القواميس الإنسانية والحضارية، فأن تفرق بين الأنثى والذكر في الأسرة وأن تفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق والأجور في العمل، وأن يبقى هناك نظرة دونية في مختلف تفاصيل الحياة تطل برأسها بوقاحة أو عن حياء لتذكرنا بأن الأنثى ليست كالذكر ,وأن المرأة ليست كالرجل من حيث الحرية والحقوق الغير منقوصة، إن مختلف الشعارات التي رددناها مؤخراً و نرددها في يوم المرأة العالمي مجرد شعارات لن تخلخل ما تم ترسيخه في عقلنا الجمعي.
هذا يحدث في مختلف المجتمعات على اختلاف ثقافاتها وإن كان بنسب متفاوته، فرغم أن الولايات المتحدة تعتبر في نظر الكثير من شعوب العالم من الدول المتقدمة التي قطعت الشوط الأكبر في مجال الحقوق المدنية، فإن المجتمع الأميركي لا يزال يعاني من النظرة الدونية للمرأة، وأحد الوجوه التي تتجلى فيها تلك الحالة هو أن مستوى أجور النساء أقل من الرجال بشكل لافت!
ثم على المستوى الثقافي والفني نؤلف الكلمات ونرفع الشعارات المزيفة التي ترسخ لمكانة الذكر المتفوقة على الأنثى في المجتمع، ولأن الفن هو انعكاس لثقافة وذوق المجتمع فإن هذه النظرة الدونية تطل برأسها أيضا دون قصد..
ففي أغنية لتمجيد البنات على سبيل المثال تغني الفنانة نانسي عجرم قائلة:
حلوة الأيام فى عينيا
علشان خلفت بنية
ولا شوفت الأرض اتهدت
ولا مالت الحيطة عليا
فهي تترجم دون قصد توقعاتها المسبقة بأن تتهدم الأرض وتميل الحيطان بسبب ولادة الأنثى!! وهذا لحسن الحظ لم يحدث!
ثم في مقطع آخر تردد:
مش خايفة ليه من الزفة
من صغرك فاهمة وعارفة
عايزة الطرحة يا عروسة
من وانتى يادوب فى اللفة
وكأن الأنثى خلقت فقط للطرحة وللزفة وهو تصنيف يجردها من أي وظيفة أساسية أخرى في الحياة غير الزواج!
ثم هناك الفريق المصري الشهير بلاك تيما، في أغنية بعنوان"ليس لها ماضي" يعاير النساء بماضيهن، والعلاقات اللواتي أقمنهن قبل ارتباطهن به، في مقاربة طبيعية وبديهية للمعايير المزدوجة في المجتمعات الشرقية التي ترضى بماضٍ "جامح" للرجال لكن لا ترضى به للنساء!
شوفوا لى واحدة ليس لها ماضى
كل ما أقابل واحدة يا ناس
ألاقى اللى قبلى عدّى وداس!!!
وبعد أن تغنى الملايين من الناس بهذه الكلمات التي تلمح إلى ان المرأة ليست إنسان صاحب تجربة مع الرجل إنما سجادة داس عليها صاحب الخلق العظيم والخطايا المغفورة!
الغريب أننا بعد كل هذه الإشارات التي نطعن بها الأنثى في إنسانيتها ننكر بكل سماجه ووقاحة نظرتنا الدونية للمرأة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو