الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


!كردستان العراق في ظل فشل الأحتلال الامريكي وتحكم البدائل الرجعية

طه معروف

2006 / 10 / 19
القضية الكردية


وصلت الادعائات بصدد بناء الدولة والحكومة الديمقراطية في العراق الى نهايتها تقريبا وتتوجه الأنظار الآن ،محليا ودوليا، نحو انسحاب امريكا وطرح البدائل السياسية في ظروف تعد من اصعب الأيام التي تمر بها جماهير العراق . الأحتلال فشل وانتصرت أشد القوة الرجعية من الشوفينيين والأسلاميين في العراق وسلمت امريكا مصير ملايين العراقيين الى ايدي امراء إمارات الاسلامية والقومية لفرض بدائلها البربرية على الجماهير التي مارست و ما تزال، منذ الاحتلال، تصفيات ومجازر يومية لا مثيل في تأريخ البشرية تمهيدا لإقامة سلطتها الدموية . وما يدعي للسخرية في هذه الظروف الحساسة والخطيرة للغاية ، هو بقاء الاحزاب القومية الكردية قوة وحيدة خانعة توفي بإلتزاماتها لقوات الاحتلال وتسد الطريق امام الجماهير الكردستانية، لطرح بديلها السياسي اي الاستقلال عن العراق،عوضا عن الحاقها بالإمارات الأسلامية او الشوفينية العربية ، للخروج من هذه الازمة السياسية التأريخية ولتجنب شر هذه القوى الوحشية.
تصريحات رئيس ألأركان البريطاني الجنرال ريتشارد دانات في الأسبوع الماضي حول ضرورة انسحاب القوات البريطانية من العراق بسبب تفاقم المشاكل الأمنية ومشروع وزير الخارجية الامريكية السابق جميس بيكر لتقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم وفق الهوية العرقية والطائفية وبعدها الانسحاب الصامت وإلاعلان عن مقتل 655الف عراقي في هذه الحرب الارهابية الدموية ،رفعت الستار عن الوضع السياسي الحقيقي في العراق ، وتشكل اعترافا واضحا وعلنيا من قبل قوى الاحتلال بفشل مشروعها هناك وتأكيد على غياب الدولة و على المحتوى الفارغ للعملية السياسية المزعومة الجارية في العراق منذ اكثر من ثلاث سنوات.
في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأمريكية عارض جورج بوش مشروع تقسيم العراق لتجنب المشاكل مع تركيا وسوريا(وكأنه ليس المسؤول عن خلق اكبرمشكلة و كارثة دموية في العراق) وأصرعلى ادامة حربه الأرهابية وامتنع عن ذكر اسم الجمهورية الاسلامية الايرانية بكونها الحاكمة الفعلية في معظم مناطق العراق وتدير الشؤون السياسية والأمنية بدون منافس عن طريق الميليشيات والعصابات السياسية الشيعية هناك. يبدو ان الفشل الامريكي في العراق والمنطقة ،وضع الادارة الامريكية امام خيارين؛ اما تنفيذ مشروع بيكر لتقسيم العراق الذي يتمتع بدعم كبير من الديمقراطيين والجمهوريين ايضا أو مواصلة حربها الخاسرة الباهضة التكاليف من الناحية المادية والانسانية الى امد طويل والذي لاينتظر منها معظم الساسة الامريكيين وصانعو القرار السياسي سوى تكرار هزيمة المرة الاولى في فيتنام .
وامام هذا الوضع المتفاقم تطرح بين الحين والاخر البدائل السياسية الغارقة في الرجعية، ففي حين تطرح عصابات الحكيم تشكيل إمارة اسلامية في الجنوب تحت إشراف الجمهورية الأسلامية الايرانية تعلن جماعات إسلامية سنية ارهابية عن إقامة إمارة إسلامية في ست محافظات بما فيها بغداد وكركوك وسط صمت الاحزاب القومية الكردية التي تتحرك بصورة مطلقة وفق توجهات ومقتضيات السياسة الامريكية والتي ربطت مصير كردستان و مصيرها بالمشروع الامريكي الفاشل دون مراعات التهديدات المستقبلية القادمة ضد جماهير كردستان من قبل الشوفينية العربية والاسلاميين ودول المنطقة.
ومن جانب آخر ظهر حزب البعث لإول المرة بصورة علنية في المناطق المتآخمة لمدينة كركوك حيث شارك جمع وفير من اعضاءه وكوادره في 15اوكتوبر في قرية الهندية ،القريبة من مدينة كركوك، في الأجتماع العشائري وطالبوا بإطلاق صراح الرئيس النظام السابق صدام حسين واكدوا ايضا على الهوية العروبية للعراق. إن اختيار هذا المكان والظهورالعلني للبعثيين فيه ،هو رسالة واضحة من الشوفينية العربية في العراق والمنطقة تجاه حقوق الجماهير في كردستان وخطوة خطيرة لتعميق الصراع العرقي الشوفيني فيها وخصوصا مدينة كركوك التي خيمت عليها أجواء العنف والارهاب وتشهد موجة من الانفجارات اليومية. إن الشوفينية العراقية رغم جرائمها التي استمرت لعقود من الزمن في العراق ،تعلن عن بديلها السياسي وتحاول ان تتفاوض مع امريكا بدعم بعض الدول العربية الرجعية لإعادة سلطتها الدموية عكس الاحزاب القومية الكردية التي تدور في فلك المشروع الامريكي الفاشل والاكتفاء بالتصريحات الفارغة عن الانفصال، لتأجيج ((الصراع القومي فقط)) وتتجاهل العواقب الوخيمة لتلك السياسات على مصير الجماهير في كردستان.إن الاحزاب القومية الكردية تلعب في الحقيقة دور الشبكات المأجورة لقوى الاحتلال لنجدتها في فشلها على حساب قضية ومطاليب جماهير كردستان.
إن جملة من التصريحات الفارغة والخادعة الاخيرة التي اطلقها مسعود البارزاني حول إنزال العلم العراقي والتلويح بالأنفصال او تهديد نيجيرفان البارزاني بالسيطرة على حقول نفط وإطلاق شعار "نفطنا لنا" تأتي لتسكين الجماهير في كردستان بغية القضاء على مطلبها بالإنفصال في إطار الأستفتاء الجماهيري لكون الاحزاب القومية الكردية ليست سوى ورقة ضغط امريكية ، لترتيب الاوضاع المزرية في العراق. ان التلويح بالانفصال هو قرار سياسي لا ينحصر في إطار التصريحات والتهديدات الشفوية لتظليل الجماهير، ذلك ان من يريد الانفصال عليه التوجه نحو الجماهير لتفعيل ارادتها السياسية قبل إلادلاء بأية تصريحات طنانة في هذا الشأن.
في ظل الفشل الامريكي وطرح البدائل القومية العروبية والاسلاموية الرجعية في العراق ،تطرح بالضرورة وبقوة مسألة استقلال كردستان عن العراق ، بوصفها طريقة سياسية وحيدة لسد الطريق امام التهديدات الشوفينية العربية والامارات الاسلامية في المستقبل. لا يوجد خيار آخر امام الجماهير في كردستان وإن إستمرار الاحزاب القومية الكردية في سياساتها الذيلية وفق التوجهات امريكا في الوضع الراهن ،لا يخدم سوى المعادون لمطاليب الجماهير كردستان بالإستقلال، و من الواضح ان امريكا(حليفة او سيدة الاحزاب القومية الكردية) ليست سوى في نفس مرتبة الشوفينيين والاسلاميين من حيث عدائها لتلك المطاليب العادلة.

18-10-2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمين العام للأمم المتحدة: نحث الأطراف بقوة على التوصل لاتف


.. اعتقال مرشحة للرئاسة الأمريكية في احتجاجات داعمة لغزة




.. نشرة الرابعة | اتفاقيات سعودية أميركية -قريبا-.. وعمليات -سع


.. سيناريو إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو




.. سباق مع الزمن لتفادي المجاعة في قطاع غزة • فرانس 24