الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التداعيات المحتملة للتقارب السعودي الإيراني

ثائر أبوصالح

2023 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لا شك، أن الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، له مدلولاته على مستويات عدة. فعلى المستوى الدولي؛ هناك سابقة مهمة في رعاية الصين لهذا الاتفاق، وقد يكون هذا احدى ثمار المؤتمر العربي الصيني الذي عقد في الرياض في الشهر الأخير من العام المنصرم، الذي حضره الرئيس الصيني وقادة غالبية الدول العربية، وهي رسالة واضحة للولايات المتحدة الأمريكية؛ أن هناك قوى دولية أخرى ممكن أن تلعب دوراً محورياً قد يهدد النفوذ الأمريكي في المنطقة.
اما على المستوى الإقليمي؛ فالتقارب السعودي الإيراني هو صفعة لمسار اتفاقيات ابراهم مع إسرائيل، فكان من المتوقع أن تتجه السعودية باتجاه إسرائيل، ولكنها اختبارات أن تتجه شرقاً. هذا التوجه يعد تحولاً إيجابياً في السياسة السعودية، لأنه يضع حداً لمسار اتفاقيات ابراهم من جهة، ويفتح الطريق على تنسيق عربي إيراني قد تدخله تركيا ودول عربية أخرى لاحقاً، ويساعد على إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة بعيداً عن إسرائيل. والسؤال الأهم، الذي يطرح نفسه بقوة هنا: ما هو تأثير هذا الاتفاق على الملفين السوري واليمني، واللذين تلعب بهما إيران دوراً محورياً؟ وهل هذه الهرولة العربية لفك الحصار عن نظام بشار الأسد له علاقة مباشرة بهذا الاتفاق؟
لا شك أن التصريحات الإيرانية الأخيرة بعد الاتفاق، والذي جاء في مضمونه: أن إيران ترى أن هذا التقارب سيساعد على خلق مناخ قد يساعد على حل الأزمة في اليمن، دون ذكر سوريا، هذا التوجه الإيراني قد يشكل تلميحاً لوجود صفقة سعودية إيرانية على حساب الملف السوري، بمعنى أن السعودية مستعدة أن تعّوم النظام السوري وتعترف بالمصالح الإيرانية في سوريا، مقابل حل الأزمة اليمنية التي اتعبت السعودية. من المؤكد أن السعودية تريد أولاً حل الملف اليمني الذي قض مضجعها، وبالمقابل إيران تريد أن تفك الحصار عنها، وتمنع الضغط الدولي بما يتعلق بملفها النووي، إضافة الى وقف التقارب بين دول الخليج وإسرائيل، الأمر الذي قد يفرمل أي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران بتنسيق خليجي امريكي.
الأيام والشهور القادمة ستكشف لنا المستور، ولكن يحق لنا أن نخَّمن أن إيران لن تتنازل بسهولة عن نفوذها في سوريا، لأنها من أهم الأوراق التي تملكها في المنطقة العربية في مواجهة إسرائيل والغرب، فنفوذها في سوريا هو الضمانة لاستمرارية سيطرة حزب الله في لبنان، والذي يلعب دوراً اساسياً في ردع أي عمل عسكري من قبل إسرائيل ضد ايران، حيث تأخذ اسرائيل بالحسبان انه في حال بادرت الى عمل عسكري ضد ايران، فستجد نفسها في مواجهة الميلشيات الإيرانية في سوريا وحزب الله في لبنان، وقد تضاف لهما حماس والجهاد الإسلامي في غزة.
من المرجح ان مبادرة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقي، في مؤتمر اتحاد البرلمانات العربية والذي عقد في بغداد في 24 شباط من هذا العام، وتبنيه تشكيل وفد عربي لزيارة دمشق، لم تكن من قبيل المصادفة، وانما هي خطة معدة ومنسق لها مسبقاً لتشكل توطئة لإعادة الشرعية للنظام السوري عربياً، فقد يُدعى النظام السوري لحضور القمة العربية القادمة في الرياض، والمزمع عقدها في شهر أيار من هذه السنة. ولذلك يبدو واضحاً تماماً أن هناك حراك إقليمي تدعمه روسيا والصين لإعادة صياغة العلاقات في المنطقة، حيث تأتي زيارة الأسد لروسيا في 15 اذار 2023 في إطار هذا السياق، حيث تسعى روسيا لإيجاد صيغة توافقية تجمع القيادة التركية مع قيادة النظام في سوريا، من اجل بناء شبكة علاقات إقليمية تخدم روسيا في المرحلة المقبلة على أرضية الحرب الروسية الأوكرانية والمواجهة مع الغرب من جهة، وتحافظ على نفوذها في سوريا من جهة أخرى.
السؤال الملح هنا هو: أين الولايات المتحدة الأمريكية من كل هذه التطورات؟ فالترحيب الأمريكي بالتقارب السعودي الإيراني هو تصريح دبلوماسي لا يحمل في طياته حقيقة السياسة الأمريكية، فأمريكا تمسك بخيوط مهمة في المنطقة العربية وقادرة على افشال أي مسعى، إذا ارادت، بحال سارت الأمور بالاتجاه الذي لا تشتهيه. ومن المرجح أن أمريكا ستنتظر لتلمس نتائج هذا التقارب لعله يصب في مصلحتها، فلا يمكن تنفيذ أي اتفاق على ارض الواقع دون موافقة أمريكية، خصوصاً في الملف السوري، لأن أمريكا موجودة على الأرض السورية وتمسك بالورقة الكردية.
يبدو واضحاً، أن هناك فارق كبير بين التصريحات والتقاربات واعلان النوايا الحسنة، وبين تنفيذ السياسة على الأرض، فكيف يمكن أن تستفرد أي جهة بحل الملف السوري، وهناك خمس دول إقليمية ودولية تتواجد على الأرض السورية و تتدخل بشكل مباشر في هذه الأزمة، هذا إضافة الى ملف اعادة ملايين اللاجئين الى سوريا، وملف النازحين داخل سوريا واعادتهم الى مدنهم وقراهم المهدمة، وملف إعادة الإعمار، وغيرها من الملفات المتداخلة دولياً واقليمياً، ولذلك لا يمكن إيجاد حل للأزمة السورية الا من خلال توافق دولي واقليمي، يفرض على النظام الانصياع الى القرارات الدولية بهذا الشأن، لذلك وعلى أساس ما ورد، من المرجح إن التقارب السعودي الإيراني لن يتخطى مرحلة محاولة إيجاد حل للأزمة اليمنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير إيراني في لبنان.. ماذا يعني ذلك لحزب الله والاستراتيجية


.. -بحثت عنك ولم أجدك-.. أم فلسطينية تودع ابنها الشهيد




.. الإعلام الإسرائيلي يناقش نجاحات حزب الله والرد المتوقع على ا


.. هل استعادت إسرائيل ردعها بعد سلسلة الاغتيالات التي نفذها ضد




.. مراسل العربية: قصف على الضاحية الجنوبية من البوارج الحربية