الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تَوضِيح حَوْل مَعنَى - النَّظريَّة العلْميَّة -

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2023 / 3 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


------------------------------------
فِي مَقَال سَابِق لِي، بَينَت بِاخْتصار ، الفرْق بَيْن الفرْضيَّة والنَّظريَّة فِي العلم . لكِن لِلْأسف ، مازال كثير مِن الأصْدقاء اَلقُراء يَلتَبِس عَليهِم الأمْر ، ويعْتقدون أنَّ كَلمَة " النَّظريَّة العلْميَّة " تَعنِي مُجرَّد " وُجهَة نظر " ، بِمعْنى أيِّ مُتَعلم يَقُول رَأيُه فِي هذَا الموْضوع أو ذاك وانْتَهى الأمْر .
لِلتَّصْويب أَقُول إِنَّ الخطوات فِي مَناهَج البحْث والتَّفْكير اَلعلْمِي لََا تسير هَكذَا ، فالعلم الحقيقيَّ لَه مَنهَج تَفكِير عِلْمِي رصين، وَخطُوات مُعَقدَة ومحدَّدة طَوِيلَة وَمضنِية ، يسْتخْدمهَا العلماء والْباحثون لِلتَّعامل مع المشْكلات وجمْع اَلأدِلة وَتولِيد المعْرفة .
ثم بِنَاء على نَتائِج الملاحظات والْأسْئلة الجديدة ، يُطوِّر العلماء فرْضيَّات - تفْسيرات أو تنبُّؤَات مُؤَقتَة يُمْكِن اِخْتبارهَا لَاحقًا مِن خِلَال مزيد مِن البحْث والتَّقصِّي ، ومراجعة المعْرفة الرَّاهنة وفهْم النَّظريَّات الحاليَّة جيِّدًا ، لِتحْدِيد الفجوات أو التَّناقضات فِي الأجْوبة القديمة والْجديدة وُو هَكذَا .
ولَا يمكن أن تُوضَع النَّظريَّة العلْميَّة أو يَتِم اَلحدِيث عَنهَا فِي الأوْساط العلْميَّة الرَّصينة، أو المجلَّات العلْميَّة الرَّسْميَّة، إِلَّا بَعْد أن يَكُون قد تمَّ البحْث والاسْتقْصاء والتَّمْحيص المنْهجيُّ عَنهَا . . وَأن يكون رُوَّادهَا قد قدموا اَلحَد الأدْنى مِن البراهين المناسبة لِكلِّ عِلْم ، وقاموا بِالْكثير مِن عمليَّات التَّجْريب مَا أَمكَن ، بِمَا فِي ذَلِك التَّجارب والْملاحظات الميْدانيَّة والْمحاكاة الحاسوبيَّة . هَذِه العمليَّة التَّكْراريَّة لِلْمراقبة والتَّساؤل والافْتراض والاخْتبار والتَّحْليل والتَّواصل هِي الأسَاس لِكلِّ تَفكِير عِلْمِي .
جدير بِالذِّكْر أنَّ بَعْض النَّظريَّات تَملِك مِن الثَّبَات في مراكز البحث العلمي أَكثَر مِن غيْرهَا ، حتى وإن بَدتْ للعامة لاجدال فيها . على سبيل المثَال : نَظَريَّة التَّطَوُّر مُثَبتَة أَكثَر مِن نَظَريَّة الجاذبيَّة المشهورة.
وكثير مِنَّا يَعلَم أَنَّه بَعْد اِكتِشاف الخارطة الجينيَّة DNA بِدقَّة مُتناهية ، أَصبَح ثَبَات النَّظريَّة لََا جِدَال فِيه ، بل يَكَاد لا يشك أحد فِي الأوْساط العلْميَّة البيولوجيَّة فِي فَهْم التَّطَوُّر ، و الكل بات يدرِك جيِّدًا ، أَنَّه لََا يُوجَد لَديْنَا نَظَريَّة عِلْميَّة أُخرَى تُفسِّر التَّنَوُّع البيولوجيَّ .
فِي حِين نَجِد إِلى الآن مثلاً ، هُنَاك تَخبُّط بَحثِي وَ جهد علمِي مستمر فِي فَهْم نظريَّات الجاذبيَّة إِلى دَرجَة اِفتِراض وُجُود " المادَّة السَّوْداء " وَغيرِها مِن مُحاولات تَفسِير كُتلَة الكوْن .
ومع كُلِّ ماسبق ، لَايضِير المنهج العلمي أنْ تَحتَفِظ تِلْك الاسْتنْتاجات العلْميَّة بِتسْمِية " النَّظريَّة " ، لِأنَّ مَفهُوم الحقيقة ومنْهج البحْث فِي اَلعُلوم التَّجْريبيَّة ، ( فِيزْيَاء - كِيمْيَاء - بيولوجْيَا . . إِلخ ) يَختَلِف قليلا عَمَّا هِي فِي اَلعُلوم الإنْسانيَّة ، ( عِلْم التَّاريخ - الاجْتماع - النَّفْس . . إِلخ ) .
وإليكم أَمثِلة إِضافِيَّة مختصرة ، عن بَعْض النَّظريَّات العلمية المعْروفة مثلاً حَوْل أَصْل الكوْن ، اَلتِي قَدَّم أصْحابهَا ومازالوا كثيرًا مِن الأبْحاث والاسْتدْلالات العلْميَّة والْبراهين على صِحَّتهَا ، ( جُزْئِيا أو كُلِّيًّا ) :
- نَظَريَّة الانْفجار اَلعظِيم : وهي تعتبر النَّظريَّة العلْميَّة الأكْثر قبولا على نِطَاق وَاسِع. و تَنُص على أنَّ الكوْن بدأ كَنُقطَة سَاخِنة وَكَثيفَة وَصَغيرَة لِلْغاية تُسمَّى التَّفَرُّد ، وَالتِي تَوسعَت بَعْد ذَلِك بِسرْعة فِي اِنفِجار هَائِل مُنْذ حواليْ 13.8 مِليَار سنة . ومازال تَوسُّع الكوْن مستمراً حَتَّى يوْمنَا هذَا .
- نَظَريَّة الأكْوان المتعدِّدة : تَقتَرِح هَذِه النَّظريَّة أنَّ كوْننَا هُو مُجرَّد وَاحِد مِن اَلعدِيد مِن الأكْوان المتوازية الموْجودة .. و سَيكُون لِكلِّ كَوَّن فِي الكوْن المتعدِّد خَصائِصه الفريدة ، مِثْل القوانين الفيزْيائيَّة المخْتلفة أو حَتَّى الأبْعاد المخْتلفة .
قُصَارَى القوْل :
فِي المجْتمعات المتأخِّرة عِلْميًّا ، عَادَة مَا يَلجَأ النَّاس - بِمن فِيهم كثير مِن المتعلِّمين - إِلى التَّعْمية على حَقائِق العلْم أو مُعاداتهَا أو القفْز على نتائجهَا أو تسْخيفهَا ، وَذلِك لِأسْبَاب عَدِيدَة ، إِمَّا دِينيَّة أو عَاطفِية ، أو لِجَهل بِمَا وصل إِلَيه العلم ، أو لِنَقص مَا فِي أفْهامهم الم
سْلوبة ، أو بِسَبب التَّدهْور اَلْحاد فِي مُستَوَى التَّعْليم فِي بُلْدانهم .
وَرُبمَا كُلُّ الصِّدْق فِيمَا قال أجدادنا الأقْدمين : المرْء - حقاً - عَدُو مَا يَجهَل .
zakariakurdi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا