الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقابة الصحفيين .. التصويت الانتخابي على -شهادة وفاة- !

محمد البسفي

2023 / 3 / 15
المجتمع المدني


ليس من قبيل المصادفة أن ترتبط إدارة نقابة الصحفيين المصرية بشكل وشخوص النظام السياسي القائم والحاكم للبلاد.. فبرغم تلك الانتخابات التي دارت رحاها واشتعلت عُرى لهيبها عام 2007 - بشكلٍ ديمقراطي سليم لم يطعن أحدًا على نتيجتها - نجح "مكرم محمد أحمد" المدعوم رسميًا - حينها - من نظام "مبارك" البائد بجميع أركانه وأجهزته علنًا، وانتصرت في النهاية "الرشوة العلنية والرسمية" التي أعلن عنها "صفوت الشريف" - مايسترو الإيقاع الإعلامي في عهد "مبارك" - لجميع أعضاء الجمعية العمومية للنقابة لكي يُزيد الدعم المادي المصروف لهم من الدولة في صورة "بدل تكنولوجيا" إلى ما يزيد عن الخمسمائة جنيه، بل وتم التجديد له في الانتخابات النصفية على مقعد النقيب، ولكن برقم أصغر للرشوة "90 جنيهًا فقط".. وحينما أشتعل الوطن بثورة هزت كافة أركانه وحواريه، لم ترتقي نقابة الصحفيين بمجمل أعضاء جمعيتها العمومية إلى ما يعتمل بمصر من "ثورة"، بل سرعان ما بدل المرتزقة منهم عباءاتهم السياسية من "لجنة السياسات المباركية" بمسّبحة "الجماعة" واستطالت اللحى وأكثروا من الفتوى والتبرير، تحت شعارهم الجديد: "أنا مش إخواني أو سلفي بس بقول الحق" !، ولا غرابة في ذلك فالجميع - في جميع الأحوال والحكومات - يعمل تحت مظلة أمنية واحدة، وأنسّل الجميع يُجابه النقابات المستقلة الوليدة بأنها "كيانات موازية تستهدف شق الصف الصحفي وتفتيت الجماعة الصحفية" مع دباجات "الاستنبات" الإعلامية المكررة التي لا تخرج إلا من عقليات موتورة تحكمها هلاوس "البرانويا"، وكأننا في الوسط الصحفي بصدد تجييش الصفوف لمعركةٍ ما !، ويأتي ذلك بعد اجتماع عمومية "الصحفيين" وانتخاب "ممدوح الولي" الموالي لجماعة "الإخوان المسلمين" تمهيدًا لافتتاح العصر الجديد والوجه الآخر من نظام الحكم ممثلًا لحكم "الجماعة" !
وذلك الارتباط "الآثن" شبه العضوي الذي نشأ بين الدولة ونقابة الصحفيين، منذ عقود طويلة لأسباب وملابسات تاريخية وسياسية بحتة ليس محل بحثها الآن، لم يكن لدواعي مهنية نوعية تتعلق بنوعية مهنة الصحافة وحتمية ملاصقتها لمصادرها الخبرية، لا.. وإنما علاقة ذلك المبنى الفخم، بأول شارع "عبدالخالق ثروت"، وارتباط أعضائه من عمومية "الصحفيين" كأرامل الحكومة الرسمية يرجع إلى اعتمادهم المادي - المتعمد من الطرفين - على الأجهزة المالية الرسمية للدولة، بارتضاء نقابة الصحفيين بما يُصرف لها من "معونة مالية" سنوية من "الخزينة العامة" للدولة ليتم توزيعها شهريًا على أعضاء جمعيتها العمومية في شكل "بدل تكنولوجيا"، وبرغم أن الدولة تُعلن صباح مساء، بجميع الوسائل الإعلامية والدعائية؛ بأنها مجرد "معونة"، تتقبلها الجماعة الصحفية كحق مكتسّب بديل لما يتم تحصيله من قِبل "وزارة المالية" من النسبة المئوية الخاصة بنقابة الصحفيين قانونًا من المواد "الإعلانية" التي تُنشر بجميع المطبوعات.. ولأن النقابة ارتضت في الحصول على حقها من الدولة ذلك الأسلوب الرخيص، على مباديء "اللي يجيي منها أحسن منها" و"ودنك منين يا جحا"، أصبح أسلوب التحاور بين الحكومة والنقابة أشبه بحوار "طرشان" في غرفة واحدة !!
والحال كذلك؛ تم ربط حركة القيد بجداول النقابة بتلك المعونة الحكومية لأنها ببساطة "ثابتة" القيمة كل عام، فيجب ألا تزيد رقعة قاعدة أعضاء عمومية النقابة حتى لا يتأثر مبلغ مكافئة كل عضو على حدة.. فضلًا عن "إخصاء" تلك النقابة عن أي دور نقابي متعارف عليه سواء دوليًا أو محليًا، نتيجة ذلك الارتباط الآثم.
والغريب بعد استعراض تلك الحقيقة "المرة"، التي يعلمها جميع أعضاء عمومية الصحفيين العامة، يستمر ويعلوا ضجيج "التفاؤل" - الذي لا يرقى عن مستوى "الاستعباط" - في شخوص معينة - مع كامل احترامي لجميع الزملاء - يترشحون بانتخابات ذلك المبنى متناسين أن أكبر نشاط يقوم به كـ"نقابة" هو تقديم بعض المشروبات والمأكولات "المدعمة" بطابقه الثامن !
وذلك بعد أن حُرمت نقابة الصحفيين - بعلاقتها بالدولة - من أي دور نقابي جاد أو محترم تقوم به بعد أن تم إخصائها طوعًا وجبرًا من جميع أجهزة الحكومة.. ولمن يخالفني تلك الرؤية أسوق تلك الأسئلة البريئة :
1. هل يجرؤ أحد أعضاء مجلس إدارة النقابة - سواء كان من القدامى أو المرشحون - أن يتقدم لـ"وزارة المالية" بطلب رسمي لإلغاء ما يتم صرفه تحت مسمى "بدل تكنولوجيا"، ويلزمها بتحصيل نصيب نقابة الصحفيين في النسبة المئوية التي يُنص عليها القانون من أموال الإعلانات المنشورة بجميع المطبوعات الصحفية بحساب بنكي خاص بنقابة الصحفيين وحدها ؟
مع العلم بأنه عند القيام بتلك الخطوة فالنقابة تُلزم الحكومة ذاتها بدفع النصيب الأكبر في تلك الأموال بصفتها المالك الحقيقي لجميع المؤسسات الصحفية القومية، أكبر المؤسسات المصرية.
2. هل يجرؤ أعضاء مجلس النقابة - سوء نقيبًا أو عضو مجلس - مطالبة الأجهزة التشريعية بالدولة بمواد قانونية محددة وصريحة تُلزم أصحاب رؤوس الأموال من مُلاك المؤسسات الصحفية الصادرة بمصر بتحديد "حد أدنى وحد أقصى" لأجور جميع الصحفيين من أعضاء النقابة بدءًا من المحرر تحت التمرين وحتى رئيس التحرير، وذلك لقيام النقابة بدورها المنوط بها - في الواقع الافتراضي - في الدفاع عن مصالح أعضائها والمحافظة على حقوقهم الطبيعية في مجابهة مجالس إدارات الصحف والمؤسسات الصحفية الصادرة بمصر ؟
مع ملاحظة أنه في تلك الحالة.. فعلى النقابة أن تجابه أول ما تواجه في هذا الصدد المؤسسات الصحفية الكبرى بمصر وهي المؤسسات القومية المملوكة للدولة، والتي يُشكل العاملين بها النسبة الأغلب في قاعدة أعضاء عمومية الصحفيين !
3. هل يجرؤ أحد أعضاء مجلس النقابة تقديم اقتراح بتنقية جداولها بالشكل الرسمي والقانوني، والتي تقوم به جميع النقابات بصفة دورية كل فترة متعارف عليها باللائحة الداخلية لها، وذلك تمهيدًا لتطبيق ميثاق الشرف الصحفي كما يجب على جميع أعضاء تلك النقابة ؟
مع العلم بأن جداول نقابة الصحفيين العامة تضم - ولدي ما يثبت كلامي بالمستندات - بين أعضائها حاليًا رسميًا: "راقصات استعراضات شرقية، محامين، سكرتيرات رجال أعمال أصحاب مؤسسات صحفية - مدرسين، مندوبي إعلانات...."، وغيرهم الكثير من الناحية المهنية فقط، فضلًا عن النواحي الأخلاقية والشخصية التي لا تتفق وميثاق شرف المهنة !
وتكثر الأسئلة لمن أراد الأكثر...
فلا تبتأسوا.. وهدئوا من روعكم فنقابتكم قد ماتت و"تعفنت"، ولا أمل بها بدون تغيير جذري لها يُصلح من فساد "جمعيتها العمومية"...
ولا تطبقوا أيها الزملاء - في كل موسم انتخابي لها - المثل الشعبي السائد: "الجنازة حارة والميت كلب" !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف


.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد




.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال


.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا




.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة