الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل لم تصل ..!

هرمز كوهاري

2006 / 10 / 20
المجتمع المدني


منذ تأسيس الحكم الوطني ، أي منذ مايزيد على ثمانين سنة ،أفتتحت المدارس الحديثة ثم الكليات والجامعات ، منها العلمية ومنها الانسانية ، وكليات القانون والعلوم الاجتماعية ، ومنذ نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات ، أسست الحلقات الدراسية والحزبية ، ونشط الشعراء كالزهاوي والرصافي وبحر العلوم والجواهري وبلند الحيدري والسياب ومظفر النواب ونازك الملائلة وغيرهم ، وكتاب القصة أمثال ذنون أيوب ، وغائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي ومهدي عيسى الصكر ، وعشرات غيرهم من كل الفئات والاختصاصات والنشاطات التي مر ذكرها أعلاه . والكتب والافكار الهادفة التقدمية الواردة الى العراق .وهناك مقولة مشهورة تقول " القاهرة تؤلف وبيروت تطبع وبغداد تقرأ " قال يوما د. ماجد السامرائي لسائحة أجنبية أيام الحصار ، قال : يوجد في بغداد أكبر مكتبة في العالم ، لم تصدقه ، الى أن أخذها الى شارع السمؤال ، فرأت الشارع والارصفة تزدحم فيها الكتب في كافة المواضيع العلمية والفلسفية ، كانت تضمها المكتبات الشخصية للمثقفين المهاجرين أو اللذين ينوون الهجرة أو ليشترو ا الجبن والخبز للعيال !!

الاحزاب الديمقراطية والتقدمية الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاحرار والحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي ، وجماعة أنصار السلم ، والحمعيات الفلاحية والنقابات العمالية ورابطة المرأة العراقية واتحادات الطلبة والشبيبة وعشرات الصحف الهادفة ، والانتفاضات 1948 و1952 و1956 ، وإنتفاضات الفلاحين وإضرابات العمال البطولية .

عشرات الصحف الديمقراطية والتقدمية ،منها صحيفة الاهالي والبلاد والعالم العربي والاساس والعصور الاوقات البغدادية وجريدة الحزب الشيوعي العراقي ،مجلة والثقافة الجديدة .وغيرها

والاغاني التراثية والتمثيلية الوطنية ليوسف العاني وسليم البصري وناهدة الرماح وغيرهم ،التي كانت تمجد شهداء الحرية والوطن.وتلعن الحكام المتسلطين على الشعب.

وعشرات الالاف من الضحاية في سبيل عراق حر سعيد ، تكون أيامه جميعها عيد !! وفي سبيل قيام حكومة ديمقراطية عادلة وإنتخابات نزيهة ، شهداء في سبيل شعب مرفه خال من الفقر والمرض والبطالة .

فعلت تلك الرسائل فعلها فإنبثق الفجر المضيئ صبيحة يوم 14/ تموز 1958 وكما قال الزعيم الوطني العراقي المخلص والنزيه ، عبد الكريم قاسم ، قال في أول أيام الثورة : " لقد فتحنا باب التاريخ على مصراعيه ليدخله الشعب من أوسع أبوابه "!

كل هذه كانت رسائل من السلف الى الخلف من إخوانهم و أبنائهم وبني بلدهم ، من الشهداء الى الاحياء ، من جيل فتح الطرق واسعا واضحا الى الاجيال القادمة ،كلها كانت رسائل ملؤها الحب والاخلاص والتفاني في سبيل إسعاد الشعب وتخليصه من براثن التخلف ، وفي سبيل التحرر من شوائب العادات والتقاليد البالية ، ومن سيطرة المغفلين والمتخلفين الذي كانوا يستخدمون الدين والعروبة المزيفة والعصبية القبلية والعشائرية للتحكم بمصير الشعب العراقي

ثم جاءت عاصفة هوجاء عمياء ,وسدت باب التاريخ الواسع الذي فتحته ثورة 14/تموز التقدمية
كل هذه الرسائل المرسلة من السلف ، وما أضافت اليه تلك الثورة ، ثورة 14/ تموز المجيدة من زخم في الثقافة الوطنية والتنظيم النقابي وإلتحام الشعب ، و تحرير الفلاح من دكتاتورية الاقطاع وتحرير المرأة من العادات المتخلفة ،حيث عينت أول إمرأة وزيرة في منطقة الشرق الاوسط .

لم تصل تلك الرسائل إلا الى أياد قليلة ، فقد ظهر قطاع الطرق في ( 8/ شباط الاسود المشؤوم )، ظهروا ملثمين بالحقد الدفين ، مسلحين بأخطر العقول والافكار ، بدأوا بقتل الرسل وإغتصاب تلك الرسائل المقدسة وتمزيقها وحرقها ، بإسم العروبة ، ظهروا لصوص حاقدون على الوطن أومن يدعي بالوطنية ، إختطفوا البلد في غفلة من التاريخ ليبيعوه بارضه وماله وعياله الى دكتاتور دون مقابل ، الى مستعرب لا يتقن لغة الضاد ولا لغة أهل البلاد ولم يزر ولم يعرف شيئا عن ارض السواد ، أرض الاباء والاجداد .

رعاع من شتى البقاع مقامرون بالوطن ، لا يهمهم ما يعاني الشعب من محن ، بإسم العروبة والقومية .والوحدة العربية المزيفة تحولت الى بيع البلد في سوق النخاسة بإسم العروبة ، يهرولون في سباق الى " الباب العالي " الجديد لتقديم الطاعة والولاء و ليقموا الوطن فداء ، دون شكر ا وجزاء ، ليمنحهم " العزة والكرامة " كما منح لشعبه ! ثم بدأ القتل بالجملة بإسم العروبة ، و"سجون سرية " كانوا يطلقون على المقابر" السجون السرية " ! تهجير أبناء البلد الاصلاء بإسم العروبة الاعدامات بالجملة ودون محاكمات بإسم العروبة ، الانفال بإسم العروبة ، الحروب بين العرب أنفسهم بإسم العروبة !!ثم رفرفت راية العدو على عاصمة " الباب العالي " بإسم العروبة أيضاً!!.

هكذا خلال أربعة عقود بالكمال والتمام ، طمرت الرسائل وهجرت الكفاءات والعقول وغسلت أدمغة النشئ الجديد ، ولم يبق إلا من إختفى عن الانظار ، فإمتلأت الطرق والساحات بالمنافقين والمصفقين والهاتفين بإسم القائد الرمز وبطل أصعب المهمات .

ثم إنبرت العمامات ، بيض وسود وجبب ، وحريم ملفوفات بالسواد ، يحذرون من الكفار واليهود ، وقالوا عندنا الحلول ، وليس أمامكم غير الصلاة واللطم والزيارات ، لحين مايظهر مهدي المنتظر لينشر العدل والسلام .وغيرهم يقولون العروبة هي الحل ونسوا أن الشعب لم ينسى أن المتاجرين بالعروبة هم كانوا السبب في كل هذه الكوارث .

متى يحل الامن والأمان ويرجعون الى رشدهم مجرمي آخر زمان ،
كل الشعب ينتظر ظهور المنتَظَر! لينشر العدل والسلام والامان ، ولا يهم أن يكون أسمه مهدي أو سعدي أو رشدي ، ولكن : المهم أن يظهر منقذ لبلدي !!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي


.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري




.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين


.. عمليات البحث والإغاثة ما زالت مستمرة في منطقة وقوع الحادثة ل




.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ