الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة الصداقة المزيفة في مجتمعنا

رياض سعد

2023 / 3 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المقدمة
(1)
لا اظن ان هذا العنوان دقيقا من الناحية الفلسفية والنظرية ؛ لان الزيف لا يجتمع مع الصدق كما الكذب تماما ؛ فهما متضادان ومتناقضان ؛ الا انني اتماهى مع بعض العبارات السائدة ومنها ما ورد في العنوان اعلاه : ( الصديق المزيف او الصداقة المزيفة ما شئت فعبر ) من باب حشر مع الناس عيد ؛ ولان الامر خفيف المؤنة ؛ فالمعنى هو ما اصبو اليه ؛ و طبقا للحكمة القديمة : ((تعرف الأشياء بأضدادها )) فإن الإنسان لا يعرف خصوصيات النهار إلا إذا جاء الليل، ولو كان النهار مستمراً لم يعرف الإنسان حقيقة النهار، والعكس صحيح أيضاً، كما أن الإنسان لا يعرف حقيقة العطش إلا بعد معرفة حقيقة الارتواء، وبالعكس، إلى غير ذلك من الأمثلة... ولمعرفة الصديق المزيف لابد لنا من اجراء مقارنة بين الصديق الصديق و الصديق المزيف او الصاحب المزيف بتعبير ادق ؛ وفيما يلي يتضح معنى كل منهما وتظهر خصائصه ؛ وسأبيّن الفرق بينهما .
فالصديق مشتق من الصدق كما اعتقد واؤمن ولكل منا وجهة نظر ؛ فهو ذاك الشخص الذي يصدقك ويصدق معك بمشاعره وعواطفه ومواقفه وكلماته , ويبادلك الاحاسيس الصادقة والنابعة من القلب , ولا يسيء الظن بمشاعرك تجاهه ,وهو الكهف الذي تلتجئ اليه عندما تداهمك الخطوب وتنزل بك النوازل وتهجم عليك نوائب الدهر , والسند المعتمد والحصن الحصين الذي تحتمي به من هجمات الاعداء وشماتة الانذال وخذلان المعارف والاقرباء ... ؛ فكلمة الصداقة مشتقة من الصدق كما اسلفنا انفا ، وأول ما نبحث عنه في الصديق أن يكون حقيقياً وصادقاً في أقواله وأفعاله، والأهم من ذلك أن يكون حقيقياً وصادقاً في مشاعره ونواياه ... ؛ و لكن لا مفر من التعامل مع الأشخاص المزيفين، والخبرة الاجتماعية المتراكمة هي التي تجعلنا أكثر قدرة على تمييز ومعرفة الصديق المزيف من غيره و كيفية التعامل معه و معرفة مدى تأثير الصداقة المزيفة على حياتنا.
هناك ظواهر مرضية اجتماعية ونفسية يعاني منها المجتمع وتستنزف المجتمع بشكل خطير، ومنها : أننا مجتمع نهتم بالظاهر والشكل على حساب الجوهر والمضمون حتى اختل حكمنا على الأمور، لأننا أصبحنا لا نقيم وفق معايير ثابتة حقيقية ، ولكن وفق استيفاء مظاهر الشكل ، فطالما استوفيت الأوراق أو المظاهر فلا يهم بعد ذلك أي شيء حتى أصبحت حياتنا أشباه أشياء في كل المجالات فلدينا شبه تعليم وشبه ثقافة وشبه علاقات اجتماعية وشبه منظومة صحية وشبه رياضة وشبه تدين ... ليصبح في الحقيقة مجتمعنا شبه مجتمع ؛ أننا لا نتعامل بعمق وصدق مع الأمور ، ولا نريد أن نعالج مشاكلنا بشكل حقيقي بدءاً من مشاكلنا الاجتماعية في الزواج والطلاق والصداقة والزمالة والحب... كل هذه المنظومات تحتاج إلى مراجعة شاملة ونعاني من تفاصيلها ، ولكن لا يجرؤ أحد على الاقتراب الحقيقي وإزالة ركام من الموروثات ، فعلى سبيل المثال في الزواج نكتفي بالحديث عن فشله والتعاسة فيه، ولا أحد يتساءل كيف نتزوج أو لماذا نتزوج ؟ ليستمر الزواج بنفس طريقته البائسة، فنتزوج مثلما يتزوج الناس ونتزوج تشبُّهاً بالأصدقاء والاقارب ، او نتزوج لننجب أطفالا لا نعلم شيئا عن كيفية تربيتهم أو حتى لماذا أنجبناهم وماذا نريد منهم وماهي واجباتنا نحوهم ؟
ولعل تشبث البعض منا بالعلاقات الاجتماعية المزيفة والعابرة والسطحية تعبر عن تعويضٍ شديد لإحساس بالنقص وفقدان الامان والعطف والحنان ... و يتخيل ذلك البعض بان المجتمع سوف يعوضه من خلال تلك المظاهر الكاذبة الخاوية البائسة والتي تخفي وراءها هشاشة نفسية مرعبة .
إن العشوائية النفسية والاجتماعية وحالات التناقض بين الفعل والقول هي علامات لمرض نفسي شديد للمجتمع عندما نرصدها في الأفراد فإننا نتوقف ونبادر بالعلاج فإن الحقيقة أنها في المجتمع أولى وأهم ، لأن علاج المجتمعات أصعب من علاج الأفراد وأكثر تعقيدا ؛ لأن علاج الأفراد يحتاج إلى الطبيب النفسي ولكن علاج المجتمع يحتاج أن ينهض كل المجتمع لعلاج نفسه. (1)
ومما تقدم نعرف ان الصديق المزيف هو الصديق الذي تكون علاقته بك مبينة على الخداع والكذب أو المصلحة او لقضاء الوقت في الثرثرة معك ليس الا ... الخ ، ولا يكون صادقاً بمشاعره أو مخلصاً بصداقته او مهتما بمعرفتك وتفقد احوالك ونجدتك ، وقد يكون الصديق المزيف مزيفاً مع سبق الإصرار والتخطيط، أو تمنعه بعض صفاته الشخصية السلبية من الإخلاص أو الدخول في علاقة صداقة حقيقية.
فالشخص المزيف هو الذي يظهر بصورة مختلفة عن حقيقته، سواءً على مستوى المعلومات التي يقدمها لأصدقائه عن نفسه وحياته، أو على مستوى مشاعره الحقيقية تجاه الآخرين أو مواقفه وأفكاره.
وليس من النادر أن يتحول الصديق الحقيقي إلى صديق مزيف بسبب التغيرات التي يمر بها الصديق أو التغيرات التي تمر بها العلاقة او بسبب التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الكبرى التي يمر بها المجتمع ومن ذلك قالوا : ((صديق في السلطة هو صديق فقدته )) وعليه لا تستغرب عندما يتخلى النذل عن أصدقائه القدامى واصحابه الخلص عندما تتغير احواله نحو الاحسن ؛ فالفقير والضعيف والنكرة عندما بصبح غنيا وقويا ومعروفا سرعان ما ينسى اصحابه وينكر قديم مودتهم ويتبرأ من عشرتهم ... وقد صدق حكيم العراق الامام علي عندما قال : ((إذا بلغ المرء من الدنيا فوق قدره تنكرت للناس أخلاقه )) ، وغالباً ما تظهر علامات انهيار الصدق في العلاقة وتحوّلها إلى صداقة مزيفة بشكلٍ واضح ومزعج ... وقد بين حكيم العراق الامام علي ذلك عندما قال : ((ما اضمر أحدكم شيئا الا أظهره الله في فلتات لسانه وصفحات وجهه ))
والمقصود هاهنا ان الاعتقادات والمشاعر والاحاسيس والشهوات التي يضمرها الانسان ويحافظ عليها ويراعى سترها عن اطلاع الغير عليها لمصالح متصورة ومقاصد اختيارية سواء كانت نافعة أو ضاره فإنها وان بولغ في مراعاة حفظها واجتهد في عدم اطلاع الغير عليها لا بد وان تظهر، ثم إنه – الامام علي - نبه على سببين من أسباب الظهور وحكم بأنه لابد وان تظهر بأحدهما مع تلك المحافظة ؛ ولكن هذا لا يعني انحصار انكشاف حقيقة الشخص بهذأين الامرين فقط ؛ ولذلك قيل : (( يعرف الصديق من العدو، بسقطات اللسان ولحظات العيون )) .
وبما ان الصداقة من أنبل الأشياء الموجودة في العالم – لذلك قيل ان الصداقة اسمى العلاقات الاجتماعية - ؛ وبما ان الصداقة الحقيقية هي التي يشترك فيها العقل والقلب والضمير ؛ اصبحت عملة نادرة لاسيما في المجتمعات المريضة والمأزومة ؛ ومن الشعر الذي نسب لحكيم العراق الامام علي قوله :
تَغَرَّبْتُ أَسْأَلُ مَنْ عَنَّ لِي *** مِنَ النَّاسِ هَلْ مِنْ صَدِيقٍ صَدُوقٌ‏
فَقَالُوا عَزِيزَانِ لَا يُوجَدَانِ‏ *** صَدِيقٌ صَدُوقٌ وَ بَيْضُ‏ الْأُنُوق‏
و الأَنُوقُ : (الرخمة) طائر مِنْ فَصِيلَةِ النَّسْرِيَّاتِ ، مِنْ رُتْبَةِ الجَوَارِحِ، لَهُ رَأْسٌ وَعُنُقٌ عَارِيَانِ مُلَوَّنانِ يتخذ الجبال مأوى لنفسه، و يَتَغَذَّى مِنَ الجِيَفِ و الحيوانات الميتة.
و " أعَزُّ مِنْ بَيْضِ الأَنُوقِ " مَثَلٌ : ذَلِكَ لأنَّهُ مِنَ الصَّعْبِ الظَّفَرُ بِهِ لِوُجُودِ الأَنُوقِ فِي الأمَاكِنِ الوَعْرَةِ و أعالي الجبال و قممها الَّتِي يَسْتَحِيلُ الوُصُولُ إلَيْهَا، وَصَارَ يُطْلَقُ عَلَى أيِّ شَيْءٍ صَعْبِ الْمَنَالِ .
و الامام علي أراد أن يقول بأن الصديق الصادق و المخلص يكاد يكون نادراً جداً و قد يستحيل الظفر به كما يستحيل الوصول الى بيض الأنوق.
فمن الصعوبة أن تجد صديق حقيقي صادق في كل شيء ، يقف بجوارك وقت الشدة والفرح دون مصلحة ويقدم لك النصيحة والمشورة دون فائدة ، ولكن في حقيقة الأمر ما أكثر الأصدقاء المزيفين في هذا العالم اليوم، لا يعرفونك إلا وقت المصلحة فقط ، وعند المواقف التي تبين الصديق الحقيقي لا تجدهم، ولا تجد منهم من يساندك او يقف بجانبك او يخفف عنك اوجاع الحياة ؛ وقد عبر الشاعر الشعبي العراق عريان السيد خلف عن هذه النوعية البائسة من الاصحاب بقوله : ((ﺻﺤﺒﺔ ﻟﻴﻞ ﻛﺎﺱ ﻭﻛﻬﻜﻬﺔ ﻏﻤﺎﻥ ... ﻣﺤﺎﺑﺒﻬﻢ ﺟﺬﺏ ﻭ ﻣﺰﺍﺣﻬﻢ ﺑـــﺎﺭﺩ ...)) .
علامات الشخص المزيف والصديق الوهمي
(2)
ومما قاله الدكتور تامر شلبي - خبير التنمية البشرية - حول هذا الموضوع : (( الأصدقاء المزيفون أو ما يسمى بالأعداء الودودين هم أولئك الذين يتظاهرون ظاهرياً بأنهم أصدقاء مقربون لكنهم في الواقع يشعرون بالغيرة منك ويتمنون لك الفشل في الحياة ؛ عادة ما يكون هؤلاء الأشخاص في أقرب دائرة اجتماعية إليك ، بين الأصدقاء أو الزملاء أو حتى أفراد الأسرة ؛ ولديهم علامات يمكن استخدامها لتمييز هؤلاء الأشخاص عن الأصدقاء الجيدين والمقربين )) ؛ فعدد المحيطين بك لا يعني أنك تمتلك الكثير من الأصدقاء ؛ لأن لقب الصديق لا يطلق على أي شخص قريب منك أو تجمعك به الحياة ، ولذلك وحتى لا تتعرض لخيبة أمل مفاجئة في أحد أصدقائك أو من كنت تظنه كذلك، ولكي لا تضيع الكثير من الوقت بمرافقته ؛ و حتى لا تتذوق غدر الأصدقاء ؛ عليك معرفة الفرق بين الصديق الحقيقي و المزيف ؛ فلكل واحد منهما علامات يعرف بها , وامارات تدل على حقيقة معدنه وجوهره , وفي النهاية وبرغم كل ما سبق من علامات إلا أنه يبقى الشعور هو علامة ومؤشر الشخص على طبيعة علاقته بمن حوله، فإذا لم تشعر بحقيقة مشاعر من حولك فمن الصعب أن تفرق بين الأصدقاء الحقيقيين والمزيفين، حتى لو أدركت علامات الصداقة الحقيقية تمام الإدراك.
ومن علامات الشخص المزيف والصديق الوهمي :
1-شخص متصنّع : عادةً ما يكون الصديق المزيف شخصاً متصنِّعاً ومزيفاً في حياته ، و يتكلم بطريقة مزيّفة ويتصرف بطريقة غير حقيقية ، وكأنه يحاول لفت الانتباه اليه بشكل مستمر , وينسب إلى نفسه صفات ليست فيه ، أو يصطنع مشاعر ويبالغ في إظهارها وهي ليست من طباعه وسجاياه ؛ فالأصدقاء المزيفون : هم أشخاص يتصنعون التصرفات والأفعال والأقوال ولا يعرفون للصدق طريقا بل يقدمون مشاعر مزيفة وينسبون لأنفسهم صفات ليست بحقيقية ؛ لذلك نادرا ما تجد شخصا عفويا مزيفا ، فكل المزيفون هم متصنعون بالأساس ؛ لذا ترى الصديق الوهمي متصنع ومتكلف وعلى غير طبيعته في كل شيء ، يتكلم بطريقة مصطنعة، كذلك تبدو أيضًا تصرفاته ؛ لذا تلاحظ هذا الصنف من الناس يكثر في الساسة ورجال الدين والتجار وكل من يشغل منصبا عاما او عنوانا اجتماعيا ... الخ ؛ ومما تقدم نعرف حقيقة مقولة الفيلسوف اليوناني ارسطو : (( صديق الكل ليس صديقا لأحد )) ؛ومعنى هذه المقولة حسب فهمي القاصر : أن من يريد أن يجعل كل الناس أصدقاء له ، سواء ممن يتفق معه أو من يختلف معه ، ويحاول أن يرضي الجميع بحسب الظاهر فقط ، ستكون طبيعة هذا الرجل متلونة ومصطنعة ، ويأتي كل طرف بحسب ما يهواه ، وقد يضمر في قلبه خلاف ذلك ؛ ولعله يهدف من وراء ذلك استغفال واستحمار الاخرين , والضحك على ذقونهم , واللعب بمشاعرهم ... ؛ وقد نسب للنبي محمد حديث جاء في كتاب البخاري يبين لنا خطر هؤلاء المزيفون : (وتجِدونَ شرَّ النَّاسِ ذا الوجهينِ، الَّذي يأتي هؤلاءِ بوجهٍ، ويأتي هؤلاءِ بوجهٍ)،
2- أناني : الصديق المزيف شخص أناني لا يهتم كثيراً بمشاعرك أو حاجاتك من الصداقة ، وغالباً ما يتهرب منك عندما يشعر بأنه مطالب بالتضحية أو حتى بتقديم واجب الصداقة والمساعدة البسيطة ، و لكنه يلجأ لك عندما يحتاجك ؛ فهو يتسم بالأنانية ، و لا يستطيع إخفاء ذلك في الكثير من الأحيان ؛ فالصداقة بالنسبة له مصلحة في الكثير من الأحيان او هو قطب الرحى فيها لا غير , ويريد ان يكون محور الاهتمام فهو بحاجةٍ لجمهور وليس اصدقاء ، و مع مرور الوقت تشكل أنانيته عبئا عليك ، نظرًا لأنك مطالب بتلبية احتياجاته معظم الوقت ؛ فالشخص الاناني يضع نفسه أولا ؛ وقبل صديقه في كل شيء حتى بتوافه الامور ؛ اذ يجعل الاهتمام في كل الأمور التي تخصك وتخصه منصبا عليه هو في المقام الأول ، ويغفل نفس الأمر لك بل ويستنكره عليك أيضا.
يتوقع الأصدقاء الانانيون المزيفون دائمًا أن يأتي شخص ما لزيارتهم والاتصال بهم ورؤيتهم ، لكنهم لا يريدون بذل نفس الجهد ؛ يعتقدون أنه من المقبول عدم بذل جهد في العلاقة ، الأمر الذي يمكن أن يستنزف الشخص الآخر ؛ فهو يشبه نفسه بالكعبة التي هي دوما تزار ولا تزور .
3-غير ملتزم : لا يلتزم الصديق المزيف بالوعود أو العهود أو حتى المواعيد ، وكثيراً ما ينسى أو يتناسى وعوده التي يقطعها لأصدقائه ، كما أن الصديق المزيف يجد إطلاق الوعود أمراً سهلاً لأنه يعرف سلفاً أنه لن يلتزم بها ، وإنما يطلق الوعود من باب التخدير أو النفاق او الرياء والادعاء ... ؛ فهو لا يفي بعهد أو وعد أو موعد ، وينسى باستمرار أو يدعي النسيان للوعود .
فالأصدقاء المزيفون يخبرونك دوما أنهم سيفعلون هذا وذاك من أجلك ، لكن في نهاية المطاف ، لن يفوا بوعودهم أبدًا ؛ ثم يقدمون لك مختلف الأعذار والتبريرات ؛ واعلم ان عدم الالتزام بالوعود خاصةً بين الأصدقاء يدل على عدم الاكتراث وعدم تقدير صديقك لك , وبالتأكيد ان الأعذار الواهية والحجج التافهة التي ليست لها قيمة هي ما يقدمها لك كما اسلفنا ؛ لكسب ودك من جديد أو لتخليص نفسه من الشعور بالذنب .
والصديق المزيف يضع خططاً لا يلتزم بها ؛ فهل سبق لك أن صادفت صديقا قديما في الشارع وخطط معك على الفور للقاء لتناول القهوة ؟ و يظهر عليه بأنه متحمس جداً لرؤيتك والتحدث عن كل الذكريات الحلوة التي تجمعكما ، ولكن بعد ذلك … لا مكالمة ، لا قهوة ، ولا يأتي منه أي اتصال ؛ هذه مشكلة حقيقية شائعة في المجتمع ، فالناس يتعهدون بالتزامات لا يقومون بالوفاء بها أبداً ؛ حتى انهم احيانا لا يتصلون بك ليقولوا لك إن الخطط قد تغيرت أو أن شيئًا ما حدث .
4- متنمِّر ومحبِط : من الصفات السيئة للصديق المزيف أنه يتنمر على صديقه ويسخر منه , ويستخدم معرفته العميقة بأصدقائه للتنمر والسخرية والاستهزاء بهم ؛ كما أن الصديق المزيف خبير بالإحباط ؛ لذا تجده يسخر من طموحاتك وأحلامك أو حتى أفكارك وطريقة تعبيرك عنها ؛ ولا يدعمك او يشجعك ؛ فالإحباط والتنمر من أشد صفاته سوءاً ؛ فهو يستغل المعرفة بتفاصيله – اي بتفاصيل حياة صديقه - للاستهزاء به وإحباطه.
وهو لا يراعي مشاعرك فيؤذيك بكلماته وسلوكه عمدا ؛ بالإضافة الى انه يحب السخرية المهينة من صاحبه، و من المعروف أن التنمر وغيره من الممارسات المماثلة والتي تتعرض لها من بعض الاصدقاء والاصحاب قد تسبب لك اضرارا نفسية بل وتخدش مكانتك الاجتماعية والمهنية احيانا .
نعم ان تبادل السخرية والدعابات والمزاح بين الأصدقاء أمر طبيعي ويحتوي على الكثير من الضحك والسعادة بكل تأكيد ، ولكن هناك فارقاً كبيراً بين السخرية الكوميدية وبين الإهانة المقصودة والمتكررة ، فالصديق الحقيقي لا يفكر حتى في إهانة صديقه، أما النوع المزيف من الأصدقاء فإن السخرية على أي شيء تقوم به أو كلمة تخرج من فمك بالنسبة لهم أمر طبيعي حتى وإن كانوا يدركون جيداً أنك قد تشعر بالإهانة من مناقشة نوع معين من المواضيع أو الأفعال .
فالصديق السطحي ؛ يحطم معنوياتك ويضعف ثقتك بنفسك , بل يهينك باستمرار ويقلل من شأنك أمام الآخرين بحجة المزاح ؛ حتى يغذي النقص الذي يعانيه ، و دائمًا ما يُدلي الصديق المزيف بتعليقات دنيئة تجعلك تعتقد أنك تبدو سيئًا ، حتى لو لم تكن كذلك في الواقع وحقيقة الامر .
5- غير متسامح : لا يستطيع الصديق المزيف أن يتسامح مع أخطاء صديقه أو يغفرها حتى الأخطاء الصغيرة والعادية ، بل لا يتسامح الصديق السطحي مع الانتقاد الهادف ؛ ويحاول أن يبدو دائماً بمظهر المعصوم عن الخطأ ؛ فهو لا يستطيع ان يعفو ويسامح مع ابسط خطأ قد يقوم به صديقه، حتى الغلطات الغير مقصودة لا يغفرها ؛ بل ويكبرها ويعظم خطرها .
6- لستَ من أولوياته : الوقت عامل مهم في الصداقة ، وما يجعل الصداقة الحقيقية تنمو وتستمر هو مقدار الوقت الذي يمنحه الأصدقاء لبعضهم ، لذلك لا يمنح الصديق المزيف وقتاً خاصاً لصديقه ، وربما يترك صديقه على هامش أولوياته كصديق احتياطي عندما لا يكون غيره متاحاً ؛ فالصديق السطحي لا يعطيك الوقت الذي تحتاجه للجلوس معه ، بل قد يتركك في قائمة من آخر الأولويات، فقد يعتبرك موجود عندما لا يكون غيرك كذلك ؛ اي صديق لقضاء الوقت الفائض ... , فإهمال صديقك لك وعدم محادثتك لفترات طويلة دون سبب وعلى الرغم من تفرغه أمر غير طبيعي أو مقبول , فأنت لست دمية أو وسيلة لملء الفراغ الخاص بأحدهم ليتذكرك عند الشعور بالملل فقط أو عند رغبته العابرة بالحديث معك ؛ فبكل تأكيد يجب أن لا تسمح لنفسك بأن تكون صديقاً على مقاعد الاحتياط يتم التواصل معك فقط عند الحاجة .
ومن الطبيعي ان لا يقوم الصديق السطحي بإلغاء بعض الخطط او البرامج او يترك بعض الالتزامات والمسؤوليات لأجلك ؛ فهو يختار وباستمرار اشياء اخرى ويفضل اشخاص اخرين عليك ؛ فأنت لست من أولوياته .... .
نعم هنالك ظروف قد تمنع تواصل صديقك معك ؛ فليس من المعقول ان يترك الشخص شؤونه الخاصة ومسؤولياته العائلية والمهنية من اجل التواجد معك بصورة شبه دائمة ؛ او الوقوف معك في مناسبات عادية لا تستحق ان يترك شؤونه المهمة لأجلها .
فصديقك أيضاً إنسان له حياة مستقلة واحتياجات شخصية وأولويات عملية واجتماعية لا يمكن أن يهملها فقط ؛ لأنك تريد تواجده دائما او تواصله معك بغض النظر عن ظروفه ؛ فلابد من احترام حياة صديقك وتقدير ظروفه وعالمه الخاص ؛ فليس كل من انقطع عنك يعد صديقا مزيفا ... .
7- يتكلم عنك بالسوء : الصديق الحقيقي هو من يحاول أن يحافظ على صورتك أمام الآخرين ويدافع عنك أو على الأقل لا يشارك في جلسات النميمة والغيبة والتسقيط التي تتناولك بالسوء او التي تقدح بك وتذمك ، أما الصديق المزيف فقد يكون مديراً لجلسات النميمة والتسقيط ؛ والصديق السطحي يتحدث في غيابك بطريقة سيئة ؛ بل وقد ينشر الشائعات عنك و التي قد تسئ إلى شخصيتك و سمعتك بالطرق المخادعة التي يتسم بها ؛ فهو يتحدث عنك بشكل سيء ... .
نعم هو شعور سيء ومدمر عندما تكتشف بأن الشخص الذي يتحدث من وراء ظهرك هو الشخص الذي ظننت بأنه صديقك ؛ اذ ان صديق السوء أسوء من العدو الصريح ؛فالبعض ممن يبدو لك انه صديقا شريفا , بمجرد ذهابك او مغادرته يتحدث عنك بالسوء .
ويصل الخداع بالبعض ؛ انه بمجرد ذهابك وبقاءه هو بين اصدقاءك ومعارفك ؛ يبدئ بإظهار نفسه بصفة الناصح الامين والصديق المشفق الوفي ويتهمك بما ليس فيك امامهم بحجة تقديم النصح لك وانت غائب عنهم ؛ والهدف الحقيقي لسلوكه المشين هذا ؛ تحطيم سمعتك امام الناس ؛ واحذر من الذين يتحدثون بالسوء عن اصدقائهم امامك ؛ فمن المحتمل ان يتحدثوا عنك بنفس الطريقة ؛ فهؤلاء لا يمكن الوثوق بهم ابدا .
8 - يفضح أسرارك : الأسرار من أهم أعمدة الصداقة الحقيقية ، والصديق المزيف يستخف بالأسرار ولا يعطيها قيمة، وربما يتقصد فضح أسرارك أو يستخدمها للابتزاز والضغط احيانا ؛ فهو يفشي أسرارك دائماً ولا يحترم خصوصية هذه الأسرار ...فالصديق السطحي يخبر الجميع بأسرارك ؛ ولأهمية الاسرار في حياتنا لابد لنا من اختبار الصديق بإخباره "بسر" صغير والطلب منه الاحتفاظ به لنفسه ؛ فإذا سمعت عنه في مكان آخر ، فستعرف بالضبط من هو المسؤول عن هذا التسريب .
9 - كاذب ويخفي الكثير : يكذب الصديق المزيف في الكثير من الأمور ، و ليس بالضرورة أن يكون كذبه هادفاً ، لكنه ربما يكذب لتلميع صورته أو إخفاء عيوبه ، وعموماً ستعلم أن الصديق المزيف يخفي عنك الكثير من الأشياء التي تؤثر على الصداقة بينكما .
فمن أبرز الصفات التي يتسم بها الصديق المزيف صفة الكذب ؛ وعنما يقول الحقيقة فعادة ما يكون ذلك من أجل التحضير لكذبة أكبر ؛ وقد يكذب الصديق المزيف للحصول على نقاط التعاطف أو لوضع نفسه في قلب الدراما التي يكون فيها دائمًا النجم الذي يحتاج إلى الاهتمام به ؛ فهو يكذب على من حوله في كل ما يتعلق بحياته مثل إنجازاته، حياته الشخصية، اي شيء لإظهار نفسه بصورة أحسن من الحقيقة ولكي يستطيع التباهي.
وقد يكذب الأصدقاء المزيفون للتستر على مخاوفهم، و قد يكذبون بشأن الإنجازات والدرجات والأشياء المادية ؛ بالإضافة إلى ذلك، قد يكذبون أيضًا بشأن أنفسهم و "أصدقائهم" .
10 - حسود : الغيرة بين الأصدقاء – احيانا – قد تكون واردة وربما تكون صحية اذا كانت من باب المنافسة البنّاءة الشريفة ، و لكن الحسد يدمر الصداقة ، والصديق الحسود لا يمكن أن يكون صديقاً حقيقياً ، لأن الحسود لا يتمنى أن يكون مثلك ؛ بل يتمنى زوال ما لديك من نعمة لتصير مثله أو أدنى منه ؛ لذلك قال حكيم العراق الامام علي : (( حَسَدُ الصَّدِيقِ مِنْ سُقْمِ الْمَوَدَّة )) لا يريد الامام علي أن يميز في هذا الموضع حسد الصديق عن باقي انواع الحسد، بل يريد أن يبيَّن بأنَّ الصديق الحقيقي لا يحسد صديقه ؛ لأنَّ الحسد تمنّي زوال نعمة الغير ، والصديق الحقيقي لا يتمنى زوال نعمة صديقه بل يغبطه ، أي: يتمنى أن يحصل بمثل ما حصل عليه صديقه، فإذا حسد شخص صديقاً له دلَّ حسده على وجود خلل في محبته ومودته لصديقه، والصداقة الحقيقية لا تتم إذا وجد خلل في المودة ؛ ففي كلامه إشارة إلى ضرورة ترك التحاسد بين الأصدقاء.
و يميل الصديق المزيف إلى الشعور بالغيرة. فهو لا يغير من اهتمامك بنفسك واهتمام من حولك بك، والمال والمساعدة التي تقدمها للآخرين فقط، بل يشعر أيضًا بالغيرة من إنجازاتك ونجاحاتك.
وهي - الغيرة - من أكثر صفات الصديق المزيف وضوحاً ، فهو لا يعجبه حين تنجح في شيء ويظهر عليه ذلك سواء في تعبيرات وجهه أو في طريقة حديثه معك ؛ وقد يضع نفسه في منافسة دائمة معك ؛ فبدلا من أن يقوم بدعمك تجده يسعى لمنافستك والتقدم عليك بشكل دائم حتى وإن كان ذلك في الأمور البسيطة، فإذا كان ذلك في الدراسة فهو يسعى للحصول على درجات أكثر منك أنت بالذات، وإن كان في عمل فهو أيضا يسعى لإنجازه قبلك أنت بالتحديد.
ربما تكون قد لاحظت سمات الحسود في بعض الأشخاص من حولك من قبل ؛ لكن ليس من الضرورة أن تكون تلك السمات واضحة ، اذ يمكن للناس أن يكونوا بارعين للغاية في غيرتهم في الواقع ، و قد لا يدرك الصديق الغيور غيرته ؛ فقد يكون - هذا الشعور السيء - غارقا في اعماق اللاوعي ؛ و هذا يجعل الأمر أكثر صعوبة في المعالجة ؛ لذا ترى بعض الاصدقاء لا يبدوا عليهم الحسد او الغيرة طالما أن الجميع متساوون نسبيًا ؛ ولكن في اللحظة التي تتفوق فيها - في شيء ما - ؛ قد تظهر مخالب هؤلاء البعض ؛ فهم لا يفرحون بنجاحاتك أو يضايقهم تفوقك ؛ لذا تراهم ينزعجون ويشككون في انجازاتك واعمالك بل ويطمحون لسلبها عنك ... فالصديق الحقيقي هو ذلك الشخص الذي يفرح عندما ينجح صديقه ؛ اما الصديق المزيف فقد تلاحظ أنه بدلاً من الاحتفال معك ، فإنه يقدم تعليقات صغيرة أو يحفر من تحتك , أو يضايقك ببعض التصريحات السلبية بسبب إنجازاتك ؛ و هذا ليس ما يفعله الصديق الحقيقي ، هذا ما يفعله الشخص عندما يشعر بالغيرة كما اسلفنا ؛ فلن تجده أبدا يتمنى لك الخير حتى ولو أظهر عكس ذلك لأنه و بكل بساطة يغار منك ويحاول تقليدك في كل شيء ؛ وقد يبدو الصديق المزيف وكأنه يقول أشياء جيدة لصديقه ، لكن تعابير وجهه لا تتطابق مع الكلمات التي ينطق بها ؛ و اما الصديق الصادق لن يغار منك ولن يتمنى لك إلا دوام النعمة والخير ولن يسعى إلى مقارنة نفسه بك بل بالعكس سيدعمك دائما دون حساب .
11- نفعي (مصلحجي) : يظهر فقط عندما يريد منك شيئاً ، ونادراً ما يتواصل معك بشكل طبيعي ، كما يختفي عندما تريد منه شيئاً ؛ والحقيقة هي أن الصداقة طريق ذو اتجاهين و لكن بالنسبة للصديق المزيف ، فإن الصداقة هي مجرد آلة وهو يقوم بالضغط على الزر متى أراد شيئًا منك فقط ؛ فعلاقته بك مشروطة ، أي قائمة على مصلحة ما أو خدمة ما ؛ و يقترب منك متى يريد منك امرا ، خاصة في وجود الأزمات والاحتياجات، ويبتعد عنك متى ينتهي ذلك ... ؛ يجب أن تكون صادق مع نفسك وتواجه حقيقة صداقتك مع الشخص الآخر. هل هو يحبك؟ هل هو صديقك الحقيقي ؟
هل هو يحبك لنفسك أو يحبك لما تقدمه له من خدمات واحتياجات ؟
فالصديق ( البرجماتي ) : هو الذي يعاشرك لغرض قضاء حاجاته لا لحبه لك، وعندما يأخذ منك ما يريد فسرعان ما ينسل منك ولا يظهر إلا بعد ما يحتاج منك شيء آخر ، وإذا رفضت تلبية حاجته قد يقطع علاقته بك ؛ فأنت مجرد أداة لهم ؛ لأنهم يستخدمونك و ربما يتعلق الأمر بسيارتك أو درجاتك او شقتك الخاصة او منصبك و وظيفتك أو أحد أصدقائك الحميمين ... ، ولكن الشيء الوحيد الذي يشترك فيه جميع الأصدقاء المزيفين هو تكوين صداقات مع أشخاص يستفيدون منهم أكثر ؛ فما أنت الا مجرد أداة أخرى في صندوق الأدوات المستخدم من قبلهم .
لذا انت تلاحظ بوضوح المحاولات المستميتة للاقتراب منك فجأة بعد حصولك على المال أو مركز مرموق أو توسع دائرة معارفك أو حتى تمتعك بمهارة معينة في أحد مجالات الحياة ... ؛ لذا يجب عليك أن لا تجعل الامر يمر مرور الكرام ، فهو دليل قاطع على أنك مجرد جسر لتحقيق الطلبات أو الوصول إلى الغايات وبعد ذلك لن تصبح الأمور أفضل بكل تأكيد ... ؛ ولأنك شخص عاقل وحر ولا تدين لأحد بأي خدمة يجب أن لا تسمح لنفسك بأن تصبح مجرد جسر للعبور عليك ، فإن كنت طيب القلب وتحب مساعدة من حولك فهذا دليل على حسن التربية التي منحتها لك عائلتك , او التي صنعتها بيدك , وأن الأمور والخدمات التي تقدمها بمحض إرادتك ؛ فأنت لا تقدم الخدمات لمن يظنون أنهم أذكياء ، ويتقربون منك بهدف مصالحهم فقط .
12 - يتسم بالثرثرة والدراما : يتسم الصديق المزيف بأنه شخص يحب الثرثرة ويحول مواقف حياته إلى حبكة درامية من أجل تفاقمها واكتساب عاطفة الآخرين ؛ فهو صانع الدراما من الدرجة الأولى، ومن أسوأ الأنواع التي تستنزف طاقتك ويجعلك دائماً تشعر بالطاقة السيئة ؛ كما توضح مدربة الحياة ( تارا ماير روبسون ) : فإن الأصدقاء المزيفين هم صانعو الدراما من أسوأ الأنواع الذين يستنزفون طاقتك ويجعلونك تشعر وكأنك لا تريد ؛ بينما يكره البعض منا الدراما التي لا طائل من ورائها، فإن خلقها أو الانخراط فيها يعتبر مصدرًا للحيوية بالنسبة لبعض الناس ...!!
13- يتصرف بغرابة عندما تكون مع أشخاص آخرين : غالبًا ما يواجه الصديق المزيف مشكلة في السلوك النرجسي ؛ اذ يعتقد أنه من حقه أن يفعل ما يريد وأنه محور الكون ... , فعندما تكون في الخارج أو بالقرب من أصدقاء آخرين، قد يتصرف بشكل غريب , وقد يقلل من شأنك أمام أصدقائك حتى يلفت انتباه الآخرين له ... , وقد يتظاهر الصديق المزيف أمام الآخرين بأنه أكثر هدوءًا ، وقد يكون أقل ثرثرة معهم ... , وعندما تكونان وحدكما يتعامل معك بشكل جيد لكن إذا كان هناك شخص آخر فإنه يغير من تعامله معك كما اسلفنا ؛ فمثلا ان كنت تعد عرضا لموضوع في مادة مدرسية ولأنه الأقرب لك استشرته وطلبت رايه في الموضوع ونصائحه للرفع من مستوى الموضوع ؛ فاخذ يصفه بالمثالية والموضوعية , وقال : انه خال من الأخطاء ... ؛ وأثناء عرضك له في الفصل الدراسي وأمام التلاميذ انهال عليك بالأسئلة المحرجة للتقليل من قيمة عملك...!!
14- صداقة ظرفية : الصديق المزيف غالبًا ما يكون ضمن إحدى المقابلات التي تجمعك معه في بيئة أو مكان واحد فقط لفترة ما ؛ و هؤلاء في الغالب ليسوا أصدقاء حقيقين ؛ و ربما يكون من الصعب بعض الشيء أن تقول صديقا مزيفًا ، فقد كانت أوقاتكما معًا ملحمية ؛ و لكن الصداقة كانت بالتأكيد مؤقتة وظرفية وكانوا يطلقون على مثل هذه الصداقات في العراق : (( صداقة جيش )) لأنها صداقة مؤقتة ومرتبطة بإداء الخدمة العسكرية , ومع انتهاء الخدمة العسكرية تنتهي تلك الصداقة ويذهب كلا في طريقه وكأن شيء لم يكن ؛ على الرغم من حميمة المشاعر وصدق المواقف بينكما وقتذاك ؛ فهو رفيقك في سياق معين ، و لكنه في الواقع لا يريد أن يكون صديقك طوال الحياه أو يعمق صداقته معك بأي شكل من الأشكال.
15- الهروب في الأزمات: إذا كنت تعاني من أزمة بعينها، هنا يظهر معدن صديقك إذا كان حقيقي أم مزيف ؛ اذ يتسم الصديق المزيف بأنه شخص غير مسؤول تجاه أصدقائه ؛ ففي وقت الشدة والأزمات لن تجده معك ؛ و قد يخلق لك الكثير من المبررات و التي بها قدر كبير من الكذب ... ؛ فاذا كان صديقك يخيب ظنك باستمرار ؛ فهو مزيف ؛ اذ ان الاصدقاء المزيفون غالبا ما يكذبون و لا يوفون بوعودهم أو يختفون عند الحاجة ... فالصديق المزيف تجده يضع الخطط لمساعدتك ويطلق الوعود لك بأنه سوف يكون دائما متواجدا بجوارك ومعك، إلا أنه في الغالب لا يلتزم بذلك ويخذلك مرارا وتكرارا كما اسلفنا ؛ فهو يختفي عندما تكون في أمس الحاجة إليه ... ؛ والاختفاء في أكثر الأوقات التي نحتاجهم فيها هي صفة شائعة يتميز بها الأصدقاء المزيفون ؛ فعندما يحتاجونك لأمر ما تجدهم بجوارك، لكن عندما تحتاج شيئا منهم، يختفون ... ! ؛ فعلاقة الصداقة ليست علاقة يأخذ فيها أحد أطرافها كل شيء بينما يظل الطرف الثاني يعاني دون مقابل .
16- النميمة : أو القيل والقال كما يطلقون عليها ؛ فسوف تجد هذا الصديق المزيف يتحدث عنك من وراء ظهرك بشكل غير جيد، كما تحدث امامك عن الآخرين ، فتجده يتكلم عنك مع الأخرين ويحكي عن أشياء تخصك أنت فقط من وراء ظهرك ؛ فالنمام ذلك الصديق الذي ينقل كلامك للآخرين وينقل كلام الاخرين اليك ؛ ويتناول موضوعات حساسة في حياة الأشخاص والاصدقاء و يسرد عيوبهم بشكل معيب ويتكلم عنهم باستهزاء وسخرية ... .
17 - علاقة مشروطة : ولعلها أكبر علامة على أن صديقك مزيف وكما تعلم فهناك فرق بين الحدود والشروط فالحدود هي مثلا أن لا تشارك أي شيء مع أصدقائك سواء شيء مادي كأغراضك الخاصة أو معنوي كأسرارك المهمة ومشاكلك العائلية ؛ أما الشروط كأن يتحرج صديقك من مظهرك أمام الغير فيطلب منك مثلا تغيير ملابسك شريطة ذهابك معه لمكان ما ... .
18- اللامبالاة : اللطف و التعاطف والاهتمام من اهم سمات الصديق الحقيقي ؛ فمثلاً قد يتركك صديقك اللامبالي وحدك ويذهب مع اصدقاءه الاخرين الى المقهى ... ولا يهتم بإنجازاتك واحلامك , ولا يبالي بهمومك وآلامك , ولا يعيرك اي اهمية , فهو لا يساندك ولا يهتم لأمرك بتاتا , لا يستمع إليك عندما تتحدث ؛ نعم قد يتظاهر بالاستماع إليك لكنه يستخدم هاتفه في نفس الوقت أو يتحدث لشخص آخر عبر محادثة نصية بينما يجلس أمامك مباشرةً ؛ فهو لا يستمع إليك بشكل فعلي ... ؛ فالاستماع الفعال أمر مهم لبناء علاقات قوية ؛ وكذلك هو لا ينزعج لأجلك مهما حدث ؛ واعلم بأن أي “صديق” يتظاهر بأنه لا ينزعج ولا يغضب من أي شيء يتعلق بك فهو صديق مزيف وغير حقيقي ، فمن المستحيل أن لا يتواجد أي شيء يزعجه ، والصديق الحقيقي هو الذي يظهر لك انزعاجه وغضبه ويخبرك بذلك بشكل صريح لأنه يحبك ...؛ نعم دائمًا ما يظهر الأصدقاء الحقيقيون لبعضهم البعض ، بغض النظر عن الوضع ، و في حالة الأصدقاء المزيفين، ستجده دائمًا شخصًا متفرجًا يستمتع بالتنمر عليك أو لا يقول كلمة واحدة ترفع من معنوياتك او تخفف من الامك .
19- عدم الاحترام : أقم حدوداً لترى إن كانوا سيحترمونها ؛ لتمتحن صدق أصدقائك ضع بعض المعايير والحدود ؛ و انتظر ردة فعلهم ؛ فأن احترموا تلك الحدود فقد احترموك والا فهم مزيفون ؛ فالاحترام شيء والمزاح و ( الميانة ) شيء اخر ؛ لذلك قال حكيم العراق الامام علي : ((لا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه، فإنه ليس لك بأخ من ضيعت حقه )) ؛فلكل صلة وعلاقة تقوم في هذه الدنيا نوع من الحقوق، فللأب حق وللأم حق، وللأخوة حق ؛ وما لا بد منه هو الحذر من تضييع حقوق الإخوان , فالتقصير في حقوق الإخوان لا يؤدي إلى سقوطها ؛ والسبب في التقصير في حقوق الإخوان كما يكون أحيانا عن سبق تصميم، قد يصدر أحيانا من خلال التهاون والاتكال على الصداقة والأخوة، وهذا ما يحذّر منه الإمام علي ، وأن الأخوة لا تعني إطلاقا التقصير في أداء الحقوق وعدم الاحترام ؛ فإن ذلك سوف يؤدي إلى حدوث القطيعة.
20 - الاختلاف : وكما هو معلوم فالاختلاف طبيعة إنسانية وسنة إلهية في البشر جميعا لكن هناك من يريدك أن تتفق معه في كل ما يقول وكل ما يعتنق من أفكار وإذا اختلفتما فانك تجد منه معاملة لا تدل عن حبه لك ولا عن كونه إنسانا متعايشا فقد يهجرك أو يغير من تعامله معك فهذا النوع من الأفضل أن لا تجعله صديقا مقربا منك ؛ لأنه يقطع علاقته بك عند الاختلاف .
21- السلبية : الصديق المزيف تجده دائما ينتهج أسلوبا عدوانيا تجاهك وقد يهاجمك لأتفه الأسباب، كما أنه يكون سلبيا تجاه ما تقوم به من أعمال خاصة في حالة نجاحك في تلك الأعمال ... ؛ الاصدقاء المزيفون يضعونك أمام الآخرين ويضحكون ويتحدثون عنك في وجهك ؛ و هذه علامة على أن هؤلاء أصدقاء مزيفون ؛ لديهم أيضًا دائمًا موقف سلبي وحكمي تجاهك ؛ و إذا أخبرتهم عن أحلامك التي تريد تحقيقها ، فسوف يضحكون وينتقدونك في وجهك قائلين : لا يمكنك فعل ذلك ! هذا مستحيل! ... ؛ إنهم يحاولون دائمًا إبعادك عن أحلامك ... ؛ لديهم جو من السلبية ؛ وقد يستخدم الصديق المزيف أيضًا أساليب غير مباشرة لإيذاء مشاعرك، على سبيل المثال، قد يعجب بشخص أمامك كي يضايقك ؛و لا يحب هؤلاء الأشخاص منشوراتك وحالاتك على الشبكات الاجتماعية أو يتفاعلون معها بتعليقات سلبية... , وقد يفعل الصديق المزيف عمداً الشيء الخطأ ليضعك في مواقف تشعر فيها بالحرج أو الخجل... ؛ فهؤلاء إذا لم يكن بإمكانهم أن يكونوا سعداء من أجلك ، فقم بركلهم إلى الرصيف ... ؛ اما الأصدقاء الحقيقيون سوف يصلون ويدعون الله لأجلك دائمًا ؛ ويتمنون لك الخير والصحة والسعادة , ويرفعون من شأنك ؛ وبمجرد ان تراهم يذهب همك وينجلي حزنك , وتستمد الطاقة الايجابية منهم ... .
22 - لا يعترفون بالخطأ : الكمال المطلق لله والعصمة لأهلها كما قيل قديما ؛ الا ان الاصدقاء المزيفون لن يعترفوا حرفيًا بأنهم مخطئون ... ؛ إنهم يبحثون باستمرار عن أشخاص آخرين يتحملون المسؤولية عن الأمور التي تحدث خطأ في حياتهم ، حتى لو كان ذلك خطأهم بوضوح ...؛ فالصديق المزيف يلومك على إخفاقاته ويظل يقول أنه لو لم تفعل شيئًا كان بإمكانه تحقيق شيء ما ,
23- دائمي الانتقاد : فالصديق المزيف ينتقدك في كل شيء حتي في الأشياء الجيدة، وأحياناً يكون السبب هو الغيرة ؛ بينما من صفات الصديق اسداء النصائح والتشجيع ، وليس الانتقاد السلبي والسخرية منك!
24- عدم مشاركة اللحظات السعيدة : ونحن نعني هنا اللحظات السعيدة الخاصة بك، أو أي إنجاز شخصي تقوم به فعلى سبيل المثال إذا حصلت على وظيفة فسوف تجد الصديق الحقيقي يقدم لك التهنئة ويشعر بالسعادة تماماً كما تشعر بها أنت أما في حال ما إذا كان صديقك من النوع المتصنع المزيف فإنك سوف تلاحظ أنه لا يكترث حتى بتوجيه التهنئة لك، أو دائماً ما ستجده يحاول بكل قوته التقليل من ما حققته مهما كان إيجابياً ... .
الصداقة الحقيقية
علامات الصديق الحقيقي
(3)
يَعْتَمِدُ العَقْلُ الإِنْسَانِيُّ فِي تَمْيِيزِهِ بَيْنَ الأَشْيَاءِ عَلَى المُقَارَنَةِ فِيمَا بَيْنَهَا، فَكُلَّمَا كَانَتِ الأَشْيَاءُ أَكْثَرَ تَقَابُلًا وَتَضَادًّا كُلَّمَا كَانَتْ أَكْثَرَ تَمَايُزًا وَوُضُوحًا، وَلِذَا قِيلَ : (مَعْرِفَةُ الأَشْيَاءِ بِأَضْدَادِهَا). فَطَبِيعَةُ المَعْرِفَةِ تُحَتِّمُ عَلَى العَقْلِ القِيَامَ بِهَذِهِ المُقَابَلَةِ لِرَسْمِ الحُدُودِ الفَاصِلَةِ بَيْنَ الشَّيْءِ وَضِدِّهِ، فَحَتَّى تَعْرِفَ النُّورَ لاَبُدَّ أَنْ تَعْرِفَ الظَّلَامَ، وَلَا يُمْكِنُ اقْتِرَاحُ وَسِيلَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ النُّورَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الظَّلَامَ، وَهَذَا مُسْتَحِيلٌ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ النُّورُ هُوَ غَيْرَ الظَّلَامِ، وَفِي هَذِهِ الحَالَةِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُبَايِنًا لَهُ بِالمُطْلَقِ، وَإِمَّا مُبَايِنًا لَهُ فِي بَعْضِ الوُجُوهِ ،و هَكَذَا يَحْصُرُ العَقْلُ الاحتمالات المُمْكِنَةَ، وَالإِنْسَانُ عِنْدَمَا يُفَكِّرُ فِي الأَشْيَاءِ يُفَكِّرُ ضِمْنَ هَذِهِ المَسَارَاتِ المُحَدَّدَةِ ... ؛ ولاكتمال صورة الصداقة المزيفة في اذهاننا لابد لنا من بيان أهمية الصداقة الحقيقية في حياتنا ومعرفة معناها ومفهومها ؛ ومن ثم العروج الى بيان علامات الصديق الحقيقي ؛ كي يتضح الموضوع بصورة جلية لا لبس فيها ... .
اهمية الصداقة وضرورتها في حياتنا
(4)
الإنسان كائن اجتماعي، وهو في سعي دائم لتكوين صداقات وانشاء علاقات ، حتى لو كانت افتراضية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي او البريد ... الخ ، وقد يعتقد الشخص أن لديه صداقات حقيقية ، ويسعد بارتفاع عدد متابعيه ومعجبيه ، و لكن الصداقة الحقيقية هي أقرب إلى المستحيل في وقتنا الراهن ، بل إن العرب ببلاغتهم جعلوا الصديق الوفي أحد المستحيلات ، فدائماً نسمع مقولة : «هذا من رابع المستحيلات» ؛ والمستحيلات الثلاثة هي : الغول والعنقاء والخِل الوفي ... ؛ إذن الخِل الوفي هو بمثابة المستحيل ، ولو أنعم الله على الإنسان بصديق واحد أو اثنين او ثلاثة أوفياء فإن ذلك بمثابة هبة من الله ، خصوصاً في زمننا الذي طغت فيه المادة والانانية ، ولم يعد الناس يلتزمون بوعودهم وقيمهم السامية ... ؛ وكما اسلفنا : الانسان لا يستطيع أن يحيا بمفرده ، وهو بحاجة إلى أصدقاء ، لأن ذلك يشبع حاجته إلى الانتماء والأهمية ، بل والشعور بالسعادة والطمأنينة والعطاء أيضاً ، وكلنا بحاجة لبعضنا البعض ، لكن هناك فئة ــ أصبحت الغالبية العظمى ــ لا تعرف أحداً إلا وقت أن تحتاج إليه فقط ، فإذا انقضت الحاجة لم تعد هناك حاجة لهذه المعرفة وذلك التواصل الاجتماعي , ولا يمكن أن تبذل أي نوع من العطاء ، ولو بالنصيحة ، وإن قدمت النصيحة فهي ليست صادقة ، بل لأهداف خفية ، قد تتضمن مصلحة ذلك الصديق المزيف ولو على المدى البعيد ... .
ففي الماضي كنا نعتقد أنه من المهم أن يكون لدينا الكثير من الأصدقاء وبغض النظر عن نوعيتهم , ولأننا نكون بأمس الحاجة لوجود الصديق في حياتنا , تغيب عن بصيرتنا أمور مهمة يجب أن تتواجد في ذلك الصديق ... وقد اشتبه البعض منا عندما تصور ان فلان صديقه واذا به يكتشف معدنه الحقيقي وهذه حالة طبيعية فالصديق المزيف كالعملة المزيفة لا تكتشفه إلا عند التعامل معه ؛ و الأصدقاء المزيفون هم مثل الظلال ، إنهم يتبعونك في الشمس، لكنهم يتركونك في الظلام ... وكما قال الشاعر :
عــلمــتُ بــتــجـريـبـي أمـوراً جَهِـلتُهـا ... وقـد تُـجْهَـل الأشـيـاءُ قـبـل التـجارِبِ .
ومَــنْ ظَــنّ أمْــواه الخــضــارم عَــذْبَــةً ... قــضــى بــخـلاف الظـنّ عـنـدَ المـشـارِبِ .
ولكن مع مرور الوقت , وبفضل التجارب الحياتية والشخصية والصدمات النفسية التي تعرضنا لها بسبب علاقاتنا العامة والاجتماعية الكثيرة والتي من خلالها عرفنا المزيف من الحقيقي وميزنا بين الغث والسمين ... لذلك صرنا ندرك أن الكثير من أصدقائنا ليسوا أصدقائنا حقًا ؛ عندما يزداد وعينا وتكثر تجاربنا ويقوى حدسنا ؛ أصبح كل ما يهمنا ونبحث عنه الآن هو وجود صديق واحد حقيقي يقف بجانبنا وقت الضيق ... ؛ فمن الحمق ان تطلق مسمى الصداقة على كل عابر يمر في حياتك او على كل شخص تجمعك به مناسبة او حادثة ... ولابد لنا من التمييز بين المعارف والاصحاب والزملاء والرفاق والاصدقاء والاقرباء ... .
لذلك عدت الصداقة الحقيقية شيء غالي الثمن ، بل هي من أسمى العلاقات الإنسانية على الاطلاق ، فقد تنشأ بين الأصدقاء علاقة قوية أشبه بعلاقة الأخ بأخيه بل وأشد قوة ، في وقوفهم إلى جانب بعضهم بعضا، وخوفهم على بعض , والكثير من الأمور والعواطف التي تجعل منها علاقة قوية، فالكثير من الأشياء والأمور والاحاسيس لا تستطيع البوح بها لأخيك ، لكنك تستطيع قولها لصديق مخلص، حتى تستطيع إخباره بأهم الأمور التي تشغلك وتزعجك حتى عن نفسك : لذلك قال بنيامين فرانكلين : «الصديق هو من تخبره عن أخطائك قبل أن تعترف بها لنفسك» فتنشأ بين الأصدقاء علاقة وطيدة تكللها الثقة والمودة ... ؛ لذا يلعب الصديق الحقيقي دوراً مهماً وأساسيّاً في حياة الإنسان ، وفي كثيرٍ من الأحيان يكون الصديق أقرب إلينا من أفراد عائلتنا حتّى ، فالصداقة هي أسمى العلاقات وأنبلها وهي أرقى العلاقات في الحياة ؛ والصداقة تعد من أنبل العلاقات الإنسانية وأرقاها وأسماها - كما اسلفنا - في حالة أن تكون مبنية على الحب والمودة والتفاني وكذلك الإخلاص والإيثار والصدق والصراحة ... ؛ لذلك نرى حياة الأصدقاء الاوفياء تمتلئ بالذكريات الجميلة والمواقف المشرفة التي لا تنسى والتي تبقي عالقة وموجودة في الوجدان إلى الأبد ، ومن هنا ادرك العقلاء بأن صديق واحد حقيقي خير للإنسان من ألف صديق مزيف ، وعليه ابحث عن الصديق المخلص والخل الوفي بين قائمة أصدقائك ومعارفك وعندما تعثر عليه ألغ البقية من حياتك ولا تجعل لهم في ودك نصيب وفي قلبك مكانة ... ؛ فالصداقة الحقيقية ليست بعدد السنوات ولا بكثرة الوعود والكلمات بل بعدد المواقف والالتزامات ... ؛ لذلك قد تلاحظ ان الأشخاص المزيفين يقيمون علاقات صداقة كثيرة جدا ؛ في حين لا يكون للحقيقيين إلا القليل من الأشخاص الموثوق بهم ، لأن الحقيقيين لا يحتاجون لأرقام ، بل لعدد قليل من الأحباء الملتزمين ؛ فالأشخاص الحقيقيون راضون عن هويتهم ولا يحتاجون إلى مزيد من الاهتمام لإثبات صفاتهم الطيبة - كما قال (بيكسلز) - .
علامات الصديق الحقيقي
(5)
هنالك فروق عديدة بين الصداقة الحقيقية والمزيفة ؛ وسأذكر لكم بعضا منها ؛ كي يستطيع القارئ تمييز الطيّب من الخبيث، والحقيقي من الوهمي , والصادق من الكاذب :
1- يدعمك في كافة مواقفك : ف لسان حاله : ( انصر اخاك ظالما ومظلوما ) ؛ فالصديق الحقيقي يقف بجوارك دائماً في كل خطوة تخطوها في مشوار حياتك ويشجعك على الوصول إلى هدفك الذي تحلم به .
2- يحب الجانب السلبي من شخصيتك : فكلنا لنا جوانب " سلبية " في شخصياتنا ، والصديق الحقيقي هو من يحب تلك الجوانب ويقبلها ويتكيف ويتعامل معها ؛ اي يقبلك كما أنت على طبيعتك دون قيد أو شرط , فالكمال لله كما قيل قديما .
3- يسامحك على أي شيء : قد تحدث أحياناً مواقف أو أخطاء بين الصديقين ، مع الشخص المزيف تدفع ثمنها وتخسر العلاقة ربما للأبد ، لكن الصديق الحقيقي يعي جيداً ذلك الأمر بل ويسامح من قلبه، لأنه ببساطة يقدر فعلاً صداقتك ولا يتوقف عند أخطائك المؤقتة , وهو يعلم بأن الانسان قد يخطأ ؛ وكما قال الشاعر :
اذا كنت في كل الامور معاتبا ** صديقك لم تلق الذي تعاتبه
فعش واحدا أو صل اخاك فإنه ** مقارف ذنب تارة ومجانبه
فلا داعي لكثرة العتاب والتقريع لإخواننا وأصدقائنا - حتى ولو خابت ظنوننا في بعضهم - بسبب بعض الاخطاء ؛ وإذا ظللنا نقرع ونشجب ونعاتب فسنفاجأ قريبا بأنه ليس حولنا أحد ؛ لأنه لا يوجد شخص على وجه هذه الأرض - لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل - سالما من العيوب والنقائص والاخطاء ، فكلُ بني آدم خطاء، وإذا أردت أخاً بلا عيب بقيت بلا أخ ، فعليك أن تتقبل صديقك على ما فيه من العيوب ، وأن تغفر لصاحبك ما دام قد أخطأ عن غير عمد , وتسامحه عن الهفوات ، وكما قال الشاعر انفا : إذا أردت أخاً بلا عيب فعش وحيدا أو عليك أن تصل أخاك – وتقبله كما هو - فهو يحسن مرة ويسيء أخرى .
4- يقف خلف ظهرك دائماً : فالصديق الحقيقي من يقف خلف ظهرك لحمايتك ؛ عندما يحدث لك مكروه ما او تتعرض لتهديد ، بل ويناضل من أجلك دون أن يكلّ أو يملّ ... ولا يهدف بهذا الخلق النبيل إلى تحقيق غرض معين او غاية ؛ اذ يقف الصديق الحقيقي بشكلٍ دائم معك ويُساندك في مختلف المواقف والمشاكل التي قد تمر بها.
5- يجعلك تكتشف اهتماماتك ويفرح لأجلك : الصديق الحقيقي هو من يساعدك في اكتشاف الجوانب الجديدة والجميلة والايجابية في شخصيتك وحياتك والتي لم تكتشفها أنت بنفسك ويشجعك على تنميتها وتطويرها ... ؛ و يشعر الصديق الوفي بسعادةٍ كبيرة عندما تتمكن من تحقيق المزيد من النجاحات والأرباح إن كان في حياتك الخاصة أو في حياتكَ العمليّة ، بينما يشعر الصديق السيئ بالغيرة الشديدة منكَ ومن كل النجاحات التي من الممكن أن تحققها، لهذا فهو دائماً ما يسعى إلى إحباط عزيمتكِ وتشجيعكَ على الاستسلام .
6- يعرف عنك هفواتك ويقبلها : لكل منا هفواته ونزواته ومزاجه الخاص وصفاته غريبة الأطوار في كثير من الأحيان ، مثلاً بعض الأشخاص غالباً ما يكونوا غاضبين في الصباح الباكر وينفجروا عندما يخاطبهم أحد ، و الصديق الحقيقي يعلم هذا ويتفهم ذلك ولا يتوقف عند هذا الأمر.
7- يبقى على تواصل واتصال دائم : الصديق المزيف من يتواصل معك فقط عندما يرغب في معرفة شيء ما أو خدمة معينة ، وفور الانتهاء منها ، لا يعرفك ، بينما الصديق الوفي هو من يتواصل معك في أي وقت ومن أي مكان ، ويهتم بمعرفة أخبارك ومجريات حياتك ، وليس لقاء على غداء أو عشاء من أجل الثرثرة فقط ... وان عجز عن رؤيتك او تعذر التواصل معك بصورة مباشرة سأل الاخرون عنك ؛ للاطمئنان عليك .
8- يحتفظ بأسرارك : بالطبع الصديق الوفي من يحتفظ بسرك وإن كان صغيراً ولا ينقله أو يثرثر به مهما حدث ، وهو الذي تتحدث إليه كما لو كنت تخاطب نفسك ، بينما المزيف هو الذي يتعامل مع الأسرار كأنها معلومات للابتزاز او عادية لذلك تراه لا يتحرج من تسريبها للآخرين.
9- تتعامل معه بكل حرية ونقاء وانسيابية : فالصديق الوفي لا يحتاج إلى أن تتأنق وترتدي أجمل الثياب وتضع أفضل العطور وتُهذب شعرك كي تقابله ؛ او تتكلف او تتصنع لأجله ، بل كل هذا يحدث مع الصديق الوهمي ، فالصديق الحقيقي هو من تتعامل معه بحرية وراحة وصدق و واقعية بلا رتوش مصطنعة .
10- يترك لك وقتاً لنفسك : فالصديق الحقيقي يترك لك مساحة ووقتاً لتجلس مع نفسك، ولا يلومك لقضاء وقت فراغك بمفردك من دونه ، بل يعرف تماماً أنك بحاجة إلى أن تخلو بنفسك في بعض الأوقات ؛ او يعلم بانشغالك بالشؤون العائلية والمهنية ؛ فهو سهل المؤونة عندما تحتاجه تجده وعندما تختفي عنه يعذرك لأنه يقدر الظروف ويحسن الظن بك .
11- تلجأ إليه عندما "تبكي" : ثمة فارق كبير بين الصديق الحقيقي والزائف ؛ فعندما تشعر بالوحدة أو البكاء أو ترغب في البوح و( الفضفضة) ؛ وقتها ستجد الشخصية المزيفة هي من تربت على كتفك وتواسيك للحظة ثم تحاول تغيير الموضوع الأساسي؛ او تهرب منك اصلا ولا تعيرك اي اهتمام ، أما الصديق الوفي فهو من يحتضنك ويضمك إلى صدره ويشعرك بأهمية ما تقول ويستمع إليك ويهتم لأمرك، وتجده دوماً سواء كنت سعيداً أو حزيناً بجانبك ؛ ولا يتركك الا وقد خفف عنك وطء المصيبة .
12- صريحا معك : فالصديق الحقيقي هو الشخص الذي لن يخشى أبدًا إخبارك بالحقيقة غير السارة عنك أو عن نفسه أو عن أي شيء اخر ؛ فالصراحة اساس الصداقة الحقيقية .
13- العلاقة الفكرية والعاطفية والروحية الوثيقة : غالبا ما يكون الصديق الحقيقي هو الذي يشبهك من حيث القيم والمعتقدات والافكار والرؤى ووجهات النظر حول الأشياء الأساسية التي تهمكم ... نظرًا لأن شخصيات الناس وقيمهم إذا كانت متشابهة ، فإنها تمنحهم إحساسًا بالانتماء ، مما يرضي الحاجة الإنسانية الأساسية للشعور بالارتباط والأمان ... بالإضافة الى تشابه الاخلاق والقيم الانسانية احيانا .
14- الاحترام : يحرص الصديق الوفي على احترامك وعلى التعامل معك بكل لطفٍ ومحبة وتقدير ، ومهما كان يشعر بالغضب أو الاستياء من غير الممكن أن يوجه لك أي كلمة جارحة ، بينما لا يتردّد الصديق السيئ من توجيه الكلمات الجارحة والقاسيّة بحقك في حال تغيير مزاجهُ ، أو في حال شعر بأي نوع من الغضب أو الاستياء.
15- يحترم خياراتك الفكرية والعقائدية : يحرص الصديق الوفي على احترامك ومحبتك مثلما أنت، أي أنّهُ لا يسعى ولا يُفكر بتغير أفكاركَ ومعتقداتك ، بل إنّهُ يحترمها لأنّها أفكار ومعتقدات تخص صديقه الرائع الذي لا يُريد أن يخسر وجودهُ في حياتهِ ، بينما يُحاول الصديق السيئ أن يُغير كل الأفكار والمعتقدات التي تخصكَ والتي لا تتناسب مع أفكارهِ ومعتقداتهِ ، ولا يكفُ كذلك عن توجيه الانتقادات القاسيّة لك ولمعتقداتكَ وأفكاركَ .
كيفية التعامل مع الاصدقاء المزيفين
(6)
المعرفة اساس النجاح في كل مجال ؛ و المعرفة وحدها لا تكفي، ما لم يصاحبها التطبيق ؛ فمن الصعب التعامل مع الأشخاص الوهميين والاصدقاء المزيفين ما لم نعرف سماتهم وصفاتهم ؛ ومن ثم نتعامل معهم وفقا للمعطيات والمعلومات النظرية التي تخصهم ... , وقبل تكوين الصداقات مع الاخرين عليك التحدث معهم ومراقبة سلوكهم والتمعن في صفاتهم الشخصية ؛ اذ ان معرفتهم تجنبك اقامة علاقة حميمة معهم .
وبعد الاختبار والمعرفة ؛ حاول أن تبتعد عن الشخص الوهمي والصديق المزيف قدر المستطاع وانسحب منه بهدوء ؛ فأن فرض نفسه عليك بالقوة والالحاح وقلة الذوق ؛ فأجبره على الرحيل ؛ لتفسح المجال لصداقات حقيقية ؛ لان الباطل يزيل الحق , والكذب يدفع الصدق , والوهم يزحزح اليقين ... .
في هذه الحياة، نتعامل مع العديد من الشخصيات التي نواجهها يومياً ... ؛ شخصيات تختلف أمزجتها وتفكيرها وثقافتها وعاداتها وسماتها ، فهناك شخصيات تخفي في باطنها ما تظهره لمن حولها ، تلك العينات من البشر التي ترافقك وهي غير مؤمنة بنجاحاتك ؛ بل وقد تبغضك احيانا ، و تحاول تعكير صفوك وتحطيم طموحاتك ، و تريد ان تخلق منك إنساناً ليس لك أي قيمة في هذا الوجود ؛ وتحاربك لكي لا تنال ما تحلم به أو ترغب في تحقيقه .... ؛ فالمظاهر خداعة – كما يقولون - فليس كل ما تراه هو الصورة الحقيقية ، فاذا امعنت النظر سترى المخفي وتكتشف الحقيقة وتعرف المستور ... ؛ فبعض الاشخاص باطنها يختلف عن ظاهرها اختلافا جذريا ... ؛ اذ يمتلك البعض عدة وجوه لا يظهرونها كلها الا عند المواقف الحرجة وعندما يشتد الخطب وتتضارب المصالح ... ؛ و لكن مهما حاول البعض اخفاء حقيقته ومعدنه ... ؛ لابد من انكشاف امره ؛ فالوقت كفيل بإظهار الحقائق كلها .
سلّ نفسك مجموعة من الأسئلة المهمة حتى تتمكن من اكتشاف الصديق المزيف، وكيفية التعامل مع صداقته المزيفة .... .
عليك دائما التفكير في حقيقة هذه الصداقة هل توفر لك الراحة أم لا ؟
هل تشعر مع هذا الصديق بأنه يحبك ويهتم بشأنك أم لا ؟
هل يقضي معك الوقت ويقف بجانبك ويملئ عليك حياتك ولا يجعلك تشعر بالوحدة أم لا ؟
وهل تجده معك في الأوقات الصعبة التي تمر بها في حياتك، والتي تحتاج فيها إلى الرفقة والصحبة الصافية أم لا ؟
هل يمدك بالطاقة الايجابية أم يشحنك بالطاقات السلبية ؟
وهل هو رجل ثرثرة واقوال فقط أم صديق مواقف وعهود والتزامات ؟
ومن خلال إجابتك لتلك الأسئلة سوف تستطيع أن تعرف الصديق الحقيقي من الصديق المزيف ... ؛ الذى إذا طالت صلتك به ؛ قد تضيع عليك فرص أرقى وأحسن للتعرف على الصديق الحقيقي الذي قد يملا عليك حياتك ويشعرك بالأمان ؛ وترتاح لصحبته ... .
نعم قد يخطأ الاصدقاء – كما ذكرنا ذلك كثيرا - عندها حاول أن تسامحهم إذا أرادوا فرصة أخرى ، و حاول إصلاح الأمر : إن كان هناك سلوك محدّد يزعجك من صديقك حاول أن تتحدث معه لإصلاح هذا السلوك ، وفي كثير من الحالات يساعدك الحوار مع صديقك على فهم مشاعرك أكثر والتأكّد منها، و محاولة إصلاح الصداقة ترتبط باهتمامك بالعلاقة وتاريخ الصداقة بينكما ؛ و لكن كن حذرًا ... فاذا تكررت الاخطاء مع سبق الاصرار فان هذا يدل على الصداقة المزيفة ... .
وعندما تصادف الاصدقاء المزيفون في العمل او السكن او غيرهما ؛ فمن الأفضل أن تطلعهم على معلومات محدودة عن نفسك ، وتحافظ على مسافة بينك وبينهم قدر الإمكان... واخفي انجازاتك عنهم ولا تكشف لهم سرا ... ؛ و تجنب اللقاءات المباشرة , و تجنب التواصل والدردشة معهم على الشبكات الاجتماعية ايضا ... ؛ فأن صعب عليك الامر فقم بإنهاء العلاقة معهم ... ؛ و لكن الأفضل أن يكون إنهاء الصداقة هادئاً وبطريقة الاختفاء التدريجي وقطع التواصل بالتدريج.
واعمل على تحديد مشاعرك : ففي بعض الحالات قد يكون شعورك تجاه صديق ما مرتبط بك أنت وليس بالصديق ، فعندما تغيّر اهتماماتك وحاجاتك من العلاقة ... ؛ قد يجعلك – هذا التغير - تنظر إلى الصديق بطريقة مختلفة، ولذلك يجب أن تحدّد مشاعرك وتراجع المواقف التي تجعلك تعتقد أنك في صداقة مزيفة قبل اتخاذ قرار ... .
تأثير الصداقة المزيفة
(7)
الصداقة المزيفة تقوم باستنزاف كل شيء بداخلك ، تدمرك عاطفيا ومعنويا ، فالصديق المزيف يتفنن في كيفية تدميرك من جميع جوانب الحياة ، فهو لن يشعر تجاهك بأي مشاعر حب وود صادقة ، فلا يهمه أكثر من أن يهدمك ويخذلك ويدمر حياتك , وعندما تقع ينظر إليك بنظرة الشماتة ؛ وقد يكون ذلك بسبب الغيرة والحقد والحسد الذي بداخله تجاهك او بسبب تكوينه الشخصي وتربيته السيئة ... ؛ فالبعض منا يقع فريسة للأصدقاء المزيفين، مما قد يوجع قلوبهم ويفقدهم الثقة في انفسهم ؛ وفي وجود صداقة حقيقية في المجتمع ... .
وسوف اوجز لكم تأثير الصداقة المزيفة ببعض النقاط ؛ وهذا لا يعني كلها بل بعضا منها :
1- العزلة والوحدة : وجود الصديق المزيف على قائمة الأصدقاء قد يمنعك من التفكير بالبحث عن أصدقاء جدد أكثر صدقاً منه، وقد يجعلك تعتقد أن المشكلة بالصداقة نفسها وليس بالصديق المزيف، فتتجه إلى العزلة وتتجنب علاقات جديدة... ؛ فهذه الصداقة الزائفة قد تؤدي بك إلى عدم الثقة بغيره من الأشخاص ، وتجعلك تكره الصداقة بسبب ما قد تتعرض له مع هذا الصديق الخائن، ؛ ولعل الأشخاص المزيفون هم أكثر من يدفعك للبقاء وحيداً ... ؛ وقد قال أسامة ابن المنقذ فيهم :
لنا صديقٌ يغُرُّ الأصدقَاءَ ... وما رأيتُه قط في ودِّ امرئ صَدَقا
صديقُه أبداً منه على وَجَلٍ ... كراكبِ البحرِ يَخشى دَهرهُ الغَرَقا
2- تجعلك مزيفاً : الصداقة المزيفة تدفعك في معظم الأحوال لاكتساب بعض صفات الشخص المزيف، وتجعلك تسايره في الكذب والخداع والتهرب والمماطلة، وربما تصبح هذه سلوكيات ثابتة لديك ... ؛ وقد قيل قديما : الصاحب ساحب ؛ والمرء على دين خليله .

3- تشعر أن المشكلة عندك : تولد الصداقة المزيفة شعوراً بعدم الاستحقاق أو السذاجة وسوء التقدير والاختيار، وقد يلعب الصديق المزيف دوراً مباشراً بتغذية مشاعر الذنب لديك .
4- تضحيات من طرف واحد واستنزاف مستمر لطاقتك : فمن صفات الصديق المزيف – كما مر سابقا - ؛ أنّك لن تحصل على شيء من هذه الصداقة مهما منحتها ، وبما أن الصديق المزيف متطلب و ( مصلحجي ) ؛ فهو غالباً يدفعك لتقديم المزيد وللتضحية دون مقابل.
5- تجعلك تشعر بالإحباط : فتصرفات الصديق المزيف وسلوكه يقودك غالباً إلى الشعور بالإحباط والمشاعر السلبية المتجددة ، كما تخلق علاقة الصداقة المزيفة شعوراً بالضيق والخيبة متزامناً مع المواقف التي تكشف زيف العلاقة.
6- تسمّم حياتك : بما أن الصديق المزيف يستنزفك عاطفياً ويدمر معنوياتك ويحسدك على ما لديك من نعمة ولا يقف إلى جانبك في وقت النقمة ؛ كل ذلك يعني أنك في علاقة سامّة تجعل حياتك متوترة ومسمومة، وربما تؤثر علاقتك مع الصديق المزيف على علاقاتك الأخرى مع أشخاص جديرين بالصداقة.
7- وفقًا لبعض الدراسات ، يمكن أن يؤدي وجود علاقة مع هؤلاء الأصدقاء المزيفين إلى زيادة ضغط الدم ومعدل ضربات القلب ومستويات القلق... ؛ فهؤلاء من الممكن أن يضروا بصحة الجسد والروح ويزيدوا مستويات التوتر في الجسم ؛ وصدق شاعرنا الكبير المتنبي عندما قال :
وَمِنَ العَداوَةِ ما يَنَالُكَ نَفْعُهُ ... وَمِنَ الصّداقَةِ ما يَضُرّ وَيُؤلِمُ.
8- التصرف علي عكس طبيعتك : اذا وجدت نفسك تتصرف علي عكس طبيعتك؛ في ملابسك أو في طريقة حديثك، فهذا بالتأكيد تأثير الأصدقاء المزيفين ؛ فمن الطبيعي ان تتصرف علي طبيعتك مع أصدقائك وليس العكس .
واخيرا : بما ان الصديق المزيف يستنزف طاقتك ويحبطك ؛ مما يجعلك ترحل عن التجمعات واقامة العلاقات الاجتماعية ... ؛ خذ فترة نقاهة بعد إنهاء الصداقة مع الصديق المزيف ... ؛ فعليك أن تعطي نفسك فترة استراحة للتخلص من المشاعر السلبية للصداقة السامّة ، ويجب أن تعيد النظر في طريقة اختيار الأصدقاء وأسس بناء العلاقات الاجتماعية ، مستفيداً من تجربتك مع الأشخاص المزيفين ... .
.......................................................................................
1-علم نفس التدين (5).. هل يمرض المجتمع نفسيا؟ عمرو أبو خليل / بتصرف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟