الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا مهديا بعد كتاب الله ورسوله. ح1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 3 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ" يوسف 37، من أمن بالله ورسله وكتبه لا يؤمن حتما بمن قال أو روى أو ذكر شيئا ينافي إيمان يوسف من قيل، فلا صاحبا يأتي بغير أمر الله ولا قائما بعد كتاب الله ولا منقذا بعد هدى الله ولا ملة غير ملة الله ورسوله الذي ختم الدين وأكتل النعمة وأتم الرسالة، وكل حديث بعد حديث الإتمام والإكمال مفر وتدليس على الناس وتزيف لكلمة الحق الذي بها هم كافرون، فكفاكم جدلا وكفاكم كذبا وأحتيالا ووعدا لم يتحقق مهما طال الزمن فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف.
نقض الحجج
أولا _ حجج الزمن
1. قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان بن عُيَيْنة: حدثنا عاصم عن زِرٍّ عن عبد الله عن النبي قال: «لا تقوم الساعة حتى يلِيَ رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي».
2. في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على مر العصور أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون).
3. عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آلة يقول على المنبر " إن المهدي من عترتي، من أهل بيتي يخرج في آخر الزمان، ينزل الله له من السماء قطرها، و يخرج له من الأرض بذرها، فيملأ الأرض عدلاً و قسطاً، كما ملأها القوم ظلماً وجوراً".
في الروايات الثلاث التي يرويها المسلمون من كل الطوائف والمذاهب هناك نقطة جديرة في الأهتمام لم يحسب لها حساب عقلي ولا منطقي ولا حتى ديني، هذه النقطة تتعلق بمفهوم "أخر الزمان"، عندما تحدثني عن موعد سيتحقق فيه أمرا محتما فلا بد أن يكون الموعد ثابت وممكن وواقعي حتى يكون الوعد به ممكنا ومنطقيا ولازما، في " أخر الزمان" أولا هذا الموعد وهمي وغير عملي ولا علمي بمعنى أن الزمن له بداية فلا بد أن تكون له نهاية، وفق المفهوم العلمي لا بداية للزمن ولا نهاية له محددة له، لأن وجود الزمن مرتبط بوجود المادة أولا، ففناء المادة هو فناء وتلاشي مفهوم الزمن، فعندما نفقد المادة يكون موعد أخر الزمان، بمعنى أننا كبشر جزء من الوجود المادي يشترط لتحقق هذا المفهوم أن لا نكون موجودين أصلا، فما الفائدة ولمن سيكون طهوره إن كان وجوده معدوما أصلا.
في المفهوم الديني المتسق مع نسقية مفهوم الزمن في القرآن الكريم أن الزمن ماضي بدون توقف إلى أجل محتم ينتهي بفناء الوجود، ينتهي من حيث بدأ أول مره (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) الأنبياء (104)، فعندما بدأ لم يكن الإنسان موجودا وعليه فعند نهاية الخلق "الوجود" لا يمكن أن يكون الإنسان موجود (ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم) الكهف 51، فمن لم يشهد خلق أنفسهم والوجود في أول مرة لا يمكن أن يشهد أخر الخلق والوجود "أخر الزمن"، فكيف لله أن يعدنا كما يزعم المبطلون أن وعده متعلق بموعد لا يصح ولا يمكن أن يكون ولو أحتمالا، فمن صدق الوعد يؤمن بأن كلام الله أو بعضه عبث وباطل، وأن الله لا يعلم بما يتكلم أو يريد بنا أن نكون على أنتظار وعد كاذب.
إذا مفهوم أخر الزمان مفهوم عائم لا سيما إذا جرى إطلاقة بالصورة التي ترد في الأحاديث، نحن نعلم أن لكل مفهوم في المعرفة دلالات منها اللغوية الصارمة، ومنها المستعملة بشكل عام دون القصد من تحديدها بما في اللغة من حد، فقد يكون معنى أخر الزمان هو نهاية الجنس البشري ولا يقصد به نهاية الزمن الفيزيائي، خاصة مع ورود تحديد مقارب لهذا المعنى في حديث (لو لم يبق من الدنيا الا يوماً واحداً لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي)، مع التساهل في فحص الحديث سندا ومتنا وتوافقا مع النص الديني، أقول فقد يكون هذا التحديد هو المقصود في الروايات التي تتحدث عن أخر الزمان، من هنا فلا بد أن يبدا مفهوم الزمن مرتبطا بواقع وجود البشر على الكرة الأرضية تحديدا، أي عندما يبدأ التعداد البشري بالتناقص بشكل غير قابل للتوقف أو المعالجة، مما يؤشر إلى أنقراض الجنس البشر من الوجود كنهاية حتمية قادة، هنا يكون وجود المهدي ليس حلا ولا هو معالجة إلهية لمسألة الفناء البشري، بقدر ما هو تذكير للمتبقين أن التدخل الإلهي لم يعد نافعا لهم، والدليل أن الروايات التي تتحدث عن تلك الفترة أن المهدي يحكم سبع أو تسع سنين ثم تحدث الفوضى المدمرة.
ثانيا _ حجج الإصلاح
1. الحجج الفرعية.
2. الحجج الكلية.
ونبدأ بالحجج الفرعية التي يروج لها الفكر الشيعي تحديدا لنظهر مدى ضحالة الحجج وتهافتها عن خط الدين وأمر الله، ومنها ما ورد مثلا في رواية كاذبة جملة وتفصيلا ما زال الكثيرون مؤمنون بها من باب تعظيم الرمز العلوي فيها (بأسناده عن عاصم بن حميد عن ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر (ع) قال : قال رسول الله (ص واله) لأمير المؤمنين (ع) (يا علي ان قريشاً ستظهر عليك – الى ان يقول – واعلم ان ابني (ينتقم) من ظالميك وظالمي اولادك وشيعتك في الدنيا ويعذبهم الله في الاخرة عذاباً شديداً )، فمهمة المهدي هنا لا تتعدى كلب الثأر الذي يمثل العدل المطلق أمام الظلم المطلق المتمثل بأغتصاب الخلافة من علي، هذا المنطق الطفولي ليس فقط يمثل ضحالة فكرية تعتمد الكذب والتدليس والتحريف، بل أيضا تصغيرا لأمر الله وتسفيها لأمر الدين، من خلال أستضغار كليات الإصلاح والإرشاد وأختزالها بقضية سياسية تحدث كل يوم في المجتمعات الشرية، وحتى داخل النخب النبوية والرسالية وكأنها قانون عام منها ما جرى في بيت يعقوب ع وما جرى ليوسف وأخوته من قبل، حتى في موضوع قرابين أبناء آدم نجد القضية متكررة ومتطابقة في التفاصيل مقدمات ونتائج، وهي جوهر وقيمة الدين في حل واقع البشر المبني على الصراع الوجودي من أول لحظة الخلق وحتى فناء وجوده في الوجود، فقضية خلاف علي مع الناس لا تشكل قضية دينية محورية تستوجب أن يبعث الله لها مهديا ليصلح الأمر إن نجح في سبع أو تسع سنين، لكنه في النهاية سيفشل، لأن ما بعد حكمه تعود البشرية لطبيعتها المعتادة، فظهوره ليس إصلاحيا بمعنى أصلاح دائم ونهائي وإنما إصلاح بالقوة خلاف الطبع البشري ينتهي مع رفع سيف القوة عن الرقاب، إذا ما قيمة هذا الإصلاح مقايل زمن لا نعرف مقداره من ظلم دائم ودماء مهدورة وأعراض مستباحة.
ومن الحجج الفرعية هو حلم المال الوفير والرخاء المتمثل بإخراج ثروات الأرض بدون حساب ولا جهد ولا علم، هذا الحلم لا يبني مجتمعا عاملا ولا نافعا بقدر ما يؤسس لمبدأ الريعية ليكون الإنسان عالة على الطبيعة، يستنزفها ولا ينمي فيها ولا يستعمرها كما أراد الله، وأستنزاف خيرات الأرض أمرا يمثل شكلا من أشكال الفساد في الأرض عندما لا نبني بقدر ما نشعر بالرخاء الذي سيفقد قيمته بوجود المال، مع عدم القدرة على أستثماره، هذا الهدف أو الحجة ما ورد عن النبي (ص) قال ( تخرج له الارض افلاذ اكبادها ويحثوا المال ولا يعده عداً)، وقال رسول الله (ص) أبضا (يكون في اخر الزمان خليفة يقسم المال ويعده وفي رواية يكون في اخر امتي خليفة يحثو المال حثياً ولا يعده عداً)، هذا التصوير الخيالي يخالف المنطق الديني ويعارض الطبيعة البشرية وينتهك فواعد الوجود، وبالتالي فهذه الحجة لا يمكن عدها سببا ولو جزئيا كافيا ومبررا ليكون الله والإنسان على موعد هلامي مع مصلح اسمه ومخرب بفعله، يفسد الأرض ولا يصبحا كما يريد أو نفهم ونتعقل من أمر الله وإرادته للوجود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال


.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟




.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى


.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت




.. 143-An-Nisa