الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوابط -السوبر ماركت-.. قانون الإعلام الموحد نموذجًا (1)

محمد البسفي

2023 / 3 / 22
المجتمع المدني


قصة مقال "مهجور":
في 16 آيار/مايو 2016، أعلنت الحكومة المصرية "موافقتها" على مشروع قانون الإعلام الموحد، المقدم إليها من "الهيئات" الصحافية والإعلامية - مثل المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحافيين العامة - لتُحيّله الحكومة إلى البرلمان لدراسته والموافقة عليه والذي أحاله بدوره إلى مجلس الدولة لمراجعته.
ومنذ هذه اللحظة؛ عّكفت على قراءة ودرس مشروع هذا القانون، والذي لم يستغرق منيّ وقتًا كبيرًا نظرًا لتكرار نصوصه وروحه وأهدافه بنصوص اللائحة التنفيذية وقانون نقابة الصحافيين السابقيّن، إلا أنني قد خرجت بعدة نقاط حاولت فيها رصد أو كشف مسّالب وشرك قانون "الإعلام الموحد"، وانتظرت مشاهدًا تتابع الأحداث التي يعج بها "المجتمع الصحافي المصري".. وفجأة فقدت حماسّي للنشر !
فعندما يٌصّر رئيس الجمهورية - منذ شغله لمنصب وزير الدفاع - على عدم ترك أي فرصة أو مناسبة سانحة إلا ويؤكد على حتمية "وحداوية" اتجاه الخطاب الإعلامي - الموحد بالفعل في مضمونه منذ عقود مع تنويعاته المظهرية التي تُصّبغه بلطشات ديمقراطية أمام الغرب - ونجد كافة وسائل الإعلام بمختلف أشكالها تعزف مقطوعة رقيعة حول "القوة الناعمة".. فيجب أن يفُتّر الحماس !
وعندما ترى نقابة الصحافيين - بما تُشّيعه حولها في تكرارٍ ممل بأنها "قلعة" الحريات - تهرول مقدمة أسمى آيات الشكر والتبجيل للحكومة على موافقتها على مسّودة هذا القانون (الإعلام الموحد) والذي وضعته بنفسها، وتُقدمه إلى الرأي العام باعتباره من أفضل الوثائق القانونية التي تحفظ حرية الصحافي وكذا حقه في الحصول على المعلومات، لا لشيء إلا لأن نصوصه لم تتضمن كلمة "سجن" كعقوبة لصحافي على ما يكتب، متجاهله فرضه لمبالغ طائلة كغرامة على المحرر الفرد والمؤسسة الصحافية دون النظر إلى ملائتهما المالية وإمكانية دفعهما لها، وكذلك كل هذه الترسانة التشريعية والقانونية الأخرى التي تُبّيح سجن وقتل المحرر الصحافي، مثل قانوني التظاهر والإرهاب كمثال ليس للحصّر، ولا يُحصّن هذا القانون العاملين بالمهنة من براثنها، ولكن يتم التصدير "المغلوط" وكأن الحرية "منّة" يجب الشكر عليها "لأصحاب الفضل".. فيجب أيضًا أن يفُتّر الحماس !
وحينما تصطدم بواقع "مجتمع" صحافي، بكافة هيئاته ومؤسساته وعمومياته، يفتخر ليل نهار بأنه يتبع "مؤسسات الدولة" في ذيلية فجة ويعمل ويُشّرع ويتحرك تحت "عباءة" الحكومة، مدمرًا كافة وأبسّط القواعد النقابية والاستقلالية - المتعارف عليها عالميًا - ويزدريها تمامًا، ويمتليء انتفاخًا زائفًا أقرب إلى "الورم" بأنه يُمارّس "السلطة الرابعة"، وهو في نفس اللحظة التي يُدمر فيها أقل الضوابط والمُسّلمات الحرفية والمهنية لوأد "الحقيقة" حسّب اتجاه بوصلة "النظام الحاكم".. حينها يجب أن يفُتّر الحماس.
وأخيرًا.. عندما أجد أننيّ قد استغرقتني كل هذه المشاكل و"الأورام" - منذ سنوات 2007 وما بعدها -، عملٍ وحركة، في محاولة لاستئصّالها وحلها، بداية من ترسّيخ مبدأ استقلالية المهنة وحتى قضية حتمية التعددية النقابية، وعندما أعيتنّي الحيل - وأيضًا حقيقة عدم تثوير كيان داخل منظومة مسّتعبدة - لجأت للكتابة محذرًا من مخاطر تمادي الصحافة كمهنة وممتهنيّن في الانزلاق نحو التبعية الذيلية لـ"حجري الرحى": الدولة بكافة سلطاتها، ورأس المال المتمثل في مستثمري الإعلام/الصحافة، تلك "الرحى" التي نجحت في إدخال المهنة كسّلعة في مجتمعهم "السوبر ماركت".. فحينما اقرأ مئات الصفحات وكل تلك الأطنان من الكلمات التي سّودتها، وقد يسّبقها بالطبع آلاف غيرها وخيرها من أساتذة وزملاء، ولا أجد نتيجة سوى حصد أرقام بالمئات لزملاء بين مسجونٍ أو مقتول أو مختفي قسّريًا، فضلاً عن آلاف أيضًا مفصولين أو متعطليّن.. هنا يجب أن يستمر الفتور.
ولكن.. برغم كل ذلك، عزمت أخيرًا على نشر تلك الملاحظات حول مشروع "قانون الإعلام الموحد"، في سلسلة مقالات تُعنّى بالشرح والتوضيح والتحليل، بهدف فتح "حوار" ونقاش حول نصوصه، نشرف كأسرة تحرير موقع (مصرنا اليوم)، بعرضه عبر إسهامات الزملاء والكتاب والمهتمين بالشأن الإعلامي/الصحافي المصري.
ملاحظات خاصة حول مسّودة "قانون الإعلام الموحد":
أولاً: حرصت مسّودة القانون، في المادة الثانية على تسّمية القوانين المُلغّاة بنص هذا القانون، وهي: القانون رقم 96 لسنة 1996 الخاص بتنظيم الصحافة والقانون رقم 13 لسنة 1979 الخاص باتحاد الإذاعة والتليفزيون والقانون رقم 20 لسنة 1936.. وأبقى المشروع على القانون رقم 76 لسنة 1970 الخاص بإنشاء نقابة الصحافيين، (كما أشار بذلك أيضًا الأستاذ صلاح عيسى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة)، بجميع تناقضاته مع الواقع الصحافي الحالي بشكلٍ عام، ولكن حرص القانون الجديد على تفريغ قانون 76 من جانبه الإيجابي الوحيد فيما يتعلق بتسّيير شروط عضوية النقابة، وذلك حينما عيّن "الصحافي" بأنه عضو نقابة الصحافيين فقط !
ثانيًا: مادة 1 باب أحكام عامة، عّرفت المطبوعات بأنها "كل الكتابات أو الرسوم أو القطع الموسيقية أو الصور الشمسية أو غير ذلك... فأصبحت بذلك قابلة للتداول". مما يُمهّد لإدخال جميع الأعمال الابتكارية والمبادرات الفنية الفردية تحت طائلته حتى ولو كانت غير مؤسسية !
وتشمل تلك المادة أيضًا: "كل بثّ إذاعي أو تليفزيوني أو رقمي يصل إلى الجمهور، أو فئات معينة منه... بواسطة أي وسيلة من الوسائل السّلكية أو اللاسّلكية الحالية أو المسّتحدثة، وغيرها من التقنيات الحديثة....".
ثالثًا: حددت نفس المادة "المؤسسات الصحافية القومية" بأنها كل مؤسسة تملكها الدولة "ملكية خاصة، وتُمارّس حقوق الملكية عليها الهيئة الوطنية للصحافة"، وكذلك عّرفت "الوسائل الإعلامية العامة" بأنها القنوات أو الشركات "التي تملكها الدولة ملكية خاصة أو تلك الأغلبية بها"، والمُلاحّظ في "صياغة المادة" بأنها لم تُسّمها "ملكية عامة" مثلاً، وهذا ما يُرجّح في رآينا نية المشّرع فتح ثغرات تشريعية لخصّخصة تلك المؤسسات الإعلامية والصحافية مسّبقًا.
وتقع إشارة القانون إلى "التعاونيات" تحت هذه الملاحظة بأنها وضّعت بغرض التمهيد للخصخصة فقط، خاصة وأن قانون تنظيم الصحافة 76 لسنة 1970 يحظر ضم الصحافيين من تنظيمات تعاونية لنقابة الصحافيين.
رابعًا: أجازت المادة 3 باب حرية الصحافة والإعلام، فرض الرقابة المحدّدة على العملية الصحافية/الإعلامية في زمن الحرب، رغم وجود أحكام وقوانين خاصة بحالة الحرب العسكرية والتعبئة العامة تلغي وتُعطل جميع القوانين العادية في حالة السّلم !
كما نصت المادة 4 من نفس الباب، على عبارات مطاطية وشديدة الشمولية مثل "الأمن القومي" و"تكدير السّلم العام" و"... التي تحض على التمييز والعنف والعنصرية والكراهية والتعصب"، مما أفقد مواد حرية الصحافة معناها وجعلها مجرد "لافتة إنشائية".
خامسًا: نصت المادة 5 على "الصحافيون والإعلاميون مستقلون لا سلطان عليهم في أداء عملهم لغير القانون"، في حين أن القانون الصادر مثل جميع القوانين السابقة تُصدرها السلطات الثلاث للدولة مما ينفي مبدأ الاستقلالية من أساسه !
كما حظرت المادة 8 أي قيود تعوق الحصول على المعلومات، واستثنّت تلك المعلومات التي تخل بمقتضايات "الأمن القومي" و"الدفاع عن الوطن"، أيضًا عبارات واسعة غير محددة "المعنى الواضح" وتحتمل الكثير من التأويلات.
ساسًا: أجازت المادة 11، حق الصحافي العامل بمؤسسة إعلامية فسّخ تعاقده معها بإرادة منفردة في حالة تغيّر السياسة التحريرية المتفق عليها، فهل تُبيّح هذه المادة عكس الوضع بفصل الصحافي في حالة مخالفته السياسة التحريرية ؟!!
سابعًا: تُمهد المادة 14، الناصة على "إنشاء صندوق للتأمين ضد البطالة والعجز"، بإلغاء المنحة المالية الحكومية المعروفة "ببدل التكنولوجيا" - العبء المزمن على الخزانة العامة - خاصة أن المادة حددت قواعد الاشتراك في هذا الصندوق بلائحة تنفيذية تضعها النقابة.
ثامنًا: حظرت المادة 25، على الصحافي قبول التبرعات والإعانات أو مزايا خاصة بسبب عمله من أشخاص أو جهات أجنبية أو محلية، وألزمت الصحافي رد قيمة التبرعات إلى المؤسسة الصحافية أو الإعلامية رغم تأديبه أمام النقابة.
كذلك المادة 27، الخاصة بالإعلانات !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا