الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيها الكبارُ … لن أحتفل ب عيد الأم

فاطمة ناعوت

2023 / 3 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




أيها السَّادَة ُ الكِبارُ/ في "عيد الأم" أقولُ لكم: لن أحتفلَ به معكم/ فلا تنتظروا أن أجلبَ الهدايا كما بقية أطفال العالم/ فأنا بعيدٌ عن حضن أمي./ أيها الكبارُ/ الحقَّ أقولُ لكم/ إنني لا أعرفُ سوى هاتين العينين/ اللتين تبكيانِ الآن غيَبتي/ بعدما كانتا تُشرقانِ بالفرْحِ/ كلّما ركضتُ نحوهما/ عينا أمي/ وإنني لستُ أعرفُ غير هاتين الكفّين/ اللتين أمسكتا بكفيّ/ وأنا نحو الحياةِ أخطو/ خُطوتي الأولى/ لئلا أسقطَ/ كفّا أبي.
***
الحقَّ أقولُ لكم/ إن لم تعودوا كالأطفال/ لن تعرفوا ماذا أقول/ أنا الطفلُ الصامتُ/ ولا تحسَبوا صَمتي قَبولاً/ ولا فهمًا لما تصنعون في عالمِكم أيها الكبارُ/ بل هو صمتُ الحيارى/ حين يُدهشُ الأطفالُ من تصاريفِ الزمان/ تلك التي تُحوّلُ الحرمانَ دِفئًا/ لحظةَ الميلاد/ وذات ليلٍ حالكٍ/ يُنتزعُ الرجاءُ/ فيستحيلُ الدفءُ صقيعًا جارحًا وحرمانا/ لأن حفنة َمالٍ/ أبرقتْ في عيون الطامعين.
***
انظروا من كُوَّةِ الزمان/ نحو الأمسِ الذي كانَ/ يومَ قذفتْ بي الحياةُ إليكم/ وحيدًا متروكًا ومنسيًّا/ هذا جسدي النحيلُ/ مُضمَّخًا كان بدمِ المخاض/ مُدثرًا في لُفافاتِ المَشيمة/ مُلقًى على البلاطِ البارد/ في ركنٍ ناءٍ/ عن صحنِ المذبح/ أصرخُ/ عطشًا وبردًا وغُربةً ويُتمًا/ حتى أشفقت لحالي أجراسُ الكنائس/ فتعالى رنينُها بكاءً نازِفًا/ أيقظَ النيامَ/ وعند لحظة الاحتضار/ التقطتني يدُ راهبٍ/ واختلطت دموعُه بدموعي./ ثم جاء ملاكٌ ببشارةِ قيامتي./ أخبر الملاكُ الراهبَ عن حالِ أمٍّ لم تلد/ وأبٍ لم يذُق طعمَ الوليد/ قال الملاكُ: شِنٌّ وافقَ طبقَه./
أيها الراهبُ/ اطرقِ البابَ عليهما/ وقل لهما: هذا الطفلُ عطيةُ الرحمنِ لكما/ اِمنحاه الحُبَّ/ وكونا له أبًا وأمًّا/ فكانا لي أُمًّا وأبًا.
***
هذه أمي/ قالت لأبي: قُرَّة عينٍ لي ولك/ أرضعتني من قلبها حليبَ الشغف/وهذا أبي/ قال لأمي: عسى أن نتّخذه ولدًا/ وصنع من ظهرِه صخرةً عليها أتكئ./ أيها السادةُ الكرامُ أقول لكم/ دون ظلِِّ أمي/ قلبي يجفُّ جدبًا/ ودون ظِلِّ أبي/ ظهري ينكسر.
***
كلمتي الأولى/ كانت تردادًا لصوت تلك الباكية/ التي لا أعرفُ أمًّا سواها/ خُطوتي الأولى/ كانت فوق بُساط قلب ذاك الباكي/ الذي لم أر أبًا إلاهُ.
***
أيها الكبارُ/ الذين تسنّون قوانينَ الميلاد والأنساب والانتساب/ أيها الأجلاءُ الذين تنزعون الأسماءَ/ من أوراقنا/ وتغرسون غيرها/ فأصيرُ يوسفَ أو أحمدَ أو شنودةَ أو رجاءَ/ أو المنسيَّ/ فجميعُ الأسماءِ تشابهت/ أمامَ ربِّ العالمين./ أيها الكبارُ الذين تصكّون الأحكامَ/ وتُمهرون مصيري بإمضائكم/ تمهّلوا وأنصِتوا إلى نحيبِ قلبي الخائف/ الذي بعدُ لا يعرفُ ميزانَ عدالتِكم/ ولا يفهمُ شيئًا/ في حساباتكِم المعقدة/ أمهلوني بضعَ سنينَ/ حتى أنسجَ من خيوط اليُتم/ مناديلَ بيضاءَ/ تحضنُ دموعَ أمّي وأبي/ ثم أمهلوني ساعةً/ حتى تعتادَ عيناي على العتمة التي/ سوف أعيشُ في ظلالها/ حين أتركُ حِضنَ أمي/ إلى حيث لا حِضنَ/ وأغادرُ كتفَ أبي/ إلى حيثُ أرضٍ/ لا ترحِّبُ باليتامى والغرباء./ انتظروني عند قارعةِ الطريق
ريثما ألملمُ لُعبي/ وكراساتي/ وقطعَ الصلصالِ الملون/ لألقي بها في النهر/ فلم أعد أرغبُ فيها/ وحين تلتقي عيناي بعيونكم/ لا تشخَصوا طويلا في ضعفي/ بل أوقفوا صريرَ الإنذار
وأبواقَ الوعيد/ تلك التي تزأرُ أمام باب البيت/ الذي ما عاد بيتي/ فأنتم تُخيفونني بصخبِ عالمكم/ وتُفزعونني بقرعِ مطارقكم/ على طاولاتِ تقرير المصير./ أحتاجُ وحسبُ/ إلى شيءٍ من الصمت/ ريثما أتأهبُ للذهاب معكم/ إلى حيث تريدون/ مكتوبٌ/ أن أعودَ من جديدٍ/ من حيثُ أتيتُ/ إلى حيثُ نذرتني الحياةُ/ إلى البلاطِ الباردِ/ والعيونِ الخاوية/ والغدِ المجهول.

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نداء الطفل شنوده لكل ذي ضمير حي-اعيدوني لحضم والدي
الدكتور صادق الكحلاوي- ( 2023 / 3 / 22 - 17:31 )
شكرا جزيلا استاذه فاطمه على هذا النص الرائع الانساني المؤلم المفرح عسى ان تلين قلوب من بيدهم حقا او باطلا مضائر الانسان والناس في مصر الطيبه-ياحكومه اعيدوا شنوده لوالديه بعيدا عما يفرق بين البشر نحن في القرن ال21 وليس في عصر البداوة المتوحشه-تحياتي


2 - استاذة فاطمة
سيد مدبولي ( 2023 / 3 / 22 - 21:14 )
الشاعرة استاذة فاطمة انت اكثر من رائعة.
تحياتي


3 - لماذا شنودة
طلال بغدادي ( 2023 / 3 / 22 - 23:57 )
ملايين الاطفال في مصر يعيشون في ظروف غير ادمية وبينهم ملايين محرومين من حنان الوالدين !!


4 - البداوة نزعت الرحمة
سيد مدبولي ( 2023 / 3 / 23 - 13:14 )
البداوة نزعت الرحمة
مولانا انتفض وقال بلاش حج انا علماني بلاش حج نخليها مولانا.
اعتقد ان انتزاع طفل عمره اربع سنوات من ابويه (من احتضناه رضيعأ وتربي بينهم) لوضعه داخل مؤسسة للمجرمين وتغير اسمه ومنع اهله من رؤيته ان لم يكن هذا كافى للاجابة على سؤال لماذا شنودة ؟ فاعرض نفسك على طبيب نفساني قبل لصق تعليقك على الفيسبوك و على صفحات كل من تناول الموضوع فى الحوار المتمدن.


5 - سيد مدبولي
طلال بغدادي ( 2023 / 3 / 23 - 15:01 )
مرة حاج ومرة مولانا و مرة بداوة!!!

ماحاجتك لالصاق الالقاب في محاولة لانتقاص أو تشويه المختلف عنك قبل كتابة رأيك؟

أكتب رأيك بثقة في ما تفكر به واترك للقارئ ان يقرر


6 - ليدى فاطمة ناعوت تتحدث بلسان الطفل شنودة
Magdi ( 2023 / 3 / 28 - 15:58 )
فى أمكان حضرتك قراءة هذا المقال ولكن هل سمعت أ فاطمة تقول أنها مسلمة صوفية وتتحدث بأسم الطفل شنودة ?
لايفوتكم الرابط التالى :
https://www.youtube.com/watch?v=Gks7L9Qyasg
----
ملخص الجلسة التى اشترك فيها المستشار أحمد عبدو ماهر :
1-ممكن زيارة المسجون فى السجن ولكن غير مسموح للأم بزيارة أبنها أوحتى الكلام معه عن بعد.
2- عفى الرئيس السيسى عن قتله. اليس فى أمكانه اطلاق سراح طفل ( كحفيده ) لم يرتكب أى ذنب.?
3- القضية ليست دينية وأنما أنسانية .مصلحة الطفل فوق كل أعتبار.
4- رجوع الطفل لأسرته يفرضه القانون الدستورى +الأتفاقيات الدولية +القرآن والأنجيل.
5- فى الصباح قالت المحكمة : الطفل سوف يرجع لأهله وفى المساء حكمت بعدم الأختصاص! فوصفها أحمد عبدو ماهر بعدم الصلاحية.
تحياتى .مجدى سامى زكى
Magdi Sami Zaki

اخر الافلام

.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية


.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا




.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله