الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة والثبات عند هيرقليط

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2023 / 3 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٥٥ - الثبات والحركة عند هيراقليطس
نحن مدينون لهرقليطس بالصيغة المركزة في الجزء أو الشذرة 50 - مما تبقى من كتاباته، التي يحدد فيها "اللوغوس" بأنه "hèn panta - One - All"، أو بأنه "الواحد - الكل". ولا ينبغي تصور هذا "الكل الواحد" كنتيجة لوحدة تتكون بواسطة تجميع المتعددات عن طريق الإلتصاق أو الاقتران أو الإنصهار، ولكن كـ "وحدة منسقة" تشكل "البعد" الذي ستظهر فيه كل الأشياء "مع متناقضاتها أو أضدادها" في ضوءها الخاص. وفي نفس الوقت يجب النظر إلى اللوغوس باعتباره هذا "الكل - واحد" من ناحية الانتماء المتبادل بين الكينونة والإنسان. بين هذه المتناقضات مثل الليل والنهار، والحرب والسلام، والمجاعة والوفرة، الحب والكراهية .. ، إذا كان هناك صراع أو حرب أو جدال Πολεμος - Polemos، فإنه ليس هناك قطيعة أو إنفصال، ولكن هذا "الانتماء المشترك"، كما أنه لا يوجد تتابع زمني في تصور هيراقليطس للأضداد، فهي دائمًا معًا وفي نفس الوقت وهم وحدة مركبة - الليل يحتاج إلى النهار ليكون على ما هو عليه، والحرارة تحتاج للبرودة إلخ.
من المهم أن نلاحظ أنه بالنسبة إلى هايدجر، لا يجب السعي وراء هذه الوحدة على المستوى الديالكتيكي على غرار الديالكتيك الهيغلي، فالوحدة أصيلة وأساسية في بُعد الانتماء المشترك ضمن فكرة اللوغوس التي تشكل بالتحديد النموذج المخفي ἀρχή، أو المبدأ الأصلي. إنه أيضًا من خلال الصورة المجازية وإستعارة فكرة "البرق" الذي يضيء في لحظة خاطفة، بأشعته، المشهد الكامل للكائنات كما في الكهف الأفلاطوني، وليس من خلال اللجوء إلى الصورة المبهرة للشمس التي تكشف ضوئها ببطء وتدريجيا طوال اليوم، من خلال هذه الإضاءة الخاطفة يدرك هيراقليطس وحدة الكل، Τα Πάντα.
على الرغم من صراع "الأعداء" هذا أو ربما بفضله، يمكن اعتبار اللوغوس الهيراقليطي بمثابة تجمع مستقر وثابت، ومن هنا جاءت عند الإغريق القدماء فكرة الهوية الواحدة بين مفهومي "الوغوس" و "الفوسيس" لذلك، كان على هايدجر أن يحدد مصيرًا نهائيًا للتفسير التقليدي للجملة الهيراقليطية الشهيرة Ta Panta Rei - Τα Πάντα ῥεῖ والتي تترجم تقليديًا على أنها "كل شيء يتدفق أو يسيل". يُعرف هرقليطس، كما سبق أن وضّحنا، بغموضه وقد نعته أرسطو بهيراقليطس المظلم أو المعتم، وكذلك بمعارضته الشديدة لبارمينيدس، أحدهما هو فيلسوف الحركة المطلقة، Τα Πάντα ῥεῖ، "كل شيء يتدفق " لا يستحم المرء في نفس النهر مرتين"، والآخر، بارمينيدس يدعو لفكرة الثبات الجذري والمطلق للأشياء. ولكن هايدغر يرى أنه يوجد أيضًا عند هيراقليطس، حسب تحليله، نوع من "الدوام"، وهو ديمومة التدبير والعدالة ديكي - Δίκη، دون الذهاب إلى حد الحديث عن الانسجام الكوني كما يعتقد البعض، ذلك أنه في هذا "الصراع" المستمر بين المد والجزر "يتم الحفاظ على وحدة الـ phusis، داخل المتناقضات، الليل والنهار، السلام والحرب، الوفرة والندرة، والقانون الذي يسمح بإنضمام الأضداد وتلاحمها، هذا هو" اللوغوس - λόγος".
هذه الحركة العامة المؤطرة ضمن حدود وقوانين صارمة تجعل الفلسوف الفرنسي صديق هايدغر والداعي لفلسفته في فرنسا، جان بوفريه Jean Beaufret، يقول أنه "لا شيء أكثر غرابة لروح هيراقليطس من العقيدة المزعومة للحركة الدائمة والسيلان المستمر العالمية المنقولة إلينا بواسطة التقاليد، والتي نضعها بشكل سطحي مقابل الثبات والجمود البارمينيدي"

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا تلغي حفل التخرج الرئيسي جراء الاحتجاجات المؤي


.. بالمسيرات وصواريخ الكاتيوشا.. حزب الله يعلن تنفيذ هجمات على




.. أسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً من مسيّراته خلال ح


.. أردوغان: سعداء لأن حركة حماس وافقت على وقف إطلاق النار وعلى




.. مشاهد من زاوية أخرى تظهر اقتحام دبابات للجيش الإسرائيلي معبر