الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعاظ والمثقفون وسياسة الإلهاء

عزالدين عفوس

2023 / 3 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعضهم يلقي باللائمة على الوعاظ وال"الفُقْها"، أنهم لا يتجاوزون في مواعظهم وخطبهم ومحاضراتهم الحديث عن مبطلات الوضوء والحيض والنفاس، ولا ينغمسون في النقاشات المجتمعية الدائرة في الساحة كالفساد والغلاء وغيرها من الظواهر التي تنخر مجتمعنا.

لكنهم ينسون أن المهمة الموكلة للواعظ (الفْقيه، الشيخ، الخطيب...) في الدولة الحديثة، سواء أ كان رسميا أم شبه رسمي (بمعنى أنه مرضي عليه من لدن السلطات) هي مهمة إقناع الناس أن سبب تلك المشاكل والظواهر الاجتماعية، هم الناس أنفسهم! بسبب فساد أخلاقهم أو طباعهم أو قلة تدينهم وتقواهم...
وليست بسبب النظام الفكري والاقتصادي والاجتماعي والسياسي القائم الذي تتبناه الدولة.

هذه المهمة يتقاسمها مع الوعاظ أغلب المثقفين والمفكرين والصحفيين، إذ أنهم هم الآخرون يحاولون -بطرقهم- إقناع الناس أن سبب مشاكلهم يكمن فيهم! في ثقافتهم في نمط تدينهم في طريقة لباسهم، في طقوسهم، في عاداتهم وتقاليدهم...

ثم تكون معركة جانبية بين هؤلاء وأولئك، غرضها الإلهاء وتفريغ الطاقات هدرا، فيتبادلان كيل التهم لبعضهما: يقول الفريق الأول أن المثقفين والصحفيين والمفكرين يعيشون حالة اغتراب عن مجتمعهم، ويعيشون في أبراج بعيدة منه، ولا يفكرون في إيجاد واقتراح حلول واقعية لمجتمعهم، بل ويهاجمونه بشكل مستمر.

ويقول الفريق الثاني، إن الوعاظ و"الفُقْها" يعيشون في كهوفهم القديمة، ولا يكلفون أنفسهم عناء الانفتاح على مشاكل مجتمعاتهم، ولا تغيير مواعظهم وخطبهم لتلامس هموم الناس.

في الدولة الحديثة، تخلف الأنظمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية... ضحايا كثُرا، وكوارث على مستوى الأفراد والمجتمعات، لذلك أوجدت هذه الدول الوعاظ والخطباء والمثقفين والساسة والإعلاميين والمساعدين الاجتماعيين والنفسيين وغيرهم، لاقناع الناس أن سبب مشاكلهم يكمن فيهم، وليس في الأنظمة إياها، وبالتالي ليس عليهم سوى الرجوع إلى ذواتهم ولومها أو تهذيبها لتكييفها مع ما تريده تلك الأنظمة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah