الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهقة مكان

مالكة حبرشيد

2023 / 3 / 23
الادب والفن


ها قد جمعت حقائبي ، وضعتها عند العتبة ، التي مالت حين سمعت تنهداتي ..حين عرفت أني لن أكون هنا
بعد اليوم ، سوى ماض..سوى شهقة مكان.
ها هي الأشياء ، تتعلق بتلابيب حزني ...كلما اقتربت من الباب ، ابتعد أكثر ....صارت المسافة بيني وبين المجهول الذي ينتظرني،أطول من المسافة بين الأرض والسماء.أينك يا من كنت حبيبي ،أين كلماتك ووعودك ؟ مازالت شجرة الصفصاف تحفظ حواراتنا وأحلامنا الطفولية، التي عمرناها ذات وهم ، في الأعشاش العالية.كم حضنت وجهي ، وحدقت في ملامحي ، وأنت تقول: أنت فرسي البرية ، التي ترفض القيود ؛ مهما كانت ذهبية،فلنتمرد على كل شيء:
التقاليد ، والأعراف ، والقوانين والضوابط.
كيف ألملمني اليوم ، وقد بعتني أجزاء في المزاد العلني ؟ فتحت كل الأبواب للريح ، تضرب قلاع الروح ،
تقتلع جذور البيت الدافيء ، الذي بنينا معا ، من عصارة الصبر والتعب ؟ كيف طاوعتك نفسك ، واستبدلت جلدك ، من أجل عيون صادفتها،على رصيف الضياع ، حين كنت عائدا إلى عشك المعتاد؟ وفجأة ..ضاع منك الطريق....حتى شاربك الذي علاه الشيب ، تنكر لي.
كيف ألملمني ، وكل الأشياء هنا مني وإلي ؟
أعلم أن أول خطأ كان مني ، حين غذيت الطفل فيك،
من دمي ، فتكبر وتجبر ، وداسني كي يرضي غرور
الذكر فيه ... داسني بكل قسوة ، ولم يسمع صرختي العالية ، التي اخترقت الأفق ، وهي تستنجد بكل ما كان ....كيف كنت أراك ، وأحضنك وأهدهدك ، ولا أرى الغدر القابع خلف الضحكات والابتسامات والمداعبات ؟ كنت أهوى تأمل عينيك ، وبالأعماق خوف كبير ، من أن يسرق الردى ، فرحتي الكبيرة بك على حين غرة....لم أتصور أن الردى أنت ، وأنك بسيف اللامبالاة ، الذي شهرت في وجه حبي ، ستقتل كل شيء ، إلا غفراني لك ؟
كيف أتخلص منك ، من أشيائك ، من عطرك وأنفاسك ، التي تلاحقني؟ لابد أن أستجمع ما تبقي مني ؛ لأرحل عنك ، فما عاد في العمر متسع للهدر.
ثقيلة هذه الحقيبة ، وأثقل منها قدماي اللتان ترفضان حملي إلى الخارج .....الصمت يفترس الدفء الذي كان . كل شيء هنا اليوم يرتدي الحداد .
أنت وحدك المتجمل ، المعطر بالخديعة . تلمع الحذاء،
تستعد للقاء ، يختزلنا معا في ضحكة سخرية ، وأحمر شفاه يخفي ملامح أفعى ، تربصت بك مذ رأتنا معا ، يدا في يد ؛ نغزل الأماني لنصنع منهاخيمة على امتداد الحلم.....كم أود الآن ، في هذه اللحظة بالذات ، أن أفقد ذاكرتي المشحونة بك ،والتي كنت تقول عنها دائما : إنها تحفظ حتى التفاصيل الدقيقة !
أتراك تدرك اليوم أن هذا ما يعذبني ؟
كيف أخلصني منها ؛ لأبتعد عنك قبل أن يزمجر صمت غيابك بداخلي، قبل أن تحصدنا عناكب الجدران .
ونحن معلقين كلوحات جامدة، على واجهات المكان!
وحدها الكؤوس ، التي حضرت سهراتنا....أيامنا وليالينا .ستبكي اغترابنا.
ووحدها الأوراق ، التي رافقتنا دائما ، ستحفظ الذكرى،
وان أسدل الستار ، على ما كنا وما كان.....!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية