الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقض موضوع الزنا في الإسلام

هيبت بافي حلبجة

2023 / 3 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


من أغرب القصص ، من أغرب الأحكام ، من أغرب القضايا ، من أغرب الإشكاليات ، من أغرب الغرائب ، هو حكم الزنا في الإسلام ، هو موضوع الزنا في الإسلام ، وبعدما إنتقدناه في حلقة ، النص الإلهي يبيح الزنا ، من الجوهري أن ننتقد فهم الإسلام عن الزنا ، فإلى المقدمات مباشرة :
المقدمة الأولى : في شروط إثبات واقعة الزنا وإقامة الحد وأحكامها ، تقول الآية : الزانية والزاني فإجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين . الزاني لاينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لاينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين . سورة النور الآيات 2 و3 . والسؤال الرئيسي ، هل هذه الآية صادقة مع نفسها وصادقة مع غيرها وصادقة مع التصور الإلهي في هذا الخصوص .
ثم يؤكد النص الإلهي : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فإستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فإمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاٌ . سورة النساء 15 .
والذي يهمنا تحديداٌ هو هذا النص : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فإجلدوهم ثمانين جلدة ولاتقبلوا لهم شهادة أبداٌ إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن الله غفور رحيم . سورة النور الآيات 4 و 5 . ما معنى هذا :
من ناحية : إذا أتى رجل إلى داره وشاهد رجلاٌ يمارس الجنس مع زوجته ، فلابد من أن يأتي بأربعة شهود يشهدون على حدوث الواقعة .
من ناحية : لابد من شهادة أربعة رجال عدول ، مشهود لهم بالصدق والعدالة والإستقامة ، ولاتقبل الشهادة من أية إمرأة كانت حتى لو كان عددهن بالعشرات ، ولاتقبل الشهادة من دون المسلمين ، فلاشهادة لليهودي ولا للمسيحي النصراني ولو كان مشهوداٌ له بكل الأخلاق الحميدة .
ومن ناحية : لابد أن يشهد هؤلاء الأربعة إنهم رأوا تماماٌ إن عضوه الذكري وقد ولج في فرجها كولوج الميل في المكحلة ، كولوج المرود في المكحلة .
ومن ناحية : إذا قدم رجل إلى منزله ورأى رجلاٌ عارياٌ تماماٌ على سريره وهو مستلقي على زوجته كإنطباق الواحد على الواحد ، وهي عارية تماماٌ ، لكن لاولوج لعضوه الذكري في فرجها ، فلاتتحقق واقعة الزنا وبالتالي يمتنع إقامة حد الزنا .
ومن ناحية : إذا قدم رجل إلى داره وشاهد رجلاٌ يمارس الجنس التام ، أي ولوج القضيب في المهبل ، مع زوجته ، فلايجوز له أن يهيجه أو أن يحركه على حد قول الرسول ، فلابديل من أن يأتي بأربعة شهداء .
ومن ناحية : إذا قدم رجل إلى بيته ومعه ثلاثة من أصحابه ، وشاهدوا تماماٌ إن رجلاٌ يمارس الجنس التام مع زوجته ، فلابد من شاهد رابع .
ومن ناحية : إذا مر أربعة رجال أمام دار أو خيمة أو مكان ما وشاهدوا إن رجلاٌ يمارس الجنس التام مع إمراة ليست حليلته ، فلايتحقق الزنا ، في حال إذا لم يتعرف واحد منهم على الرجل ، أو إذا لم يتعرف واحد منهم على المرأة ، أو إذا كانت المرأة قد غطت وجهها بوشاح رغم تأكد هؤلاء الأربعة من شخصيتها من خلال هيئتها ومشيها ولباسها ، أو إذا غطى الرجل وجهه بشيء من لباسه ، كالعباءة ، رغم تأكد هؤلاء الأربعة من شخصيته .
ومن ناحية : يرجم الشهود بثمانين جلدة إذا شهدوا ولم تتحقق واقعة الزنا ، كإن قال أحدهم لم أتعرف عليه تماماٌ في لحظة المشاهدة رغم وجود الرجل الزاني أمامهم حالياٌ .
ومن ناحية : إذا قدم رجل إلى منزله ومعه أربعة من أصحابه ، وشاهدوا رجلاٌ عارياٌ مستلقياٌ على زوجته وهي عارية ، وشاهد ثلاثة منهم عضوه الذكري في تمام فرجها ، إلا إن الرابع حينما نظر ناحيتهما رأى عضوه الذكري خارج المهبل ، فلا تتحقق واقعة الزنا .
ومن ناحية : إذا قدم رجل إلى داره وبصحبته أربعة من أصدقائه ، وشاهدوا زوجته عارية تماماٌ وهي مع أربعة رجال عراة تماماٌ ، وتمارس الجنس الفموي مع واحد منهم ، وتمارس الجنس الدبري ، من الدبر ، مع الثاني ، وتمارس الجنس الصدري النهدي ، مابين النهدين ، مع الثالث ، بينما يمارس الرابع الجنس من خلال إحتكاك عضوه بفرجها ، فلا تتحق واقعة الزنا .
المقدمة الثانية : ماذا نستخلص من المقدمة الأولى ، ماذا قال الفقهاء ، فقهاء السنة والشيعة ، في هذا الصدد ، والذين يرمون المحصنات ولم يأتوا بأربعة شهود :
من زاوية ، من المستحيل إثبات واقعة الزنا ، إستحالة عقلية ومنطقية حسب الفقهاء ، على ضوء هذا الشرط ، لإنه من خارج المعقول أن يرى شخص تمام العملية الجنسية ، كالمرود في المكحلة ، ثم يأتي شخص آخر ، وثم ثالث ورابع ، بينما يحتاج خروج الذكر من الأنثى إلى أقل من ثانية .
ومن زاوية ، لم يتثبت الزنا بشهادة الشهود ، حسب الفقهاء ، في كل التاريخ الإسلامي من العهد الرسولي إلى يومنا هذا ولامرة واحدة . ولقد حدث إن إعترف ماعز بن المالك على نفسه بالزنى ، فحاول الرسول ثنيه عن الإعتراف إلا إنه أصر على ذلك .
ومن زاوية ، إن المطلوب في جريمة الزنى ، حسب الفقهاء ، هو الستر وليس العقاب ، فالإله لايريد كشف هذه الجريمة لذلك تشدد في أمر إثباتها من خلال أربعة شهود يشهدوا إنهم رأوا عضوه الذكري في فرجها ، كالميل في المكحلة ، وهذا أمر خارج العقل والمنطق والتحقيق .
المقدمة الثالثة : في موضوع لاتطرقوا النساء ليلاٌ ، وهي قاعدة رسولية ، أي من إبتكارات الرسول وقراءته لذلك الواقع البشع ، فماذا تعني :
من زاوية ، أمر الرسول أصحابه وهم عائدون من غزوة ، و قبل دخول المدينة ، لاتطرقوا النساء ليلاٌ ، ونهى الرسول في مناسبات أخرى أن يطرق الرجل أهله ليلاٌ ، أي إذا كان الزوج قافلاٌ من سفر أو من غيبة فعليه إخبار زوجته أو زوجاته بقدومه ، ولاينبغي أن يفاجئهن كيلا يرا في منزله ما يكره ، ومايكره يعني تحديداٌ وجود رجل غريب مع الزوجة حصراٌ .
ومن زاوية ، وإذا لم يستطع الزوج إخبار زوجته بقدومه ليلاٌ ، لأي سبب من الأسباب ، كإن لم يجد أحداٌ يرسله إليها ، أو لم يكن لديه هاتفاٌ يهاتفها ، أو لم يستطع بلوغ الجامع ، فيتوجب عليه أن ينام خارج المنزل ، ويبقى حيث هو حتى طلوع النهار .
ومن زاوية ، وفي عين تلك الغزوة ، وقبل دخول المدينة ، أرسل الرسول رسولاٌ ليخبر زوجاتهم بقدومهم ، أرسل من يؤذن الناس إنهم قادمون ، فخالفه أثنان من الصحابة وسبقا رسول الرسول ، فرأى كل واحد منهما في منزله مايكره ، أي وجد كل واحد منهما مع إمرأته رجلاٌ عقاباٌ إلهياٌ لهما ولكل من يخالف أوامر الرسول ، ولما ذكر ذلك للرسول ، قال ألم أقل لكم ألاتطرقوا النساء ليلاٌ ، فهذا هو جزاء من يخالف طاعة أوامر الرسول ، عقوبة إلهية .
ومن زاوية ، يؤكد الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية سابقاٌ : إن هذا من عقيدتنا وقد لايعجب بعضهم ، إن الرسول يأمرنا ، إن عدنا من سفر أو من غيبة فلابد أن نخبر بقدومنا ، لابد من الإخبار إحتراماٌ لنساء المسلمات ، ويردف : فإذا ماوجد رجل مع الزوجة إفتراضاٌ فسوف يمشي أي يذهب ( دعه يذهب ، دعه يمشي ، حسب مفرداته ) . ويسرد قصة الصحابي الذي خالف أمر الرسول فطرق أهله ليلاٌ بعد سفر ، فرأى رجلاٌ مع زوجته ، فيؤكد الشيخ علي جمعه : هذا هو الجزاء الإلهي . الأمر الذي يؤكده الشيخ الألباني : عقوبة إلهية .
المقدمة الرابعة : في موضوع الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وهي قاعدة رسولية ، فماذا تعني :
من زاوية ، لابد من سرد أساس هذا الموضوع ، في صحيح البخاري في كتاب البيوع عن عائشة قالت ، كان عتبة بن أبي وقاص قد عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص ، أن أبن وليدة زمعة مني ( أي مني في عمل الزنا ) فأقبضه . وقالت فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص ( أي أخذ أبن وليدة ) وقال ( إنه ) أبن أخي قد عهد إلي فيه . فقام عبد بن زمعة ، فقال ( إنه ) أخي ( أي إنه أخي وليس أبن أخيك ) وإبن وليدة أبي ، ولد على فراشه ( أي ولد على فراش أبي ) .
فتساوقا إلى النبي . فقال سعد يارسول الله ، ( إنه ) أبن أخي كان قد عهد إلي فيه . فقال عبد بن زمعة ( إنه ) أخي وأبن وليدة أبي ، ولد على فراشه . فقال رسول الله : هو لك يا عبد بن زمعة . ثم قال النبي : الولد للفراش ، وللعاهر ( أي للزاني ) الحجر . ثم قال لسودة بنت زمعة زوج النبي ( وهي أخت عبد بن زمعة ) : إحتجبي منه ، لما رأى من شبهه بعتبة ، فما رآها حتى لقي الله .
ومن زاوية ، لابد من الإشارة إن هذه القاعدة ماكانت موجودة قبل ذلك ، ولقد سمعها رسول إله الإسلام لأول مرة من عبد بن زمعة ، لقد ولد على فراش أبي . فجعلها الرسول قاعدة تشريعية ، الولد للفراش ، دون أن يأخذ رأي إلهه ، ولقد فعلها في قاعدة : لاتطرقوا النساء ليلاٌ .
ومن زاوية ، إذا زنت الزوجة مع رجل ، العاهر الزاني ، وولدت منه ولداٌ ، فإن هذا الولد ، الذي هو أبن الزنا ، لايلحق بأبيه الزاني رغم الإقرار بذلك ، إنما يلحق بزوجها ، الذي لاعلاقة له بالولد ، طالما هي في عصمته وتنام على فراشه .
ومن زاوية ، يؤكد الفقهاء على : لو إن إمرأة قد طلقت ، ثم تزوجت من الثاني ، وبعد أشهر أنجبت ولداٌ ، فإن الولد ينسب إلى الثاني حتى لو كان من الزوج الأول ، أي حتى لو كان الزوج الأول أباه فإنه ينسب شرعاٌ للزوج الثاني عملاٌ بالقاعدة السابقة : الولد للفراش ، والتي هي من الصحابي عبد بن زمعة ، فإقتبسها منه الرسول .
المقدمة الخامسة : في موضوع ماء الزنا ، يقسم الفقهاء ماء الرجل ، ماء الرجولة ، المني ، إلى قسمين ، ماء الزنا والماء الشرعي ، فإذا جامع الرجل زوجته ، وفقط زوجته ، فيكون ماء الذكورة ماءاٌ شرعياٌ ، وإما إذا جامع إمرأة أخرى ، سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة ، حرة أم أمة ، فيكون ماء الذكورة هو ماء الزنى . ماذا يعني هذا :
من زاوية ، يستند الفقه في تأصيل هذه الفكرة إلى الآية 54 من سورة الفرقان ، وهو الذي خلق من الماء بشراٌ فجعله نسباٌ وصهراٌ وكان ربك قديراٌ .
ومن زاوية ، إن ماء الزنى لايعتد به شرعاٌ ، ولا إعتبار له ولايثبت به نسب ، ولايصح به صهر ومصاهرة ، فالنسب والصهر تخصان العلاقة الحميمية في القرابة مابين آدميين ، والنسب تحديداٌ هو خلط ماء الذكر والأنثى على وجه الشرع ، أي العلاقة الزوجية دون غيرها .
ومن زاوية ، إن المولود القادم من هذه العلاقة ، يتمتع بالنسب والصهر ، أي يطلق عليه ، إبن وبنت ، ويطلق على الزوج والزوجة ، أب وأم ، وهكذا يتمتع بصفة ، إنه يرث ويورث ، إنها ترث وتورث ، وتشملهما الآية 23 من سورة النساء ، حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم .
ومن زاوية ، وأما إذا كان خلط ماء الرجل والمرأة عن طريق المعصية ، أي خارج الإطار الشرعي ، فكان المولود خلقاٌ مطلقاٌ ولم يكن نسباٌ محققاٌ ، أي :
من وجه أول ، إن الخلق المطلق هو من لانسب له ولاصهر ولاإعتبار ، وهو ليس أبن لأحد ، وهي ليست إبنة لأحد ، وهو لايرث ولايورث ، وهي لاترث ولاتورث ، تماماٌ ، للتقريب وللتشبيه ، مثل نبتة نبتت في منطقة ليست لأحد .
ومن وجه ثان ، إن الخلق المطلق لاتشمله هذه الآية ، حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم ، سورة النساء الآية 23 . أي لم تعد بنت الزنا إبنة أبيها ولاإبنة أمها ، فيستطيع الأب أن يتزوج من إبنته هذه ، وكما لم يعد أبن الزنا أبن أبيه ولا أبن أمه ، فيستطيع أن يتزوج من أمه .
ومن وجه ثالث ، لنضرب مثلاٌ على ذلك ، لو زنى رجل بإمرأة وأنجبا ذكراٌ ، ثم زنى بها بعد سنة وأنجبا أنثى ، وزنى بها مرة ثالثة وأنجبا ذكراٌ ، وثم زنى بها مرة رابعة وأنجبا أنثى ، فيحق لكل ذكر أن يتزوج شقيقته ، وأن يتزوج أمه ، وأن يتزوج زوجة أبيه لو مات ، وأن يتزوج بنت شقيقه ، وأن يجمع معاٌ مابين شقيقتيه وأمه وزوجة أبيه لو مات . وحالات أخرى أغرب من الخيال .
ومن وجه رابع ، ماذا لو زنى أبن الزنا ، في الوجه الثالث ، بزوجة أبيه وأنجبا أنثى ، فيحق للأب ، الرجل في الوجه الثالث ، أن يتزوج هذه الأنثى ، التي تكون في الأصل ، إبنة إبنه ، وإبنة زوجته التي هي في عصمته .
نكتفي بهذا ، ونعترض بالآتي :
أولاٌ : بغض النظر عن مقدار الخطأ ، وبعيداٌ عن التساوق العقلي ، بعيداٌ عن محددات المنطق ، بعيداٌ عن الأخلاق ، هل يمكن لإله الكون ، وهو إله الكون ، ونبيه نبي الكون ، خاتم النبيين وسيد المرسلين ، إلا أن يقدم تشريعات أبدية ، قوانين وأحكام أبدية ،أي من الضرورة المطلقة ، وكون هذه الأحكام قد صدرت من الإله والنبي ، أن تكون أبدية حتى حدوث الساعة ، فهل تلك الأحكام الشرعية التي ذكرناها في تلك المقدمات يمكن أن تكون أبدية ، وكيف يمكن أن تكون أبدية ، ولاحتى زمنية ، وقد عارضها الكثير من الصحابة منذ نزول تلك الآية ، والذين يرمون المحصنات ولم يأتوا بأربعة شهود ، سورة النور الآيات 4 و 5 ، منذ ساعة نزولها ، مثل سعد بن عبادة ، أبو بكر الصديق ، عمر بن الخطاب . وقد قال سعد ، يارسول الله أهكذا نزلت ، أي هل أنت متأكد من إنها هكذا نزلت لإنها لايعقل أن تكون على ماهي عليه ، ويردف ، أي إذا رأيت لكاعاٌ ، أسم زوجته ، مع رجل ، أمهله و لا أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء ، فقال الرسول : نعم ، فقال سعد والله لعاجلته بالسيف . وقريب من الكلام يتفوه أبو بكر الصديق ، وكذلك عمر بن الخطاب . والغريب إن الرسول يسأل أبي بكر الصديق : وماذا أنت فاعل لو رأيت رجلاٌ مع أم رومان ، زوجة أبي بكر الصديق وأم عائشة ، فرد : والله لعملت به شراٌ .
ثانياٌ : ينبغي أن نمايز مابين التستر على الجريمة وسترها ومابين عدم إدانة الجريمة أصلاٌ ، فإله الإسلام لايتستر على جريمة الزنا لإن للتستر أصول ومقدمات أخرى ، في حين إن هذه الشروط المستحيلة في بنيانها وفي منبعها تدل دلالة قطعياٌ إن إله الإسلام لايدين هذه الجريمة ، ولايريد أن يدين هذه الجريمة ، ولقد أدرك الصحابة والفقهاء ذلك رغم إنهم يستخدمون مفردة الستر ، والستر هنا حسبهم هو عدم تحقق شروطها.
ونضرب مثالاٌ أو حالة تحققت أيام الخليفة عمر بن الخطاب ، حيث تقدم أربعة رجال تجار رأوا مشاهدة مطلقة إن الرجل وهو مغيرة أبن أشعب قد زنى ، وذلك عند مرورهم بالقربة من تلك الخيمة ، فأمر عمر بن الخطاب أن يعزل بينهم وأن يتقدم كل واحد منهم بمفرده ، فشهد الأول كما رأى ولم يستطع عمر أن يجد ثغرة في شهادته رغم إستجواب مطول ، ومن ثم شهد الثاني كما رأى ، وشهد الثالث كما رأى ، وعمر لايريد أن تكتمل شهادة الشهود وكان يقول في كل شهادة ، لاحول ولاقوة إلا بالله ، ولما تقدم الرابع وشهد كما رأى ، فقال له عمر ، هل رأيت وجهه إثناء الفعل ، فقال الرجل ، لا لم أر وجهه ، فهتف عمر : يا مغيرة أتاك الفرج من الله ، لم تتحقق شهادة الشهود ، فخذ حقك منهم ، فإجلد كل واحد منهم ثمانين جلدة .
ونضرب مثالاٌ آخراٌ للإستئناس ، يقول الشيخ بسام جرار ، لو إن إربعة رجال شاهدوا تماماٌ واقعة الزنا ، وفي البداية أرادوا أن يدلوا بشاهدتهم ، لكن وهم في طريقهم إلى الإدلاء بها ، سيقول كل واحد منهم ، ماذا لو أخطأ أحدنا ، رغم إن الواقعة صحيحة ورغم إنهم متأكدين من ولوج الذكر في فرج الأنثى كولوج المرود في المكحلة ، فإننا سوف نجلد ثمانين جلدة ، فيقول في نفسه ، ما علاقتي بهذا الموضوع فينسحب من الإدلاء بالشهادة ، وهو المطلوب ، أي إنه المطلوب شرعاٌ ، فالشرع ، الإله ، لايريد أن تثبت جريمة الزنا . والذي يحيرني في هذا الموضوع هو هذه النشوة الكلية التي تعتري الشيخ بسام جرار ، كما إعتورت قبله عمر بن الخطاب ، وكإنهما إنتصرا إنتصاراٌ تاريخياٌ .
ثالثاٌ : الغريب ، والأغرب إن هذا طبيعي في الإسلام ، هو إن النص الإلهي ، إله الإسلام لايذكر جريمة الإغتصاب ولا بآية واحدة ، وهي غائبة عن وعيه تمام الغياب ، والسؤال هو هل إن كاتب القرآن وهو بشر، تغافل وتساكت عن أحكام هذه الجريمة أم إنه ماكان يعرفها أصلاٌ . وعند التمعن في فهمه للحياة ، في ذكورية النص الإلهي ، في موضوع تعدد الزوجات ، في ملكات اليمين وسبي النساء ، وإن إمرأة وهبت نفسها لك خالصة من دون المؤمنين ، ورؤيته في موضوع الزنا كما شاهدنا سابقاٌ ، ندرك بكل يسر إن مؤلف النص الإلهي لم يعرف أصلاٌ جريمة الإغتصاب ، وماكان الإغتصاب لديه موضوعاٌ . وهنا نود للإستئناس أن نذكرهذه الملاحظات :
الأولى يؤكد الشيخ مصطفى العدوي إن الإغتصاب ذكر إجمالاٌ ، قال الله إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداٌ أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفون من الأرض ، سورة المائدة الآية 33 . فالفساد ، حسبه ، يشمل الإغتصاب كما يشمل بقية القضايا . وهذا مايسمى حد الحراب أو حد الحرابة ، وينسى هذا الشيخ وغيره إن الفساد هنا مرتبط بجزاء من يحاربون الله ورسوله ولاعلاقة لهذا بموضوع الإغتصاب ، وإذا أصر الشيخ على ذلك ، أي أن يكون الإغتصاب حرباٌ على الله والرسول ، فلماذا لايصنف الزنا ضمن هذا الفساد ، بل لماذا لايريد إله الإسلام إثبات واقعة الزنا . ثم هل يتناسى هذا الشيخ إن الرسول نفسه قد إغتصب صفية وهي مازالت عروسة حديثة .
والثانية يؤكد مدلس من الجدد ، إن عقوبة الإغتصاب في الإسلام هي الإعدام ، ولا أحد يسأله من أين أتيت بمنطوق هذا الحكم ، والآية 33 من سورة المائدة لاعلاقة لها بفحوى الإغتصاب ، وإلا لأحتسب الصحابة والرسول من المغتصبين سيما في موضوع سبايا أوطاس.
والثالثة يؤكد مدلس آخر إن الإسلام ليس مضطراٌ أن يذكر حكمه في كل جريمة ، فهو ليس قانوناٌ وضعياٌ ، ويستطرد لكن عقوبة الإغتصاب مثل عقوبة القتل هي الإعدام . هذا منطق أعرج ، لإن حينها يطرح السؤال الجوهري ، فكيف قارنت مابين الجريمتين إسلامياٌ ، ثم طالما لايمكن إثبات واقعة الزنا ، لإستحالة تحقق شروطها ، حسب الفقهاء ، فكيف يمكن إثبات واقعة الإغتصاب وهي تمتلك شرطاٌ أشد من الزنا ، وهو عدم رضى المرأة ، فماهو معيار إثبات إن المرأة ماكانت تريد ، ناهيكم عن نكاح القاصرات اللاتي لم يبلغن المحيض .
رابعاٌ : ثمت إشكالية قاتلة مابين مفهوم الولد للفراش وماء الزنا ومابين هذا الحكم الشرعي التالي ، يؤكد بعض الأئمة ، لو غاب زوج عن زوجته ، ثم أتى خبر وفاته ، وتزوجت هذه الزوجة من رجل آخر بعد إنتهاء مدة العدة ، وأنجبت منه عدة أولاد ، ثم ظهر الزوج الأول بعد هذه الفترة الطويلة ، فالحكم الشرعي هو : تطلق الزوجة من الزوج الثاني وتلحق بالأول ، وكذلك أولاد الزوج الثاني ينتفون منه ويلحقون بالزوج الأول ، أي إن أولاد الزوج الثاني يلحقون بالزوج الأول نسباٌ وصهراٌ ، وينتف نسبهم وصهرهم من أبيهم الشرعي .
فمن زاوية ، ماذا لو طبقنا تلك القاعدة التي إبتكرها الرسول ، الولد للفراش ، فإن هؤلاء الأولاد ، أي أولاد الزوج الثاني ، ولدوا على فراش أبيهم الشرعي ، ولم يولدوا على فراش الزوج الأول .
ومن زاوية ، إن هؤلاء الأولاد ولدوا من الماء الشرعي لأبيهم وليس من ماء الزنا ، فبأية قاعدة شرعية ينتف نسبهم من أبيهم .
ومن زاوية ، حسب نص الحكم فإن الأولاد لم يعدوا أولاد أبيهم ، وهكذا يمكن للزوج الثاني ، الذي هو الأب الشرعي ، أن يتزوج من إبنته التي لحقت نسباٌ بالزوج الأول ، لإنها لم تعد إبنته .
ومن زاوية ، وماذا لو غاب الزوج عن زوجته ، وأتى خبر وفاته ، ثم تزوجها رجل آخر وأنجب منها عدة أولاد ثم توفي فأرثت الزوجة والأولاد تركة أبيهم ، ثم تزوجها أخو الزوج الأول ، وأنجب منها عدة أولاد ، ثم ظهر الزوج الأول وعمره مابعد الستين ، فإنه يرث ، أو يكون من الوارثين ، لورثة الزوج الثاني لإن أولاد هذا الأخير سوف يلحقون به نسباٌ ، ثم تطلق الزوجة من زوجها الثالث ، الذي هو أخوه ، وتلحق هي وكافة أولادها بالزوج الأول .
خامساٌ : في موضوع تأصيل هذه الإطروحات ، الولد للفراش ، لاتطرقوا النساء ليلاٌ ، إحترام الزنا والزاني والزانية ولاتهيجهما ولاتحركهما ، الإسكات المطلق عن جريمة الإغتصاب ، تداخل الأنساب ، الذكورية الكلية لهذا الدين ، يبرز السؤال التالي : هل ثمت إله يشرع لمثل هذه الإطروحات ، هل ثمت إنسان يقبل بها ، بالمقابل لننظر في سمو أخلاق هذه النقاط الثلاثة :
النقطة الأولى ، على الجبل ، يهتف زرادشت ويخاطب أهورامزدا ، إلهي لاقيمة لجبالك وسهوبك وسهولك ووديانك ، وشمسك وضيائها ، وأمطارك وثلوجك ، إن لم ينتفع بها الإنسان .
النقطة الثانية ، في تشريع حمورابي بموادها 282 ، عظمة فائقة الروعة لإحترام المرأة والروح الإنسانية وقيمة التجمعات البشرية .
النقطة الثالثة ، ثمة تجمعات لدى الحيوان والطير ، أرقى وأطهر من تلك الإطروحات النتنة ، فالذئاب تحاكم الذئب الذي يزني ، والنسور تحاكم النسر الذي يزني . ناهيكم عن الغيرة لدى بعض الحيوانات والطيور إتجاه إنثاها ، فلايستطيع غيره الإقتراب منها ، وهو نفس شعور سعد بن عبادة حينما نزلت تلك الآية فقال : يارسول الله أهكذا نزلت ، هل أنت متأكد من ذلك ، هل أمهله حتى يقضي حاجته ، وأبحث عن أربعة شهود ، والله لعاجلته بالسيف .
سادساٌ : أما في موضوع الآية ، إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداٌ ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفون من الأرض ، سورة المائدة الآية 33 . وإنها تشمل جريمة الإغتصاب ، فهذه خديعة لاتنطلي على أبسط الناس ، لإن الآية تؤكد على الذين يحاربون الله ورسوله ، أي الذين لايؤمنون بالله ورسوله ، في حين إن المسلم الذي يقترف جريمة الإغتصاب يؤمن بالله ورسوله . مع التنويه إن جريمة الزنا وأحكامها ، وغيرها من الجرائم ، تتعلق حصراٌ بالمسلم وهي غير موجهة أصلاٌ لمن لايؤمن بالإسلام ، وإلهه ورسوله . ولقد أعجبني أمرين هنا ، الأمر الأول أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وهذه عقوبة مابين الصعاليك فهل إله الإسلام يطبق عقوبتهم . الأمر الثاني أو ينفون من الأرض ، فهل إله الإسلام يريد أن ينفي مخلوقاته من الأرض ، وأين يذهب بهم . وإلى اللقاء في الحلقة الحادية والأربعين بعد المائة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ذكر عسى ان تنفع الذكرى
سلام صادق بلو ( 2023 / 3 / 24 - 17:37 )
{من وجه أول ، إن الخلق المطلق هو من لا نسب له ولا صهر ولا إعتبار ، وهو ليس أبن لأحد ، وهي ليست إبنة لأحد ، وهو لا يرث ولا يورث ، وهي لا ترث ولا تورث ، تماماٌ ، للتقريب وللتشبيه ، مثل نبتة نبتت في منطقة ليست لأحد}... وهذه ذكرتني بما قاله العباس بن عبد المطلب لرسول اله الاسلام (يا رسول الله إن قريشا جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم فجعلوا مثلك مثل نخلة في كبوة من الأرض)... تحياتي.
إسلام ويب - تحفة الأحوذي - كتاب المناقب - باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم- الجزء رقم10 (islamweb.net)


2 - المقالة مليئة بالاخطاء
ابو ازهر الشامي ( 2023 / 7 / 15 - 16:40 )
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ۝-;- وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ۝-;- وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَاب َأَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ۝-;- وَالْخَامسةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ۝-;- وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُه ُوَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ [سورة النور:6-10].

وليس كما قلت
-
من ناحية : إذا أتى رجل إلى داره وشاهد رجلاٌ يمارس الجنس مع زوجته ، فلابد من أن يأتي بأربعة شهود يشهدون على حدوث الواقعة .
-


3 - الحديث ضعيف سلام صادق بلو
ابو ازهر الشامي ( 2023 / 7 / 15 - 16:44 )
-
قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ إنَّ قُريشًا جلَسوا فتَذاكَروا أحسابَهُم بينَهُم فجعَلوا مثلَكَ مثلِ نَخلَةٍ في كَبوةٍ منَ الأرضِ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ اللَّهَ خَلقَ الخلقَ فجعَلَني مِن خيرِ فِرَقِهم وخيرِ الفَريقينِ ثمَّ خَيرِ القَبائلِ فجَعَلَني مِن خيرِ القَبيلةِ ثمَّ خَيرِ البيوتِ فجعَلني مِن خَيرِ بيوتِهم ، فأنا خيرُهُم نَفسًا وخَيرُهم بيتًا
الراوي:العباس بن عبدالمطلب المحدث:الألباني المصدر:ضعيف الترمذي الجزء أو الصفحة:3607 حكم المحدث:ضعيف
-
ومن خلال تجربتي معك فالكذب عندك والهجوم على الاخر امر اقل من عادي بل واجب عندك
!
وللعلم فقط
النبي محمد له نسب
فالعباس عمه
وابو طالب عمه
وابو لهب عمه
وحمزة عمه
واسمه مححمد عبد الله عبد المطلب
ولم ينكر قريش نسبه فما أتيت به فضلا عن كونه اثر ضعيف لا يثبت اصلا
انما من باب الاستهزاء بالخصوم
هذا ان افترضنا صحته
والا لم ينكر بني هاشم نسبة نبي الاسلام لهم
ولم ينفي عمه ابو لهب خصمه ان ابن اخيه
!
ولم يتهمه قريش في نسبه ولو مرة

اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم