الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهر رمضان وجذوره التاريخية

مصطفى عبداللاه
باحث

(Mustafa)

2023 / 3 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعد الصوم أحد أركان الإسلام الخمس الأساسية وهو فريضة على كل مسلم بالنص القرآني، ويعد شهر رمضان هو الشهر الأقدس لدى المسلمين، ولا يخفى أن لذلك الصوم وذلك الشهر جذور تاريخية أدت إليه فجعلت من تلك العبادة التاريخية أمر جلل في صدور المسلمين، واذا اردنا ان نبحث عن تلك الجذور علينا ان نرجع الى جزيرة العرب قبل الدعوة المحمدية فالاسلام مرتبط بجذوره العربية حتى في العبادات والطقوس، وبالرجوع الى تلك الفترة فسنجد أن اليهود و الأحناف و الصابئة كانوا يشكلون كتلة لا يستهان بها من عرب الجزيرة بجانب تعدد الآلهة الذين اعتبرهم مشركي العرب وسطاء وشفعاء بينهم وبين إله السماء، و هو ما أدى إلى تعدد الطقوس والعبادات في تلك المنطقة غير أن المدقق يجد أن للصوم مكانة خاصة بين تلك الطقوس العديدة ، فالعرب اليهود لم يكن لهم صوم غير صوم يوم تشري وهو ما عرف عند العرب بيوم عاشوراء حيث يكون الصيام من غروب الشمس إلى غروبها في اليوم التالي وهو ما سار عليه عرب الجاهلية ايضاً ويذكر أهل الأخبار أن قريشًا كانت تصوم يوم عاشوراء وفي هذا اليوم كانوا يحتفلون، ويعيدون، ويكسون الكعبة، وعللوا ذلك بأن قريشًا أذنبت ذنبًا في الجاهلية، فعظم في صدورهم، وأرادوا التكفير عن ذنبهم، فقرروا صيام يوم عاشوراء، فصاموه شكرًا لله على رفعه الذنب عنهم ( بلوغ الأرب "٢/ ٢٨٨)، وهو بدوره أدى إلى انتقال صوم عاشوراء أو يوم تشري الى الإسلام، وأما عن شهر رمضان الذي هو بالأساس شهر عربي كان يوقره العرب و يقدسونه و التمسوا فيه التحنث أو فيما عرف بعد ذلك في الإسلام بالاعتكاف، وهو ما ذهب إليه الدكتور عبد الرحمن بدوي و أكده قائلاً: فى الواقع إن صيام رمضان كان موجوداً عند العرب قبل الإسلام, وأن محمداً خلال إقامته فى مكة كان يحافظ على هذه الشعيرة قبل الدعوة، ولكن بعد الهجرة إلى المدينة وفي شعبان من السنة الثانية من الهجرة أمر بصيام شهر رمضان: وما يؤيد ما ذهب اليه دكتور عبد الرحمن بدوي هو ما أورده الطبري في تفسيره فيقول : كان العرب الوثنيون يصومون ممتنعين عن الطعام والشراب وممارسة الجنس تماما كما بدأ صوم المسلمون . وكان صومهم عن الكلام أيضا ( تفسير الطبري 16 : 56 ):، بل نجد أن عبد المطلب الهاشمي جد النبي محمد ذاته من المتحنثين في شهر رمضان فكان لذلك الشهر مكانة خاصة في قلبه ونحن نذهب الى إن عبد المطلب كان من الأحناف ولم يكن من متعددي الالهة ولا يخفى أن النبي محمد قد عاش مع جده في سنوات الصبا الأولى وهو ما أدى إلى تأثر محمد بتلك الشعائر والطقوس ويذهب الشيخ خليل عبد الكريم إلى هذا فيقول : وقد كانت نشأة محمد بن عبد الله في كنف جده عبد المطلب لها أشد التأثيرات في تكوين شخصيته ... فكما كان عبد المطلب ويتحنث في حراء .. كذلك شب الفتى الهاشمي على تلك العادة والشعيرة ، وكما كان يعظم عبد المطلب رمضان ويتصدق فيه فإن المطلبي الوارث لم ينس الأمر ونقله عن جده في عناية و إجلال وتقديس فصار صيام رمضان فرضا ً يتعبد به المسلمون إلى يوم الدين: غير أن صوم رمضان لم يكن مقتصر على عرب الجزيرة من الحنفاء وحسب بل من الواضح أن الصابئة الذين سكنوا جزيرة العرب ايضاً كانوا يصومون ذلك الشهر من شروق الشمس وحتى غروبها وهو ما ذهب إليه محمد عبد الحميد الحمد فيقول : كان صابئة حران يبدأون صومهم خلال شهر الصيام ، من قبل أن تشرق الشمس حتى غروبها ، تماما كما يفعل المسلمون خلال شهر رمضان : ( صابئة حران واخوان الصفا ص 57)، وكان للصابئة تواجد كبير في جزيرة العرب بل نحن نذهب الى تأثر الأحناف بالصابئة، وما يؤيد ذلك الانتشار الكثيف لهم هو ما أورده إلينا القلقشندي في نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ص 18 ج 11 فيقول كان منهم من يميل إلى الصابئة ويعتقد في أنواء المنازل لاعتقاد المنجمين في الكواكب السبعة السيارة ويعتقدون أنها فعالة بأنفسها ويقولون مطرنا بنوء الكواكب ومنهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الجن ، فمن الواضح لدينا ان الصابئة قد أثروا في الاحناف العرب وهو ما كان له أثر عظيم في نفس النبي محمد فلا يخفى ان محمد بن عبدالله قد تأثر بالحنفاء وأخذ عنهم معظم دينه وتشريعاته،غير ان للصوم وشهر رمضان جذور وثنية كما أثبتنا فيما سبق، فلكل شئ جذوره حتى العبادات والطقوس الدينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب