الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في إدارة تنوع المتون العربية وتفكيك تناقضاتها

حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)

2023 / 3 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تقوم فلسفة "إدارة التنوع وتفكيك التناقضات" من أجل استعادة متن عربي جديد وجامع في القرن الحادي والعشرين، على ضبط "تناقضات الولاء" التي تفجرت في مكونات "مستودع الهوية" العربي ومتونه السائدة إرث القرن العشرين، وهي التناقضات التي صبت في صالح متون إقليمية أخرى تشترك مع المتن العربي في بعض مكونات مستودع الهوية، وذلك بهدف استعادة "محددات الولاء" لحاضنتها العربية وتغليب المكون العربي في سلم تراتبها الواقعي (مع اعتبار المتون الإقليمية الأخرى ووضعها)..

إدارة"مستودع الهوية" ومكوناته
ما بين التسكين والكبح والمشترك
وهو ما سيحدث عبر تحويل أسباب تفجير التناقضات وسياسات دعم الهوامش والانتصار لها، إلى إدارة للتنوع الزخم في سياق حاضنة المتن العربي، باعتبار المتن هو ذلك الكل المكون من حاصل مجموع أجزائه والأجزاء التي تدعم وجود متنها في سياق التنوع والوحدة، وذلك في مقاربة لإدارة التناقضات التي تفجرت عبر ثلاثة محاور هي: التسكين- الكبح- المشترك...
بالأحرى "التسكين والكبح" في مكونات الهوية التي تفجرت خارجيا لصالح المتون الإقليمية البديلة، والدفع بـ"المشترك" العربي الجامع والحاوي لكل أجزائه وحاصل مجموعها، ليشغل الفراغ في تلك المساحات التي سيتم "تسكين وكبح" وجود الآخر الإقليمي بها، فهي مقاربة ثلاثية لسياسة جديدة لإدارة "مستودع الهوية" العربي واستعادة متونه، من خلال استعادة "الحد الأدنى" الممكن البناء عليه من المتون العربية الجديدة ثم العمل لزيادة مساحة هذا الحد الأدنى وتوسعة حضوره في المشهد العربي العام وصولا إلى "الحد الأقصى" في الكتلة الجغرافية العربية وفق استراتيجية الجغرافيات الثلاثة المتراتبة الثقافية/ الطبيعية/ السياسية.

أربعة متون إقليمية تمددت على حساب المتن العربي
حيث يمكن القول إن التناقضات التي تفجرت لصالح المتون الإقليمية الأخرى وأفكارها ومشاريعها المتنافسة مع المتن العربي، تنقسم إلى أربعة مستويات تفجرت في مستودع الهوية العربي ومتنه الحالي، لصالح المتون: الإيرانية والتركية والصهيونية (إسرائيل) و الأفريقانية (أثيوبيا عبر السودان)، ويمكن توزيع المقاربات الثلاثة لفلسفة "إدارة التنوع وتفكيك التناقضات" خارجيا، والتي تقوم على: التسكين- الكبح- المشترك، كالتالي: تسكين المواجهة مع بعض المكونات (التركي/ الإيراني)- وضبط التقدم وكبح صعود بعض المكونات الأخرى (المركزية السوداء والصهيونية)- والعمل لزيادة مساحة «المشترك الثقافي» بين الدول العربية بعضها البعض لتتمدد لشغل المساحة التي كانت تشغلها تلك المتون وتستعيد الولاء للمتن العربي وتستعيد وجوده المشتت حاليا، وذلك كالتالي:

المكون الديني في "مستودع الهوية" والاستقطاب الشيعي/ السني:
المكون الأول الذي تفجر في مستودع "الهوية العربي" وأثر على متنه بشده، هو المكون المذهبي والاستقطاب الشيعي/ السني مع إيران، لأن إيران تتمدد في الدول العربية من خلال دعم وتذكية التنظيمات والطوائف الشيعية ليكون لها تواجد سياسي في البلدان العربية كما هو واضح في: لبنان- العراق- اليمن- سوريا، ولابد من تسكين هذا الاستقطاب المذهبي الذي فجرته إيران لكي تتمدد بمتنها ومشروعها في الحاضنة العربية، والتسكين لأن المذهب الشيعي مكون ضمن مستودع الهوية العربي وفي القلب منه الدين الإسلامي بكافة مذاهبه التي تتعايش معا.

المكون الديني في "مستودع الهوية" والاستقطاب السني/ السني:
المكون الثاني الذي تفجر في مستودع الهوية العربي هو المكون العثماني/ التركي الذي يسعى للتمدد والحضور في الدول العربية، حيث استغلت تناقضات فترة الثورات العربية في العقد الماضي لتتحالف مع فرق الدين السياسي العربية (الإخوان بشكل رئيس)، وهذا التحالف والحضور أنتج استقطابا في ليبيا وفي ملف سد النهضة لمصر وفي سوريا وغيرهم، كما أنه يحضر أيضا في العراق، وهنا لابد من تسكين هذا المكون وتفنيد أسبابه بأن المكون الديني والحضاري للإسلام هو جزء من المتن العربي يتفاعل معه، ولا يجوز تفجيره لصالح التمدد التركي/ العثماني.

الاستقطاب المباشر في "مستودع الهوية" والصراع الصهيوني/ العربي:
المكون الثالث والأخطر هو المكون الصهيوني أو «إسرائيل» التي تعد لاعبا رئيسيا ومنافسا مركزيا لمستودع “الهوية العربي” ويسعى لتفكيك حاضنته وتفجير مكوناته لصالح صعودها الناعم والخشن، الخشن عن طريق الحروب والصراعات كما كان يحدث في القرن الماضي ومع لبنان وسوريا وإيران حاليا، ولقد وصل هذا التفجير لذروته في التفجير الناعم في ظل "صفقة القرن" وأثرها المستمر حتى اللحظة الحالية المتمثل في "الاتفاقيات الإبراهيمية".

المكون الأفريقاني في "مستودع الهوية" واستقطاب الشمال/ الجنوب:
المكون الرابع هو المكون الأفريقاني أو المركزية السوداء العنصرية «الأفروسنتريك» التي تهدد العالم العربي عبر السودان، حيث استطاعت أثيوبيا بتوجيه ودعم خارجي تحويل خطاب الوحدة الأفريقية المعروف بـ«البان أفريقانيزم»؛ إلى خطاب العنصرية السوداء المتطرفة والمشوهة ضد مصر وشمال أفريقيا العربي، مستقطبة العديد من مثقفي السودان ومشكلة تيارا داعما لها في منظمة الاتحاد الأفريقي.

المراكز القديمة وإدارة التناقضات
وإذا اعتبرنا مصر واحدة من المراكز والمتون التاريخية الرافعة في "الكتلة الجغرافية" العربية، هنا يصبح عليها مسئولية أكبر في استعادة المتون العربية وحضورها المستقبلي، من ثم مسئولية في تطبيق فلسفة "إدارة التنوع وتفكيك التناقضات" لتقدم النموذج/ المنصة الرافعة لاستعادة المتن العربي، على المستوى الخارجي لابد لمصر من أن تكتسب مهارة "إدارة التناقضات" في مستودع الهوية العربي، وتدافعه مع المكون التركي والإيراني والصهيوني والمركزية الأفريقانية السوداء كذلك وتضبط أولوياتها، لكن هذا يتطلب الوعي المصري و"الاتفاق المجتمعي" بأهمية أن تتبنى مصر فلسفة "إدارة التنوع وتفكيك التناقضات"، والوعي بأن التناقضات الراهنة في المتن المصري/ العربي تعمل كمكبح، يعوق استعادة مصر لمكانتها التاريخية بوصفها متنا وحاضنة للذات العربية و"كتلتها الجغرافية" ومركزا للدفاع عن "مستودع هويتها".

المراكز القديمة والمراكز الجديدة
التزامات "مستودع الهوية" محددا للضبط والإدارة
مع أهمية تبني مصر لمحور مهم لضبط العلاقات العربية/ العربية؛ يقوم على ضبط الولاءات والسياسات العامة والأهداف بين المراكز أو المتون العربية القديمة (ومن ضمنها مصر)، وبين المراكز أو المتون العربية الجديدة الصاعدة في الخليج، حيث يعد ذلك من أبرز تحديات فلسفة إدارة التنوع وتفكيك التناقضات، مع الإشارة لاعتبار "مستودع الهوية" العربي والتزاماته هو معيار الضبط بين المراكز القديمة والجديدة، فلا مانع من ظهور متون عربية قوية جديدة تتحد معا لتكون متنا عربيا جامعا، يقوم على التفاهم والمصلحة المشتركة والدفاع عن "مستودع الهوية" العربي ومحدداته، وفي القلب منه قضية احتلال فلسطين، والأمن المائي القومي العربي، والمصالحة الجزائرية المغربية، واستعادة دولة المؤسسات في العراق وتجاوز آثار ما بعد التخريب والفوضي الأمريكية، وضبط الحضور الشيعي واستيعابه في العراق ولبنان واليمن وسوريا...، ألخ.
وعند مستوى معين من العمل من إدارة التنوع وضبط التناقضات وتفكيكها، سوف تضبط الجغرافيا الثقافية ومكوناتها التوازن بين مستودع الهوية العربي وبين مستودعات الهوية المتقاطعة معه التركية والإيرانية والأفريقانية، بحيث تقوم على الاحترام المتبادل ومراعاة المصلحة المشتركة، وفي الوقت نفسه كل مساحة ستشغلها الذات العربية والتناقضات التي ستديرها لصالح شعوبها فيما بينها، ستكون بشكل ضمني وناعم خصما من النفوذ والهيمنة الصهيونية وحضور الاستقطابات الدولية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -