الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بأي حالٍ عدت يا... ؟

علي وتوت

2006 / 10 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بأي حالٍ عدت يـا... ؟
هل يمكن في ظل ما نعيش أن ندعو إلى التسامح

سنستبق ما سيحدث من خلاف في تحديد أول يوم من أيام العيد في العراق... وهو بالضرورة نتيجة لما حدث مقدماً !... فما سيحدث من خلاف في تحديد أول أيام عيد الفطر، وهو شأن (ديني) محض، سيعبر أصدق تعبير عن حقائق الشأن (السياسي) في العراق وأقربها لواقع التعقيد في هذا المشهد.
فلا شك عندنا أن تحديد اليوم الأول من أيام عيد الفطر المبارك (وهو اليوم الأول لشهر شوال) سيكون موقفاً سياسياً تماماً لجميع الطوائف والمجموعات الاجتماعية المسلمة في العراق، وهو أمرٌ بعيدٌ جداً عن أي شأن ديني. إذ إن الخلاف الطائفي/السياسي، ولا أقول الخلاف الفقهي، حول تحديد يوم العيد (الذي هو مناسبة للبركة والفرح) سوف يجسد الخلاف السياسي بجلاء بين الفرقاء السياسيين العراقيين، وسيتحول بالنتيجة إلى أعمال عنف وقتل.
وإذا ما عدنا (والعود ليس دائماً ... أحمد) لأصل المسألة، لوجدنا أنها تتلبس لبوساً دينياً إفتائياً أو فقهياً دائماً، على الرغم من أنها ليست كذلك. فالدولة السعودية التي كانت قد أعلنت أن يوم السبت المصادق 23 سبتمبر 2006 أول أيام شهر رمضان، لحقتها في هذا الإعلان تسع دول عربية هي (دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت وليبيا ولبنان والسودان واليمن والأراضي الفلسطينية). فيما اعتبرت دول عربية أخرى يوم السبت مكملاً لعدة شعبان (أي إن شهر شعبان أصبح في هذه الحالة ثلاثون يوماً)، فيما صار يوم الأحد 24 سبتمبر 2006 أول أيام شهر رمضان لدى تلك الدول.
أما في العراق فإن الدولة التي لم تعلن عن بدء رمضان بل غيبت مسألة تحديد اليوم الأول تقريباً، مع أن صحيفتها شبه الرسمية الصباح نوهت أن الأحد سيكون أول أيام رمضان المبارك. لكن المسلمين في العراق انقسموا إلى ثلاث جماعات في تحديد أول أيام شهر الصوم وأداء هذا الطقس. إذ إن معظم أبناء الطائفة السنية قلدوا الدولة السعودية فصاموا السبت باعتباره أول أيام رمضان، فيما صامت جماعة كبيرة يوم الأحد مع الدولة العراقية وممثلي الوسطية من الدول العربية، فيما صام معظم الشيعة الاثنين طبقاً لإعلان مكتب السيد السيستاني أنه أول أيام رمضان.
لكن المسألة في حقيقتها ليست كذلك، إذ وعلى الرغم من دعوة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الشعب العراقي إلى اتخاذ شهر رمضان فرصة لإنهاء الخلافات وتدعيم الوحدة الوطنية. فإن العراقيين الذين صاموا طبقاً لفتاوى الدولة السعودية يمثلون موقفاً سياسياً، فيما يمثل من صام يوم الأحد طبقاً لفتاوى دار الإفتاء في مصر، أو بعض مراجع الشيعة، وجهة نظر سياسية أخرى، ربما تكون وسطية هذه المرة، فيما يمثل صيام معظم الشيعة الاثنين طبقاً لإعلان مكتب السيد السيستاني وجهة نظر سياسيةً أخرى. فكما تلاحظون أن كل طرف يحاول أن يجعل من الدين فرصةً للدعاوة السياسية لرأي أو توجه سياسي معين !. متناسين وجهة النظر الدينية (أن جميع الشهور لله) وأن الأعمال بالنيات، وأن جميع أهل الأرض هم خلق الله وعباده. ولكنها العزة بالإثم والإيغال في قتل الوطن، وأناسه البسطاء !!!.
ولكننا نود في هذه المناسبة التأكيد على أن العمل على تحقيق دولة المؤسسات ومجتمع القانون هو أول عوامل توحيد الدولة العراقية وأول عوامل قوتها. كما أن فصل الدين عن الدولة في العراق هو أهم عوامل توحيد العراقيين. فكما يبدو واضحاً أن الدين الإسلامي لم يكن عامل توحيد لأعضاء الجماعة الإسلامية في العراق نفسها، فما بالك بين أعضاء هذه الجماعة والجماعات الدينية الأخرى، كالمسيح والصابئة والإيزيدية. وهنا لا موجب للتأكيد على أن تصور امتلاك الحقيقة هو أول طرق الجمود المعرفي (الدوغما Dogma)، وليس أكثر من الطائفة والدين والأثنية من يعمل على بناء هذا التصور الدوغماتي (الجامد) لدى الفرد بأنه على صواب وأنّ الآخرين من باقي الطوائف والديانات جميعاً على خطأ !!!
لذا فمن الضروري لبناء روح التسامح والمحبة بين شركاء الوطن الواحد النظر لشركاء الوطن بمنظور آخر يبتعد عن المنظورات الضيقة (الطائفية والدينية والأثنية) في التعامل مع الآخرين بمعيار الإيمان والكفر... الحلال والحرام... ولنجعل من (المواطنة) منظورنا في التعامل مع شركائنا في الوطن... وليكن حب الوطن والإخلاص في العمل والصدق في التعامل مع الآخرين، هو أهم شروط مواطنتنا. فلا ينبغي لأي واحد منـا أن يحترم الفاسد أو المختلس أو غير المخلص لأنه من طائفته أو دينه، بل نتمنى أن يكون واضحاً لكل واحد منّـا أن نحب ونقدر من يخدم الوطن وأبناء هذا الوطن بإخلاص سنياً كان أم شيعياً، صائماً كان أم مفطراً، مسلماً كان أم مسيحياً، صابئياً كان أم إيزيدياً !!
إن مسألة الإيمان والعبادة مسألة شخصية فحسب، فلا أحد يعطينا من حسناته أو يحمل عنـا بعض سيئاتنا يوم القيامة... هكذا تخبرنا آيات القران الكريم. فهل أعطانا بعض من يحكموننا من حسناتهم أو غفروا لنـا ذنوبنا أو كفرواّ عنـا سيئاتنا... فما يعنينا إن كانوا يؤدون طقوسهم وشعائرهم ولا يؤدون ما عليهم من واجب تجاهنا تفترضه مناصبهم !!. إنها نظرةٌ لا شك خاطئة في تصور التعامل مع الآخرين وفقاً لطائفتهم أو دينهم أو معتقدهم.
فالصوم في أول معانيه هو الإمساك عن المفطرات، وإذا ما كان الطعام والشراب يعّدان من المفطرات، فإن المعاصي لاشك هي من أشد المفطرات... وليس هناك في ظننا أكثر معصيةً من القتل أو السرقة أو الاختلاس أو عدم الإخلاص في العمل أو ... إلى غيرها من الموبقات التي يرتكبها البعض بحجج واهية.
فما معنى أن يصوم البعض وهم يحلون قتل المدنيين الأبرياء في شهر الرحمة والمغفرة ؟ وما معنى أن يصوم البعض ويستحل أن يسرق أو يختلس المال العام، بحجة (مجهولية المالك)، أو معارضتهم للدولة ؟... وما معنى أن يصوم المسؤول وهو يظلم العامة أو لا يهتم لأحوالهم... وما معنى أن يصوم البعض من الأغنياء وهو يتنعم بالملذات وجاره الفقير لا يجد ما يأكل ؟. وغيرها من المظاهر الكثير التي لا نظن أن دين التسامح كما يعبر الإسلام عن نفسه ويتشدق بذلك المنافقون، يرضاها لأتباعه، من بعض مَنْ يدعّون أنهم مسلمون.
فلنحاول أن نصوم بحق... أن نعود للصدق في أفعالنا مع إخواننا وشركائنا في الوطن مهما كانت طائفتهم ومهما كان دينهم... أليسوا شركائنا في الوطن... أليسوا نظراءنا في الخلق... نفعل ذلك بكل محبة لكي يكون العيد فرحاً حقيقياً لنا... ربنـا فتقبل منا أعمالنا وأدخلنـا في رحمتك... يا أرحم الراحمين... إنها دعوةً حقيقة للتسامح... دعوةً للوحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah