الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقيقة ثورة الحرية

صليبا جبرا طويل

2023 / 3 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"الحقيقة جسر يمتد بين الثورة والحرية، هي النجم الساطع المضيء في سماء الاحرار. كنز هي اقتنوه ليس لكم بل لمستقبل أبنائكم. التحفظ عليها في الأقبية السرية لن يستفيد منها إلا أعداء الإنسانية والإنسان".

تعلمنا الكتب الدينية المقدسة والمدرسية والثقافية أيضا، كذلك الدساتير والقوانين والمعاملات الاجتماعية عن أهمية وضرورة قول الحقيقة ونبذ الكذب ومحاربته وابرازالاخطاء التي يقع فيها كل مسوؤل رفيع ومواطن وضيع في جميع مناحي المجتمع واوجهه والدعوة الى تصحيحها وتصويبها من خلال القانون من اجل سلامة الوطن والمواطنين على اختلاف انتمائهم السياسي، الديني والجندري من اجل تحقيق العدالة والمساواة وضمان حفظ السلم الأهلي.
الحقيقة لا تغضب أحدا، لا ترعب أحدا، لا تغتصب حقوق أحد... الخ، سوى أصحاب المصالح بذلك تصبح رهينة بايديهم. المجتمع الذي يغفوا ويتجاهل وينام على واقعه المرير لن يتمكن يوما ما من طرق أبواب الحرية... في غياب الحقيقة تسقط الحريات لتصبح سلعة فاسدة كاسدة.
فلسفة الكذب والاحتيال تقوم على انكار الحقيقة ومناهضتها وتعتيمها وكم افواه الداعين السائرين في دربها لترتفع وتيرة حقدها الى محق سبل تحقيقها والقضاء على كل داعية لها. من يبحث عن الحقيقة انسان مؤمن بأن الضمير الحي باعث ثوري نقي المسعى والمآرب وهو وصي على بعثها، رسالته في الحياة إظهارها وتبديد ستائر حجرها وانقشاع الحجاب الضبابي الذي يغلفها حتى لو دفع الأمناء عليها حياتهم ثمنا لها.
من يدافع عن الحقيقة يكشف الأكاذيب والرياء والزيف والتخريفات التي يتستر بها المراؤون المخادعون المزيفون للوقائع وتعريتهم وفضحهم وكشف عوراتهم ونفاقهم الذي يشوه الحقيقة ويجعلها في مرتبة وضيعة يغتالها كل منافق يسعى لمجده الدنيوي المؤقت على حساب حرية الانسان. دوافعه مكشوفة، وانتصاره على القيم يهبط بألإنسانية الى الدرك الأسفل حيث يدفن كل مسمى إنساني. فالمجد والحرية طريقهما عسير شاق قاسي فمن يرفض أن يقدم نفسه كثائر لإحيائها لن يسجل اسمه في سفر الاحرار وأصحاب الكرامة وعزة النفس ألأبية الشريفة.
الحقيقة التي لا تظهر عارية مكشوفة للعيان حتما تتسربل بثوب الاباطيل والرياء، وقباحتها ليست من ذاتها الشريفة بل من كل من يجملها بمساحيق معطرة بمصالحه. فكيف لأمة، لشعب، لقوم، لحزب ... الخ أن يتمكن من تحقيق أحلام الأجيال القادمة والسير بمنهج قبول الاخر، والتسامح والمحبة والتقدم التقني والعلمي والثقافي في مجتمعه المعاصر. ما لم نخضع اقوالنا واعمالنا ونناقشها بعقلانية وقلوب منفتحة ستسقط أجيال المستقبل في حضيرة الماضى، وتترك لاصحاب الضمائر الميتة قيادتها نحو مستقبل قاتم مجهول خالي من روح الابداع والتقدم والتطور.
خجلنا من إظهار الحقيقة عارية ساطعة كالشمس هو الحقارة التي نتموضع خلفها ، الحقارة التي لا ترى سوى ذاتنا المعتمة المكدسة بثقل الأنا المتضخم فينا. ما نحتاجه ليس عقول كبيرة أو قلوب كبيرة بل الى وعي اكبر، الى عقول وقلوب منفتحة تحدد لنا معالم الطريق ونهايتها المنيرة. للأسف الطريق الذي تسلكه شعوب العالم الثالث تم تحديده من قبل قوى عالمية، نهايته حتما مجهولة وغامضة لأن لا خيار لها سوى الخضوع للإملأت التي تملى عليها.
البحث عن الحقيقة وقولها والعمل بها يحتاج الى جهد ، وإظهارها يحتاج الى جرأة وتحقيقها يحتاج الى ثورة، وبالثورة نلد من جديد. فإن لم تكن ممن يملكون المحبة والاخلاص لمجتمعه وحرصهم عليه ولا تمتلك جرأة الثائر، لن تخرج من ثقافة القطيع وحضيرة الأغنام التي تستكين وتطرب لصوت الناي العذب، الأغنام التي لا تدرك إن نهايتها كبشا يقدم لسكين الجلاد.
الحقيقة تقول لا تنتظر مساندة من أحد ولا دعما ولا حلول منه، فكل ما تأمل بالحصول عليه يعتمد على ثبات مواقفك. الحقيقة إبنة الحرية إفهمها تعمق في معرفتها أنظر اليها من كل الجوانب بوضوح... فليس هناك اجمل من الحرية، للطيور الحرة وطن وسعه السماء الفسيح، وللاسماك الحرة وطن وسعه البحار والمحيطات الفسحية، وللمقهورين المستسلمين الخانعين وطن زنزانة ثائر اكبر منه. المأكل والمشرب والمسكن ليسا اهم من الحرية، والرضى الغير مرتبط بالاستقلال التام ليس أهم من الحرية، وعبوديتك التي تتلقى من خلالها اجرا ليست أهم من الحرية.
البحث عن الحقيقة واجب إنساني مقدس، والاكاذيب والتلفيقات والالتفافات حولها منفردة أومجتمعة تقف حجر عثرة أمام كل ما هو إنساني ومقدس. ما لم تكن الحقيقة بذاتها بعمقها بمعانيها طريق حياة أشبه برؤيتنا للشمس في عز الصيف في كبد السماء ساطعة كذلك ما لم تكن نهضتنا تنبع من الإقرار والاعتراف بالاخطاء وإخضاعها للمسألة والبحث والعمل على تصحيحها دون ذلك نكون على بعد سنوات وعقود - وقد تطول لقرون - من تحقيق أحلامنا فكل ما نقوم به ونحلم لتحقيقه يصبح فراغ وهباء منثور.
تبنى الحقيقة كطريق حياة تؤدي الى النهضة، بالرغم من ادراكي العميق ان الصراحة وقاحة في عالم اليوم كما تنعتها مجتمعات العالم - بالاخص في العالم الثالث والرابع... - . تبنى الحقيقة كطريق حياة يكشف الأخطاء ويضعها في المسار الصحيح دون ذلك ستبقى هذه الشعوب مقادة مقيدة شبه مستقلة خاضعة لأملائات ما يدعى بالدول المتحضرة. نحن كعرب لنا امتيازاتنا وسلوكنا وثقافتنا لكننا نَحِنُ كثيرا للماضي - ما نقدمه اليوم للعالم لا شيء يذكر سوى النفط للأسف - ولا نحِنُ الى بعث روح حضارتنا من جديد الى عالم اليوم العالم المعاصر. فدون كشف حقيقة اوضاعنا وتصويبها سنبقى خارج الزمان الا في ما نستهلك عالميا من وسائل وفرها العالم المتحضر,علميا وثقافيا للأسف لسنا في وضع يمكننا من الاعتماد على انفسنا في عالم اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah