الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس هذا الشافعي الذي نعرفه

كاظم فنجان الحمامي

2023 / 3 / 31
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


صار واضحاً ان التاريخ تكتبه هذه الأيام المسلسلات الرمضانية، التي تعمدت تشويه صورة العلماء الاعلام بأساليب مستفزة، وأحياناً تدس السم في العسل، وهذا ما لمسناه في معظم المسلسلات التاريخية، ومنها مسلسل الإمام الشافعي، الذي يحمل اسم (رسالة الإمام) لكنه على ما يبدو يحمل رسالة خفية يراد منها الاساءة لسيرته عن طريق التلفيق والانتحال والافتراء، فجاء هذا العمل الدرامي ليقدم لنا صورة تاريخية مهزوزة، تفتقر للدقة والتحري والمراجعة. فظهرت فيه الثغرات اللغوية والفقهية والتاريخية. وكان موضع إنتقاد المؤرخين والمثقفين في كل مكان، لما يحمله من ضعف وركاكة. .
كان الإمام الشافعي حجة في اللغة، فظهر علينا يتحدث في الحلقات بلغة ركيكة، ويتحدث أحياناً باللهجة المصرية الدارجة، وينشد ابياتاً مقتبسة من ديوان شاعر سوري معاصر (حذيفة العرجي)، وقد احتج الشاعر (حذيفة) بقوة على ما ورد في المسلسل. من كان يصدق ان كاتب السيناريو يسرق كلمات وأبيات من هنا وهناك ثم ينسبها إلى الشافعي ؟. .
ثم يظهر لنا الإمام الشافعي في لقاء يجمعه مع المأمون في بغداد، وهو لم يقابل المأمون، ولم يكن موجوداً في بغداد أيام حكمه، فكيف ظهر في لقاء يجمعه به عام 198 هـ ؟، وكيف كان يتحدث مع المأمون في حوار حول فتنة (خلق القرآن)، في حين لم يكن المأمون في بغداد في تلك السنة، بل كان في خراسان، ولم يدخل المأمون بغداد إلا سنة 204 هـ، علماً ان فتنة (خلق القرآن) اعتنقها المأمون عام 212 هـ، ونشرها على نطاق واسع عام 218 هـ، وأخذ يمتحن بها علماء عصره، في حين إنتقل الإمام الشافعي إلى رحمة الله في مصر عام 204 هـ، وبينه وبين فتنة (خلق القرآن) حوالي 14 سنة. .
ثم ان اختيار الممثلين لم يكن موفقاً البتة، لأنه من غير المعقول ان يختار المخرج ممثلين عرفهم المشاهد العربي بأدوار الاغراء والتحشيش والسكر والعربدة والنصب والاحتيال، فالمشاهد العربي يرفض ترشيح هذه النماذج لتجسيد الشخصيات التاريخية المعروفة بالورع والتقوى والاستقامة. .
كانت هذه صورة ملخصة للثغرات الكثيرة التي شوّهت صورة التاريخ، على الرغم من هتافات عمرو أديب في الذود عن المنتج والمخرج، وعلى الرغم من محاولات خالد الجندي في تبرير الاخطاء والهفوات الكارثية التي اشرنا إليها هنا. .
لقد أجمع المتابعون لأحداث المسلسل التاريخي على فداحة تلك الأخطاء، واتهموا صنّاع العمل بالغباء والجهل. .
ختاماً: يقدم هذا المسلسل دليلاً قاطعاً على المحاولات الدرامية الخبيثة للعبث بالتاريخ وتزييف الحقائق، وبصورة مستفزة لا يتقبلها المشاهد العربي، ويرفضها رفضاً قاطعاً، فالناس ليسوا اغبياء حتى يتقبلوا هذا العمل الفاشل، ولن ينساقوا وراء تبريرات المنافقين والمدلسين. . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طائرات بوينغ: لماذا هذه السلسلة من الحوادث؟ • فرانس 24 / FRA


.. رفح.. موجات نزوح جديدة وتحذيرات من توقف المساعدات | #غرفة_ال




.. جدل الرصيف الأميركي العائم في غزة | #غرفة_الأخبار


.. طلاب فرنسيون يطالبون بالإفراج عن زميلهم الذي اعتقلته الشرطة




.. كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية