الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مزارع شبعا سورية ام لبنانية

الياس عفيف سليمان

2023 / 3 / 31
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مزارع شبعا
سورية ام لبنانية
دراسة تحليلية

الدكتور الياس عفيف سليمان
باحث متخصص بتاريخ الشرق الاوسط الحديث والمعاصر
متخرج من جامعة بار - ايلان

ان جغرافية المزارع تبين موقعها الاستراتيجي. فهي تشرف على جبل عامل والجليل الاعلى والجزء الجنوبي
من سلسلة جبال لبنان الغربية وهضبة الجولان وسهول البقاع وحوران والحولة. تتخذ المزارع شكل لسان وتبدأ
من ثاني اعلى قمة في جبل الشيخ وهي قمة الزلقا (2669 م) وتمتد على طول السفح الجنوبي الغربي لجبل
الشيخ وعلى طول الطرف الشمالي لسهل الحولة والطرف الشرقي لمنطقة العرقوب على مساحة تزيد عن 100
كم، بعرض يتراوح بين سبعة وعشرة كيلومترات. تتميز مزارع شبعا بثرواتها الزراعية وبشكل خاص الثروة
المائية. بالإضافة الى وجود نبعين كبيرين في شبعا يغذيان المنطقة وصولا الى جديدة مرجعيون (نبع المغارة
ونبع الجوز) فان شبعا تقع على خط المياه الجوفية الرئيسي لجبل الشيخ حيت يوجد ثاني اكبر خزان مائي في
شرق المتوسط (بعد خزان صنين الارز) ومنه تتفجر ينابيع بانياس والدان والوزاني التي تشكل المصدر
الرئيسي لمياه نهر الاردن، هذا يجعل ملكيتها عرضة للتجاذبات السياسية الدولية.
شكلت مزارع شبعا قبل احتلالها (1967) منطقة سكن دائم لألف ومئتي عائلة ومنطقة اشتاء فقط لستمئة عائلة
اخرى. يمكن القول ان المزارع ال- 15 & امهات المزارع& لكن العدد يصل الى اكثر من مئة مزرعة اذا تم
احتساب المزارع المحلية الصغيرة الواقعة في نطاق هذه المزارع الكبيرة. المزارع المتعارف عليها هي: مغر
شبعا، زبدين، قفوة، رمتا، برختا التحتا، برختا الفوقا، مراح الملول، فشكول، خلة غزالة، رويسة القرن، جورة
العقاب، الربعة، بيت البراق، ضهر البيدر ومزرعة بسطرة. وحسب السجلات العقارية والقرارات الادارية فان
العائلات المالكة للمزارع يتجاوز عددها السبعين عائلة، كما توجد املاك وقفية عائدة للأوقاف الاسلامية
والكنيسة الارثوذكسية.
الباحث اللبناني الدكتور منذر جابر يقول: & ان احتلال العام 1967 لم يتوقف عند حدود وضع اليد على
المزارع وحدها بل امتد الى وادي الخنسا، البحاصير، رويسة، بيت الاس، روسية السماق، الجبل الاحمر وجبل
الروس. بالإضافة الى الى منطقة مشهد الطير التابعة للأوقاف الاسلامية. هذه المناطق تمتد من خراجات كفر
شوبا وكفر حمام وشبعا باتجاه القنيطرة. في غمرة المواجهة الاسرائيلية – السورية 1973 اقتطعت اسرائيل في
مرتفعات جبل الشيخ العديد من المواقع اللبنانية اهمها في خراج بلدة شبعا: جورة العليق، بركة النقار، السواقي
وتلة السدانة الواقعة بين شبعا والهبارية والتي تتميز بموقعها الاستراتيجي الذي يطل على القطاع الشرقي كله
وصولا الى محيط قلعة الشقيف ومنطقة النبطية. ويقدر جابر مساحة الاراضي المقتطعة من العرقوب خارج
مساحة المزارع بطول ثمانية كيلومترات وعرض بين ثلاثة واربعة كيلومترات، وتمتد من تلة السماقة حتى
مزرعة شانوح مرورا ببيادر حيفا جنوب شرق كفر شوبا& .

هذا الوضع المميز لشبعا بالمعنى الجيوستراتيجي جعل من هذا الحيز الممتد من اصبع الحليل الى جبل حرمون
مكانا مليئا بالألغاز المتعددة وعدم الوضوح في الحدود وفي الاشارات وفي الصور الجوية وفي التحفظات وفي
الترسيم وحتى الانتماء والهوية. كانت مزارع شبعا الاكثر معاناة ولا تزال لأنها واقعة في قلب المثلث اللبناني –
السوري – الاسرائيلي.
يحاول محمود حيدر، صحفي لبناني وباحث في الفكر السياسي ان يثبت لبنانية مزارع شبعا بقوله: & هناك
الكثير من الحجج القانونية الموثقة التي تؤكد ما يذهب اليه المنطق اللبناني الرسمي في اظهار لبنانية مزارع
شبعا واحقية السيادة عليها ومنها ما يلي:
اولا: في احدى الخرائط المرسومة عام 1932 يبدو مكان التقاء الحدود الاسرائيلية – السورية – اللبنانية اسفل
جبل الشيخ وعلى بعد مئات من الامتار شمال قرية بانياس ومن هناك يمتد في خط مباشر تقريبا لمرتفعات
الجبل. وفي ضوء الخريطة فان المناطق الواقعة بين مجرى نهر الحاصباني وبين جنوب جبل الشيخ تعود
جميعها للسيادة اللبنانية.
ثانيا: اذا كان صحيحا ان بعض الخرائط قد وضعت نسبة غير قليلة من مزارع شبعا ضمن الحدود السورية،
واوصلت الحدود السورية – اللبنانية – الاسرائيلية الى نهر الحاصباني. فعلى سبيل المثال لا الحصر فان
خريطة لبنان الطبيعة الصادرة عام 1934 (400000/1) من قبل Dubertret رئيس القسم الجيولوجي في
فترة الانتداب تؤكد ان مزارع شبعا هي ضمن الاراضي اللبنانية.
ثالثا: شبعا ومزارعها مسجلة في الدوائر العقارية اللبنانية واهلها يدفعون الضرائب للدولة اللبنانية واذا كانت
الصكوك والافادات العقارية التي يحملها سكانها تصدر عن الدوائر العقارية في مدينة صيدا فكيف يمكن
التشكيك بانتمائها للدولة اللبنانية.
رابعا: السلطة القضائية اللبنانية تمارس صلاحياتها على شبعا ومزارعها: ان القوانين اللبنانية الصادرة في فترة
الانتداب اكدت ان صلاحية سلطة محكمة حاصبيا البدائية كانت تمتد على كامل قرى مديرية حاصبيا ومنها
شبعا ومزارعها (القانون الصادر في 20 نيسان 1928) وثمة دعاوى مدنية وجزائية وجنائية في شبعا
ومزارعها بتت فيها محاكم البداية والاستئناف والتميز.
خامسا: ان تقارير درك الجنوب اللبناني من خلال الصحف اللبنانية وتحديدا جريدة النهار تؤكد ان شبعا
ومزارعها بقيت حتى 14 ايلول 1965 تحت السلطة اللبنانية. وفي المرحلة التي تلت ذلك خضعت منطقة
العرقوب لمعادلة الصراع الميداني الفلسطيني – الاسرائيلي، حتى سميت منطقة العرقوب وصولا الى مزارع
شبعا بارض فتح او فتح لاند. رغم ذلك بقيت السيادة للدولة اللبنانية ولم يصدر أي قرار عن مجلس الوزراء
اللبناني يشير الى تخلي لبنان عن سيادته على شبعا ومزارعها.
سادسا: ثمة رسالة مرسلة من الحكومة السورية تحت الرقم 574 (53/124) بتاريخ 19 ايلول 1946 تؤكد
ان مزارع شبعا بعكس ما يرد في بعض الخرائط هي اراض تحت السيادة اللبنانية.
سابعا: ثمة مستندات جمركية ورخص بناء لأهالي هذه المزارع صادرة عن قائمقام مرجعيون.
اما في مسالة شبعا ومزارعها وخط الحدود بين سوريا ولبنان فان القرار الذي اصدره الجنرال غورو الفرنسي
في 31 اب 1920 تحت الرقم 318 عرف حدود لبنان الشرقية بحدود الاقضية ومنها قضاء حاصبيا. وقد تم
التأكيد على هذه من خلال المادة الاولى في الدستور اللبناني الذي صدر عام 1926 ومما جاء فيها عن الحدود
الشرقية للدولة اللبنانية انها تتبع حدود اقضية بعلبك والبقاع وحاصبيا وراشيا الشرقية.
ولموضوعية البحث ونقلا عن جريدة السفير اللبنانية وجدت ان هناك تناقضا مع ما ورد اعلاه وذلك حسب
اقوال بعض سكان المزارع. فعلى سبيل المثال يقول محمد سعيد الزغبي، & لم تفتح الدولة اللبنانية مدرسة واحدة
في المزارع، فتوجه طالبوا العلم الى المدارس السورية المجاورة في العباسية وبانياس او مدرسة شبعا وغيرها

من مدارس المنطقة & . ويشير احد ابناء المغر الى ان الدولة السورية ارسلت لهم في العام 1965 استاذ مدرسة
اسمه اسماعيل يونس ومن ثم تبرع المرحوم توفيق فراشي بتعليم اولاد المغر آنذاك وما لبثت ان انتقلت
المدرسة الى منزل المرحوم علي سرحان قبل ان تقفل بعد حرب 1967. وقد تعاملت الدولة اللبنانية مع
المزارع كأنها خارج سيادتها في المدارس والطرق والمياه والكهرباء. وقد استعان ابناء المزارع بقناديل الكاز
للإنارة وكانوا ينقلون مياه الشرب الى منازلهم على البهائم علما بان المزارع تشكل المصدر المائي لروافد نهر
الاردن.
السؤال المطروح هو: هل حصل خلل في العام 1967؟ فالدولة اللبنانية لم تعترف بالمزارع كأراض لبنانية
بحجة ان لبنان لم يشارك في حرب العام 1967، ولا يريد ان يثبت عكس ذلك عبر القول بان شيئا قد احتل من
اراضيه وهو لم يشارك في المواجهة.
بالنسبة للموقف الاسرائيلي يقول حيدر. & لم تكد فرق الامم المتحدة تفرغ من ترسيم ما يسمى الحط العملي
للحدود مع اسرائيل وهو ما عرف بخط لارسن او الخط الازرق حتى انطلق سجال حاد من نوع جديد قادته
الامم المتحدة ومعها الولايات المتحدة الامريكية حول وجوب توقيع لبنان على خطوط الحدود الجديدة. لكن
الحكومة اللبنانية تحفظت على هذه الخطوط بسبب بقاء جزء من الاراضي اللبنانية في منطقة العرقوب الجنوبية
الشرقية تحت الاحتلال. هكذا بدأت حملة في الامم المتحدة تشكك بلبنانية مزارع شبعا وبان هذه المزارع لا
تدخل في نطاق عمل القرار 425 كونها احتلت في حرب 1967. ولهذا يرتبط مصيرها بتطبيق قرار مجلس
الامن رقم 242 المتعلق بالتسوية الشاملة للصراع العربي – الاسرائيلي.
في هذا الوقت كانت وزارة الخارجية اللبنانية تنقل معلومات عن اوساط في الامم المتحدة تطلب من لبنان
وسوريا التقدم بطلب خطي حول مسالة ترسيم الحدود بين البلدين وبعد دراسة الطلب تقرر المجموعة الدولية
لمن تعود احقية مزارع شبعا. وقد لفتت المصادر ان هذه الخطوة تعتبر بمثابة اعتراف واقرار سوري بان هذه
الاراضي هي لبنانية وخصوصا ان الطلب الذي تقدم به ممثل سوريا في الامم المتحدة ميخائيل وهبه في تشرين
الثاني من العام 2000 حول مزارع شبعا مطالبا المجتمع الدولي بالعمل على اخراج الاحتلال الاسرائيلي من
هذه المزارع.
الحجة الاسرائيلية في هذه القضية كانت التشديد على عدم اهتمام الامم المتحدة لمن تعود الملكية الفردية لمزارع
شبعا .فالوفد المكلف بترسيم الحدود كان مطلوبا منه التحقق من تطبيق القرار 425 المتخذ عام 1978
والمتعلق بانسحاب القوات الاسرائيلية حتى الحدود المعترف بها دوليا. ويتعلق هذا القرار بالأراضي المحتلة من
لبنان فقط. وليس بالأراضي السورية التي احتلت بالعام 1967. والتي يطبق علها القراران 242 و 338
اللذان من المفترض البحث في كيفية تطبيقهما في اطار تسوية سلمية بين سوريا واسرائيل.
اما فيما يتعلق بالقانون الدولي العام وعلى حد تعبير رلى بيضون من جريدة النهار فيبدوا واضحا ان الجانب
القانوني من قضية مزارع شبعا غير واضح بالنسبة الى عدد كبير من السياسيين والمتعاطين في هذا الموضوع،
فالآراء متضاربة واكثريتها سياسية اكثر منها علمية. ثمة خلط بين امور عدة هي الخط الازرق وترسيم الحدود
واثبات السيادة. احد الامور المتلبسة هي طرق اثبات السيادة. فيوضح خبراء في القانون الدولي ان ثمة طريقتين
لإثبات السيادة على منطقة ما. الاولى، هي توقيع اتفاق بين الدولتين المعنيتين وارساله الى الامم المتحدة التي
تؤدي دور الشاهد والحافظ، كما فعلت مثلا فرنسا وبريطانيا عام 1923 فيما يتعلق بحدود لبنان وفلسطين. اما
الثانية فهي الاحتكام الى محكمة العدل الدولية في لاهاي لتفصل بين الدولتين وهي الطريقة التي اعتمدتها
بريطانيا وفرنسا لحل النزاع على جزر اكريو ومكانييه في بحر الشمال وقطر والبحرين لمعالجة الخلاف على
جزيرة الخوار.
اما بالنسبة للإثباتات في مجال القانون الدولي العام وتحديدا الخرائط فقد ارسل لبنان الى الامم المتحدة خرائط
عدة تثبت لبنانية شبعا غير ان نقطة ضعف لبنان هي الخرائط اذ ثمة خرائط كثيرة تبين وجود مزارع شبعا
طمن الاراضي السورية. وصرح كوفي عنان في تقريره الصادر في 22 ايار 2000 انه تسلم في 15 ايار
2000 خريطة لبنانية مؤرخة تثبت لبنانية شبعا. غير ان في حوزة الامم المتحدة 10 خرائط اخرى اصدرتها

بعد العام 1996 مؤسسات حكومية لبنانية منها وزارة الدفاع والجيش وجميعها تضع المزارع داخل الجمهورية
السورية. بالضافة الى 6 خرائط سورية تثبت ايضا انها سورية.
هل اخطأت الدولة اللبنانية بتعاملها مع مزارع شبعا؟ وهل هذا الخطأ يسقط حق لبنان القانوني في ملكيتها؟
وجاء الجواب بقلم عصام اسماعيل في جريدة السفير اللبنانية، & انه من المتعارف عليه شعبيا ودوليا، ان مساحة
لبنان تبلغ 10452 كم مربع. واكن وبحسب معطيات مدبريه الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني فان مساحة
الاراضي اللبنانية حتى الحدود الدولية التي رسمت في العام 1963 هي بحدود 10215 كم مربع . من هنا
نطرح التساؤل عن مساحة 237 كم مربع من الاراضي اللبنانية ضائعة خلف الحدود. اذا اجرينا مراجعة
لجغرافية لبنان نجد ان حدود لبنان الشمالية هي حدود ثابته تبدأ من منتصف النهر الكبير وهو النهر الحدودي
الذي يقع في شمال وجنوب الساحل السوري. كذلك الامر بالنسبة لحدود لبنان الغربية المطلة على البحر
الابيض المتوسط. من جهة الشرق فان لجنة التحقق الدولي من الانسحاب السوري من لبنان قد انتهت في
تقريرها الذي اعدته بتاريخ 22 ايار 2005 الى وجود نزاع حدودي بين لبنان وسوريا في منطقة دير العشائر
ومساحة هذه المنطقة المتنازع عليها هي بحدود 1.5 كم مربع فتبقى المنطقة الضائعة من لبنان بحدود 235.5
كم مربع وهي لا بد ان تكون ضائعة في منطقة الحدود الجنوبية للبنان والتي تشمل مزارع شبعا والقرى السبع&
(ابل القمح، هونين، النبي يوشع، قدس، المالكية، تربيخا وصلحا) والتي سيتم الحديث عنها بإسهاب في مقال
اخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار