الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوارٌ معَ صَديقي المُتَديّنِ . .

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2023 / 4 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


- - - - - - - - - - - - - - -
في حوار مقتضبٍ، تمّ على هامش بحث علاقة العلمانية بالديمقراطية ، سألني أحدِ الأصدقاءِ العقلاء :
هلْ تعتقدُ أنَ ديني - مثلاً - يمكنُ أنْ يتوافقَ حيناً معَ الديمقراطيةِ..!؟
وهل يُمكن أنْ ينحوا أهلوهُ يوماً ما ، إلى نهج التسامح في العلمانيةِ .؟
أجبتهُ : بكلٍ موضوعيةٍ أقولُ لكَ يا صديقي العاقل :
إنَ دينكْ مثل أيِ دينٍ آخرَ ، يحتوي على إجاباتٍ وغموضٍ وأساطيرَ وقصصٍ وإرشاداتٍ وطقوسٍ . . وكل ما إلى ذلكَ .
فإذا أمكنَ النظرُ إليهِ - في تقديري - بطرقِ عقليةٍ مرنةٍ ومختلفةٍ ، يمكنَ أنْ يكونَ ديناً متوافقاً معَ الديمقراطيةِ والعلمانيةِ بكل تأكيد. ..
بمعنى آخر ، سيتوافق .. إذا تمَ تفسيرُ الدينِ وتطبيق شرعتهِ، بطريقةٍ تتماشى معَ مبادئِ كرامةِ الإنسانِ والمساواةِ وحريةِ الدينِ وفصلِ الدينِ عنْ الدولةِ.
إلا أنَ هذا ا الأمرِ - كما تعلم يا رعاك الله - ، يعود في أصلهِ ،
إلى مستوى الحال الواقع ، في وعيِ القومِ أنفسهمْ ، وإلى نمطِ تفسيرهمْ السائدِ للدّينِ ، و النظر في أنموذجَ توجههمْ الفكريِ العامِ . ..
- هلْ يا تُرى يغلبُ عليهِ نزعةُ تحكيمِ العقلِ في النقل ، وتأويلِ النصوصِ المُقدسة ، ونقدٍ المروياتِ المدلّسة ، منْ أجلِ مواءمتها معَ منهجِ العلمِ ومنحى الحداثةِ ، أمْ أنهُ فكر يقيني ذو تفسير ماضوي حرفي و جامد . ! !
- هلْ تسيطرُ على إفهامِ أتباعهِ نزعةَ الاستكبارِ ، و يغزوهم وهمَ امتلاكِ الحقيقةِ المطلقةِ . . ؟ !
- وهلْ مازالَ يشغلهمْ الدأبُ إلى تعميمِ وتصديرِ تلكَ المنقولاتِ الفكريةِ الجامدةِ التي لديهمْ إلى العالمينِ . . ؟ !
- وهلْ همْ مسكونونَ بالانتصارِ الأعمى إلى لوثةِ الجمودِ العقليِ في فهمِ نصوصِ الدينِ وأحداثِ تاريخهِ . . ؟ !
أعلمْ يا صديقي ، أنَ هناكَ العديدُ منْ الأمثلةِ على البلدانِ ، التي تلعبُ فيها الجماعاتُ الدينيةُ المختلفةُ، دوراً مهماً في الأنظمةِ الديمقراطيةِ ( كالهندِ مثلاً.
لكنَ المهمَ في الأمرِ - في زعمي - أنْ يتمَ تعميم احترامُ مرجعيةٍ حياديةٍ قانونَ الدولةِ ، تجاهَ اتباعِ ومؤمني الأديانَ جميعاً ، ومراعاةُ الفصلِ بينَ هذهِ الأديانِ - على اختلافِ توجهاتها - عنْ مؤسساتِ الدولةِ .
بشكلٍ يحترمُ إيمانَ الفردِ ، ويسمحَ للجميعِ بحريةِ التدينِ ، وممارسة الطقوس، ولكنْ في نفسِ الوقتِ ، يجب مراعاةُ الاهتمامِ ، بألا تفرضْ نواميسُ الدولةِ ، أيّا منْ تلكَ المعتقداتِ الدينيةِ السائدةِ على الرعايا الآخرينَ .
كلانا يعلم جيداً ، أنَ هناكَ تفسيراتٌ بشرية راهنة لنصوص دينكَ ، تتعارضُ معَ الديمقراطيةِ والعلمانيةِ ،
و هناكَ جماعاتٌ دينيةٌ تسوس أُسس الدّين ومراميه الجوهرية، وأفهامٌ أصوليةٌ تستخدمُ الدينَ لاكتسابِ السلطةِ السياسيةِ ، كما تسعى لأنْ تفرضَ شرعة معتقداتها الدينيةُ على المجتمعِ .
لكن قصارى القولِ عندي :
يمكنَ لأيِ دينِ أوْ معتقدِ أنْ يكونَ متوافقا معَ الديمقراطيةِ والعلمانيةِ ،
إذا ( ظرفية شرطية فير جازمة ) تمَ تفسيرُ الدينِ وتطبيقهِ، بطريقةٍ تتفقُ معَ مبادئِ الكرامةِ الإنسانيةِ والمساواةِ وحريةِ التدينِ .
- فقط علينا أنْ ندركَ أنَ الديمقراطيةَ والعلمانيةَ، تربية و دربة و مبادئَ يمكنُ دمجها في أيِ مجتمعٍ دينيٍ ، بحيثُ يتمتعُ كلُ فردٍ فيه ، بحريةِ التدينِ، واعتناق أي من المعتقداتِ الدينيةِ، لكن دون فرض أو تدخل من قبل أجهزة الدولة ، وأن يكونُ لكلِ مواطنِ ، الحقِ في التصويتِ على تشكيلِ الحكومةِ، منْ أجلِ الصالحِ العامِ ، وليسَ لسببٍ دينيٍ صرفٍ .
- أخيراً : يبقى الأهمَ منْ ذلكَ كلهُ ، أنْ نتذكرَ ، أنَ الدينَ هوَ معتقدٌ شخصيٌ ، وأنَ لكلِ فردِ الحقِ في حرية التعبّد ، كلٍ حسب معتقداتهِ الخاصةِ . فلا ينبغي فرضَ الدّينِ على الآخرينَ ، و على قوانين ومؤسسات الدولة أنْ تكفل ذلك وأنْ تكون محايدة تماماً، تجاهَ جميعِ الأديانِ .
zakariakurdi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و