الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شنودة يعودُ إلى بيته … شكرًا للشرفاء!

فاطمة ناعوت

2023 / 4 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شكرًا شهرُ "مارس"، شهر الأمومة والربيع، لأنك أبيتَ المرورَ إلى كهف الزمان قبل عودة الطفل إلى حضن أمه ودفء بيته. مبروك للسيدة "آمال إبراهيم"، والسيد "فاروق فوزي" عودة ابنهما بالكفالة "شنودة"، إلى حضنهما، بعد غيابٍ تجاوز العامَ، مرَّ عليهما كما الدهر، انفطر فيه قلبُها، ووخزت دموعُها قلوبَنا. هي لم تلده من أحشائها، ولكن مَن قال إن الأمومةَ ولادةٌ، وفقط؟ الأمومةُ معادلةٌ شديدةُ التعقيد، لوغاريتمُها شغفٌ ثم سهرٌ ورعاية وتضحية وقلقٌ ورجاءٌ وألف قيمة تعرفُها كلُّ أمٍّ ربَّت ورعت واحتضنت صغارَها. وكلُّ ما سبق مغروسٌ في قلب السيدة "آمال" تجاه صغيرها منذ احتضنته مع يومه الأول في الحياة، ومنحته اسم "شنودة" تيمّنًا بقداسة "البابا شنودة"، الذي نحتفلُ بمئويته هذا العام، وأشبعته حُبًّا وحنانًا؛ حتى صار طفلا جميلا يُشعُّ وجهُه بالسعادة التي لا نراها إلا على وجوه الأطفال الذين ينعمون بحياة أُسرية مستقرة هانئة.
بدايةً أتوجهُ بأسمى آيات الشكر والامتنان إلى فضيلة الدكتور "شوقي علام"، مفتى الديار المصرية، وأستاذ الفقه والشريعة بجامعة الأزهر، إذْ حسم الجدلَ المُثار حول عقيدة الطفل المُتبنَى، واعتباره مسيحيًّا مادام قد وُجِد في كنيسة يوم ميلاده، والتقطته أسرةٌ مسيحية، هي أسرة السيد "فاروق"، وزوجته السيدة "آمال". ومن نافلة القول إن العقائدَ لا تزداد شأنًا ولا تنقُصُ بمعتنقيها، والله تعالى غنيٌّ عن العالمين.
وأتوجه بخالص الشكر والاحترام إلى سيادة المستشار الجليل المحامي العام والنيابة العامة من أجل الانتصار للإنسانية، وقطع الطريق على النفوس الحاقدة التي ترومُ غرس الفتن وهدم الوطن، وإصدار قرار مباشر بتسليم الطفل "شنودة" إلى أمّه السيدة "آمال إبراهيم"، التي عثرت عليه واحتضنته منذ ميلاده كعائل مؤتمَن، بعد أخذ تعهُّد عليها بحُسن رعايته وحمايته من المخاطر. وعلينا أن ندركَ أن ذلك "التعهد" هو أحدُ حقوق الطفل، كلّ طفل، على الدولة. وتلك الحقوق منصوصٌ عليها في الدستور المصري، لضمانة حماية أطفال مصر، ومراقبة الأسر الكافلة حتى تطمئنَ مصرُ على سلامة أبنائها. وبالتالي فإن هذا التعهد من بديهيات القانون والدستور، وهو في الوقت نفسه مضمونٌ سلفًا من السيدة الطيبة "آمال" التي سعت إلى الأمومة سعيًّا وحققت جميعَ شروطها الصعبة، بالفعل لا بالكلام، في طفل لم تنجبه، منذ ساعته الأولى في الحياة وحتى بلغ الخامسة من عمره، وإلى منتهى الأيام بإذن الله. فقد شاهدنا جميعًا دموعَها الغزيرة حين انتزع منها طفلها، تلك الدموع التي كشفت شغفَها العميق بابنها المُتبنَى، وكانت طوال ما مضى من سنوات، أفضل ما تكون الأم البديلة.
شكرًا للأزهر الشريف الذي أصدر بيانًا واعيًا مُناصرًا لحق الصغير، مؤكدًا على عقيدته المسيحية، فقطع الطريق على مشعلي الفتن المتطرفين.
والشكرُ الجزيل للرئيس "عبد الفتاح السيسي" الذي لم يخذلنا واستجاب لمناشداتنا، ولم يسمح لشهر مارس أن يغادرنا إلا والطفلُ قد عاد إلى دفء بيته. فشهرُ مارسُ هو شهر الأمّ (٢١ مارس)، وشهر اليوم العالمي للمرأة (٨ مارس)، وشهر المرأة المصرية (١٦ مارس)، وهو كذلك شهرُ الربيع حيث تحتضنُ العصافيرُ صغارَها في أعشاشها؛ فكيف يُكسرُ فيه قلبُ صغيرٍ لا يعي من أمره شيئًا، وقلبُ أمٍّ أحبّت وضَحّت وشغفت بصغيرها؟!
الشكرُ كلُّ الشكر للسادة المحامين الأجلاء، مسيحيين ومسلمين، الذين تبرّعوا بالدفاع عن حق الطفل "شنودة" في العودة إلى أمّه الكافلة. وفي الجلسة الأخيرة في محكمة مجلس الدولة يوم ١٨ مارس، والتي كان لي شرف حضورها والتحدث فيها أمام جلال القضاء المصري كأمٍّ مصرية مسلمة تشعرُ بوجع أمٍّ مصرية مسيحية، كان المطلبُ الرئيسُ الذي اتفق عليه السادةُ المحامون هو: "عودة الطفل إلى حضن أمّه الكافلة حتى البتّ النهائي في القضية”. وهذا ما أمرت به النيابةُ العامة بالأمس، والحمد لله حمدًا كثيرًا.
والشكر لكلّ شريف دعم تلك القضية الإنسانية العادلة، بصوته أو بقلمه أو بدعائه إلى الله أن يفكَّ كرب الأمّ والصغير. وشكرًا للرأي العام المصري والعربي والعالمي، الذي كان قلبًا نابضًا بالحب للأم الحزينة على صفحات التواصل الاجتماعي، ووحّد جبهتَه على المطالبة بعودة الطفل لأسرته البديلة.
والشكرُ الدائم للدولة المصرية العظيمة التي تحنو على أبنائها وتردُّ الأطفالَ إلى دفء دورهم، ولا تميّز بين أبنائها، فالوطنُ ملاذٌ وصخرةٌ للجميع دون تمييز ولا عنصرية.
وأكادُ أسمع الصغيرَ يقول لُمشعلي الفتن: “أيها الغرباءُ أو الأقرباءُ/ الذين تقتتلون من أجل عقارٍ أو ضِياعًٍ أو مَتاعٍ مما تشغل بالَكم/ اعلموا أنني غيرُ منشغلٍ بما تنشغلون/ أخرجوني من حساباتكم وخذوا كلَّ شيءٍ/ واقتسموا حتى لُعبي وكراساتي/ واتركوني وشأني/ في دفء بيتي. شكرًا لشرفاء هذا الوطن العزيز.”


***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشكر لك وللمدافعين عنه وللدولة
سهيل منصور السائح ( 2023 / 4 / 2 - 14:53 )
الحمد لله على سلامته ورجوعه الى امه بعد جهد وعناء وسوى كان شنوده مسيحيا او مسلما او ينتمي الى اي دين اخر لا يغير في الامر والدين قناعة ذاتية وليس بالجبر وكل الاديان سوى ما تسمى سماوية او ارضية هي دروس للانسانية وللارض ومن عليها والله سبحانه وتعالى لا يهمه الى اي دين تنتمي اذا كنت محترما جميع مخلوفاته من بشر وشجر وغيرهم. كثير من المسلمين والمسيحين والهندوس تحولوا الى ديانات اخرى وهذا لا يغير من الامر شيء.
ان كنت محترما حقي فانت اخي ** آمنت بالله ام آمنت بالحجر
سلام عليكم مع تبريكاتنا لوالديه.


2 - مره ثانية ومرات اهنؤكووالديه وشنوده نفسه بالعودة ا
الدكتور صادق الكحلاوي- ( 2023 / 4 / 2 - 16:51 )
بالعودة الميمونه عودة الطفل شنوده الى حضن والديه- واهنئ كل البشر الطيبين الذين ساهموا في هذا العمل الذي اصبح ليس فقط عمل خير يتعلق بطفل وعائلته ولكنه اصبح رمزا للعمل الانساني الذي يسمو على كل الصغائر-وبالمناسبه اذكرك ابله فاطمه برجائي بارسال هديتي المتواضعه الرمزيه بواسطتك او بالطريقه التي تشيرين اليها-مع الرجاء ابلاغ شنوده باني اقبله من جبهته -كما نفعل في العراق عند مباركة الطفل مع تهنئتي وتحياتي لوالديه الاكارم-تحياتي لجميع الطيبين


3 - جيد .. ولكن / (في عودة الطفل شنودة إلى أهله)
محمد بن زكري ( 2023 / 4 / 2 - 18:49 )
أولا ، فضلا عن موقفها الإنساني ، يحسب للأستاذة فاطمة دقة استخدام الكلمات (وذلك ليس غريبا على كاتبة كبيرة متمكنة من أدواتها) ، عندما تسمي السيدة متبنية الطفل شنودة ، بأنها (أمه) ، وليست (والدته) ؛ فالفرق شاسع بين مفهومي الكلمتين . ذلك أن الأم والأب ليس بالضرورة أن يكونا (والدين) . والأمر يغدو أكثر وضوحا في المسيحية ؛ فالراهبة تدعى الأم ، والقس يدعى الأب .
وثانيا : بصرف النظر عن أنه في بلاد الشمال المتحضرة ، التي تحترم الإنسان وتعلي قيم الحرية والإنسانية ، نسبة المواليد خارج مؤسسة الزواج التقليدي تتراوح حول متوسط 50% . وفي فرنسا تم إلغاء صفة (غير شرعي) . ذلك أن للإنسان عندهم قيمة مطلقة بما هو إنسان ؛ فليس مطلوبا من البشر في هذا الجنوب ، سوى أن يكونوا أكثر إنسانية مما تأدلجوا عليه بالوراثة .
وثالثا : أليس تبني طفل أو كفالته ، أعدل اجتماعيا وأرقى أخلاقيا وأعلى قيمة حضارية ، من تركه للشارع أو احتجازه داخل ملجأ أيتام ؟ وكلنا يعرف مدى تدني خدمات دور الرعاية وعدم أهلية العاملين فيها للمهمة . ولماذا لا يحق لعائلة مسيحية - في مصر - أن تتبنى أو تكفل طفلا مجهول الأبوين أو حتى لأبوين مسلمين ؟!

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah