الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان سقراط أميّا

حسين علوان علي
(Hussain Alwan)

2023 / 4 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قيل عن سقراط أنه من القلائل الذين صنعوا أسس التطور الثقافي والفكري للعالم ، وبدونهم كان التاريخ سيبدو مختلفًا تمامًا. يعرف الكثير منا أن كان سقراط فيلسوفًا عاش في أثينا باليونان في القرن الخامس قبل الميلاد. ونعرف أيضا أنه يعتبر من أهم الفلاسفة وأكثرهم تأثيراً في الفلسفة الغربية على مر التاريخ. لم يترك سقراط وراءه أي أعمال مكتوبة ، والكثير مما وصلنا عنه أتى من كتابات تلاميذه ، مثل أفلاطون و زينوفون.
اعتقد سقراط أن السعي وراء الحكمة والحقيقة كان أهم هدف في الحياة. أمضى الكثير من وقته منخرطا في مناقشات فلسفية مع الناس في الأماكن العامة ، مثل الأسواق وساحات الألعاب الرياضية. استخدم سقراط طريقة الاستجواب في الحوار ، والمعروفة باسم الطريقة السقراطية ، لمساعدة الناس على الوصول إلى الحقيقة من خلال الفحص الدقيق لمعتقداتهم وافتراضاتهم.
كان سقراط معروفًا بثباته على المبادئ الأخلاقية وكان على استعداد للموت من أجل معتقداته. تمت محاكمته وحُكم عليه بالإعدام بشرب كأسا من سم الشوكران في عام 399 قبل الميلاد ، بعد اتهامه بعدم التقوى وإفساد شباب أثينا.
رغم ذلك فإن هناك عدة أسباب وراء اعتقاد بعض الباحثين أن سقراط ربما كان أميًا لم يعرف القراءة والكتابة.
مثل أنه لم يترك أعمالا مكتوبة على عكس العديد من الفلاسفة الآخرين في عصره ، وقد دفع هذا بالبعض إلى التكهن بأنه ربما لم تكن لديه القدرة على الكتابة.
ثم إنه تم تصويره في بعض النصوص القديمة ، مثل مسرحية أريستوفانيس "الغيوم" ، كشخصية غير متعلمة غير قادرة على القراءة أو الكتابة. رغم أن هذا التجسيد كان غالبًا ساخرا ولا يقصد به أن يكون دقيقا من الناحية التاريخية ، لكنه
أشاع الانطباع أن سقراط كان أميًا.
كذلك هناك التركيز التام من قبله على الجدل الشفاهي والمحاورات المباشرة. اشتهر سقراط بالمشاركة في المناقشات ذات الطابع الجدلي الفلسفي مع الناس بمختلف مستوياتهم في الأماكن العامة عبر أنحاء أثينا، وأعتقد أن الحوار وجهًا لوجه هو أفضل طريقة للوصول إلى الحقيقة، وكان هذا جزأ أساسيا في رؤيته الفلسفية والفكرية، واسلوبه الخاص في ممارسة الحكمة. قد يكون هذا قد دفع البعض إلى الاعتقاد بأن سقراط لم يؤمن كثيرا بقيمة النص المكتوب، أو ربما لم تكن لديه القدرة على القراءة والكتابة بنفسه.
لكن هذه كلها بمثابة تكهنات، والحقيقة أنه ليس لدينا أي دليل قاطع على أنه كان رجلا أميّا.
يجادل الباحثون بأن سقراط يجب أن يكون متعلمًا ومثقفا أثينيّا من الطراز الأول ، أو على الأقل وقف على بعض المهارات في القراءة والكتابة ، لأن محاوراته الشهيرة جرت مع أشخاص متعلمين استدعت فهم ونقد الحجج والبراهين. بينما رأى آخرون بأن سقراط ربما كان أميًا جزئيا إذا صحّ التعبير، بمعنى أن مهاراته في القراءة والكتابة كانت محدودة ، لكنه كان قادرًا على التواصل بشكل فعال والانخراط في الخطاب الفكري من خلال وسائل المحاورة والجدال الشفهي المباشر. بل وصل الأمر بالبعض إلى اعتبار أنه كلّف أفلاطون (أحد تلامذته) ليدون أفكاره في كتابه الشهير المحاورات، لأنه بالتحديد لم يعرف القراءة والكتابة. وأن أفلاطون في إحدى المحاورات صوّره ينتقد اعتماد الكتابة في بحث الفلسفة لأنها ليست ممارسة مباشرة ولايمكن خلالها التفريق بين الناس وبالتالي استخدام اللغة المناسبة لكلّ منهم، حينها سيكون الحوار المباشر أكثرَ عمليةً وأسرعَ في الوصول إلى الحقائق وتحقيق النتائج.
في النهاية ، من الصعب الإجابة بشكل قاطع على سؤال إن كان الفيلسوف أميا أم لا، لعدم توفر دلائل محددة تنفي ذلك وأ تثبته ، وإن الجدال المستمر في هذا الموضوع لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على مكانته العلمية في تاريخ الحضارة الإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل