الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حراك الجبهة الإجتماعية بالمغرب في ظل تنامي معضلة التضخم

طارق الورضي

2023 / 4 / 7
المجتمع المدني


تذمر واسع و سخط عارم تشهده الجبهة الاجتماعية بالمغرب بعد الارتفاع المهول الذي عرفته أسعار المواد الاستهلاكية، و أسعار المحروقات على الخصوص، في ظل تنامي بؤر الفقر بسبب احتضار ما كان يصطلح عليه بالطبقة الوسطى، كنتيجة حتمية لتراكم ما خلفته سياسات الحكومات السابقة من إجهاز ممنهج على حقوق الطبقة العاملة إمعانا في تركيع و إخضاع المواطن لسلطة الدولة وبالتالي القضاء على أي رهان يسمح بنشوء و استشراء حس النضال و الممانعة بين الجماهير في مناهضة كل أنماط الريع و الفساد السياسي في البلاد.
اتسم الحراك الشعبي الأخير للجبهة الاجتماعية المغربية بزخمه على المشهدين السياسي و الاجتماعي، متزامنا مع ذكرى حراك 20 فبراير المجيد، وشهدت عديد من مدن المملكة أمواجا هادرة من المحتجين على موجة الغلاء الكاسحة ، ورفعت شعارات تطالب رئيس الحكومة عزيز أخنوش بالرحيل، كما حمل المحتجون الحكومة الحالية و التي قبلها مسؤولية تدهور الأوضاع الاجتماعية وتفاقم منسوب الفقر بين العائلات المغربية بسبب سياسات رعناء في تدبير الشأن العام تمخض عنها إثراء الغني وإفقار المفقر، و صدحت حناجر المحتجين بوجوب إقرار قانون المحاسبة عن مناصب المسؤولية في تدبير الشأن العام، و بضرورة محاصرة الفساد و تقويض الريع السياسي من خلال فصل السلط و إقرار العدالة الاجتماعية و المجالية و سيادة الحق و القانون فوق كل اعتبار.
ويقترب معدل البطالة بالمغرب من 13% بحسب آخر تقارير البنك المركزي المغربي، مقارنة بـ𨅴 في سنة 2021، في وقت يتوقع فيه صندوق النقد الدولي أن يستقر نمو الناتج المحلي الإجمالي بالبلاد عند نحو 3%.
ولم يجد بعض السياسيين بدا من إرجاء ما يعيشه المغرب من موجة غلاء فاحشة إلى وضع عالمي لا ينحصر على البلاد وحدها و لكنه يرخي بظلاله على القدرة الشرائية للمواطن البسيط، و عزوا ذلك لمجموعة من الأسباب: أولها ارتفاع أسعار مواد الطاقة خصوصا البترول والغاز بسبب التوترات على المستوى الأوروبي، بالإضافة إلى المشاكل التي أصبحت تعتري عملية التوريد للمنتوجات بجميع أصنافها" في العام 2022.
و عرف الاقتصاد المغربي انتعاشا بنسبة 7.2٪ في عام 2021 بعد انكماشه بنسبة 6.3٪ في عام 2020 تحت تأثير موجة وباء فيروس كورونا، وفقا للأرقام الرسمية، إلا أنه من المرتقب أنه سيعاني من نمو بطيء بنسبة 3.5 في المئة في العام الجاري، وفق ما قال الجواهري في تقرير قدمه في جلسة مغلقة للمشرعين، وحصلت رويترز على نسخة منه.
وقد رفض فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، أن يتم تحميل حكومة عزيز أخنوش مسؤولية ارتفاع أسعار عدد من المواد الاستهلاكية، وكان قد صرح خلال رده على مداخلات الفرق النيابية بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب حول مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، اليوم الجمعة: “من حقي أن أتساءل هل من الموضوعي أن ننسب إلى حكومة لم تكمل شهرها الأول الزيادات المسجلة في الأسعار؟”.
كما أضاف أن الارتفاع في الأسعار سجل في مختلف دول العالم، كما هو الشأن بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي ارتفع فيها مؤشر الأسعار عند الاستهلاك بـ5.4 في المائة وبـ3.4 في منطقة اليورو في شتنبر الماضي، حيث أكد أن هذه المعدلات هي الأكثر ارتفاعا خلال العشر سنوات الأخيرة.
وسجل لقجع كذلك أن المواد الغذائية عرفت ارتفاعا طفيفا بـ0.7 في المائة؛ في حين أن أسعار المواد ذات الأثمان المحددة، والتي تمثل 22 في المائة من سلة المواد الاستهلاكية، ارتفعت ب1.3ـ في المائة خلال هذه الفترة، أي بنفس وتيرة السنة الماضية.
وفي نفس السياق أكد رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك بالمغرب ، وديع مديح، أن "الزيادات في الأسعار مكنت بعض المتربصين من اغتنام الفرص والزيادة في بعض المواد الاستهلاكية دون مبرر".
لا شك إن موجة الغلاء المستعرة حاليا ستكون لها تداعيات على المستوى الاجتماعي، و سترخي بظلالها على سلة المواطن البسيط، خصوصا ونحن في غضون شهر رمضان الأبرك، الذي تشهد فيه المواد الاستهلاكية إقبالا كبيرا من طرف المواطن، وهذا الوضع المأزوم لن ينفرج إلا من خلال قيام الحكومة بمراجعة وتعديل منظومة الأجور الحالية لأن تحنيطها للأجور سيحول دونه و دون تحقيق أسباب العيش الكريم للمواطنين، وقد لا يزيد الوضع إلا انتكاسا و تأزما، ولا شك أن ارتفاع منسوب أي احتقان اجتماعي سينذر بتناسل الحراكات الجماهيرية و الاحتجاجات الشعبية المناهضة للفساد و المطالبة بإقرار الكرامة و الحرية والعدالة الاجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و


.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا




.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟


.. جامعة فيرمونت تعلن إلغاء خطاب للسفيرة الأميركية بالأمم المتح




.. مسيرة إسرائيلية توثق عمليات اعتقال وتنكيل بفلسطينيين في مدين