الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجد الأكبر - جبتو مصرايم – هيروغلي.عبراني (2) ‏

محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث

(Mohamed Mabrouk Abozaid)

2023 / 4 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


فيما يلي سنطرح الأدلة التي تؤكد أن مؤلف كتب التاريخ المصري القديم المعنونة بـ : ‏‏"جبتانا " و " إجبتياكا " هو شخص يهودي يمني صهيوني متخفي في ثياب قبطية ولغة ‏هيروغليفية ، ونلتمس من القارئ العزيز أن يصبر صبراً جميلاً علينا. ‏

‏1-‏ يقول المهندس عاطف عزت:" حملت مخطوطات الجبتانا عن والدي الذي تلقاها عن الأب أبيب ‏النقادي وكان الأول وهو أصغرها مكتوباً بالنقش المقدس- الذي أطلق عليه الإغريق الخط ‏الهيروغليفي - وكانت الكتابة بخط جميل على لفائف البردي، والمخطوط الثاني كالأول ‏بلغتنا ولساننا ولكن نقشه كان بالقلم اليوناني، وهو ما درجنا أن نسميه بالخطأ اللغة ‏القبطية، أما المخطوط الثالث فكان مكتوباً بالعبرية، والمخطوطتان الأخريان باللغة ‏العربية، وفي نهاية المخطوط الخامس والأخير توجد صفحات تركها أبي بيضاء متوقعاً أن ‏أضيف شيئاً ‏ . ‏

ونلاحظ هنا وجود نسخة مخطوطة باللغة العبرية، فهل كانت اللغة العبرية ذات شأن ‏بالنسبة لأجدادنا الجبتيين كي ينسخوا مخطوطة مانيتون بالعبرية ؟! غير أن العبرية ‏كانت لغة اليهود، واليهود موحدون أي يعبدون الله وفق شريعة موسى وإبراهيم عليهما ‏السلام، فما حاجتهم في نسخة من الجبتانا التي تتحدث عن أساطير القدماء وعبادة أوزيريس ‏وآمون وأتون ورع ..إلخ !! . في الواقع فإن النسخة الأصلية تم تأليفها على يد أديب يهودي ‏عبراني، ومنها تم استنساخ نسخ أخرى بلغات أخرى كان من بينها اللغة الديموطيقية ‏واليونانية ثم العربية في وقتٍ لاحق...‏

‏2-‏ الأسطورة الميثولوجية الخاصة برحلة المعراج السماوي نقلها اليهود من أسفار التوراة إلى ‏مدونة كتبوها بخط يدهم وأسموها "الجبتانا " ووضعوا عليها توقيع مانيتون السمنودي ‏وتحدثوا بضمير المتكلم ليبدو وكأنه هو المتحدث إلى شعبه، ولم تنتقل هذه الأسطورة من ‏مدونة مانيتون إلى أسفار التوراة، لأننا ببساطة لو بحثنا في النسخة الأصلية للتوراة ‏بالسريانية والتي كانت مكتوبة قبل الجبتانا سنجد فيها أسطورة المعراج وخاصة حيوان ‏البراق أو الحصان الملائكي المجنح الذي يطير بسرعة الضوء، وهذه الأسطورة لم تنتقل إلى ‏مدونة الجبتانا فقط، بل كانت منتشرة في ديانات أخرى مثل الزرادشتية والكنفشيوسية ‏والحضارة الإغريقية، وانتقلت كذلك إلى التراث الإسلامي كتكملة لرحلة الإسراء بالنبي ‏محمد من البيت الحرام إلى المسجد الأقصى ومنه العروج إلى سدرة المنتهى !!‏

المعراج الزرادشتي ؛

تبدأ قصص المعراج في الديانات القديمة عند الديانة الزرادشتية، إذ يحمل إلينا كتاب ‏فارسي قديم قصة القديس أردا فيراف (أو أرتا فيراف أو ويراف)‏ ‏ الذي اختير لرحلة إلى ‏السماء بسبب استقامته وصلاحه، ليرى العالم الآخر ويخبر المؤمنين عنه، فصلى عليه الكهنة ‏الزرادشتيون حتى غفا وراح في سنة من النوم، بينما تقول بعض الترجمات إن الروح فارقته ‏مؤقتاً. وقد بدأ معراج أردا فيراف بأن أتته روح القديس ساروش بصحبة الملاك أدار، ليأخذاه في ‏رحلة إلى السماوات، وقاداه حتى ولج الملكوت وهام في سعادة خالصة، ومرّ بسكان السماء ‏وشاهد حياتهم الأبدية المُنعَّمة. ويستمر الكتاب الفارسي في وصف معراج أرتا فيراف، الذي ‏واصل الارتقاء في السماء حتى بلغ الإله "أهورامزدا"، خالق الكون ومصدر ضيائه، وتحدث إليه ‏الإله وطلب منه العودة إلى الأرض كرسول منه، يخبر الناس بما رأى وسمع في السماء، ‏ويدعوهم لعبادته والصلاة له. وتحمل الديانة الزرادشتية قصة معراج أخرى في كتاب ‏‏"زرادشتناما"، وتحكي لنا كيف حصل زرادشت نفسه على إذن من الإله ليصعد إلى السماء، ‏ويطوف بالجحيم حيث قابل "أهيرمان"، الشيطان. يعتبر المعراج الزرادشتي من أول قصص ‏الصعود إلى السماء المُسجلة في الأديان خلال التاريخ الإنساني، فقد ظهرت الزرادشتية ما بين ‏سنة 6000 قبل الميلاد إلى سنة 600 قبل الميلاد، وسادت إيران نحو 1000 عام متصلة ‏ .‏

يتانا... الصعود المقدس عند البابليين:

إلى جانب الزرادشتية، تتشابه أحداث المعراج الإسلامي مع أسطورة الملك إيتانا البابلية، ‏والتي نقلتها إلينا بعض الألواح الأثرية ‏ ، بحسب الموسوعة البريطانية ‏ .وتبدأ القصة بأنه لم ‏يكن هناك ملك على الأرض، حتى قررت الآلهة أن تصطفي واحداً، فوقع اختيارها على ‏إيتانا، فحكم شعبه على خير وجه، ولكنه عانى من أن زوجته لم تمنحه وريثاً، ولم ‏يكتمل لها حمل قط، وأصبح الملك العظيم مهدداً بأن يموت دون وريث يعتلي العرش من ‏بعده. وكان الحل الوحيد أمام إيتانا أن يصل إلى نبتة الولادة، أو شجرة الولادة التي تنبت في ‏السماء، وكان مطلوباً منه أن يصعد بنفسه لإحضارها، ليظفر بالوريث الذي يحلم به. وعلى ‏هذا تضرع إيتانا للإله شَمَشْ، فاستجاب لصلواته وأمره بالسير إلى جبلٍ معين، حيث سجن نسراً ‏مارقاً في حفرة عقاباً له على إخلافه بعهدٍ مقدس. وكان خلاص إيتانا من لعنته يتمثل في ‏الحصول على مساعدة هذا النسر في بلوغ النبتة، فعمل على إنقاذه من حفرته، واعتنى به، ‏ومكافأة له على نبله أخذه الطائر العظيم إلى السماء. ولا نعرف على وجه الدقة كيف ‏كانت رحلة إيتانا، نظراً لأن اللوح الأثري الذي دونت عليه القصة تكسر في أكثر من ‏موضع، ولكن الجزء السليم منه ذكر أن الملك البابلي الصالح بلغ السماء، وهناك انهار شبه ‏فاقد للوعي. ولكن مهما كان مسار الأحداث فقد عاد بجزءٍ من نبتة الولادة، ورزق ابناً هو ‏الملك "بالح".. وهنا من الممكن القول بأن التوراة اقتبست فكرة النسر الخارق، وكذلك فكرة ‏الحصان المجنح الطائر.. لأن التوراة بالفعل تم تدوينها بعد هذا العصر، ونجد في (خروج 19‏‎(‎‏: ‏أنا حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إليّ) ‏

والملفت للنظر هنا هو فكرة البراق أو الحصان المجنح، وهذه الفكرة التقطها مدونو ‏التوراة خلال العصر البابلي، حيث تم تدوين التوراة خلال فترة السبي البابلي، وكانت فكرة ‏الحصان المجنح مسيطرة على الحضارة البابلية بشكل رهيب، لدرجة أنها استمرت رمزاً ‏للحضارة البابلية حتى في عصرنا الحالي، وموجود لها منحوتات حجرية في كل مكان ‏وتملأ متاحفهم وقد سرق الأمريكان منها الكثير خلال الحرب الماضية على العراق، فلم ‏تكن مجرد فكرة خيالية أسطورية بل كانت مهيمنة ورمز وشعار للحضارة البابلية ‏باعتبارها حلقة الوصل بين الإنسان وبين إلهه المعبود (غير المنظور) الذي اعتقدوا عرشه ‏بالسماء، فكان الحصان المجنح وسيلة الوصول إليه، لأنهم لم يكونوا وثنين ماديين مثل ‏العرب، وبلا شك أن اليهود تأثروا بها ونقلوها إلى توراتهم وبذات تفاصيلها.‏

إيليا... المعراج اليهودي في نيران الرب:

تستمر أصداء قصص المعراج في الأديان وصولاً إلى العهد القديم، والذي ذكر قصة إيليّا ‏النبي ‏ ، ذلك الرجل الصالح الذي عاش محارباً عبادة الأوثان والشرك بالرب، متحملاً في سبيل ‏إيمانه مشقة التحدث إلى العباد، ومحاربة الملوك الظالمين، ومحاولات اغتياله المتلاحقة التي ‏نجا منها بمعجزات إلهية. وفي أيامه الأخيرة على الأرض، كان إيليّا برفقة تلميذه وابنه ‏الروحي إليشع في طريقهما إلى الأردن، وإذ اعترضهما الماء رفع إيليّا ثوبه وضرب به فانشق الماء ‏وعبرا معاً، وإذ استأنفا السير جاءت مركبة نارية وفرسان، وحملت إيليّا إلى السماء، وبقي ‏رداؤه مع إليشع. كما يذكر العهد القديم قصة أخنوخ ‏ ، وهو رجل صالح آخر عاش في ‏معية الرب حتى أصعده إليه ليعيش في رحاب السماء. فجاء في سفر التكوين "وَسَارَ أَخْنُوخُ ‏مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ". وفي الرسالة إلى العبرانين بالعهد الجديد، جاء أن "بِالإِيمَانِ ‏نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ. إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى ‏اللهَ". وتُفسَّر الآيات بأن الرب أصعد إليه أخنوخ الصالح ليعيش في السماء، على أن يعود قرب ‏نهاية الزمان ليشهد قدوم المسيح الدجال، ويقاتله جنباً إلى جنب إيليّا حتى يُقتلا ويذوقا ‏الموت ‏ .‏

ومن أبرز من طعنوا في هذه الأساطير العالم التوراتي المعاصر (جاري جرينبرج-‏‎ Gary ‎Greenberg ‏ ، الذي كشف عن الكثير من التشابه بين القصص الدينية والأساطير التي ‏سادت في الحضارات القديمة (الجبتية والبابلية والآشورية..الخ).. حيث يوجد الكثير من ‏التشابه يكاد يصل إلى التطابق في بعض القصص مع الأساطير التوراتية .. تطابق مريب ‏يكاد لا يُصدق‎!‎

وهذا ما يعني أن الأسطورة الميثولوجية التي تقوم على الرحلات السماوية لم تكن الأولى ‏في الإسلام، ولم تكن الأولى لدى الجبتيين القدماء، ولم تكن الأولى لدى اليهود، بل وجدت ‏في جميع الديانات، وما نجزم به أنها انتقلت إلى اليهود من البابلية أو الفارسية حيث عكف ‏الكاتب عزيرا على لملمة التراث اليهودي وتدوين أسفار التوراة، ومن المرجح أنه استحب ‏تزيينها برحلة سماوية، ومن التوراة انتقلت ذات الأسطورة إلى مكتبة الإسكندرية، حيث ‏كان يقيم اليهود بعدما جاء بهم بطليموس سبايا في فلسطين، وقاموا بتأليف العديد من ‏الكتب التاريخية والدينية بالتزامن مع مشروع ترجمة التوراة. وما يؤكد أن الأسطورة ‏انتقلت من التوراة إلى مدونة الجبتانا وليس العكس، وهو أن الجبتانا حملت ملامح توراتية ‏عبرانية لغوية وفكرية وعقائدية، ولم تحمل التوراة أي أثر لغوي هيروغليفي أو عقائدي. ‏غير أن أسطورة المعراج هذه لم توجد على أي برديات أخرى أو جداريات أنما المؤلف جعلها ‏خاصة بمانيتون فقط لتصبح الجبتانا نصوص مقدسة لأنها تمت بتكليف من الوحي.‏

يُتبع‎ ...

‏(قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت ) ‏‎
‏ (رابط الكتاب على نيل وفرات): ‏‎ https://tinyurl.com/25juux8h‎‏ ‏‎
‏(رابط الكتاب على أمازون) : ‏‎ https://2u.pw/124aO
‏( رابط الكتاب على جوجل بلاي ): ‏https://cutt.us/KFw7C
‏#مصر_الأخرى_في_اليمن): ‏https://cutt.us/YZbAA
‏#ثورة_التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني.‏


المصادر والهوامش:

‏1)‏ ‏ ‏‎ ‎‏- عاطف عزت في كتابه : السامري الساحر المصري الذي أسس الماسونية . ص 8‏
‏2)‏ ‎-‎‏ ‏http://www.avesta.org/mp/viraf.html‏ ‏
‏3)‏ ‏- مقال للكاتبة آية عبد الرحمن بعنوان :" كيف تشابهت أحداث المعراج الإسلامي مع مثيلاتها في الديانات ‏الأخرى؟ " منشور بتاريخ الثلاثاء 25 أبريل 2017 على موقع رصيف 22:‏
‏4)‏ ‎- http://www.angelfire.com/tx/gatestobabylon/mythetana.html- ‎
‏5)‏ ‏- ‏https://www.britannica.com/topic/Etana-Epic
‏6)‏ ‏ ‏‎ https://cutt.us/yIidK
‏7)‏ ‏- ‏‎ https://cutt.us/VMnPV
‏8)‏ ‏- مقال للكاتبة آية عبد الرحمن بعنوان :" كيف تشابهت أحداث المعراج الإسلامي مع مثيلاتها في الديانات ‏الأخرى؟ " منشور بتاريخ الثلاثاء 25 أبريل 2017 على موقع رصيف 22‏
‏9)‏ ‏- جاري جرينبرج ‏‎ Gary Greenberg‏ في كتابه بعنوان (أساطير الكتاب المقدس- كيف اخترع الكتبة ‏الأوائل التاريخ المقدس) ‏‎:‎
‏10)‏ ‎"Myths of the Bible - How Ancient Scribes Invented Biblical History"‎
‏11)‏ https://www.goodreads.com/book/show/263231.101_Myths_of_the_Bible








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -