الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهتّك المفاهيم 7

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2023 / 4 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


السّامريّة
تعتبر ظاهرة السامريّة من الظواهر المستهجَنة على النطاق الإجتماعي والديني وكذلك على النطاق الأخلاقي، ناهيك عن النطاق السياسيّ أي فيما يتعلّق بالممارسات السياسيّة من قبل جماعات معيّنة. وهي ظاهرة تتجدّد عبر التأريخ بين الحين والآخر وكأنّها باتت من نتائج سلوك إنسانيّ مستمرّ في الإنحراف! وهي في الحقيقة ليست كذلك إذا ما أخذنا الإنسان النقيّ الطّاهر الذي يبحث عن الحياة النظيفة التي تجعل منه سويًّا حرًا لا عبدًا لمخلوق. وهذه الظاهرة تنتشر في المجتمعات التي تتخلّف لأسباب عديدة وشائكة منها أسباب أخلاقيّة ومنها أسباب إجتماعيّة ومنها كذلك أسباب سياسيّة، في وقتنا الحالي على الأقل. لقد لوحظت هذه الظاهرة في مجتمعات دخلتها جيوش الإحتلال والتدمير وظهرت بشكل جليّ وواضح في بعض هذه المجتمعات ومنها المجتمع العراقيّ. ولا فرق كبير بين المحتلّ الخارجيّ و المحتلّ الداخليّ في الظلم والأساليب الإستبداديّة. فحين إغتصاب الأرض العراقيّة من قبل جيش الرذيلة الأمريكيّ الأطلسيّ ظهرت تلك الظاهرة التي كانت بشكل آخر في زمن النظام الصدّامي الفاشيّ الذي عاث في العراق والمجتمع العراقيّ مع حصار خانق لأكثر من عقد من الزّمن. هذا لا يعني عدم وجود الظاهرة المذكورة قبل هذا الزمن حيث عشنا سنين الأنظمة المستبدّة التي رسّخت تلك الظاهرة وجعلتها سلوكًا طبيعيًّا لهذا المجتمع فبات التخلّص منها عصيًّا الى درجة كبيرة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام الذي بات يخضع الى جيش السامريّين المنتشرين على الارض كالجراد. والسّامريّون أنواع ممختلفة إلّا من ظاهرة الساّامريّة المذكورة. فمنهم السامري الزعيم ومنهم السامري الصغير المقود من قبل الزعيم. لقد باتت هذه الظاهرة من اخطر الظواهر والممارسات البارزة والمنتشرة في كلّ بقعة من بقاع البلد بل والعديد من البلدان المهلهلة والتي لا تعير قيم الحرية بالًا. حيث امتدت الظاهرة المذكورة في تلك البلدان وتوسّعت لتشمل كل جوانب الحياة تقريبًا من أحزاب ومنظمات وبعضًا من المجتمع الذي يدّعي التديّن والإلتزام بالخط الأخلاقيّ الديني. ولم يستثنَ من الظاهرة لا المجتمع الريفيّ ولا مجتمع المدينة ولا حتى مجتمع العواصم كما في العاصمة بغداد. وشملت المجتمعات العشائريّة وصروح الجامعات والمراكز التربويّة على حدّ سواء. وكما قلت هي ظاهرة خطيرة باتت تودي بالمجتمع أخلاقيًّا وفكريًّا وإنسانيًّا وحتى دينيًّا.
ماهي هذه الظاهرة؟
في الجانب الروائي التأريخيّ هي ظاهرة أشار إليها القول الحكيم في القرآن الكريم في سورة طه في ثلاث آيات هي: (قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ)85، (قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ)87، (قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ)95. (وقد وردت إشارات وبعض الآيات الاخرى عن نفس القصّة في سور أخرى لم يذكر فيها إسم السامريّ. إنّ هذه الآيات حدثت في قوم نبيّ الله موسى عليه السّلام بعد أن أنجاهم الله تعالى من عدوّهم فرعون مصر ثمّ واعدهم جانب الطّور الأيمن ومنّ الله عليهم بأن نزّل عليهم المنّ والسّلوى ليأكلوا من هذا الخير السّماويّ ومن خير على الأرض كثير ولكن حذّرهم من الإنحراف كي لا يحلّ غضب الله عليهم حينما ينكرون النعمة ليعبدوا غير الله الواحد المعبود. وحذّرهم من هذا الغضب ونتائج هذا الغضب أن يهوي ويهبط من مستوى إنسانيّته وحرّيته الخالصة والموجّهة فقط بإختيارها الى الله الواحد ولا معبود سواه. ومن رحمته تعالى أن قال لهم وإنّ من تاب وآمن وعمل صالحًا وأهتدى بعد ذلك فإنّ الله يغفر له. والقصّة كما هي تفاصيلها في السورة المباركة تظهر السلوك والسلوك المقابل لتظهر هذه الظاهرة. وهي الفصل الاخير من قصة موسى مع بني إسرائيل. حيث ظهرت الظاهرة مع شخص السامري كما ورد في عبارات القرآن الكريم. حيث الكيفيّة التي أضلّ بها السامري قوم بني إسرائيل والتي ترتبط فيها عمليّة الاتصال ما بين المواعدة في جانب الطور الايمن وبين الضلال الظاهر من قبل السامري مع تحذير الله لاي فعل يخالف أوامر نبيّه الكريم، الذي غادرهم أربعين ليلة كي يُنزِل الله تعالى عليه التوراة التي فيها احكام الله تعالى لحكم وادارة دولة النبي الكريم وقيام تلك الدولة على العدل الالهي. بعد مغادرة موسى عليه السلام وإبقاء أخيه النبيّ هارون عليه السلام إستضعفه القوم فحصل أن جمع السامري ذهبهم وما يختزنون من الحُليّ ليذيبها في النّار ليصنع عجلًا رغم تنبيهات وتذكيرات هارون إليهم أن لا ينبغي أن يعصوا أمر وإرشادات موسى. وبعد أن أظهر السامري من بين النار هذا العجل أو تمثال العجل جعل له صوتًا بتقنية بسيطة كما هو واضح من الآيات كي يظهر له صوتًا ما وكأنّ شيئًا يحتويه العجل فأشار الى صوت العجل بالخوار. ثمّ تكون الخلاصة بأن أوجد لهم هذا التمثال الذي يظهر له صوت لكي يقول هذا هو إلههم وإله موسى فإعبدوه بدلًا من الله الواحد الأحد. ورغم محاولات تنبيه هارون الى ان هذا الفعل يحرفهم عن طريق الحق الى طريق الباطل الذي لا ينتج لهم الا العصيان وغضب الله وفي النتيجة سيحرمون من دولة الخير والعدل والسلام على الارض وهي دولة موسى عليه السلام. استمر القوم مع الاكثرية منهم في عبادة العجل خلف توصيات وانحرافات السامري حتى ادى بهم الى ما آل اليه الوضع بان قام موسى بتحطيم العجل وتأنيب أخيه كما ورد، وبدأت محاورة ما بينه والسامري على ما فعل وقام نبيّ الله موسى عليه السلام بطرده عن القوم ولا يمسّ أحدًا منهم فينبذ الى ما شاء الله تعالى وحيدًا مستوحشًا هائمًا في البراري والقفار. وقيل أصيب بمرض لا يقترب منه أحد. خلاصة القصّة هي معنى وجود الزعيم المزيّف والذي يغوي الناس بأنّه هو الزعيم البديل عن الزعيم المثال. والسامري في هذا الزمان بات مجموعة من سامريين وليس واحدًا كما في العراق وفي عدد من البلدان، حيث يسيّر الناس ومن يقودهم بجهل او بعناد الى الهاوية. وتلك الهاوية هي البعد عن الاخلاق وعن الدين الحقّ وعن كل ما هو صحيح. والقوم يعبدونه عبادة تختلف عن تلك المعروفة بل هي الانقياد التام والاعمى لما يقول سامريّهم فهو المثال في الجسد (يقلّدون حركاته وقوله وسكناته بل وحتى زيّه وما فيه) وهو المثال في القول حتى بات بديلا عما يقوله القرآن الكريم وما يقوله الانبياء واهل الصلاح والاصلاح. اوجد السامري له وسائل اعلام ووسائل من ابواق تخدم طريقه وبات هو الاوحد ويقودهم دينًا ودنيا اي سلطة دين وسلطة دنيا. إذا أمرهم في التقدم الى الامام فهم في غفلة وإنقياد اعمى يتقدمون واذا امرهم في التاخر يتأخّرون بلا وعي ولا تنبّه، حتى وصل بالسامريين الجدد ان يتقدّسوا الى درجة مخيفة.
لقد لعب الدور الكبير في ايجاد ظاهرة السامرية الجديدة هو الاحتلال (رغم وجودها عبر التأريخ فقد أحياها هذا المحتلّ مستغلا ما جرى على المجتمع من اضطهاد من النظام الفاشي السابق فوضع خططه من وعيه او لا وعيه كي يجعل من هذه الظاهرة ممارسة طبيعية للمجتمع) وما جلب من اساليب لزرع خلاياه وابواقه واذلّائه في كل مفاصل المجتمع. الفاسدون والمفسدون، السياسيون الذين يقودون، حيث اشرف على تدريبهم من خلال دورات في مكاتبه وسفارته وفي دعوتهم الى دهاليزه في دولته ومدنه واجلسهم في فنادق النجوم الخمس ليغسل تلك الامخاخ الخاوية من اي فعل انساني حتى باتوا ينطقون كما يريد بل ويزيدون عليه. طعنوا في الاخلاق وطعنوا في الدين وطعنوا في انسانية المجتمع، لا غيرة عندهم ولا شجاعة في قول الحق الا ما يريد المستبد الذي جاء بسامريّهم او بسامريّيهم ليتسلطوا على رقاب الناس. قوم السامري الجديد يقبّلون الارض التي يسير عليها ويقدّسون نعله وسيارته ويستأنسون بشتمه لهم! في كل حزب وفي كل مجموعة سامريّ يقودهم الى الهلاك. لا وطنية ولا اخلاق ولا توجّه الّا الى السامريّ الذي سيهلكهم ثم يقول:( وَقَالَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَمَّا قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِيۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوٓاْ أَنفُسَكُمۖ مَّآ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَآ أَنتُم بِمُصۡرِخِيَّ إِنِّي كَفَرۡتُ بِمَآ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ) سورة ابراهيم 22
لقد سيطرت قنوات السامريين الاعلامية على الاعلام العربي والعراقي تمامًا الى الدرجة التي اصبحت مصدرًا للكثير من عبيد السامريين وكانها معاجم او موسوعات اخلاق وذوق وعلم بل وموسوعات دين ياخذون منها دينهم وتعاليم السماء! هنا ندقّ جرس الخطر لاسباب نجمل عددًا منها: من هؤلاء شباب وشابات بلا وعي الا من قول السامري. البطالة التي انتشرت في صفوفهم كي يستغلها السامري بتشغيلهم بطريق الارتزاق ورفدهم بالمال الذي سرق من خزائن الدولة باساليب الفساد وغيرذلك من صفقات مشبوهة على يد من يسير وراء السامري في البرلمان وفي الحكومات المتعاقبة وفي الدوائر بل ولهم القدرة على قتل من يخالف سامرييهم كما لاحظنا في الكثير من الحوادث. كما وهناك التعليم الركيك بلا منهجية ولا توجيه علمي او وطني او عملي يقدّم لبناء البلد فيكون عندها المتخرّج من هذه المدارس والجامعات خواء على خواء سواء في الوطنية او في العلم بل وحتى في التوجّه الديني الصحيح فيلقفه السامري كي يرسله الى طريق الخسران. كذلك عامل انشغال الاسر عن اولادهم وعن شبابهم مما يجعل هذه الفرص سانحة لانحراف الكثير من الشباب والشابات الى طريق السامريين بعيدا عن القيم الوطنية والدينية والاخلاقية الا مما يكتب ويقول ذلك السامري اللعين. ولا تقل لي فلانا دون فلان فالسامريون لا يعدّون ولا يحصون. فقد كان سامري العراق في الثمانينيات والتسعينيات يركب عربة مذهبة وشعبه جوعان وعريان وذليل وسامريّو الزمن الحالي يركبون الطائرات والسيارات وجيوش من الابواق تنفخ بهم وقنوات فضائية تمدّد السامريين حتى بات المجتمع من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه مليئ بالسامريين من كبير وصغير. ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.
السامريّ والذلّ والخزي!
عنوان مستفز الى حدّ ما بل هو مقزز في الاعتبارات السطحية اذا ما لم ندخل الى تفاصيل التحليل السوسيوسايكولوجي. لا شك ان الدماغ البشري هو المسيطر على كل مقاليد النفس الانسانية الطبيعية الا تلك التي ينتابها الشذوذ في هذا القانون حيث تطغي غرائز النفس على وظيفة العقل فيقترب الانسان الى ما يطلق على سلوكه بالسلوك الحيواني. يقول الباحث جيلبرت عن تطور الدماغ البشري خلال مليوني عام وما اختزنه من التطورات المعرفية والكفاءات التي تطورت من ضمن هذا التطور في ذهن الانسان وفي دماغه التكويني، ومنها كفاءة المراقبة الاجتماعية والوعي والهوية الذاتية. وهذا ما يذكره الدكتور ستان ستيندل في نشرياته فيقول: لقد تطورت الكفاءات المذكورة للمساعدة في بقائنا وبقاء الجنس البشري، ويكون من المهم عبر التاريخ مراقبة كيفية تعاملنا مع مكانتنا في المجموعة، وادى كل ذلك الى نشوء مشاعر خجولة فيما يتعلق بهذه المشاعر الواعية بالذات فيكون العار بارزًا جدا فنشعر بالعار الخارجي وهو الاعتقاد بان الاخرين يروننا غير مناسبين ودونيين وغير محبوبين وغير صالحين. كذلك نشعر بالعار الداخلي والذي يعتبر في بعض الاحيان اسلوبا داخليا وخاضعا للتعامل مع العار الخارجي.
لقد عانى المجتمع العراقي من النظام السابق من كثير من التعذيب الذي خلق له من العار الكثير الكثير، والذي انعكس على سلوك الأغلبيّة من الناس. بعد تسرّب الالاف ممن خدم النظام الفاشي السابق ومن فرقه الامنية القمعية وفرقه الاخرى حيث ساقت الالاف الى السجون ومارست معهم التعذيب الذي أدّى الى تفتيت الثقة في نفوس الكثير منهم حيث تعرضوا للتعذيب النفسي والجسدي والعقلي مما ولد عند الكثير روح الانتقام في كل زاوية من زوايا المجتمع والتاثير في الشارع بحيث رخصت النفوس وكثرت حالات القتل على اي قليل من القول او السلوك. حيث يقول في التاثير في هذا الجانب جان عمري (حيث تنتهي الروح الانسانية من اول صفعة او اعتداء جسدي او نفسي على الانسان الضحية). فظهرت العديد من الممارسات التي لم تكن موجودة وهي حبّ وودّ المضطهَد للمضطهِد رغم اذلاله من قبله، ووصل بالامر الى أن يدافع عن مغتصب حقه ويقاتل من اجل الدفاع عن الظالم الذي اودى بانسانيته. سلوك غريب يعبّر عنه بمتلازمة ستوكهولم او ما تعرف بالانكليزية
Stockholm syndrome
وهي نوع من عبودية الصدمة والتي لا تحدث بالضرورة للرهائن فقط او المضطهَدين فقط لان الجاني يضايق الضحية، لكن مقابل ذلك يبادل الضحية مشاعر قوية تجاه الجاني. ووفق نظرية فرويد فان تلك المتلازمة هي آلية للدفاع عن النفس، فعندما يؤمن الضحايا بافكار الجاني سيشعرون انهم لم يعودوا مهددين. وتلاحظ تلك المتلازمة للكثير من افراد المجتمع المضطهَد بان يحترموا ويقدّسوا من يحتقرهم ويضطهدهم بل يصل الامر الى عبادته كالسامري او ربّ السامري المفتعل. وإلّا ماذا تسمي شعور الكثير من العراقيين بعدالة صدام ومحبته وهو الذي قتل الآباء والابناء ودفن الاطفال احياء واغتصب النساء في السجون وفي دهاليز واقبية مازال عدد منها طي الخفية او لم يتم التوصل الى اثاره. بل والمصيبة التي حلّت بالبلد ايضا اصبح نفس القتلة يعملون مع ضحاياهم في نفس الوزارة او في نفس الدائرة. ومن المصائب التي اصبحت مألوفة انّ العديد من الجلادين من عبيد السامري السابق اصبحوا مستشاري وسفراء ووزراء في العديد من الحكومات وقد نهبوا من المال الكثير وفروا الى الخارج مع تلك الاموال ليعيدوا في المستقبل كرّة سامريّ جديد بأسلوب جديد.

وإن نتكلم عن المتلازمة عند مجاميع معينة فماذا تسمي من يكون من جيل لم يشهد هذا العذاب والتعذيب لكنّه يقدّس الطاغية مع وجود هاجس من حرية للتعبير!؟ وهناك من يقدّس ليس هذا الطاغية بل تعوّد على تقديس كل الطغاة القتلة والسامريين الجدد، وبنفس الوقت يبكي من جهة اخرى اذا ذكّرته بما حصل له من ظلم لتنتقل المشاعر من تلك المتلازمة الى متلازمة اخرى هي الشعور بالاضطهاد والمظلومية.
إنّ الوطنية عند هؤلاء تتحوّل حسب المصلحة وحسب الشروط والظروف الموجودة والنفس التي تصارعه ليست مبنية على روح وطنية كما عند الشعوب الاخرى بل هي خليط من تأثيرات ما بين السامريين ناهيك عن عدم وجود أيّ شعور بما تحتويه تلك النفس.
لقد بدأ السامريّون بنهب الثروات الوطنيّة وإيداعها لأغراضهم الشخصيّة وهي إضافة لسلوك جديد لشخوص السامريّة. وإنتشار عدم المعرفة وجهل واضح في إدارات مؤسسات البلد. وهنا لعبت سلطة المحتل البغيض دورًا تخريبيّاً واضحًا في حجّة نشر الديمقراطيّة الغربيّة المزعومة والمبنية في الحقيقة على تصرفات المنطق الامريكي الذي يريد نقل تجاربه الفاشلة في القيادة الى العراق. وكما يقول أحد المحللين السياسيين الصينيين الى أنّ المحتل المجرم يريد أن يرجع في تطبيقه هذا الاسلوب الى نظرية طرحها جون ميرسهيمر الاكاديمي المشهور في السياسة الدولية والتي يطلق عليها بنظرية إستراتيجيّة الهيمنة الليبرالية والتي تنصّ على أنّه (لا يمكن للولايات المتحدة ان تضمن امنها الا عن طريق تحويل الدول مثل افغانستان والعراق الى دول تتبنى النظام الديمقراطي الغربي). ومن هنا بدأت حالات الفوضى التي عاش ويعيش فيها العراق. فلا مناص من إعادة كاملة لوضع البلد من توجيه الانسان وبنائه الى بناء جيش وشرطة وطنية تتمتّع بالروح الوطنية وتطبيق القانون على الجميع. ويكون الهيكل السياسي من اختيار الشعب العراقي دون تأثير من الخارج او من تأثير اي سامريّ. ويمكن ان يكون بمساعدة دول العالم المتقدم بدون تدخّل في شؤون البلد وثقافته وعاداته وتقاليده. فالمحتل الذي بنى صروح السامريّة لا يمكن ان يبني بلدًا يتمتّع بديمقراطية وسط هذه الفوضى التي لا تحترم فيها ثقافة ولا علم ولا دين ولا تقليد ولا حتى اخلاق المجتمع العراقي المعروف عنه لسنين طويلة حتى قدوم المستبد الفاشي الذي حكم البلد بالحديد والنار. لا نخفي بعض النجاحات التي تتحقق عن طريق بعض الكفاءات الوطنية التي تعمل بما متوفّر لها من نظافة عقل وضمير. وهي مجاميع قليلة صاحبة اخلاق رفيعة وانسانية دفّاقة وهي البصيص البسيط جدًا لامل يلوح في الافق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض