الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبدأ ايزنهاور 1957 موقف لبنان وردود الفعل العربية

الياس عفيف سليمان

2023 / 4 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ان مبدأ الرئيس الامريكي دوايت ايزنهاور المعروف بمبدأ ايزنهاور هو خط وفكر سياسي
سارت عليه الحكومة الامريكية في عهد الرئيس المذكور. في الخامس من يناير 1957، القى
الرئيس ايزنهاور بيانا امام الكونغرس شرح فيه بالتفصيل سياسة حكومته الشرق اوسطية بان
كل دولة في الشرق الاوسط تشعر بخطر الشيوعية الدولية عليها يمكنها طلب المساعدة من
الولايات المتحدة الامريكية والتي ستبادر فورا الى تقديم المساعدة اللازمة.
في 7 يناير 1957 وبعد يومين من اعلان مبدأ ايزنهاور توجه وزير الخارجية اللبنانية شارل
مالك الى واشنطن واجتمع في 6 فبراير بالرئيس الامريكي وخرج ليصرح بانه يؤيد السياسة
الامريكية الجديدة في الشرق الاوسط وانه سيبذل جهده للفوز بتأييد دول المنطقة لهذه السياسة.
في 9 مارس عاد الى بيروت، وفي 14 منه وصل السفير الامريكي جيمس ريتشارد الى
بيروت مبعوثا من قبل رئيسه لشرح مبدأ ايزنهاور لدول المنطقة، وتمخضت مباحثاته في
بيروت بتوقيع بيان مشترك لبناني – امريكي في 16 مارس 1957 مع شارل مالك يعلن قبول
لبنان مبدأ ايزنهاور.
في 4 ابريل 1957 ادلى رئيس الحكومة اللبنانية سامي الصلح بيان مفصل امام المجلس النيابي
اعتبر فيه ان البيان الامريكي – اللبناني هو لصالح لبنان والعرب جميعا وقال & ان لهذا البيان
ثلاث نواح: سياسية، اقتصادية وعسكرية. وانه اذا تعرض لبنان لعدوان شيوعي وطلب مساعدة
عسكرية من الولايات المتحدة لصد هذا العدوان والدفاع عن استقلاله فالولايات المتحدة وفقا
لمقترحات الرئيس ايزنهاور تساعد فورا وبجميع الوسائل الدفاعية التي تملكها فلن نجد انفسنا
بعد الان منفردين اذا وقع علينا أي عدوان شيوعي & . وفي 29 اغسطس 1957 عاد الصلح
ليؤكد سياسة حكومته الراغبة في التعاون مع الولايات المتحدة على اساس مبدأ ايزنهاور.
في 26 نوفمبر 1957 ادلى وزير الخارجية اللبنانية شارل مالك بيان مطول امام المجلس
النيابي بدأه بالكلام عما قام به الوفد اللبناني في الامم المتحدة من جهود لخدمة قضايا العرب. ثم
انتقل الى الحديث تفصيلا عن العلاقات اللبنانية الامريكية فأشار الى ان لبنان يتلقى من
الولايات المتحدة مساعدات عسكرية واقتصادية وتقوم بين البلدين علاقات سياسية ودية، كما
واشاد بالدور الذي قامت به الولايات المتحدة منذ بدء عهد الاستقلال وانها كانت في طليعة
المعترفين بلبنان والمؤيدين له. وتطرق مالك الى زيارة ريتشارد الى لبنان والبلاغ المشترك
الصادر في 16 مارس وانه حين تحدث امام لجنة الشؤون الخارجية في 19 سبتمبر قبيل سفره

الى الامم المتحدة ومن قبل في مجلس النواب في 6 ابريل، كان يتحدث باسم الحكومة وان
الاجوبة التي ادلى بها تقيد الحكومة بمجموعها. كما ولخص الأسئلة الثلاثة التي وجهت اليه في
المجلس النيابي وفي لجنة الشؤون الخارجية واجوبته عليها وهي: اولا، هل البيان المشترك
معاهدة دفاع متبادل؟ وكان جوابه ان البيان المشترك ليس معاهدة دفاع ولا يفرض على لبنان
اية التزامات بمساعدة الولايات المتحدة اذ دخلت حربا ضد دولة اخرى. السؤال الثاني، هل
الولايات المتحدة على استعداد لمساعدة لبنان في حال وقوع عدوان شيوعي او إسرائيلي؟
فأجاب ان المساعدة الامريكية ستكون في حال وقوع اعتداء شيوعي او اسرائيلي. السؤال
الثالث، هل البيان المشترك يلزم لبنان بمشاركة الولايات المتحدة في وضع حلول لقضايا الشرق
الاوسط وهل يمهد لعقد الصلح مع اسرائيل؟ فنفى وجود اي التزام من هذا النوع.
وعلق رئيس المجلس النيابي عادل عسيران على مشروع ايزنهاور بقوله & يهدف مشروع
الرئيس ايزنهاور الى تحقيق امرين، الاول مقاومة الشيوعية وعدم تمكينها من التسرب الى
والسيطرة في بلدان الشرق الاوسط والثاني مساعدة بلدان الشرق الاوسط اقتصاديا لكي تتمكن
من ان ترفع مستوى معيشتها وبالتالي بان تحافظ على حريتها واستقلالها.
اما بيار الجميل رئيس حزب الكتائب اللبنانية واحد اقطاب المارونية السياسية واحد العاملين في
خط السياسة الغربية في لبنان فيقول: & اني اوافق على مشروع الرئيس ايزنهاور واتمنى ان
يتحقق لأنه عرض بالمساعدة ضمن احترام السيادة والاستقلال. واني اعتبر ان كل من يعارض
هذا المشروع عن قصد او عن غير قصد انما يخدم روسيا ضد مصلحة بلاده & .
جاءت ابرز مواقف المعارضة من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط حيث عرض
رأي الحزب من المشروع في بيان اذاعه في مؤتمر صحافي عقده في 21 يناير 1957 جاء
فيه: & ان الحزب التقدمي الاشتراكي يشجع كل اتجاه ايجابي نحو تعاون امريكا مع أي دولة في
الشرق الاوسط بتنمية قوتها الاقتصادية لصيانة استقلالها شرط ان تكون المساعدة دون قيد او
شرط سياسي. ان الحزب يرى ضرورة درس بيان الرئيس الامريكي ومناقشته واتخاذ موقف
وقرار بشأنه في الجامعة العربية تجنبا لانقسام الرأي & .
وعبرت الهيئة الوطنية عن موقفها في بيان اصدرته مفاده & ان مجلس النواب القائم هو على
نهاية مدته النيابية لذلك فان تقرير أي اتجاه اساسي في مصير لبنان لا يمكن اعتباره معبرا عن
راي البلاد بل يقتضي ترك ذلك الى انتخابات مقبلة شاملة. وان البيان الامريكي اللبناني وان
كان سيحقق افادة لبعض المشاريع فانه سيعرض لبنان الى اخطار المواجهة بين المعسكرين
ويبعده عن محيطه العربي. ودعت الهيئة الوطنية النواب الى عدم الموافقة وعدم التصديق على
المشروع & . وللتأكيد على مدى الرفض لسياسة وزير الخارجية مالك المؤيدة للأحلاف الغربية
ولمبدأ ايزنهاور ننقل تصريحا لفيليب تقلا وهو وزير سابق للخارجية امام المجلس النيابي في
26 مارس 1958 جاء فيه : ان اصل اختلافنا بالراي مع وزير الخارجية يعود الى ايماننا بان
كل سياسة خارجية في أي دولة يجب ان تعكس احوال تلك الدولة الداخلية وظروف محيطها
وحاجات شعبها.

بالنسبة لمبدأ ايزنهاور والسياسة العربية، ففي الواقع ان سياسة المحاور العربية والخلافات
العربية التي بدأت في اوائل الخمسينات مع مشاريع الغرب واحلافه عادت مع مبدأ ايزنهاور
الى الواجهة فكان هذا المبدأ بمثابة الفتيل الذي اشعل نار الخلافات العربية مجددا. دول عربية
بينها لبنان رحبت وايدت ودول اخرى رفضت وعملت على افشاله وعلى راسها مصر برئاسة
جمال عبد الناصر. وفي اول رد فعل عربي رسمي على مشروع ايزنهاور، عقد في القاهرة في
منتصف يناير 1957 مؤتمر قمة رباعي غاب عنه لبنان، ضم الرئيس المصري جمال عبد
الناصر والرئيس السوري شكري القوتلي والملك الاردني الحسين بن طلال والملك السعودي
سعود بن عبد العزيز. وقد رفض المؤتمرون المشروع وجاء في البلاغ المشترك الذي اصدروه
ما يلي : & بعد بحث الحالة الدولية بصورة عامة والقضايا العربية بصورة خاصة قررت البلدان
العربية الاربعة رفض مبدأ ايزنهاور. وقد كلفت البلدان الاربعة الملك سعود بأن يكون الناطق
باسمها & .
بعد مؤتمر القمة سافر اللك سعود الى واشنطن وهناك بدا اكثر ميلا لقبول مبدأ ايزنهاور فقد
صرح ان المشروع مفيد ويجب دراسته كما تحدث البلاغ المشترك الذي صدر في اعقاب
زيارته عن توافق في وجهات النظر بين البلدين. وبين 25 و 27 فبراير 1957 وعلى اثر
عودة الملك سعود عقد في في القاهرة مؤتمر قمة ثان للدول الاربع سيطر عليه جو التوتر اذ
نشب خلاف بين عبد الناصر وسعود ووقف الحسين الى جانب سعود بينما حاول القوتلي
التوسط وايجاد المخرج الملائم. وانتهى المؤتمر ببلاغ مشترك تجنب ذكر المشروع كليا وتحدث
عن الحياد الايجابي كمخرج للمأزق.
في 21 مارس 1957 اجتمع مجلس جامعة الدول العربية وسط الخلافات العربية المستحكمة
ولم يصدر قرارات واضحة ومحددة حول المشروع الامريكي المطروح. وبعد يومين في 23
مارس قام كميل شمعون رئيس الجمهورية اللبنانية بزيارة الى المملكة العربية السعودية واجتمع
مع الملك سعود وتحدث البلاغ المشترك الذي صدر في اعقاب الزيارة عن توافق تام في وجه
النظر بين البلدين بشأن مقاومة & الشيوعية الهدامة& .
في 26 يوليو 1957 القى الرئيس المصري جمال عبد الناصر خطابا هاما في الاسكندرية
بمناسبة الذكرى الاولى لتأميم قناة السويس رفض فيه مجددا مبدأ ايزنهاور وندد بالدول التي
قبلته واعتبر ان من يريد التضامن العربي لخدمة الاستعمار هو خائن لبلده وعروبته.
ويبدو ان نار الخلافات بين الدول العربية والتي فرقت صفوفها ظلت متأججة. واذا كان عام
1957 عام مبدأ ايزنهاور بالنسبة للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط فانه كان عام الخلافات
العربية الذي اثارها هذا المبدأ وهذه السياسة الامريكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها