الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توطئة اولية لفهم روسيا القومية والارثوذكسية

جورج حداد

2023 / 4 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بعد سقوط التجربة السوفياتية، فإن المرحلة التي يمر بها العالم اليوم، وبالأخص العالم العربي، هي مرحلة تاريخية جديدة لاعادة بناء النظام العالمي القائم. ولكن دينامية الاحداث، وتسارعها، وتناقضاتها، يجعل الكثير من المراقبين والمحللين الموضوعيين، ناهيك عن المشاركين في كل حدث، يضيّعون البوصلة. والهدف من هذا البحث المتواضع هو محاولة الإضاءة على بعض المحركات التاريخية الأساسية للاحداث.
من يكتب التاريخ؟
هناك مقولة مأثورة تؤمن بها الغالبية الساحقة من الناس، وهي: ان التاريخ يكتبه المنتصرون!
ولكن هذه المقولة تلوي عنق الحقيقة ليس فقط ضد المغلوبين، بل وضد المنتصرين انفسهم أحيانا كثيرة، وربما في اغلب الأحيان!
والاصح القول ان التاريخ يكتبه المتسلطون والمتنفذون والانتهازيون.
النخاسون اليهود "كتبوا" وأسطروا التاريخ القديم
مثال على ذلك ــ من التاريخ القديم: ان روما هي التي انتصرت على قرطاجة في الحروب البونية، ولم يكن النخاسون اليهود اكثر من "شريحة طبقية وظيفية" تمتهن المهنة المحتقرة (مهنة التجارة بالبشر). وكان هؤلاء النخاسون يسيرون في اعقاب الجيش الروماني، محملين بالاموال وبالاغلال، كي يشتروا منه (بسعر الجملة المخفض) الاسرى والسبايا بعد كل معركة، فيصفـّدونهم ويسوقونهم كالقطيع الى حيث يقومون باذلالهم جميعا، وخصوصا بالاغتصاب الوحشي للنساء الحرائر وللصبيان، وتحطيم انسانيتهم، ثم "تدريبهم" على الخنوع وتأهيلهم لحياة العبودية، ثم يبيعونهم فرادى (بأسعار المفرق العالية) الى الامراء والنبلاء والوجهاء. واذا اردنا استخدام بعض تعابير الاقتصاد السياسي، الماركسي او غيره، نقول ان التراكم الاولي للرأسمال لم ينتج عن المتاجرة (او التبادل) بأي سلعة أخرى، مانيفاكتورية او صناعية، كما لم ينتج عن القرصنة البحرية التي مارستها بريطانيا عشية وفي مطلع الثورة الصناعية، بل نتج، أولا، ومنذ زمن بعيد، عن القرصنة الرومانية على البشر، أي صيد الشعوب بواسطة الحروب، ومن ثم تحويل الناس الى عبيد، والمتاجرة اليهودية بهذه "السلع البشرية" ذاتها، التي كان "يصطادها" الرومان في حروبهم المظفرة. ولم يكن اليهود سوى ملحق هامشي، طفيلي، بالجيش الروماني المنتصر. ولكنهم كانوا اول تجار بشر في التاريخ. وهذا هو السبب الجوهري الذي جعلهم يعتبرون انفسهم "فوق كل البشر" وهو ما اضفوا عليه طابعا دينيا تحت التسمية الوصفية: "شعب الله المختار"، تنزه الله عنهم وعن افعالهم واقوالهم.
فمن هو الذي "كتب التاريخ القديم للعالم"؟
هل هو الجيش الروماني المظفر بأكاليل "الغار"؟
ام أصحاب مهنة النخاسة المحتقرة: اليهود؟
لا شك ان روما كتبت صيغتها للتاريخ القديم. ولكنها بقيت صيغة "مخصوصة" بروما فقط.
ولكن التاريخ القديم بصيغته المعممة، فقد كتبه النخاسون اليهود الذين اخترعوا الها عنصريا لبني إسرائيل، وجعلوا من انفسهم "شعب الله المختار". وأسطروا هذا التاريخ واعطوه طابعا قدسيا، الى درجة ان الديانة المسيحية ذاتها، التي كانت تمثل ثورة فكرية واجتماعية واخلاقية ودينية ضد اليهودية وضد روما، اعترفت بـ"قدسية" توراة اليهود. والى درجة ان الديانة الإسلامية ذاتها جعلت لبني إسرائيل منزلة مميزة بين سائر البشر.

والتاريخ الحديث كتب ضد روسيا!
ومثال آخر ــ من التاريخ الحديث: في الحرب العالمية الثانية كان الاتحاد السوفياتي (وقلبه روسيا) هو الضحية الأكبر للنازية الهتلرية، وهو الذي قدم الفاتورة الأكبر من التضحيات (ادنى الإحصاءات تقول ان الاتحاد السوفياتي قدم 26 مليون شهيد، أي تقريبا نصف فاتورة الخسائر البشرية في هذه الحرب)، وفي الوقت ذاته فإن الاتحاد السوفياتي (وروسيا) كان هو بالتحديد المنتصر الأكبر على النازية. ولولا روسيا السوفياتية لاحتلت النازية أوروبا وأميركا والعالم الى اليوم، ولما بقي يهودي واحد على وجه الأرض، كي ــ على الاقل ــ تتاح له فرصة المتاجرة المحببة الان لليهود أي المتاجرة بالهولوكوست. وكانت مشاركة "الحلفاء الدمقراطيين" واليهود في الحرب مشاركة هامشية بل واستعراضية فولكلورية (الجبهة الثانية، او ما يسمى انزال النورماندي وما اعقبه، لم تفتح الا في أواخر الحرب سنة 1944، وضحايا اميركا هم لا اكثر من 250 الف قتيل، أي اقل من نصف عدد ضحايا بلد صغير كاليونان. وبعد ان اكتسح الجيش السوفياتي (الروسي) برلين وتجاوزها 400 كلم وأجبر هتلر على الانتحار، وصار في امكان الجيش الأحمر اكتساح أوروبا كلها، وتطهيرها من النازية والرأسمالية، تم ــ على عجل ــ ارسال وحدات رمزية من القوات الأميركية والانجليزية والفرنسية وانزالها بالباراشوت في برلين، كي تشارك في استعراض النصر، وكي يقال ان "جميع!!!" الحلفاء شاركوا الى جانب الجيش الأحمر في فتح برلين، وهو "كذب دمقراطي ـ يهودي" حلال!).
فهل الاتحاد السوفياتي، وبالأخص تحديدا روسيا، المنتصر الأول وشبه الوحيد، هو او هي التي كتبت التاريخ المعاصر للعالم؟!
كلا! ان التاريخ المعاصر، الذي لا يزال عشرات وربما مئات الملايين من شهوده احياء، كتب ويكتب ليس فقط بدون روسيا، بل وضدها! وهو مليء بالاكاذيب والشعوذات الديماغوجية ولا سيما "الدمقراطية" ضد روسيا.
الأكاذيب الشائعة
ومن الأكاذيب العالمية الشائعة ان العداء الغربي لروسيا ليس قبْليا (a priori) بل هو نشأ بسبب تبنيها لـ"الشيوعية" في مرحلة تاريخية معينة في نهاية الحرب العالمية الأولى وما بعدها.
ولكن الصحيح هو العكس تماما: ان "الشيوعية" هي علم اجتماع معاد للرأسمالية والاستعمار والامبريالية الغربية، ولد في الغرب ذاته، وان روسيا كانت عدوة للغرب "قبل ولادة الشيوعية"، وان أول "ثورة شيوعية" (كومونة باريس) حدثت في الغرب ذاته، وقد تبنت روسيا "الشيوعية" (المعادية للرأسمالية والاستعمار والامبريالية)، ليس كعداء روسي قبـْلي للغرب، بل كرد فعل لاحق او بـَعْدي (a posteriori) على عداء الغرب الرأسمالي الاستعماري لروسيا. وها هي روسيا اليوم لا تزال عدوة للغرب الرأسمالي الاستعماري والامبريالي بعد انهيار مرحلة تبني "الشيوعية". فروسيا لم تصبح عدوة للغرب لانها "تبنت الشيوعية"، بل الاصح القول انها "تبنت الشيوعية" لانها ـ أي روسيا ـ هي من الأساس كانت وستبقى عدوة للغرب الرأسمالي الاستعماري والامبريالي، الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا. ولا يغير من هذه الحقيقة شيئا بعض خونة الشيوعية الروس كستالين (قاتل لينين ومحرّف والمزور الاكبر للماركسية ــ اللينينية، وحليف هتلر ثم روزفلت وتشرشل، الذي حول الاشتراكية الى نظام رأسمالية دولة ــ استبدادي دكتاتوري) ونيكيتا خروشوف (الذي أعاد الاعتبار على المكشوف للرأسمالية والذي يعمل ابنه سيرغيي الان جاسوسا اميركيا رسميا) وغورباتشوف (الذي فتح الاتحاد السوفياتي للاحتكارات الغربية والعصابات اليهودية) ويلتسين (الذي قصف البرلمان الروسي بأمر "دمقراطي" مباشر من البيت الأبيض الأميركي، خلال احداث تشرين الاول 1993) وخونة الشيوعية العرب كفؤاد النمري وفخري كريم وكريم مروة والياس عطالله الذين التحقوا بالامبريالية وبالقطار الأميركي واصبحوا من المدافعين عن الرأسمالية بهذا الشكل او ذاك.
واذا كلف أي مفكر او باحث عادي نفسه عناء تقليب صفحات التاريخ، سيكتشف الحقائق ببساطة، كبساطة شروق الشمس من الشرق وغروبها في الغرب.
الانقسام العدائي التاريخي بين الغرب والشرق
في 146ق.م سقطت قرطاجة بأيدي الرومان، وقتل 300 الف من اهاليها ذبحا وحرقا، اما بقية السكان أي الـ 400 الف الذين شاء سوء حظهم ان يبقوا احياء، فقد بيعوا عبيدا للنخاسين اليهود، ثم دمرت المدينة العظيمة تدميرا كاملا ومحيت تماما من الخريطة. وبسقوط قرطاجة سقط خط الدفاع الأخير لنظام المشاعية البدائية الذي كان يمثله "حزب" عائلة برقة (هملقار وهنبعل الخ)، وانتصر نظام الرق، او نظام العمل العبودي، الذي كانت تمثله روما التي كانت تضطلع بدور "صيد البشر" (ومعها طبعا اليهود كنخاسين).
منذ ذلك التاريخ انقسم العالم نهائيا الى غرب وشرق (لا بالمعنى الجغرافي، بل بالمعنى الحضاري والجيوسياسي، والدول الظالمة والشعوب المظلومة):
ــ غرب جشع طامع للاستعباد والاستعمار؛
ــ وشرق حضاري، غني ومستكفٍ، ولكنه محط أطماع الغرب الاستعماري.
وفي ثنايا هذا الانقسام تنطوي نقطة وجودية مصيرية وهي: ان الانقسام الطبقي بين السادة (مالكي وتجار العبيد) وبين العبيد، اتخذ طابعا جغرافيا ـ قوميا:
ــ السادة هم "الغربيون"، الرومان والمترومنون ومعهم اليهود؛
ــ والعبيد (والمرشحون للعبودية) هم "الشرقيون" الافارقة والاسيويون، الذين ألحق بهم لاحقا الاغريق والسلافيون والاميركيون الجنوبيون.
وفي ظل هذا الانقسام التراجيدي للعالم، فضلت كليوبترا ان تموت في مصر بسم الافعى على ان تعيش في روما ملكة مستذَلة و"واجهة ملكية" غربية ــ رومانية لاستعباد الشرق.
وانقسام الكنيسة
واذا تجردنا عن الجوانب اللاهوتية والليتورجية التي ليست من اختصاصنا، ولا علاقة لها بموضوع هذا البحث، نجد ان جوهر الانقسام (شرق ـ وغرب... لا يلتقيان) يجد انعكاسه في الانقسام اللاحق للكنيسة الى جناحين:
أ ــ المسيحية الشرقية (الارثوذكسية). وكل المسيحيين الشرقيين هم في الأساس ارثوذكس.
واذا كان موارنة لبنان اليوم يتبعون روما كَنَسيا، فإن القديس مار مارون نفسه واتباعه من المؤمنين والرهبان انفسهم كانوا سريانا ارثوذوكسا معادين لروما وسلطتها وامبراطورها. والا لما قامت الإمبراطورية البيزنطية المترومنة بمحاربتهم وقتل رهبانهم الاطهار وتدمير اديرتهم وكنائسهم، مما اجبر غالبيتهم على النزوح من شمال سوريا (الحالية) الى جبال لبنان، للاحتماء من الاضطهاد والتنكيل والقتل على ايدي الرومان والمترومنين. ولا تزال اللغة السريانية تستخدم الى اليوم في القداديس المارونية في لبنان. وهذه المسيحية الشرقية هي مسيحية "عربية" (بالمفهوم الحقيقي، أي المفهوم الحضاري، لا المفهوم القـَبـَلي ـ السلالي ـ الاستيطاني للعروبة الشوفينية)، أي هي مسيحية ارامية الأصل، بوصف الارامية، التي تكلم وبشر بها السيد المسيح، كانت تمثل "ثقافة" و"دين" الشعوب الشرقية القديمة التي تشكلت منها "الامة العربية"، والتي كان يجمعها النضال المشترك ضد روما وضد اليهود = قَتَلَة السيد المسيح.
ب ــ والمسيحية الغربية، الرومانية والمترومنة، بوصفها دين الدولة الرسمي للامبراطورية الرومانية = قاتلة المسيح (ومذنبها بيزنطية في مرحلتها الأولى قبل استقلالها التام عن روما). وفي هذا الصدد يمكن القول ان بعض الموارنة (مجازا)، الذين اختاروا في زمننا السير في ركاب اسرائيل والغرب الامبريالي، ضد الفلسطينيين والعرب وروسيا (= القاعدة الاساسية والرئيسية للمسيحية الشرقية "الاورثوذكسية") الاحرى بهم تسميتهم "روامنة"، اي اتباع روما، وليس ابدا "موارنة" = الاتباع الخلّص للقديس مار مارون.
وبعد هذا التمييز بين "المسيحيتين"، سنكتشف ان المسيحية الغربية كانت الأداة الدينية الرسمية لسلطة الدولة الاستعمارية ــ الاستعبادية الرومانية ومن ثم وَرَثَتها.
وهنا علينا تسليط الضوء على النقطتين التاليتين:
الأولى ـ ان القديس قسطنطين الكبير (الذي كان امبراطورا لروما التي كانت تضطهد المسيحيين الاصليين "الشرقيين" بوحشية منقطعة النظير) حينما اكتشف ان والدته ذاتها، القديسة هيلانة، كانت قد تحولت الى المسيحية، تأثر كثيرا، ومال هو نفسه لتبني المسيحية، لا بدافع ايماني، بل بدافع انتهازي سياسي هو استخدام المسيحية لمصلحة الدولة الرومانية. ولكن الاباطرة الذين جاؤوا بعد قسطنطين عادوا فنقضوا المسيحية، ثم عادوا فتبنوها مرة أخرى. وفي المحصلة التاريخية فإن الإمبراطورية الرومانية (بقسميها الغربي ـ اللاتيني والشرقي ـ البيزنطي) استخدمت الدين المسيحي كدين رسمي للدولة، دين لاخضاع الشعوب لمصلحة الدولة، وليس ايمانا بالمسيحية بحد ذاتها. ولذلك يجب التفريق بعمق بين:
ــ "مسيحية القديسة هيلانة"، التي هي مسيحية معادية لروما ونظامها العبودي المعادي لشعوب الشرق، حتى حينما كان ابنها امبراطورا؛
ــ و"مسيحية الامبراطورية الرومانية" (والبيزنطية المترومنة في مرحلتها الاولى كانت جزءًا منها).
وهذان التياران، المسيحية الشرقية الشعبية، والمسيحية الغربية السلطوية، انعكسا بعمق في المجتمع الاغريقي، حيث ان القسم الأعظم من الطبقة الغنية والحاكمة والمتسلطة، بما في ذلك جزء كبير من رجال الكنيسة كان يميل (تبعا لمصالحه الطبقية) الى "الرومنة" او الالتحاق بروما والتشبه بها وبنظامها العبودي والاستعماري. في حين ان غالبية الشعب الاغريقي اختارت المسيحية الشرقية الحقيقية المناضلة ضد العبودية بشكل عام وضد الالتحاق بروما و"الرومنة" بشكل خاص. وهذا ما جعل روما فيما بعد توجه حملتها "الصليبية" الرابعة (في 1204م) ضد "القسطنطينية" بالذات، حيث تم مهاجمة وتخريب ونهب حتى الاديرة والكنائس الارثوذكسية وقتل الرهبان والراهبات؛ واخيرا ان تتواطأ مع اليهود لاسقاط القسطنطينية بايدي العثمانيين (في 1453م).
وطبعا وجد هذا الانقسام انعكاسه في الكنيسة اليونانية، التي لا تزال الى اليوم تتذبذب بين "روما = الغرب" وفلسطين، بين "الفاتيكان" و"موسكو".
من هو الأرثوذكسي؟
والنقطة الثانية هي: ان الأصل في المسيحية الحقيقية، الشعبية، هو: الارثوذكسية. والكلمة اليونانية المركبة: أرثو ـ ذوكسي، تعني "الطريق القويم" او "الصراط المستقيم". وباختصار تعني: المستقيم، او الصحيح، او الصادق، او الحق (الحقيقي).
ونحن هنا طبعا لسنا في بحث لغوي وقاموسي عن معنى كلمة ارثوذكسي، وفي الوقت ذاته لسنا في صدد البحث في الجوانب اللاهوتية والليتورجية المذهبية (التي نحترمها بحد ذاتها ونحترم طوائفها)، بل ما يهمنا لفت النظر اليه، وهو للأسف الشديد ما لم يحظ بالاهتمام الكافي، او لم يحظ بأي اهتمام من جانب مفكرينا وكتابنا، هو الجانب الاجتماعي والقومي في تسمية ارثوذكسي، بمعناها المبسط: المستقيم، او الصحيح، او الصادق، او الحق.
ولشرح فكرتنا نقول: ان كلمات مثل كلمة "مسيحيين" مثلا لها معنى ديني وهو "اتباع السيد المسيح"، وكلمة "محمديين" او "مسلمين" تعني "اتباع النبي محمد" او "اتباع الدين الإسلامي"، وكلمة "ماروني" تعني اتباع القديس مار مارون، وكلمة "شيعي" او "سني"، تعني اتباع المذهب الشيعي او السني، الخ.
اما كلمة "ارثوذكسي" (المستقيم، الصحيح، الصادق، الحق) فهي في الأساس ليس لها بحد ذاتها معنى انتماء ديني او مذهبي، بل هي تعطي معنى تأكيديا عاما للانتماء المعين. فيمكن القول مثلا: حزبي ارثوذكسي، دمقراطي ارثوذكسي، ليبيرالي ارثوذكسي، شيوعي ارثوذكسي، الخ.
واذا استثنينا تسمية "روم اورثوذكس"، التي هي في رأينا المتواضع تسمية غريبة ومستهجنة، والتي اطلقت زورا على نصارى الجزيرة العربية (اليمن، نجد والحجاز)؛ ـ نقول: اننا اذا قمنا بهذا الاستثناء، نجد ان هذه التسمية التوصيفية (اورثوذكس) قد اطلقت على القوميات القديمة التي تبنت المسيحية. فسميت ـ حتى يومنا هذا: "ارمن ارثوذكسا"، "سريانا ارثوذكسا"، "اقباطا اورثوذكسا" الخ. بمعنى: "ارمني صحيح او حقيقي"، "سرياني صحيح او حقيقي"، "قبطي صحيح او حقيقي" الخ. اي ان التوصيف (اورثوذكسي = مستقيم او حقيقي) هو في الاصل لحالة قومية وليس لحالة دينية او مذهبية.
وليس هناك التباس في ان تسمية "ارمني" او "ارمن" تدل على الانتماء القومي للشعب الأرمني الصديق. ولكن هناك التباس عند الكثير من الكتاب والباحثين انفسهم حول تسميات مثل "سرياني"، "اثوري"، "قبطي" الخ. اذ يعتقدون انها في الاصل تسميات دينية، في حين انها في الأساس تسميات "قومية"، للاقوام القديمة التي كانت تستوطن سوريا الكبرى، والعراق، ومصر. وجاء وقت كان فيه سكان جميع هذه المناطق مسيحيين. وكل من هذه الشعوب القديمة كانت له لغته (او لهجته) وعاداته وتقاليده واطاره الوطني الخاص. وكان لكل منها كنيسته الوطنية المستقلة.
وكانت شعوب منطقتنا كلها تحت الاحتلال الروماني وتتعرض للاستبداد والقهر والاستعباد من قبل روما. وكانت قمة الاستبداد الروماني اعتقال وتعذيب وصلب السيد المسيح.
لقد كانت قرطاجة آخر قلعة مقاومة تقف بوجه الاجتياح الروماني لما نسميه اليوم "الوطن العربي الكبير".
وخلال الحروب البونية او الفونية (بين روما وقرطاجة)، وخصوصا بعد سقوط قرطاجة، وتدميرها الكلي وابادة واستعباد اهاليها الاشاوس، فإن المقاومة لم تتوقف، ولكنها (خصوصا بعد فشل ثورات العبيد، وابرزها الثورة بقيادة العبد السبارطي "السلافي ــ الاغريقي؟؟؟" سبارتاكوس) (في 73ق.م)، اتخذت شكلا فلسفيا ــ أخلاقيا تمثل بالخصوص في انتشار ما سمي "الفلسفة الرواقية" التي سبق وطرحها الفيلسوف الفينيقي ـ الاغريقي "زينون الفينيقي" او "الرواقي" (334ق.م ـ 262ق.م) والتي تتمحور حول معارضة العبودية والدعوة الى الحرية والفضيلة والانسجام مع قوانين الطبيعة. وقد انتشرت الرواقية في أوساط النخبة، وكانت بمثابة مقدمة او تمهيد فكري ــ فلسفي ــ أخلاقي ــ تربوي، للمسيحية. كما اتخذت المقاومة شكلا سياسيا ــ حضاريا، بظهور الحضارة الهيلينيستية، التي هي نتيجة تدامج الحضارة الهيلينية (الاغريقية) القديمة مع الحضارات الفينيقية والاشورية والقبطية والفارسية والشرقية الاخرى، والانتشار واسع النطاق للغتين الارامية (التي تكلم وكرز بها السيد المسيح) واليونانية، التي كتبت بها غالبية اسفار الكتاب المقدس ثم ترجم اليها كل الكتاب المقدس (ما يعرف بالترجمة السبعونية، التي صارت هي النص المرجعي المعتمد كَنَسيا للكتاب المقدس).
وفي هذا السياق، ظهرت المسيحية وتحولت الى حركة اجتماعية، سياسية، وطنية او قومية، ذات شكل ديني، ضد روما.
وقد تعرض المسيحيون الأوائل لاشد أنواع الاضطهاد والتعذيب والقتل والابادات الجماعية على ايدي الرومان وحلفائهم اليهود. ويتحدث القرآن الكريم عن "أصحاب الاخدود" حيث قام اتباع روما واليهود باحراق سكان مدينة كاملة في اليمن (وبصرف النظر عن بعض القصص الشعبوية للتسلية كقصص موسى اليهودي وفرعون، ويوسف اليهودي وفرعون، ربما كانت تراجيديا "اصحاب الاخدود" اول هولوكوست = محرقة دينية في التاريخ). كما ان الحكام المترومنين واليهود سيروا حملة ما يسمى "عام الفيل" بقيادة ابرهة الاشرم، قبل ظهور الرسالة المحمدية، لهدم الكعبة المشرفة وصف سائر العرب عن الحج اليها، وللقضاء على المسيحيين الشرقيين في مكة المكرمة وشبه الجزيرة العربية، ولكن الحملة فشلت لانها واجهت مقاومة شديدة الى درجة ان القرآن الكريم يقول ان الملائكة ذاتها قاتلت ضد جيش ابرهة الاشرم.
ومع ان روما هي التي قتلت مار بطرس، وصلبته مقلوبا ورأسه الى اسفل (لمزيد من التشفي والاحتقار)، فبعد ان تم تبني الإمبراطورية الرومانية للديانة المسيحية لتحويلها الى ديانة للدولة بهدف اخضاع الشعوب المستعبدة للامبراطورية، وبدلا من ان تعترف السلطة الرومانية بجرائمها الكبرى ضد المسيحية، وعلى رأسها جريمة اعتقال وتعذيب واهانة وصلب السيد المسيح (حسب الرواية المسيحية)، فإنها حولت روما ذاتها الى مركز للكنيسة المسيحية التي سمتها "الكاثوليكية"، ومعناها حتى القاموسي (totalitarian) او (universal)، أي الشمولية العالمية، أي ــ باللغة السياسية المعاصرة ــ : المذهب او النظام الكنسي الشمولي، التوتاليتاري، الذي تتخلى فيه جميع الكنائس التي تنتسب اليها عن وطنيتها، وتخضع لسلطة كنيسة روما، الخاضعة بدورها للسلطة الإمبراطورية الرومانية.
وهكذا وبصرف النظر عن الايمان المسيحي الصادق للغالبية الساحقة للشعوب الغربية والنوايا المسيحية الطيبة لقسم كبير من رجال الدين في الكنيسة الغربية، فإن جهاز الكنيسة الكاثوليكية الغربية بحد ذاته أنشئ في الاساس كــأداة دينية ــ فكرية ــ أخلاقية ــ إدارية لاخضاع الشعوب الشرقية المعادية للامبراطوية الرومانية واستعمارها واستعبادها.
لا شك ان المسيح هو واحد، ورسالته هي واحدة، والديانة المسيحية الحقيقية هي ديانة واحدة لكل الشعوب والجماهير الشعبية المسيحية في العالم، أي انها ديانة اممية. ولكن اممية الديانة المسيحية تقوم على المسيحية الطوعية لكل امة من خلال ظروفها القومية ذاتها، وعلى الاستقلالية الوطنية لكنيسة كل امة، وعلى التآخي الطوعي والحر لجميع الكنائس الوطنية، دون سيطرة كنيسة على أخرى، منعا لاستخدام أي كنيسة كأداة سيطرة لسلطة بلدها. وفي ظروف النضال ضد نظام العبودية الروماني، فإن هذا المعنى كان يقصد به بالدرجة الأولى روما وكنيستها والامبراطورية الرومانية. وهكذا ظهر اتجاهان في ما يمكن ان نسميه "الأممية المسيحية":
ــ1ــ اتجاه تسلطي شمولي (توتاليتاري) قادته للأسف كنيسة روما (الكاثوليكية) والذي تم تكريسه بالمبدأ الغريب تماما عن جوهر المسيحية والقائل بمعصومية البابا من الخطأ او الخطيئة، وكأنه غير بشر. ووضع هذا الاتجاه في خدمة السياسة الاستعمارية التوسعية للامبراطورية الرومانية والدول الأوروبية الغربية (والغربية عامة) التي ورثتها. وكان الهدف الرئيسي (كَنَسيا) لهذا الاتجاه هو القضاء على استقلالية الكنائس الوطنية المسيحية في جميع انحاء العالم، وتحويلها الى حلقات اكليروسية وابرشيات رعوية خاضعة للسلطة المطلقة للبابوية، التي بدورها كانت مولجة بتنفيذ السياسة الاستعمارية التوسعية للامبراطورية الرومانية ووَرَثَتها. وفي القرون الوسطى اضطلعت البابوية بدور رئيسي في "مباركة" ودعم "اكتشاف" اميركا، والمشاركة في ابادة السكان الاصليين في الشمال الاميركي من اجل الاستيلاء على الارض، واذلال واستعباد السكان الاصليين في الجنوب الاميركي من اجل "كثلكتهم" بالقوة بهدف ترجيح كفة التوازن العددي لصالح روما في صفوف المسيحية، بعد ان انضمت روسيا وغالبية الشعوب السلافية الى المذهب الاورثوذكسي. وعشية وخلال الحرب العالمية الثانية فَتَحت البابوية الطريق امام موسوليني وهتلر باسم مكافحة الشيوعية. وفي الربع الأخير من القرن العشرين تحالفت مع المخابرات المركزية الأميركية والإسرائيلية والعصابات اليهودية والمجموعات الإرهابية "الاسلاموية" و"العثمانية الجديدة" (لدرجة الصمت عن محاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني في 1981) من اجل اسقاط المنظومة السوفياتية، بحجة مكافحة "الشمولية" (التوتاليتارية) الشيوعية، علما ان النظام الشمولي (التوتاليتاري) الستاليني والنيو ـ ستاليني هو مسخ باهت للنظام الشمولي الروماني ــ البابوي ــ الكاثوليكي.
خارج التقويم الروماني
وبعد تدمير قرطاجة واكتساح مصر وسوريا والممالك الاغريقية والمقدونية والبلغارية، توسعت الإمبراطورية الرومانية شمالا حتى بريطانيا، وجنوبا حتى شواطئ البحر الأسود وشبه جزيرة القرم. وقد طبعت "روما" بـ"ثقافتها" المسيحية المزيفة، العنصرية ــ الاستعمارية، كل أوروبا الغربية. ولكن التوسع الروماني توقف ــ بسبب الصقيع وبسبب المقاومة الشعبية ــ عند اطراف ما يسمى اليوم روسيا. ومع ان العائلات والمجموعات "الروسية" المتفرقة كانت عرضة للغزوات والسلب والنهب والاسر والسبي، من الجنوب (الخزر والمغول والتتار والعثمانيين) ومن الشمال الكاثوليكي والبروتستانتي (الجرمان والسويديون والبلطيقيون والبولونيون وغيرهم)، وبيع رجالها ونسائها عبيدا، الا ان "شعب الثلوج" هذا (أي الروس) بقي خارج التقويم التاريخي الروماني، وخارج "الثقافة الرومانية"، و"ضدها". وفي الوقت ذاته بقيت الاراضي الروسية فائقة الغنى مطمعا يحلم به الى درجة الهذيان جميع المستعمرين الغربيين و"الشرقيين" على السواء. وباختصار ووضوح شديدين يمكن التأكيد على الحقيقة الوجودية التاريخية التالية: ان روسيا (ارضا وشعبا)، ورغم كل صروف الدهر، ورغم اتساعها وغناها، بقيت الرقعة الجغرافية الشرقية الكبرى الرئيسية التي لم تستعمر لا من قبل روما، ولا من قبل من جاء بعد روما من الغزاة والمستعمرين. وكل غاز استطاع دخول الأرض الروسية، تم سحقه الى الابد، اما على الأرض الروسية، واما عليها وفي عقر داره معا. وعلى مدى كل هذا التاريخ بقي الشعب الروسي العظيم هو الحامل الأول للواء المقاومة ضد العبودية والاستعمار، ولاجل حريته وحرية جميع الشعوب المظلومة، منذ فجر التاريخ الى يومنا الحاضر.
وقد توجت الثورة الروسية سنة 1917 هذه المسيرة العظيمة للشعب الروسي. وهذا هو السبب الجوهري للحقد التاريخي الدفين للغرب ضد روسيا والشعب الروسي والمسيحية الشرقية.
روسي "سلافي" = عبد
ولدى انبثاق الامبراطوية الرومانية، التي قامت على غزو واستعباد الشعوب الاخرى، والتي دشنت عصور الاستعمار السوداء في التاريخ البشري، لم يكن يوجد للروس حتذاك دولة، بل كانوا قبائل وثنية متفرقة، عرضة لغزوات السلب والنهب والسبي، التي استمرت ضد الروس حتى بعد تأسيس دولتهم. وكانت اكبر تجارة في تلك العصور السوداء هي التجارة بالعبيد (الرجال وخصوصا النساء) وبالأخص العبيد الروس (السلافيين)، الى درجة ان كلمة "سلافي"(Slav) قد حرفت وأصبحت تعني "العبد" slave)) بجميع قواميس لغات أوروبا الغربية (وأميركا طبعا). وكانت "قطعان" الاسرى والسبايا الروس تصب أخيرا في ايدي مملكة اليهود الخزر، الذين كانوا بدورهم يبيعونهم الى اليهود العبرانيين (الذين يسميهم العالم الرحالة العربي احمد بن فضلان في كتابه "رسالة ابن فضلان": "التجار المسلمين"، الذين كانوا ينزلون في الحي الاسلامي في إيتيل عاصمة مملكة خزاريا اليهودية، وينجزون تجارتهم ويرحلون بدون ان تتدخل الدولة الخزارية في شؤونهم. ومع ان ابن فضلان كان في سفارة من قبل الخليفة العباسي الى تلك المناطق للتعرف على سكانها واحوالهم، ومع انه اختلط ببلغار (الفولغا) والروس والترك وغيرهم، الا انه لم يجرؤ على الدخول الى إيتيل عاصمة خزاريا والتحري عن اولئك "التجار المسلمين"، لانه كان يعلم انهم تجار يهود، وهم الذين كانوا يشحنون اسواق العبيد والغلمان والاماء في بغداد والقاهرة والاندلس وغيرها من حواضر وامارات الدولة العربية ــ الاسلامية. وقد خشي ابن فضلان ذكر الهوية الحقيقية لاولئك التجار، لانه كان يخشى على حياة افراد عائلته العائشة في بغداد). وكان التجار اليهود العبرانيون = العرب، يمسكون بزمام التجارة الدولية والداخلية من الاندلس حتى سور الصين.
ولكن كلمة "سلاف" و"سلافي" التي تحولت الى كلمة عنصرية تعني (العبد) في اللغات الأوروبية الغربية، المشتقة عن اللغة اللاتينية القديمة ـ الرومانية، فإنها في اصلها اللغوي القومي لها معنى مغاير تماما. ففي بعض الأبحاث فإن كلمة "سلاف" او "سلافي" هي مشتقة من اللفظة الروسية (سلافا) (=SLAVA) وتعني حرفيا "مجد". وبالتالي فإن زيادة ياء الإضافة الى جذر الكلمة "سلاف" كي تصبح "سلافيّ" التي تقابل تماما في اللغة العربية كلمة "مجديّ" او "مجيد". ومثلما ان الاسمين "مجدي" و"مجيد" هما منتشران في اللغة العربية، فإن اسم "سلافي" (Slavi) هو أيضا منتشر لدى الشعوب السلافية.
وفي تفسيرات اخرى، فإن كلمة "سلاف" و "سلافي" هي مأخوذة من كلمة "سلوفو" (SLOVO)وتعني بالعربية "كلمة"؛ وبالتالي فإن كلمة "سلافي" معناها "صاحب كلمة، ورأي وموقف"، كما في العربية تماما. وبالعموم ليس لكلمة "سلافي" الروسية اي علاقة بالعبودية، بل بالعكس تماما.
وقد تكرست هذه العنصرية اللغوية في اللغات الاوروبية الغربية، لان روما القديمة والدول الاستعمارية التي حلت محلها كانت تنظر الى المنطقة "الروسية" او "السلافية" بأنها ليست اكثر من "منجم لاستخراج العبيد".
ويقابل ذلك في اللغة العربية، ولكن في المستوى الشعبوي المبتذل اطلاق كلمة "عبد" على كل ذي بشرة سمراء (حبشي) او (نوبي) او سوداء (سوداني) او (افريقي). وحتى المتنبي وصف كافور (لانه كان اسود البشرة) بالعبد (في هجائه لكافور يقول المتنبي: لا تشترِ العبد الا والعصا معه)، مع ان كافور كان سيده.
والجدير ذكره في هذا السياق ان "الكنيسة الاورثوذكسية الروسية" لا تستخدم عبارة "اورثوذكسي" (orthodox) الاغريقية للتعريف عن هويتها المذهبية المسيحية، بل تستخدم تعبير "برافوسلافنايا" (pravoslavnaya) للتعبير عن هويتها: "روسكايا برافوسلافنايا تسيركوف". وكلمة "برافوسلافنايا" هي مركبة من كلمتين الاولى هي (برافو وتعني: مستقيم، قويم، صحيح، الخ) والثانية هي (سلافنايا وتعني: سلافية) وباضافة كلمة "روسكايا" يصبح المعنى الحرفي الكامل للتسمية هو "الكنيسة الروسية السلافية القويمة"؛ وكذلك الامر بالنسبة لجميع الكنائس السلافية الاخرى: البلغارية والصربية والجبل الاسود والمقدونية والرومانية الخ. (مثال: الكنيسة البلغارية السلافية القويمة = (bulgarska pravoslavna tserkva).

روسيا والمملكة اليهودية الخزرية
وظهرت اول دولة روسية (المسماة: كييف روس) في النصف الثاني من القرن العاشر في كييف عاصمة أوكرانيا الحالية.
وكان اول "عمل دولة" قامت به الدولة الروسية الجديدة هو تدمير إيتيل ــ عاصمة مملكة الخزر اليهودية ومحوها من الخريطة. وكانت هذه الــ إيتيل تمثل السوق الرئيسية وعاصمة تجار العبيد، اليهود الخزر. وهؤلاء اليهود الخزر هم انفسهم من يسمون اليوم "الاشكنازيم" او "اليهود الغربيين". وهم الذين تعود لهم الكلمة الأولى في إسرائيل. وهم كانوا يهيئون مملكتهم كي تقضم بالتدريج الأرض الروسية، وكي تبتلع من الداخل (بواسطة اليهود"العرب" = العبرانيين) الخلافة العربية ـ الإسلامية، وان تتحول الى اضخم واغنى مملكة على الأرض، تحكم العالم باسره الى الابد. فجاء الروس وحطموهم وحطموا معهم مطامعهم العالمية وحولوها الى اضغاث أحلام. ولهذا فإن الخزر = الاشكنازيم = اليهود الغربيين يحقدون على الروس اضعاف اضعاف ما يحقدون على العرب والمسلمين، مع ان الشعب الروسي هو الذي انقذهم من براثن النازية وهتلر في الحرب العالمية الثانية.
الأورثوذكسي: المسيحي المستقيم
وبعد ان دمرت "كييف روس" مملكة الخزر اليهودية على بحر قزوين، التفّت حولها مختلف القبائل الروسية، وتأسست الدولة الروسية الكبرى التي اختارت تبني الديانة المسيحية على المذهب الشرقي الأورثوذكسي (ليس لان هذا المذهب هو الافضل دينيا، وليس لان الامراء الروس كانوا قد تعمقوا في فهم الافضلية المفترضة للمذهب الاورثوذكسي، بل ان قرارهم كان ببساطة قرارا سياسيا بامتياز، ذلك ان اليهود (= الخزر ومشغّليهم و"زبائنهم" اليهود العبرانيين = العرب!)، والمسلمين (= المغول والتتار والعثمانيين وحتى الشركس)، في الجنوب، والكاثوليك اتباع روما في الشمال، كانوا "أعداء وجوديين" للروس، وكانوا هم الأعداء الذين يغزون ويسبون ويستعبدون الروس. في حين ان البيزنطيين "الأورثوذكس" لم يكونوا يحترفون صيد البشر وبيعهم عبيدا. لقد كان نظام العبودية موجودا في أثينا وقرطاجة وروما. ولكن الاغريق والمقدونيين والقرطاجيين، خلافا للرومان، لم يكونوا يحاربون لاجل الحصول على العبيد.
ان النظام العبودي لم يكن متماثلا في كل مكان. وقد بدأ بالظهور مع تفكك المشاعية البدائية وظهور الملكية الخاصة لوسائل الانتاج. وظهور الاغنياء والفقراء في المجموعة البشرية الواحدة، فكانت العائلة الفقيرة جدا "تبيع" احد ابنائها "عبداا" (اي ملكا خاصا وعاملا مدى الحياة لدى مشتريه)، ولهذا فإن مشتري "العبد" كان يحرص على عبده ويعامله معاملة شبه عائلية فيها شيء من الانسانية، وذلك لانه يكون قد دفع ثمنه ويحرص الا يمرض او يموت عنده فيخسر ما دفعه فيه. اما النظام العبودي في روما فكان يقوم على الحرب ليس فقط من اجل النهب، بل من اجل الحصول على الاسرى وجعلهم عبيدا كانت تتم معاملتهم بكل وحشية لاستخلاص اقصى الفوائد منهم، ورميهم طعاما للحيوانات المفترسة، ثم القتال من جديد لجلب وجبات جديدة من العبيد.
وحتى بعد التحاق أثينا بروما وظهور بيزنطية المترومنة، فإن البيزنطيين لم يمتهنوا الحرب لاجل الحصول على العبيد. وقبل ظهور المسيحية "الارامية"، ظهرت الفلسفة الرواقية، التي مهدت فكريا للمسيحية، وعارضت بشكل جذري كل الاخلاقيات العبودية التي تأسست عليها الامبراطورية الرومانية. وتعود الرواقية الى المرحلة الهيلينية وتنسب الى زينون الفينيقي، الذي ولد في قبرص وعلم ومات في أثينا، ولكنه اعتذر عن قبول المواطنبة الاثينية وظل محتفظا بمواطنيته الفينيقية حتى مماته. وهذه كلها مسائل جوهرية، ينبغي بحثها على حدة، وينبغي على مثقفينا الحقيقيين إعارتها الاهتمام الكافي.
ولقد تم التنصير العام، الأورثوذكسي، للروس في الربع الأخير من القرن العاشر. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت روسيا هي القطب الرئيسي، الشرقي عامة والشرقي المسيحي خاصة، في مواجهة الغرب، الاستعماري والكاثوليكي "المسيحي المزيف" في نظر الأورثوذكسي "المسيحي الصحيح او المستقيم" .
روسيا: القطب الشرقي الرئيسي
وفي ذلك الزمن كانت غالبية شعوب بيزنطية وما حولها في البلقان واسيا الصغرى (الاغريق، المقدونيون، الصربيون، البلغار، الالبان والرومانيون) وكذلك شعوب الشرق الأوسط في الأراضي المقدسة وسوريا ولبنان والعراق واليمن ومصر وشمال افريقيا والتلة الحبشية، قد أصبحت أيضا مسيحية شرقية اورثوذكسية، تحت تأثير العداء المتأصل ضد الإمبراطورية الرومانية التي قتلت السيد المسيح ويوحنا المعمدان وقتلت واضطهدت المسيحيين الأوائل، والتي كانت تستعبد تلك الشعوب. واضطلع المسيحيون الشرقيون "العرب" (بالمعنى الحضاري الواسع للكلمة أي: الاراميون، الكنعانيون، السريان، الاشوريون، نصارى اليمن وشبه الجزيرة العربية، الاقباط والليبيون، بالإضافة الى الاحباش الخ)، بدور جسر روحي، حضاري، ثقافي، اجتماعي واقتصادي، مميز، لطي صفحة العداء السابقة، والشروع في إقامة علاقات حسن جوار وتعاون وتفاعل اقتصادي واجتماعي وثقافي بين شعوب الامة العربية خاصة والعالم العربي ـ الإسلامي عامة وبين بيزنطية والشعوب المسيحية الشرقية في البلقان. وقد أدى ذلك الى تعميق التباعد بين بيزنطية وروما، وزيادة التقارب بين بيزنطية والعالم العربي ــ الإسلامي. وشكلت علامة بارزة في ذلك العلاقات الثقافية العميقة التي كانت قائمة بين الاندلس والقسطنطينية، منارتي الحضارة الإنسانية قاطبة في العصور الوسطى.
وبواقع اتساع الرقعة الجغرافية الروسية وقوة شكيمة المقاتلين النظاميين والشعبيين الروس واستماتتهم في الدفاع عن ارضهم وشعبهم واستقلالهم، برزت روسيا بوصفها القطب الرئيسي في العالم الشرقي المسيحي ــ الاسلامي القديم.
وحدة الشرق خطر على مطامع الغرب الاستعماري
وفي تلك الظروف، ومن وجهة النظر الغربية عامة، والبابوية خاصة، نشأ "خطر!" ان تتصل روسيا بالاراضي المقدسة وبالمسلمين، عبر المسيحيين الشرقيين، من جهة، وان تتصل ببيزنطية والشعوب المسيحية الشرقية في البلقان، من جهة أخرى، وينشأ عن ذلك "محور عالمي"، متعاون ومتفاعل ومتحالف، روحيا وحضاريا واقتصاديا وعسكريا، يمتد من القطب المتجمد الشمالي الى الشواطئ الافريقية للمحيط الأطلسي، مما يشكل سدا منيعا نهائيا في وجه المطامع الاستعمارية الغربية في الشرق.
وامام هذا "الخطر"، اصبح الهاجس الأول للغرب منع وصول روسيا الى الأراضي المقدسة في الشرق وإقامة تحالف بينها وبين المسلمين والمسيحيين الشرقيين. وليس ما يسمى "طموح روسيا للوصول الى المياه الدافئة" سوى تعبير غربي موروب عن الخوف من طموح روسيا للاتصال بالأراضي المقدسة، وتكوين المحور الشرقي المسيحي ــ الإسلامي الكبير.
"اللغز الأكبر" للحروب الصليبية
ولدى التنصر الاورثوذكسي للروس كان تعلقهم بالقدس والأراضي المقدسة شديدا، وكانوا يأتون بالآلاف للحج الى مهد وقبر المسيح، والكثير منهم كانوا يأتون سيرا على الاقدام وبعضهم ينذرون ان يأتوا حفاة وبدون زاد ويشحذون طعامهم خلال الطريق الذي يمتد آلاف الكيلومترات. وقد ارتعبت البابوية من التواصل بين روسيا والأراضي المقدسة وإمكانية إقامة الجبهة الشرقية الكبرى بين العالم السلافي (وقلبه روسيا) والعالم الهيليني (وقلبه الدولة الاغريقية ــ المقدونية) والعالم العربي ــ الإسلامي (وقلبه القدس وفلسطين الى جانب مكة المكرمة)، مما يشكل سدا شرقيا منيعا بوجه الغزو الغربي للشرق. فأسرعت البابوية غداة الانقسام التام للكنيسة (في 1054م) الى شن الحملات "الصليبية الشرقية" لاحتلال فلسطين وقطع الطريق على وصول روسيا اليها، والحملات "الصليبية الشمالية"، لمهاجمة روسيا من اقصى الشمال من الخلف والهائها عن القدوم الى فلسطين.
البابوية واليهود يتواطؤون مع العثمانيين
وبعد فشل الحملات الصليبية الشرقية، بمساهمة الدور الإيجابي الذي اضطلع به المسيحيون الشرقيون العرب، الى جانب إخوانهم المسلمين، وبعد تمكن الروس من سحق الحملات الصليبية الشمالية سحقا تاما، عملت البابوية واليهود على تحريض ودعم العثمانيين لاغتصاب الأراضي التي تشكل اليوم الجزء الأوروبي من تركيا، ثم الاستيلاء على القسطنطينية، وذبح وطرد أهالي تلك الأراضي، المسيحيين الشرقيين الأورثوذكس (لا يزال احفاد اللاجئين اليونانيين من القسطنطينية وسميرنا (ازمير) يحتفظون الى اليوم بمفاتيح بيوت اجدادهم القديمة، تماما كما اللاجئون الفلسطينيون). وكان الهدف من اسقاط القسطنطينية بيد العثمانيين، هو حصار روسيا خلف اسوار البوسفور والدردنيل، ومنعها من الوصول الى الأراضي المقدسة برا وبحرا.
فشل الغزو "السلمي" لروسيا
واذا اتينا الى المرحلة التاريخية الراهنة يمكن القول: "ما اشبه اليوم بالبارحة"! فإن كل السياسة الغربية، وعلى رأسها الأميركية، تتمحور حول القضاء على الدولة الروسية، وغزو ونهب الأرض الروسية لامتناهية الغنى.
ولدى انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة السوفياتية في أوروبا الشرقية، في مطلع تسعينات القرن الماضي، انتشرت خرافة القطب العالمي الأوحد الأميركي، واعلن الرئيس الأميركي جورج بوش الاب عن بناء "النظام العالمي الجديد"، وهي فكرة مأخوذة حرفيا عن هتلر. ولكن اخذا بالاعتبار فشل النازية في غزو روسيا عسكريا، قامت اميركا، بمشاركة جميع حلفائها، الأوروبيين واليهود و"الإسلامويين"، بشن حملة غزو مشتركة، سياسية ــ اقتصادية ــ "ثقافية" ــ مافياوية ــ امنية ــ إرهابية، ضد روسيا، وحققت نجاحات كبرى على هذا الصعيد، واصبح عميلها بوريس يلتسين رئيسا للجمهورية الفديرالية الروسية واصبح من يسمون "الاوليغارشيين" الروس ولا سيما اليهود الصهاينة يتحكمون بمصائر روسيا. ولكن هذا المخطط انتهى بسحق "التمرد الشيشاني"، واقالة بوريس يلتسين في اليوم الأخير من 1999، وقتل العشرات من الاوليغارشيين ولا سيما اليهود، واعتقال وسجن اكبرهم مخائيل خودوركوفسكي، وفرار العشرات الاخرين الى بريطانيا وأوروبا وإسرائيل.
"الفوضى البناءة"
الاميركية تمتد
وبعد هذا الفشل، دبرت الأجهزة السرية الأميركية والإسرائيلية جريمة تفجير البرجين التجاريين في نيويورك في 11 أيلول 2001. وعلى طريقة وضع "لي اوزوالد" "الشيوعي" في واجهة اغتيال الرئيس كينيدي سنة 1963، تم التضحية ببعض الشبان العرب المسلمين ووضعهم في طائرات التفجير، واستخدام ذلك ذريعة لشن حملة غير مسبوقة ضد العرب والمسلمين والدين الإسلامي الحنيف ذاته. وبلغت الوقاحة برئيس بلدية نيويورك حينذاك الموالي لإسرائيل ان يرفض شيكا تبرع به لاهالي ضحايا البرجين الأمير السعودي الوليد بن طلال، لمجرد انه عربي ومسلم. وكانت هذه الحملة العنصرية، المعادية للدين الإسلامي، كمكوّن أساسي من مكونات الشرق، مقدمة لشن الحرب على أفغانستان، ثم العراق، وللشروع في ما سمته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة غونداليزا رايس "الفوضى البناءة"، الأميركية طبعا، ومن ثم إطلاق ودعم ما سمي "الربيع العربي"، لزعزعة الاستقرار وزرع الفوضى في البلدان العربية، بما فيها ذات الأنظمة الصديقة تقليديا لاميركا.
وبعد ان اتهمت الإدارة الأميركية بدعم وتمويل وتسليح وتدريب المنظمات الإرهابية، فهي تحاول الان التنصل من هذه التهمة، عن طريق الغارات الجوية الاستعراضية ضد ما كان يسمى "داعش". وهي تعمل من ضمن مختلف السيناريوهات للتقريب بين مختلف المجموعات السياسية والعسكرية الفاعلة على الأرض والتقرب منها والتقريب بينها. وتستفيد الأجهزة السرية الأميركية الان من الاوضاع المضطربة في الشرق الأوسط للشروع في تطبيق سياسة "الفوضى البناءة" في أوروبا الشرقية والجنوبية أيضا. وظهر ذلك أولا في أوكرانيا، ومؤخرا في المظاهرة المناهضة للحكومة التي جرت في مطلع تشرين الثاني في هنغاريا، و"مسيرة الاستقلال" ومحاولة احراق السفارة الروسية في فرصوفيا في بولونيا في 11-11-2014، والنشاطات الاستفزازية للمنظمة الفاشستية اليونانية "الفجر الذهبي" وقتلها احد الموسيقيين الشباب اليساريين، لاستدراج ردود فعل وتوسيع الفوضى، ودعم استفتاء الاستقلال في كاتالونيا في اسبانيا. والبقية ستأتي في القوقاز والجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى ودول البلطيق.
مقدمات التحضير لحرب عالمية ضد روسيا
ومن خلال كل هذا الاختلاط في هذه الصورة السوريالية المشوشة، فإن "الفوضى البناءة" الأميركية تهدف الى تحقيق ما يلي:
أولا ــ على المدى القصير والمتوسط: إحاطة روسيا بزنار ملتهب من البلدان المضطربة، ومنعها من إقامة علاقات إيجابية (اقتصادية وثقافية وسياسية) مع تلك البلدان، بعد ان زالت الحواجز الأيديولوجية السابقة بين روسيا وبين تلك البلدان. وفي الوقت ذاته تعمل الدبلوماسية الأميركية، بالتنسيق التام مع الأجهزة السرية الأميركية والاسرائيلية والأوروبية والتركية و"العربية"، من اجل فرز القوى السياسية داخل كل بلد يتم تمزيقه، ومحاولة "تخدير" و"تحييد" القوى المعادية لاميركا وإسرائيل وتركيا، وإقامة علاقات أميركية وثيقة مع القوى المعادية جذريا لروسيا والمستعدة للقتال ضدها في كل الظروف.
ثانيا ــ وهو الهدف الابعد والرئيسي: تشخيص القوى اليهودية و"المسيحية" و"الإسلاموية" المعادية لروسيا، والعمل لإزالة التناقضات فيما بينها، والتنسيق فيما بينها وتوحيد صفوفها، وهنا يوجد دور خاص تقوم به السلطتان التركية والإسرائيلية، الطامحتان الى التوسع، والعمل لتوحيد تلك القوى في جيش دولي "متعدد الفيالق" "الدينية" و"القومية"، يشرع في شن مجموعة حروب إقليمية وارهابية ضد روسيا، تشكل في مجموعها حرب استنزاف متمادية لروسيا، وتكون بدورها تمهيدا لحرب عالمية ثالثة جديدة تشنها اميركا والناتو ومن يمكن ان ينضم اليهما من الدول ضد روسيا لتمزيقها اربا اربا ونهبها وتقسيم أراضيها وثرواتها الكبرى.
يبقى ان نقول: من وجهة النظر الاقتصادية البراغماتية البحت، فإن الاتحاد السوفياتي والمنظومة السوفياتية السابقين ــ ودون الانتقاص من اسهامات أي شعب آخر ــ كانا يشكلان عبئا ثقيلا على الشعب الروسي. فكل عبـّارة فوق ساقية صغيرة، وكل السدود والبحيرات الاصطناعية كسد اسوان وبحيرة ناصر، وكل المفاعلات النووية وكل الطرقات والسكك الحديدية والمصانع والمنشآت وغيرها وغيرها وغيرها، التي بنيت في أوروبا الشرقية واسيا الوسطى والقوقاز، بعد الدمار الهائل في الحرب العالمية الثانية، ناهيك عن اعادة بناء الجيوش الوطنية، كل ذلك قد تم بمساعدة مالية وتكنولوجية وخاماتية وكوادر بشرية، روسية. ولا شك ان انهيار الاتحاد السوفياتي وما يسمى تجربة "بناء الاشتراكية" مثـّـل نكسة كبرى للإنسانية جمعاء. ولكنه في الوقت ذاته ازاح عن كاهل الشعب الروسي حملا اقتصاديا لا يتحمله الا شعب جبار كالشعب الروسي. والان فإن كل ثروات روسيا تبقى فيها، وهي موجهة كلها نحو البناء العسكري أولا وبامتياز، أي نحو بناء الجيش الحديث المؤلل والالكتروني بالكامل، وبناء وتطوير المجمّع الصناعي ـ العسكري.
وللذكرى فقط نقول انه بعد قيام الثورة الروسية في نهاية الحرب العالمية الأولى أرسلت 14 دولة اجنبية قواتها لمحاربة الجمهورية السوفياتية الفتية، فهزمت جميعا وولت الادبار. والان توجد في روسيا "ثورة" مزدوجة: "ثورة قومية" و"ثورة صناعية ـ حربية" ما بعد حداثية. والعقيدة العسكرية للجيش الروسي الحالي تنبني على القاعدة التالية: لو ـ افتراضا ـ وقع المستحيل وقامت جيوش الكتلة الغربية كلها معا، وفي وقت واحد، بشن حرب موحدة، برية ــ بحرية ــ جوية ــ فضائية، ضد روسيا... فستـُـفنى كل تلك الجيوش ودولها، وتبقى روسيا وحلفاؤها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا