الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجل خامس -الشاطر على الأشرار- عظيم أوروك وباني أسوارها الذي كتب الملحمة بعنوان (چان نجيب الأمر)، حقائق يراد طمسها وتشويها للتاريخ العراقي واللغة الأم.

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 4 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


من التشويه المتعمد والإساءة إلى الإنسان العراقي وتحديدا أسلافه السومرين والأكاديين والبابليين وبدرجة أقل الأشوريين، وتحت ما يسمى بالبحث العلمي تم ترويج نطق ولفظ مغاير لما وجد في النصوص القديمة المحفورة والمنقوشة والتي تم قراءتها بلفظ اوربي في غالب الأحيان، والهدف من وراء تجهيل وتغريب اللغة العراقية التي ما زالت متداولة اليوم بموسيقاها ولفظها وتركيبتها وجذورها، هي محاولة ممن يكنون الكراهية والحقد على كل ما هو عراقي شامخ وأصيل، فقد أوردوا مثلا اسم العظيم الحكيم "الجل خامس" أي الحكيم أو العظيم الخامس وأطلقوا عليه اسم "جلجامش" فكلمة جل أو كال كما نقلها المستشرقون والأثاريون هي ملحق مشهور ومعروف على نطاق واسع في الأدب السياسي والنصوص الرسمية المنتشرة في العهد البابلي القديم وقبله العصر الأكادي والفترة السومرية المتأخرة "فترة دويلات المدن الأولى"، فهو يرد فقط مع اسم العظماء من الحكام على الدويلات العراقية القديمة، حيث لم يكن نظام الحكم موسوما بالملكية مطلقا ولا دليل علة ذلك، وإنما جرى القياس في التوصيف على ما هو معروف لاحقا من تكور في نظم الحكم وتحولها من الصبغة الدينة الكاملة إلى الصيغة المختلطة بين العرف الملكي الوراثي والتفويض الرباني، فلا كان الحكام كانوا ملوكا يتوارثون الحكم بالطريقة المعروفة بل منتدبين من المعبد أو من الآلهة لفرض أمر ما، وإنما يتم أنتخابهم أو تنصيبهم بأسباب أخرى لا تتصل بمفهوم الملكية، وبالغالب تتم عن طريق مجتمع الكهنة والمعبد.
فكلمة "جل" هي كلمة عراقية وعربية تعني حسب القواميس (1- جل : أسن، كبر. 2- جل : عظم. 3- جل : كبر في الحجم. 4- جل : عن الامر : ترفع عنه . 5- جل : كان عظيم القدر)، فكل عظيم هو جليل القدر أو كبير المنزلة، وهذا التوصيف موجود في مقدمة ملحمة جل خامس ينصها الرسمي البابلي القديم أو بالنسخة القياسية الوسطية، فقد سطر المقطع الثاني ما يؤكد أن العظيم الذي لم يذكر له أسم ولا اسم أب ولا لقب، وإنما جرت التسمية لاحقا بالعظيم الخامس من عظماء أوروك أو "المدينة الراك" التي بنيت على ضفة الفرات الغربية وقريبا من حنة عدن (هو الذي رأى كل شيء فغنّي بذكره يا أوروك، وهو الذي رأى جميع الأشياء وأفاد من عبرها، وهو الحكيم العارف بكل شيء، لقد أبصر الأسرار وكشف عن الخفايا المكتومة، وجاء بأنباء ما قبل الطوفان، لقد سلك طرقاً بعيدة متقلباً ما بين التعب والراحة، فنقش في نصب من الحجر كل ما عاناه وخبره)، إذا الحكيم العارف العالم المبصر الذي خبر الأشياء كلها هي التي منح من أجلها "الجلالة" ولأن الخامس من سلسلة حكام أوروك فصار "جل خامس أو الجل الخامس".
أما جامس أو جامش فعند الرجوع للغة العراقية القديمة وبسبب عدم إمكانية تلفظ بعض الآثارين لحرف "الخاء" لعدم وجوده في لغتهم أو عدم معرفة النطق به فقد تم إقلابه إلى حرف الكاف المعجم أو الجيم المضخم، وأيضا كان القراء للحروف العراقية القديمة يستبدلون السين بالشين وبالعكس، فتحول الجل الخامس أو العظيم الخامس من عظماء البابليين إلى اسم مشوه هو "جلجامش"، فقد ورد ذكر جل أو جال الخامس أو الكال الخامس في قائمة "الملوك السومرية" كما يزعمون بصفته "ملكاً حكم مدينة أوروك في نحو 2600 ق.م أو قبل ذلك بقليل"، وذكر في نصوص سومرية من الألف الثالث قبل الميلاد على أنه من العظماء أبناء آلهة العالم الأسفل (عالم الأموات) وليس من الملوك الذين يتم تنصيبهم بالوراثة، - أي العصر البابلي القديم-
ومن التشوهات التي أساءت للغة العراقية القديمة وشوهت النصوص وأخرجتها من دلالاتها الحقيقية إلى دلالات مفترضة أعتباطا ما ورد أيضا في عنوان الملحمة، فالرواية البابلية القديمة كان عنوانها باللغة الأكادية «شوتُر أيلِ شَرّي» Shutur eli Sharri بمعنى «المتفوق على الملوك» هذا ما يرده المؤرخون دون أن يكلفوا أنفسهم قراءة المقطع كما هو باللغة العراقية والذي يلفظ ((الشاطر على الأشرار)) فمن أين جاء بكلمة الملوك؟ وبالقاموس الأكادي المقطع (eli Sharri) تعني على الأشرار، أما ما ورد في عنوان الرواية البابلية الوسيطة (القياسية) هو «شا نَجبَ إيمُرُ»Sha nagba Îmuru الذي يعني بالأكادية «الذي رأى منبع (الحكمة)» فهو المضحك المبكي تماما، فقد تحول المعنى بعيدا عن النص الحقيقي والمعنى الذي وضع أصلا (چان نجيب الأمر) والنص مترجم هو (Sha nagba Îmuru)، فحرف الجيم المثلثة {في العراق وبعض لهجات الشام ولهجات الخليج الساحلية حيث تتحول الكاف إلى «تْش» (/tʃ/ بالأبجدية الصوتية الدولية)، وهو الصوت المقصود بالجيم المثلثة في كل من الأبجدية العثمانية والكردية والأوردية والفارسية والآذرية ومعظم الأبجديات الآسيوية المشتقة من العربية، تُسمى هذه الجيم بالجيم المهموسة، وفي العامية العراقية يُنطق هذا الحرف شمسيّاً، وبديلاً في بعض الكلمات عن الكاف (كان=چان) والشين (أشكل=أچقل بمعنى أحول) والسين (سقلب=چقلب) والجيم (أجلح=أچلح) والتاء (تيوب=چوب)، ويُكتب في الجرائد بالتاء والشين (چرجل=تشرشل)}، إذا التسمية الصحيحة هو ما قلناه (چان نجيب الأمر)، والذي يلخص الهدف من الملحمة أو مضمونها، وهذا لا علاقة له من قريب ولا بعيد بالعنوان الذي يطرحه البعض ترجمة عن النص الوسيط أو القياسي ومنهم الآثاري نائل حنون في -نائل حنون، ملحمة جلجامش: ترجمة النص المسماري مع قصة موت جلجامش والتحليل اللغوي للنص الأكادي (دمشق2006م).
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيون من غير العرب ينتقدون تعريب التعليم في البلاد


.. حذاء ملك الروك إلفيس بريسلي يباع في مزاد علني • فرانس 24




.. كلمة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد ساعات من مناظرة جمعته 


.. اتهامات وحوار أشبه بالشجار..بايدن وترامب يسدلان الستار على ا




.. إيران.. بدء عملية فرز الأصوات وتوقعات بجولة ثانية