الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنصير ؛ الاسباب والعلاج..

محمد عبعوب

2023 / 4 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اهتزت منابر مساجد غالبية المدن الليبية خلال صلاة الجمعة الماضية بخطب تناولت ظاهرة التنصير التي تستهدف فصيلة الشباب بالقرى الليبية كما بالمدن بعد أن الغت ثورة المعلومات الجغرافيا و حولت الكرة الأرضية الى قرية؛ وذلك بعد اعلان السلطات الليبية القبض على مبشر أمريكي في ليبيا يقوم بالتبشير بالمسيحية ونشرها بين شريحة الشباب..
مسجد حينا الفقير بطرابلس اهتزت أركانه بعبارات و تهديدات أطلقها الخطيب يتوعد فيها من يسير في طريق الضلال و يتخلى عن الاسلام كدين له بجهنم و بئس المصير، لكنه و اعتقد ان غالبية خطباء مساجدنا التي يسيطر على منابرها خطباء السلفية، لم يتطرقوا الى الأسباب التي تقف وراء سير بعض الشباب وراء داعية الضلال الذي أرسلته كنيسته لغزو عقول شباب المسلمين وتضليلهم عن الدين الحق الذي انزله الخالق ليصحح ما لحق بالرسائل التي سبقته من فساد وتحريف.. استغرق الخطيب في سرد ما ينتظر الخارجين عن الإسلام من عواقب وخيمة يوم البعث تخلدهم في نار جهنم، ولم يتطرق للأسباب التي جعلت عقول شبابنا قابلة للضلال و الغرق في بحر الخطيئة التي لا تغتفر..
أمام هذا الخرق الذي حققه دعاة التنصير، كان الأجدر بخطباء المساجد والمسؤلون عن المؤسسات الدينية ، من مساجد و مدارس و مناهج تعليمية و مؤسسات إعلامية؛ أن يعيدوا النظر في خطابهم الديني و طرق توصيله للمتلقي، و بحث الأسباب العميقة و المؤثرة التي تدفع شاب في مقتبل العمر الى هذا السقوط في الضلال . كان الأجدر بالخطباء و مسؤولي المؤسسات الدينية والتعليمية أمام هذه الظاهرة الخطيرة أن يراجعوا خطابهم الإعلامي و التوجيهي سواء عبر منابر المساجد او عبر وسائل الإعلام و عبر صفحات الهواء الافتراضي، و أن يعوا أن احتكار الفضاء الإعلامي أصبح من الماضي ، وانه أصبح ساحة مفتوحة لكل من يريد دخوله ، و أن إثبات الوجود المؤثر و الفاعل في هذا الفضاء يعتمد على فاعلية وحكمة الخطاب و مدى قدرته على جذب المتلقي..
لا اعتقد أن صناع الخطاب في مؤسساتنا الدينية من مساجد ومدارس ووسائل إعلام وهم يعالجون مثل هذه الظاهرة و غيرها من الظواهر المسيئة للقيم الإسلامية قد أخذوا في اعتبارهم هذا الواقع، أي تحول الفضاء الإعلامي الى فضاء مفتوح لكل من أراد، و أن العلاج الناجع لظاهرة التنصير التي تجتاح شبابنا يبدأ من مراجعة الخطاب الديني بالعمل على تحديثه و إخراجه من ظلام التاريخ ليتعامل مع واقعنا المعاش، يتناول الاسباب العميقة لهذه الظاهرة ويضع العلاج الفعال لمحاصرتها و حماية الشباب من الانزلاق في ظلام الردة..
ما أحوجنا اليوم أيها المسلمون الى الإجابة عن تساؤلات كثيرة يطرحها الشباب المسلم اليوم عن الأسباب التي حولت حياتهم الى جحيم بفعل الحروب العبثية التي تمزق الأوطان، يقتل فيها المسلم أخوه في الدين وفي الدم، بدعم من مسئولي ديار الإفتاء الذين يشرعنون هذه الجرائم و يدعون لاقترافها.. تجيب على اسباب ظاهرة التخلف التي تحول دون انطلاقهم الى المعرفة والتطور و تبقى على مجتمعاتهم رهينة للفقر و الجهل رغم ما تفيض به أرضهم من خيرات.. كيف يمكن لشاب مسلم ان يفهم و يقتنع بأن ما يجري من اقتتال عبثي في غالبية بلاد الإسلام يتماشى مع قيم دينه الذي يحرم على المسلم قتل أخيه المسلم؟ كيف يمكن للشباب ان يفهموا حالة الغبن و تردي التي يعيشونها في ظل أنظمة تبدد مواردهم في سياسات عبثية، و تعرض حرية أوطانهم في أسواق النخاسة الرخيصة؟ عشرات الأسئلة التي يجدر بصناع الخطاب الديني ان يقفوا عندها و ان يضعوا إجابات حقيقة و صادقة وجسورة لها ، تساهم في تحصين عقول الشباب أمام دعاة التنصير و الظلال .
لا بد أن يعترف صناع الخطاب سواء على مستوى المؤسسات الدينية او التعليمية او الإعلامية، بان خطابهم المتجاهل للواقع المعيش في العالم اليوم، و تمترسهم وراء التاريخ، هو احد العوامل الداعمة لحملات التنصير التي تجتاح شريحة الشباب اليوم، و أن معالجتهم السطحية لهذه الظاهرة لن تجدي في حماية عقول أبنائنا من الوقوع في الضلال، و أن العلاج الناجع يبدأ بمراجعة عميقة وحقيقية للخطاب الإعلامي عبر مختلف المنابر بما يوفر الحصانة لعقول أبنائنا أمام ما يشهده الفضاء العالمي من أمواج هادرة من دعاوى التضليل و الفساد على كل المستويات الدينية والأخلاقية ..
-------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah