الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


‏ الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي.عبراني (6) ‏

محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث

(Mohamed Mabrouk Abozaid)

2023 / 4 / 17
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


نمكل معاً كشف التزييف التاريخي في البرديات المصرية القديمة ، حيث عمد ‏الصهاينة إلى تأليف تاريخ يحكي قصة حياة كل بلد من بلدان العالم وبلغتها وبلسان ‏أبنائها، وفي وادي النيل كان لدينا مثال صارخ على ذلك هو برديات مانيتون السمنودي ‏الذي وضع قواعد التاريخ المصري القديم وحدد لنا بداية عصر التدوين وحدد بداية ‏قيام نظام الحكم المركزي بعصر الملك مينا نعرمر موحد القطرين وأنه يعود إلى عام ‏‏4400 ق.م أي تقريباً ذات التاريخ الذي اعتمدته التوراة ! وقسم لنا تاريخنا إلى 31 أسرة ‏ملكية حكمت بلاد وادي النيل على مدار حقب تاريخية متتابعة ، كما شرح هو ذلك ‏تفصيلاً في مدونة " إيجبتياكا " التي يعتمد عليها الآن علماء الآثار المصرية " ‏Egyptology ‎‏ ، وصار هذا علم يدرسه الطلاب في الجامعات المصرية وكل جامعات العالم ‏‏! ... هذا هو الروائي الصهيوني اليمني العربي الذي يقوم بتأليف كتب التاريخ لكل ‏شعوب العالم تفصيلاً حسب ما تقتضي سيناريو نصوص التوراة ! .. نتناول الآن حزمة ‏بردياته المعنونة " إجبتانا " تكملة لسلسلة مقالاتنا في كشف الأدلة حول هوية المؤلف ‏اليهودية العربية رغم أنه كتبها بالهيروغليفية، وذلك من خلال فحص الكلمات ‏والعبارات وأساليب الصياغة التي يتصاعد منها بخر البلاغة العربية بنكهتها المميزة ...‏

‏24)‏ الأسماء نمطية وتحمل خواص سامية آرامية، مثل (كوفو وكوفا وشاسو ‏وشاسا وكونو وكونا ولابانو ولابانا، تينو، رامو، جبتو جبتانا، ‏جباتا..إلخ)... وجميعها آرامية وتنتمي أكثر إلى اللهجة السريانية المميزة ‏بهاتين النهايتين دون غيرها، ولا يوجد لها أي جذر هيروغليفي مطلقاً، بل ‏إن لابانو ولابانا هي تحريف لاسم " لابان" الوارد عشرات المرات بالتوراة وهو ‏اسم عَلَم مذكر لشخص، وكان اسم عشيرة اللابانيين في التوراة. وأما "لابانا ‏‏" فهو اسم شخص واسم مقاطعة عربية آرامية كانت واقعة تحت الاحتلال ‏البابلي، كما سنقرأ في رسالة (أكيزي) ملك قطنا إلى ملك بابل‌‎ التي ‏يؤكد له فيها الولاء، ويخبره بأن (إيتكمّا) ملك قادش، حاول كسبه ‏ليتحالف مع الحثيين مثله، ولكنه رفض، ولذلك شّن (إيتكمّا) ‏الحرب ‏عليه، كما هاجم بلاد أُبِ وعاصمتها دمشق، واحتل القصر الملكي ونهبه، ‏وكان يدعمه في ذلك حاكما «لابانا» ‏و«زُخيزي»..( انتظر الإضاءة القادمة ‏بعنوان " مراسلات تل العمارنة).‏‎ ‎‏ وأما شاسو وشاسا، فهما اختراع المؤلف واشتقاق ‏من اسم شيس التوراتي. ومسألة نمطية الأسماء هذه تؤكد أن المؤلف كان ‏يبحث عن ضبط مسميات، ولم يكن يلتقط الأسماء والحكايات ‏بتلقائية، ولم يكن ذلك تجميعاً لتراث شعبي إيجبتي من على متون ‏البرديات والأهرام والمعابد والتوابيت كما قال كذباً.‏

بل إن حصر نهايات الأسماء (في الغالب) بإحدى هاتين النهايتين (الواو – الألف الممدودة) ‏وهي خواص آرامية يؤكد جنس المؤلف نفسه كان سامياً آرامياً، فقد اعتمد المؤلف النهاية ‏المضمومة لأغلب الأسماء التي اختارها لأبطال قصته، خاصة " جبتو" الذي اختار دمجه في ‏الهدف المنشود "مصرايم"، فأجدادنا لم يرد في لغتهم تطعيم الأسماء بهذه النهاية ( ُ) لتصبح ‏نهايات الأسماء مضمومة هكذا، فقط كانت (الواو) علامة الجمع وتضاف نهاية الكلمات ‏المفردة، خاصة اسم الإله "جبْ" أو " جبتْ " لم يرد مضموماً في أي مواضع أخرى وبصيغة مفردة ‏غير الجبتانا، وكذلك كلمة "نبو " التي جلبها المؤلف من لغته بثقافتها، وهي موجودة على ‏وضعها في اللغة الآرامية وبذات المعنى، حتى أنه الملك الآشوري (سنحاريب) لما اكتسح مناطق ‏جنوب غرب الجزيرة العربية وساد على أهلها سجدوا تحت قدمه ولقبوه (نبو – خذ – نصر) أي ‏صاحب القداسة وحده، وصار هذا اصطلاحاً تاريخياً للملك سنحاريب، وكذلك الملك الآشوري ‏نبو كودورو اوصر الذي حصل هو الآخر على لقب (نبوخذنصر) فكيف نقول أن كلمة نبو ‏هيروغليفية وأن كتبة التوراة نقلوها ! بل إن ضم نهايات الأسماء أو فتحها بالمد حصراً هي ‏خاصية ترجع أساساً إلى اللغة الآرامية ولهجتها السريانية، حيث نجد فيها أغلب الأسماء ‏تنتهي بـ"واو " مضمومة، أو ألف ممدودة مثل (عمر) في العربية، هي بالآرامية (عمرو أو ‏عمورو) و رفح= رفحو أو رفاحا، و حيفا= حيفو أو حيفا ، و عامر = عومورو أو عامورا ، و تدمر = ‏تدمرتو أو تدمرتا ، وصور= صورو أو صورا ، واليمن = تمنو أو تمنا ، روح= روحو ، يم= يأمو، ‏عشرة= عسرو، جمل= جملو، وبيت الدين= بيت دينو أو بيت دينا ...إلخ. (كتاب: الذات الجريحة – ‏سليم مطر ، ص 285 وما بعدها)‏

بينما كان الجبتيون القدماء يجعلون أغلب نهايات الأسماء في حالة سكون، مثل ( آل ‏نيلْ –جبْ – مفكتْ - ستْ – ستنْ – سننْ - سِنْجمْ– سقننْ رعْ – رع مسيسْ– بِنْبِنْ – أونْ – توتْ – ‏نوتْ – تفنوتْ - تحوتْ – أتومْ – آمونْ - أتونْ– أوزيرْ – حورْ – سِخمتْ – أنوبْ – سوبكْ – أبيسْ – ‏أنوبيسْ - مانيتونْ - ميرتْ..إلخ. فغالبية الأسماء والكلمات تحافظ على نهايات ساكنة حتى ‏وإن وجدت بعض الكلمات مضمومة لكن هذا لا يشكل ظاهرة أساسية، فاللحن اللغوي ‏‏"الفونيميا " مختلف تماماً عن لحن اللسان الآرامي، بل إن الظاهرة المهيمنة هي تسكين ‏النهايات مع استخدام أصوات رقيقة بعيداً عن الطاء والظاء والضاد، لأن اللغة وهي اللسان ‏يعتبر نَسْخاً ملموساً للعقلية الذهنية، والعقلية كانت (علمية عملية تطبيقية) ومن هنا ‏التزمت الضبط والإحكام في كل شيء، بخلاف العقلية العربية ألأدبية الشعرية الغنائية ‏التي استطاعت مط وثني وليّ الكلمات واشتقاق ألفاظ وأفعال حتى وصلت اللغة إلى 12 مليون ‏كلمة من أصل 16 ألف جذر لغوي فقط، فاللغة العربية وأمها وأخواتها كانت أكثر مرونة ‏ليس فقط في الاشتقاق ولكن في النطق الغنائي اللحني، وهذا يختلف عن العقلية الجبتية ‏العلمية التي التزمت الضبط والإحكام في كل جوانب الحياة. ‏

‏25)‏ ‏ كلمة " آمين " التي يقول محقق الجبتانا أنها مشتقة من الأصل المصري " آمون" بينما الحقيقة ‏أن كلمة " آمين" برسمها ونطقها موجودة في اللغة الآرامية (أصل العربية والعبرية ‏والسريانية) وتعني؛ يا رب استجب ( الذات الجريحة – سليم مطر ، ص 285 وما بعدها)، أي هي جملة ‏فعلية وليست اسم عَلَمْ مثل " آمون". وكلمة " آمين" وردت كذلك في النقوش الأثرية اليمنية ‏ذات اللغة والحرف الكنعاني وليس العبري، فترد إشارة إلى (عبران)، كما يرد في نقش "بيت ‏الأشول" الذي يعود إلى عصر ملوك سبأ، اسم صاحب النقش وهو (يهودا يكف)( عبد القادر ‏بافقيه. تاريخ اليمن القديم. 1973 ص.158)، وأسماء مثل: أشوع ويشوع، في حين أن الآلهة الوثنية ‏المتعددة تصاحب كل نقش، فيما عدا نقش متأخر عثر عليه الباحث مطهر الإرياني في ‏منطقة ناعط، وردت فيه عبارة الإله الذي في السماء، وعبارة آمين .( مطهر علي الارياني. نقوش ‏مسندية وتعليقات. مركز دراسات البحوث اليمنية، ط.2، 1990 ص 402)‏

‏26)‏ ‏ كلمة " جبار " التي وردت في الجبتانا باعتبارها اسم لحصان البراق، لا يوجد لها أي جذر ‏لغوي في الهيروغليفية، إنما هي اشتقاق حي من كلمة " جبرائيل" في العبرية، والتي هي اسم ‏ملاك، لكن المؤلف حاول تطويعها حتى لا يبدو واضحاً أنه يقتبس أسماءه من التوراة.‏

‏27)‏ ‏ الجبتانا تصف النيل بأنه ذا الماء الأحمر ! بينما كلمة النيل: تعني النهر الأزرق ‏!‏ وهي محاولة خبيثة للربط مع أحداث الدمار والخراب والدم الذي أصاب نهر مصرايم بعد نكول فرعونها عن تلبية طلبات موسى وبني إسرائيل في جنوب الجزيرة العربية ..

‏28)‏ ‏ هناك نمط اجتماعي معين سارت عليه أحداث السيناريو من البداية للنهاية دون أن يتغير، ‏برغم أن أدوات الرواية تغير، مثل ذكرها لأنواع الآلهة، خاصة "أدونيس" الذي لم يظهر إلا في ‏العصر اليهودي أي في نهاية الألف الثاني قبل الميلاد، وهي اشتقاق من الاسم الوارد في التوراة " ‏أدوني‎ ‎‏" بالنطق اليوناني تصبح "أدونيس" تلقائياً، والعبادات جميعها في إيجبت وفينيقا وآشور ‏بابل وغيرها، وأسماء مدن متطورة ظهرت في عصور متأخرة، وبرغم ذلك يظل النسق ‏الاجتماعي للرواية متحجر يطوف حول الحياة القبلية البدائية والعشائرية البدوية، ‏والاعتماد على الصيد البري والتقاط الثمار!، خاصة الاستمرار في استخدام كلمة " ‏معسكر" التي لا تتسق مع طابع الحياة المدنية في وادي النيل والقائمة على الزراعة ‏والاستيطان والاستقرار، وهذا النمط من الحياة القبلية العشائرية والمعسكرات لا نجده إلا ‏في نمط الحياة اليهودية على سفوح وفي وهاد جبال عسير خاصة مضارب الخيام المتنقلة ‏والبيوت التي هي أخصاص من الحطب والقش.‏

‏29)‏ ‏ كون الجبتانا قد حددت اليوم الثامن لميلاد الطفل موعداً لختانه، وفقاً للميثاق أو العهد بين ‏الله وإسرائيل، فلا يعني ذلك أن الديانة اليهودية اقتبست هذا الطقس من متون الجبتيين ‏القدامى، إنما من قام بتدوين الجبتانا يعلن سهواً عن هويته فيضع الموعد اليهودي موعداً ‏للجبتيين القدامى، تقول الجبتانا:" وأعلن جبتو في نهاية الاحتفال أن الربة حتحور جاءته ‏في المنام ونقلت إليه رغبة التاسوع المقدس الذي يوصي بضرورة ختان الجبتيين لأنهم من نسل ‏الآلهة وبما أن الآلهة أطهار ومقدسون فإنهم مختونون وهكذا فكل مولودٍ ذكر من نسل ‏جبتو مصرايم فلا بد وأن يختن في اليوم الثامن من ميلاده .( الجبتانا " ص 112)‏

بينما تفرض التوراة ختان كل الذكور في اليوم الثامن من ولادتهم (التكوين 17: 1ـ14، ‏اللاويون 12: 3)، وتشدد في هذا الأمر، حتى وليد الأم اليهودية غير المختتن نادراً أن يعتبر ‏يهودياً. (ويمكننا مراجعة النسخ الأصلية للتوراة قبل أن يدخل اليهود إيجبت كي نتأكد ‏أنها من عقيدتهم الخاصة وليست من إيجبت، ويسمى حفل الختان بالعبري "بريت ميلاه" ‏بمعنى "عهد الختان". وجاء الختان ليكون مفهوماً بأنه علامة العهد الذي بين الله وبني ‏إسرائيل منذ قصة إبراهيم في سفر التكوين. وتقع فريضة الختان على الأب إلا أنه ينيب عنه ‏عادة خبيرا للقيام بذلك يسمى "موهل" (المُطهر). يتم حفل الختان في اليوم الثامن من الولادة إلا ‏إذا كانت الظروف الصحية للوليد لا تسمح بذلك. ففريضة الختان تنسي حتى أمر الالتزام ‏بالسبت، وبالتالي قد يتم القيام بحفل الختان في السبت أو العيد‎.‎‏ إن حفل الختان يعد مناسبة ‏بهيجة وسارة تجلب حشوداً من الأهل والأصدقاء إلى منزل أهل الطفل. وبما أن المشاركة في ‏طقس الختان شرف فإنه يتم تعيين ذوي القرابة جداً لحمل الطفل في أثناء الاحتفال الذي ‏يشتمل على القراءات والصلوات.‏

بينما يوضح الباحث الأثري أحمد عامر ("البوابة بتاريخ 9/2/2018) أن الجبتيين عرفوا الختان ‏منذ أقدم العصور، حيث تم الكشف عما يدل على ذلك من آثار في جبانات عصور ما قبل ‏التاريخ منذ 4000 عام ق.م، وذلك يمكن تبينه من المومياوات التي بلغت درجة حفظها أن ‏أمكن فحصها والاستدلال منها على إجراء عملية الختان، هذا بالإضافة إلى وجود صورة ‏تمثل‎ ‎عملية الختان يقوم بها جراح مصري في قبر في جبانة "منف" ترجع إلى عهد الأسرة ‏السادسة من الدولة القديمة، وأخرى من الدولة الحديثة بمعبد الكرنك‎.‎‏ وكان الختان ‏عندهم من أنواع العناية بنظافة البدن على نحو ما ذكره "هيرودوت". ‏

ويؤكد الباحث أن النقوش وخاصة التي تتصل بغير الملوك والآلهة، قد مثلت‏‎ ‎العملية‎ ‎وهي ‏تُجرى على أشخاص متقدمين في السن إلى حد ما، ما يعني أن عملية الختان كانت تُجرى ‏للأطفال فيما بين السنتين السادسة والثانية عشر من العمر أو قبل المراهقة بقليل‎.‎‏ ومن أهم ‏النقوش أو الصور التي تمثل عملية الختان هو النقش الموجود في مقبرة سقارة في مقبرة "عنخ ما ‏حور" من الأسرة السادسة وهو مكون من جزأين، ففي الجزء الأيمن منه نري الجراح وقد ‏ذكرت قبالته عبارة "الكاهن المختن‎" ‎، ويتضح من الصورة أن الطفل كان في حدود العاشرة ‏من عمره. بينما هناك اتجاه توراتي آخر من المؤرخين يصر على تأويل النقوش بما يتوافق فقط ‏مع نصوص التوراة، فيقول هذا الفريق بتتابع الولادة والختان مباشرةً، ويتخذون بعض نقوش ‏المعابد الخاصة بولادة وطفولة الأمراء، دليلًا على أن‎ ‎عملية‎ ‎الختان إنما كانت تُجري بعد ‏الولادة بأيام، لكن الغالب أن هذا التمثيل كان رمزيًا وليس توثيقاً لعملية الختان في ذاتها. ‏وفي كل الحالات لا يوجد دليل على أن القدماء تقيدوا بموعد اليوم الثامن لميلاد الطفل كما ‏هو مذكور في التوراة نصاً وحرفا. والخلاف في الجبتانا ليس حول ظاهرة الختان في ذاتها وإنما ‏تحديد اليوم الثامن بالذات كموعد له هو الذي يوضح هوية المؤلف بالإضافة إلى الأدلة ‏الأخرى.‏

‏30)‏ ‏ يصور المؤلف على لسان مانيتون قصة قديمة جداً قدم الزمان تدور أحداثها في قرية بدائية ‏اسمها "جبتانا " ويسكنها الجبتيون، وكان الفتيان والفتيات يخرجون للصيد كل صباح ‏ويعودون بالطعام وما التقطوه من ثمار الأرض وبما اصطادوه من بط وإوز وبما جمعوه من بيض ‏الطيور.. وكان كبير القرية وزعيمها هو "جبتو" ثم بعد عدة فقرات يظهر أنه يسمي ابنه ‏أيضاً جبتو، ويصبح هو جبتو الكبير "جبتو مصرايم"، برغم أن ذلك لا معنى له، لكن ‏المؤلف كان يريد الحفاظ على استمرارية الاصطلاح "جبتو مصرايم " الجد الأكبر ‏للسلالة، ليتم ترديده مئات المرات في كل فصول وأحداث القصة حتى يترسخ المعنى ‏المقصود !‏

ويقول المؤلف: من بين الشجيرات التي نبتت في مدخل القرية ظهر جبتو ودان ومجموعة من ‏الغلمان يقودون أحد صغار فرس النهر بعضهم يسحبه من رأسه بحبال من الليف وبعضهم ‏يدفعه من خلف ثم تكاثر حولهم الوافدون وتجمعوا وذبحوا ذلك العجل الثمين على طرف ‏البحيرة وتم تقطيعه وإعداده للشواء.. ثم يذكر مانيتون من بين شخصيات القصة الفتاة ‏جبتانا ولابانا وتونا وأخريات... ويصف جميع سكان القرية بالـ"جبتيون " الذين يشعرون ‏بالامتنان لتاسوع الآلهة الذي أرسل لهم جبتو الذي هو من نسل الإلهة لكي يأخذ بأيديهم ‏ويصل الفروع بأصل الشجرة الجبتية... وكان جبتو سعيداً بتزايد أعدد الجبتيون الذي به ‏يتحقق أمن جبتانا، كما تُنجز الأعمال التي تيسر شؤون المعيشة، وعاود جبتو شعوره الغامر ‏بالوجد والسلام والتميز، وبأن الآلهة معه وبأنه " نبو " وكان جبتو حاكماً لأهل هذه القرية، ‏وكان كاهناً وطبيباً وحكيماً لها.. وكان يضع على جسده مئزراً عبارة عن قطعة من ‏جلد بقرة (الجبتانا " ص123)‏

وكلمة " نبو " لا وجود لها في الهيروغليفية، إنما هي كلمة سريانية ويقابلها الكلمة ‏العربية الأصل " نبي" أي كاهن مقدس مكلَف من قبل الإله. والغريب أن مؤلف الجبتانا لم ‏يستطع إخفاء هويته اليهودية الإسرائيلية، فالسلالة الإسرائيلية هي سلالة الأنبياء لأنهم ‏قومية فاسدة ولا تنصلح أحوالهم ولا تسير إلا بوجود نبي أو رسول بينهم، ومعروف أن النبوة ‏والرسالة ليست من إبداعات البشر بل هي وحي سماوي مصدره السماء لإصلاح شؤون الإنسان ‏وتصويب سلوكياته الفاسدة، أي ليست من عبقرية وإبداعات الإنسان نفسه... وهذا على ‏العكس تماماً من نظرية العبادة لدي المصريين القدماء، إذ أن أحداً منهم لم يدع الوصل ‏بالإله، وليس في عرفهم نظرية الوحي ولا المعجزات إطلاقاً، بل إن العبادة لدى القدماء كانت ‏تقوم على تصورات معينة للإله، وليست أوامر خارجية منه أي إلزام منه، فلو تدبرنا العقيدة ‏الدينية القديمة نجدها تقوم على أساس الإبداع والابتكار الفكري البشري وليس الوحي ‏الجاهز، وكل الكهنة لم يدعو أنهم تلقوا وحياً خارجياً من قبل الإله، إنما الترانيم كانت ‏نصوص بشرية يتم تأليفها لوصف الإله ومناجاته وليس ترديدها باعتبارها كلام الإله ‏ونصوصه هو وتأليفه هو، إنما هم كانوا يؤلفون له هذه النصوص كي يرضى عنهم. ولذلك ‏جاءت جميعها ابتهالات وأدعية وليست إلزامات، وفي المقابل كان العرب يذبحون أطفالهم ‏ترضية للإله، أو يذبحون أحد أبناء القبيلة كي يكرمهم الإله بمحصول وافر..‏

‏ ولم يعرف أجدادنا في وادي النيل نظرية النبوة والوحي. بينما مؤلف الجبتانا اعتبر النبوة ‏أساس العقيدة الدينية منذ البدء، وهذا خطا استراتيجي وقعت فيه الصهيونية المبكرة، وعلى ‏هذا نسج المؤلف في خياله أن جبتو ادعى النبوة وأن مانيتون ادعى النبوة ..إلخ. في حين أن ‏فكرة النبوة والوحي السماوي كانت لازمة فقط لبني إسرائيل بشرط أن يصحبها معجزات ‏مادية لأنهم بطبيعة جنسهم لا يؤمنون بإله، وتقوم العقيدة لديهم والعبادة شريطة أن ‏يُعجزهم الله عن فعل ما ويأتي بأفعال لا يقدر عليها بشر "المعجزات" والتي مصدرها السماء ، ‏بينما أجدادنا كانوا يتأملون في قدرة الخالق وإبداعه فيبحثون عنه ويتقربون إليه بالمناجاة ‏والشكر ، يبحثون عن الإله بالفطرة وبتلقائية ودون الحاجة لمعجزات، ولهذا لم يكن ‏الكهنة في حاجة لادعاء النبوة، بل إن النظرية معكوسة تماماً.‏

يُتبع ...‏‎

‏(قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت‎ ‎‏)‏‎ ‌‎
‏ (رابط الكتاب على نيل وفرات):‏‎
‏ ‌‎ ‏https://tinyurl.com/25juux8h‏‎ ‌‎

‏(رابط الكتاب على أمازون) :‏‎
‏ ‏https://cutt.us/sxMIp‏ ‏‎

‏( رابط الكتاب على جوجل بلاي‏‎ ):
https://cutt.us/KFw7C

‏#مصر_الأخرى_في_اليمن):‏‎
‏ ‏https://cutt.us/YZbAA

‏#ثورة_التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما


.. شاهد ما حدث مع عارضة أزياء مشهورة بعد إيقافها من ضابط دورية




.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف الحرب في غزة| #الظهيرة


.. كيف سترد حماس على مقترح الهدنة الذي قدمته إسرائيل؟| #الظهيرة




.. إسرائيل منفتحة على مناقشة هدنة مستدامة في غزة.. هل توافق على