الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 3

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 4 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يا سيدتي قضية إيماني بالله أو بالدين أو حتى بأشياء أخرى قضايا خاصة لا تتعدى صلاحية العقل الفردي واليقين الشخصي، فلست ملزما أن أبرر لأحد أو أشرح لمتسائل عنها تحت أي عنوان كما هو ليس من حقي أن أطلب ذلك من الأخرين، أما علاقتي بالإنسان والأخر بالمنطق العقلي هي الأهم وهي المرتكز الأساسي الي يؤمن شعوري وأنتمائي للوجود وهنا نحتاج لترجمة وصدق في التجسيد، وإخلاص في ما نؤمن به أو لا نؤمن، لأننا معرضون دائما لمثل هذا السؤال، ومطلوب دائما منا التبرير عن كل تصرف صادر أو منسوب لنا، لأنها علاقة ظاهرية مادية ومعنوية متعددة الأطراف ومتشعبة بالنتائج والمقدمات، وحتى أكون إنسان طبيعي علي أولا أن أحترم قانون الطبيعة الذي يرسم حدود الأنا ومن دون مزاحمة ولا تعد ولا طغيان، هكذا أنا أفهم خارطة الله التي هي دين كل الوجود واعي أو بغير وعي، لأننا جميعا نخضع له بالتكوين والتكييف.
سيدتي صديقي الذي قاسمنا سنين من القهر والألم ومعاشرة الموت قريبا وبعيد بقول لي عني وهذا قد يبدو غريبا للبعض أن (حواريتك مع السيدة الإنكليزية فيها ابعاد وخلطة ما بين المادية الوجودية في منطقها الواقعي الجدلي وبين وجودية مغلفة بروح دينية غيبية، وربما تتماها مع التقليدية الماضوية في منظورك للخالق وللخلق، ولمن الاسبقية؟ العدم خلق المادة أم العكس؟ وانت تريد صناعة رب جديد متكاملا من العدمية والمادية وهذه هي منطقة الفراغ، كيف تتمحور في مركزيتها حيث الحركة سالب وموجب فمن هو السالب ومن هو الموجب؟ الفراغ أم المادة النواة؟... ومن بعد ما هو الكمال المطلق؟... ولا يوجد مطلق بدون نقيضه، النقص " النقيض" يعني النسبي حتى لو كان الخالق الله أو الرب والاله... وجوده بوجود ضده، فالمعادلة الرحمن = ابليس الشيطان...، أي طرف تحذفه تنتفي الحاجة للطرف الثاني، فمن هو الأول؟ ليثبت الثاني النقيض، لكي ينسب له الكمال المطلق، وفي الاثر قول ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها، هنا العقل هو الفيصل ولكن في منظور الاخر الحكم مختلف حسب... فالفجور ربما حالة حسنة نفعية، والعكس أيضا صحيح، فمن هو الأول الفراغ لكي يكون كماله مطلق؟ أو المادة الحية التي خلقة لكينونيتها؟ الفراغ أو السديم الغير متناهي أو متناهي اشكالية أخرى ايضا تطرحها في طرحك الماتع، انت تبحث في منطقة الفراغ دائرة غير مركزية).
هل تدركين حجم الرق بيني وبين صديقي؟ بالتأكيد وأنت المتخصصة تعرفين أننا كلانا يبحث عن نواة في دائرة مغلقة، لأن النواة عندما لا تكون مركزية والدائرة غير مغلقة سيكون الحال أننا نتبع الفوضى بصورتها البدائية، أشرح لك جوابي على تعقيب صديقي، الرب أو الإله الذي أمنت به وهذا قد يكون كلام غريب عند البعض هو نواة الدائرة المغلقة التي يحتوي كامل الطاقة وبفوة ما يحمل ويحتمل فالوجود يدور حوله كأفلاك متعددة بجذبها بقوة القدرة التي تختزن في مركزه "ملكوته" أي ما يملك من قوة، فلا يستطيع أي سائر في الفلك أن يفلت من فوة الجذب التي أغلقها بالمحيط الذي هو غاية قدرته، وبما أنه مطلق في القوة والقدرة فهو مطلق بالإحاطة لا يمكن لموجود أن يخرج من نظام معادلاته، هنا أفسر لك قول صديقي "الضد بالضد موجود" مع فارق النسب والتسمية، بوجود النواة تدور الأفلاك فهي مظهر لوجود النواة ودليل على الحركة، فقدان النواة يعني فقدان الأفلاك والعكس صحيح، وبما أن المادة بصورتها المركزية القديمة "نواة وأفلاك" لا تفنى ولا تستحدث، فيكون وجود المطلق هنا منطق المعادلة الأولى، هنا لا معنى للعدم ولا أسبقية ولا بعدية بينهما، العدم واحدا من أوهام العقل عندما لا يفهم معنى أن الوجود واحد لا قديم ولا ينتهي فلا ينتمي العدم لا للقديم ولا يمكن أن يكون مستقبل لأنه معدوم بالمنطق الأستحالي.
إذا المقارنة الضدية غير ممكنه بين الله وبين من نفارض أنه مخلوق له، بمعنى أن الشيطان حتى لو كان كائنا حقيقيا فهو ليس ضد طبيعي لله، بل واحدا من مظاهر قانون التناقض أو فانون الجذب الحاكم بين النواة والأفلاك، قد يكون دائرة فلكية تتقاطع وتتوافق في كينونتها وسيرورتها مع أفلاك أخرى فتولد حالة من الطاقة السلبية، التي تقابلها بنفس القوة ولكن بعكس الأتجاه الطاقة الإيجابية "الرحمنوت"، كرهما الرحمنوت والشيطان أفلاك دائرة حول النواة ولكنهما مظهران أقرب وأبعد من النواة لا ينتميان لها إلا بالجذب والسيطرة وهو ما يعرفه أهل الأديان بأنه صراع الخير والشر، صديقي عندما ذكر ذلك كان يعبر عن الحقيقة ولكن من زاوية هو يراها، أما أنا فأرى من زاوية القانون والمعادلة الأولى، لذا الله الذي وصفه صديقي بالرب الجديد خارج كل المعادلات ولا ينتمي لها فلو أفترضنا أنه منتمي لها لخرقنا النواة وأمكنا أن نسيطر على قوتها وقدرتها، الله الذي أمنت به ليس محايدا ولا منفصلا عن وجوده ولا ملحقا بوجود أخر أو منتسب لوجود ثاني، لأنه يملك المطلق التام الكامل بوجوده المركز في النواة التي تتحكم بكل الأفلاك، لذا قال كما يزعم البعض (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)، هذا تحدي للوجود أن ينفذ من أقطار السماوات والأرض مع العلة والسبب والألية "السلطان" وهو فهم القانون وحل المعادلة الوجودية اللازمة، ولكن لا ينفذون من أقطار الوجود المقهور بقوة الجذب والتحكم في النواة المركزية بالدائرة المغلقة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ).
أرجو بعد هذا الشرح الطويل والممل أن تعرفي الله الذي أمنت به، والذي أمن به الوجود كله مع أنه ينكر ذلك في الغالب، لكنه يتعامل معه بكل عقلانية كلما أدرك العقل مسئولية أن يقرر ذلك علنا، طبعا سأنتظر أجابتك وأنتظر إجابة صديقي أيضا، فكلانا لديه صورة ما عن الرب، سميها ما شئت إلحادية لا دينية وجودية مادية كما يقول صديقي ولكن في النهاية هذا واقع لا ينكر ولا أحد يستطيع أن يرى غيره حتى لو أمن بكل الأديان وخاض كل التجارب، لأنها جميعا تلتقي في حقيقة الدائرة المغلقة والنواة المركزية وباينهما من أفلاك (والله من ورائهم محيط)، الورائية هنا لا تعني الخلف بل تعني السبب الذي يمنعها من الإفلات من القوة والقدرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال


.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟




.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى


.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت




.. 143-An-Nisa