الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عريس لقطة في زمن الكورونا

عماد ابو حطب

2023 / 4 / 18
الادب والفن


الناس بالناس والقطط بالنفاس/عريس لقطة في زمن الكورونا*

جاري سامي وقع في "حيص بيص "،كما يقال،فقد اصيب والده الثمانيني بالكورونا،وتم نقله منذ ايام للعناية الفائقة،وسر إرتباك سامي لا يتعلق فقط بالخوف من رحيل الأب، لا سمح الله،بل هو خوف مضاعف،خوف من عين الأب الزائغة،التي قد تدخلهم في مشاكل لا نهاية لها.ابو سامي له تجارب سابقة ،تجعل من تخوفات الإبن مشروعة،فقبل ما يقارب الثلاثين عاما ،كان والده في الخامسة والستين،وارمل حديث ،لم تمر على وفاة زوجته إلا أشهر قليلة،ذهب في "جاهة" لطلب عروس لإبن عم له فقد كان أحد وجهاء العائلة، وحينما دخلت العروس لتقديم القهوة وكانت مطلقة اربعينية،راقت لأبو سامي،ووقع في غرامها من النظرة الاولى،وبدلا من طلبها لقريبه،طلبها لنفسه،وأهل العروس رأوها فرصة للخلاص من مسؤولية المطلقة فوافقوا فورا، وهكذا رجع ابو سامي من الجاهة شابكا على خصره عروسه الجديدة...وزوجة ابو سامي توفت منذ سنوات ،بالسرطان والآن هو ارمل،ومحاط بملائكة الرحمة،و معظمهن من الجميلات من الشقراوات و ذوات العيون الزرقاء أو الخلاسيات السمراوات، وفي بلاد الغربة،ومنذوفاة زوجته يشكو الرجل من وحدة قاتلة،مرددا ليل نهار:"اعزب دهر ولا أرمل شهر"،وما زاد من خوف صديقي ،انه في زيارته الأخيرة حمل للوالد كتاب تفسير الجلالين ليؤنس وحدته،فوجد ،الممرضة الكوبية ذات الخمسة والأربعين عاما، أنيتا،جالسة بقربه،بعيون مسبلة وبصوت مخملي تقرا له شعرا لايميلي ديكنسون :"
عن كل لحظة نشوة فرحة
لا بد من أن ندفع أجرها على مضض
على حذر نرتعش بقدر ارتعاشة نشوة
حتى آخر الهلوسة.
إزاء كل ساعة أبدية خالدة
سنين قاسية من الأجر الزهيد
بضعة بنسات مريرة مستقطعة
وخزائن تمتلئ بالدموع." وحينما ناوله كتاب تفسير الجلالين،شكره الوالد وعقب:"يا ريتك تجيب لي كتاب قواعد العشق الأربعون،اتسلى فيه".أصابت سامي " الجمدة " كما يقال ،نقل نظراته بين أنيتا ووالده ،ملاحظا بسمات وغمزات خفية بينهما.عندما عاد إلى المنزل تحدث مع لبنى ،زوجته،بالأمر فعقبت:"ياكشيلتي،وياخوفي يطلع من العناية المركزة شاكل أنيتا على خاصرته،مهو متعود". في زيارتين لاحقتين،بعد تحسن حالة والده ،ونقله إلى جناح عادي لاحظ أنه دائم التلفت من حوله ،كأنه أضاع شيئا. في يوم خروج ابو سامي من المشفى ،وحينما توجه مع لبنى لأصطحابه فوجئ أن والده شابكا ذراعه بيد أنيتا ،التى ارتدت فستانا أبيض قصير و وتتلقى تهنئة زملائها السابقين من طاقم المشفى ،داعين للعروسين بالرفاه والبنين...

* من مجموعة "سجين الفيروس" الصادرة مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب