الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 5

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 4 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إلى هنا شعرت أني قدمت ما يكفي من واجب توضيح الرؤيا عن سؤالها الأساسي وقد أكون قد أفرطت في الشرح والسرد، ولكن ما يبرر ذلك أن مثل هذه الأمور لا يمكن أختزالها وضغط الفكرة التي قد تولد ناقصة عن المتلقي أو مشوهة، وطنت أمل أن ينتهي السؤال والجواب عند هذه النقطة، وفعلا مر وقت ليس بالقصير دون رد، وظننت أني أنجزت مهمتي على خير وجه، بالأمس وصلت رسالة قصيرة تقول " أكمل"، ولا أعرف ما هو الذي يجب أن أكمله، رددت برسالة قصيرة أخرى بسؤال وما هو المطلوب إكماله؟ قالت "الفكرة إياها" فأنت وضعتني على حافة السؤال المر الذي كنت أهرب منه دوما وما زلت أطارد هذا الوهم، احرزت تماما ما هو الوهم الذي تطارده صديقتي، إنه وهم التخلص من الأعتقاد بأن الفعل والفاعل بينهما مسافة تتغير وتتبدل غير مستقرة وغير منضبطة في الغالب، ليس وفق آليات الفعل وقوة الفاعل، بل لأن من زرع فكرة الثنائية تلك قد كان ماهرا للدرجة التي يصعب فيها على الإنسان أن يفصل بين كل فعل وجودي مادي عن فعل الله، وكأننا جميعا مكونات هذا الوجود مجرد ألعاب دمى يحركها رب مزعوم لا شغل له ولا عمل، سوى أن يتولى تنظيم حركتنا مثل شرطي المرور في شارع مزدحم، ومع ذلك تقع الكثير من الحوادث لأنه غير مسيطر تماما على الوضع.
الحقيقة لم يكن الجواب الذي كان في بالي قادرا على إيصال جوهر الفكرة، وظننت أنني الآن أمام أمتحان صعب خاصة وأن السائل ليس شخصا عاديا وقد يكون جوابي نظرا لأختلاف الثقافة وطريقة التفكير والصورة المختزنة داخليا عن الأخر عوامل سلبية في عدم بلوغ الحجة، حاولت أن أعتذر منها وفكرت للحظة أن السير في هذا الأتجاه قد يشكل عند الأخر نوع من الصورة السيئة عن العقل عندما يعجز عن أن يشرخ حائط أو حاجز المعرفة، على كل حال باشرت بالرد في نقطتين مختصرتين لعلي أعطي للصديقة مجال أوسع لإدراك ما أريد أن يصل لها...
أولا... مهما يكن تفكيرنا عن الله ودرجة الثقة بهذا التفكير واليقين المتحصل منه فأنه في الواقع لا يغير من حقيقة أن الكون الوجودي أو الوجود الكوني بمعزل عن إيماننا أو مع إيماننا سوف يعمل بنفس الطريقة التي عمل بها منذ لحظة الوجود الأولى، هذه الحقيقة يدركها حتى العقل الديني الأساس الذي تأسس على فكرة أن الله دائم، بمعنى أن وجودية الله وقوانين وجوده تبقى مستمرة بشكلها وجوهرها وألياتها، وعلى أي حال لا يمكن أن يكون الله هنا مرتهنا لفعل جزء من وجوده، مثلا لا يمكن أن يغير الله قوانين الفيزياء والكيمياء لأن "س" من البشر الذي نصفه نحن بالمؤمن جدا بحاجة إلى أستثناء أو فرصة خارج السنن الكونية.
ثانيا.... الإنسان كما قلت ولحدود طاقته العقلية يلجأ دائما لسد الثغرات التي يدرك أنها ستبقى ثغرات مع عدم وجود قناعات حقيقية تربط المقدمات بالنتائج دون أن نضيع في وسط طريق غير واضح المعالم، إلى ما يعرف بالتوازن الذي يظن أنه قد وأقول قد يسكن عنده يعضا من الأسئلة المرة، مثل لماذا علينا أن نأت ونمضي هكذا، هل لأن الله مثلا يريد أن يخبر الجميع أو القدر الأكبر من الوجود بأنه موجود وقوي وقادر وأن يفعل ما يشاء دون سؤال، الحقيقة هذا تفكير الغالب من الناس المتدين والغير متدين ولكن بتأثير مؤكد من الأول، والحقيقة الحقة أن الله ليس في وضع أن يفعل أو يقول هذا، ولكن ما يجعلنا نأتي ونذهب ونتعرض لكل ما نتعرض له من أحداث ووقائع هي النتيجة الطبيعية لتطبيقات القانون الوجود المادي، المادة لا تفنى ولا تستحدث بل تتحول من شكل لأخر، وبما أنا الوجود في حركة تناقص وتزايد مستمرة فأنها تتمخض عن الحال الذي ننسبه لله ظلما، وننسى أن الله أكبر من أن يكون مشرفا على ماكنة تفريخ وجودي، وفي نفس الوقت شرطيا وطبيبا ومحاميا ومهندسا ومقاتلا والخ من الصفات والوظائف التي ألصقناها له، لذا فعندما أقول أن العقل الديني والفكرة الدينية لم تقترب تماما من فهم الله لأنها تستهين بالمادة وقوانينها وألياتها، لأنها تبحث عن معلل ومبرر صامت ينسب له كل شيء ولا يستطيع أحد البرهان ضد أو مع النسبة.
كنت أخشى من أمر واحد فقط هو أن السيدة الصديقة ستفهم من كلامي هذا أن الله يده مغلولة كما يزعم البعض، وأنه لمجرد أن خلق الوجود تركه دون عناية أو مراقبة وبالتالي سيثار سؤال جديد ربما سيكون من العبث الخوض فيه، السؤال هنا ما و دور وعمل الله بعد الخلق؟ هل ذهب لشأن أخر ؟ أم أنه جلس فقط ينظر لما يجري للوجود مستمتعا بما خلق؟ بالتأكيد هذا محتمل أن يكون تفكير واقعي بناء على ما ذكرت في الفقرتين أعلاه وأستنتاج منطقي وأنا أقبله، لكن أيضا أن الله بالتأكيد أيا كان شكله وجوده ماهيته تدبيره قراره لم يترك الوجود يعمل ميكانيكيا مع أن أحتمالات الخطأ في المعادلة الكيميائية والفيزيائية معدوم، لأنها قانون أعمى مساراته ومعادلات منضبطة، لكن أيضا سيكون دور الخالق الله أو القوة المركزية في الدائرة المغلقة أن تحافظ على الزخم الطبيعي اللازم للحفاظ على أستمرارية الكيمياء والفيزياء في العمل، المعروف أيضا أن الحركة عادة ما تستنفذ الطاقة نتيجة تحول الحركة وتولداتها في الدائرة المركزية، بأعتبارها في حركة متعددة الأطوار والأشكال والمسارات والوجوه بحاجة إلى ديموميه الطاقة التي لا تنفذ لضمان ديمومية الحركة، هنا الله في شغل شاغل لتمتين مصدر الطاقة هذا والمحافظ على ديمومية الحركة وأستقرارها، هذا الفعل تقريبا أكثر إشغالية وأهمية من فعل الخلق الأول وأعظم.
إذا هذا ملخض لما اردت أن يصل إلى السيدة وأتمنى أن تدرك العمق الروحي في الكلام المادي الذي قد يفسر بما لا يتوافق مع تعظيمي لله وإيماني الحقيقي والمنطقي به، بعيدا عن البنائية الفكرية التي يعتمدها العقل الطقوسي الذي هو أقري للإلحاد الجاهل منه للإيمان الواقعي الذي يجب أن يكشف عنه الغطاء اليوم أو غدا، إن رحلة العلم التي يدركها الإنسان ستنتهي يوما إلى هذه الحقيقية وسيقرر الدينون المتدينون أن الله لا يمثل حالة فعل بالنيابة عن الوجود، طالما أنه يريد لهذا الوجود أن يعمل بنظام "سنة الله في الذين خلوا ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا" هذا المنطق هو الذي سينتصر وهو الذي سيقرر أن دين الله ليس بشريا بل هو نظام شمولي عام تام كامل ومطلق وأساسي لا يتغير ور يتبدل ولا يتطور وفقا لأليات الإرسال والبعث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس