الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض المستور في حياة -سيف الله المسلول-

زاغروس آمدي
(Zagros Amedie)

2006 / 10 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"ولكننا معشر العرب قوم نشرب الدماء ، وقد علمنا أنه لا دم أشهى ولا أطيب من دم الروم" من رسالة لخالد بن الوليد إلى أحد قادة الروم.

يعتبر خالد بن الوليد الذي أضفى إليه "الضحّوك القتَّال" لقب "سيف الله المسلول[1]"، شخصية مثيرة للجدل في التاريخ الإسلامي، فعلى الرغم من كثرة جرائمه الفظيعة، فإنه مثار إعجاب واستحسان عند أغلبية المسلمين،وأن الله رضي عنه، ويمكن أن لانستغرب إعجاب الأعراب الأجلاف به لما قام به من إعمال بطولية،لكن المستغرب أن يعامل معاملة خاصة ويراعى له من قبل "نبي الرحمة" محمد بن عبدالله ،وكذلك من قبل خليفته العتيق بن أبي قحافة، ففي حين نرى أن "نبي الرحمة" أمر بقتل مجموعة من اللصوص الذين تعدوا على نخله بعد أن أمر بأن تقطع أيديهم وأرجلهم على خلاف، نجده يعفي عن خالد بن الوليد الذي قتل جماعة من المسلمين بعد أن إستأمنهم،ويكتفي "الرجل الأعظم" بالتبرء من فعلته أمام الله ، ثم يوليه ويجعله قائدا من قواد المسلمين، ثم يحذو ابوبكر حذو "أفضل خلق الله" فيعفي عن خالد بن الوليد حين يطلب عمر بن الخطاب أن أن يُقتَل ويُرجَم لإرتكابه القتل والزنا. فقد ذكر ابن سعد عن ذلك مايلي:

" سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة وكانوا بأسفل مكة في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الغميصاء[2] قالوا لما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم بمكة بعثه إلى بني جذيمة داعيا إلى الإسلام ولم يبعثه مقاتلا فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار وبني سليم فانتهى إليهم خالد فقال: ما أنتم؟ قالوا: مسلمون قد صلينا وصدقنا بمحمد وبنينا المساجد في ساحاتنا وأذنا فيها. قال: فما بال السلاح عليكم؟ فقالوا: إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة فخفنا أن تكونوا هم فأخذنا السلاح، قال: فضعوا السلاح، قال فوضعوه فقال لهم: استأسروا ،فاستأسر القوم فأمر بعضهم فكتف بعضا وفرقهم في أصحابه فلما كان في السحر نادى خالد: من كان معه أسير فليدافه ،والمدافة الإجهاز عليه بالسيف فأما بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أساراهم فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما صنع خالد فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين."[3]

ليس من المستغرب أن يرتكب شخص مثل خالد بن الوليد هذه المذبحة البشعة والخبيثة ،بحق أخوة له في الدين والعنصر ، لماعرف عنه بتعطشه للدماء والإنتقام من بني جذيمة لعداوة كان يضمرها لهم في الجاهلية، لكن المستغرب موقف "الناصح الأمين" محمَّد من هذه المذبحة الوحشية التي ارتكبت باسم الإسلام، هذا "الناصح الأمين" الذي إعتبر نفسه أنه نَبِيُّ الرَّحمة والعدالة والقصاص ، فأين أختفت العدالة هنا وأين ذهب القصاص، واين ذهبت آيات "القرآن العظيم"الذي فيه مايكفي من الآيات للرد على مثل هؤلاء العصاة والمجرمين كالآيات التالية: " مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً "[4]. "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى."[5] ."وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ."[6] . "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ."[7] ."وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ " النساء 58. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً"[8] "وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"[9]. فأين حكم القصاص والعدل من جرائم القاتل "سيف الله المسلول" خالد بن الوليد؟ لماذا أوقف "الرسول العادل" العمل بهذه الآيات المنزَّلات هنا؟ ولماذا سكت ويسكت المسلمون عن قول الحقِّ والحقيقة عن جرائم هذا الهمجي المتهور؟ أو لم يقل "النبيُّ الأميّ": "الساكت عن الحقِّ شيطان أخرس".

كما يذكر الرواة واقعة شنيعة اخرى ارتكبها "سيف الله المسلول" خالد بن الوليد، فقد ذكر العسقلاني عن ذلك:

"أقدم خالد بن الوليد على قتل مالك بن نويرة ونكح[10] امرأته فكره ذلك أبو بكر وعرض الديَّة على متمم بن نويرة أخا مالك، وأمر خالداً بطلاق امرأة مالك ، ولم ير أبو بكر أن يعزله وكان عمر ينكر هذا."[11]

وقد ذكر السهيلي أيضاًهذه الواقعة فقال: "مما روي عن عمر حين قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما: إنَّ في سَيْفِ خالدٍ رَهَقاً، إن في سيف خالد رهقاً[12] فاقتله.قالها مرتين. وذلك حين قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة، وجعل رأسه تحت قدر حتى طبخ به، وكان مالك ارتد، ثم راجع الإسلام، ولم يظهر ذلك لخالد، وشهد عنده رجلان من الصحابة برجوعه إلى الإسلام، فلم يقبلهما، وتزوج امرأته ، فلذلك قال عمر لأبي بكر: اقتله، فقال: لا أفعل لأنه متأول، فقال: اعزله، فقال: لا أغمد سيفاً سلَّه الله على المشركين، ولا أعزل والياً ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم."[13]

وجاء عن هذه الواقعة في كتاب البدء والتأريخ عن مقتل مالك بن نويرة اليربوعي مايلي: "قال وسار خالد بن الوليد حتى أحاط بيوتات مالك بن نويرة و هم مسلمون وكان لمالك امرأة وسيمة فمال إليها خالد و أمر بقتل مالك، ولما قدم خالد قال عمر رضي الله عنه لأبي بكر: اقتله فإنه قتل وزنا. قال: تأول فأخطأ .قال: اعزله، قال: ما كنت لأشيم[14] سيفاً سله الله تعالى."[15]

هذه هي وحشية وعنجهية من سماه "الضَّحوك القتّال" "بسيف الله المسلول" الذي لم يتردد في قتل أخٍ مسلمٍ له من أجل إشباع غريزته الجنسية والإنتقامية، وهذه هي إنسانية وعدالة "العتيق بن أبي قحافة" خليفة "سيد ولد آدم" محمّد بن عبدالله، يعفي عن هذا المجرم المتعجرف، اسوةً "بسيد البشر"، أما كيف أوّل خالد هذا القتل وأخطأ، فلم يفسر ذلك لنا أحداً من الفقهاء إلى الآن.

هذه هي بعضاً من جرائم ابن الوليد الهمجية والبربرية بحق المسلمين، أما جرائمه الشنيعة في حروب الردة وحرقه الناس وهم أحياء ،مثلما فعل بأهل بُزاخَة كما أمره "عبد الكعبة" أبو بكر، فتشيب لها شعور الولدان، من فظاعتها وبشاعتها، ونظراً لغلاظته وفظاظته ووحشيته فقد كلفه محمد بهدم آلهة مكة التي لم يتجاسر على هدمها غير صاحب هذا القلب الجلف خالد بن الوليد، هذا السفاح الذي أطلق عليه "الأمين الصادق" لغاية ما في نفسه ،لقب "سيف الله المسلول"، وقال عنه صلى الله عليه وسلم لما أسلم بين يديه: "قد كنت أرى لك عقلا رجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير"[16] فأين هذا الخير المرتجى من أعماله الإجرامية؟. وهذا هو الشخص الذي قال عنه "الفاروق" عمر بن الخطاب: "عجزت النساء أن يلدن مثل خالد". ثم رأى مارأى منه وأشار على أبي بكر برجمه حتى الموت حين اغتصب زوجة مالك.


--------------------------------------------------------------------------------

[1] ."السيف الْمَسْلُولِ فِي الْهَوَاءِ": السَّيْفُ الْمُسْتَلُّ مِنْ غِمْدِهِ.

[2] الغُمَيْصَاءُ : فى الفلك، هي إحدى الشِّعْرَيَيْنِ وهما نجمان نيِّرانِ بجوار الجوزاء تدعى أولاهما، الغُمَيصَاءُ والثانية، العَبُورُ.المحيط.

[3] عن ابن سعد في الطبقات الكبرى ص 300.

[4] المائدة 32.

[5] البقرة 178.

[6] البقرة الآية 179.

[7] المائدة 45.

[8] النساء الآية 135.

[9] المائدة الآية 8.

[10] نكَح الرجل المرأَة نَكْحًا بَضَعَها، وباضعَ الرجلُُ المرأةَ مُباضعةً وَبِضَاعًا جامَعَها. لسان العرب.

[11] الإصابة في معرفة الصحابة للعسقلاني ص284.

[12] رهِق الرجلُ يرهَق رَهَقًا سفه وجامع وخفَّ وركب الشَّر والظلم وغشى المحارم وكذب وعَجِلَ. لسان العرب.

[13] االروض الأنف للسهيلي ص 391.

[14] شام سيفهُ يشِيمهُ شَيْمًا أغمدهُ واستلَّهُ ضدٌّ. لسان العرب.

[15] البدء والتأريخ لابن المطهر ص 306.

[16] الطبقات الكبرى لابن سعد ص 1344 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال