الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمتي وهزيمة اليوم

أميرة أحمد عبد العزيز

2023 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد]:11


(غدًا أو بعد غد، سيعرف الشعب العربي أن الواقع الذي يكرهه هو الناتج الطبيعي لتجزئة أمته، حينئذ ستصبح الوحدة العربية هدفًا شعبيًا ملحًا) دكتور عصمت سيف الدولة
أكاد أسمع جملة المهندس محمد سيف الدولة التي قالها يوما في أحد الندوات: (نحن أمة مهزومة)
نعم، ولعلك تري المعني المؤسف لهذه الجملة فيما يفعله أبناءها، أبناء هذه الأمة -أمتنا العربية- وهم يهرعون بعيدا عنها، ويحاولون فك القيود التي تربطهم بها اعتقادا منهم أنهم يصيروا بهذا خارج حالة الهزيمة بالاغتراب.
منذ تلك الحملة الاستعمارية التي هبت على أمتنا في نهاية القرن الثامن عشر، حاول الكثير من أبناءها اللحاق بالفرنجة الإنجليز أو الفرنسيين، وفي المقابل اعتقد أخرين أن الأسلم والأفضل اللحاق بالدولة العثمانية ممثلة في تركيا قاصدين تغشية الأمة العربية وتحصينها بها.
ومنذ عهد ليس بقريب ولا بعيد كان الاتحاد السوفيتي محل آخر للفرار بالاغتراب، وأمريكا وإيران اليوم، وكذلك تركيا بعض الشيء.
ومحل اغترابهم هو سعيهم الارتباط وتلبسهم بحضارات وثقافات هذه الأمم، وكذلك تبني أحلامهم وتطلعاتهم الصالحة منها والطالحة، فإن كانت أمريكا فهي الليبرالية والفردية والرأسمالية، وإن كانت روسيا فتكون الديكتاتورية وأفكار تاريخية عن الشيوعية والاشتراكية، وإن كانت إيران فيكون التشيع والأفكار الديكتاتورية أيضا، وهكذا...
وفي كل هذا فإن هؤلاء لا يرتبطون بتلك الأفكار عن أصالة فكرية لديهم، فمثلا قد يوجد في أمتنا شيعي عن اقتناع لكن في المقابل كثير جدا يكون عن اغتراب، ويوجد اشتراكيون عرب ولكن يوجد أيضا من يفهمون الاشتراكية طبقا لما يفهمه الروسي من واقعه وليس الاشتراكية العربية، وحتى وهم يعارضون، يعارضون كأنهم جزء من تلك الأمم، فنكاد نسمع وراء الكلمات المعارضة صوت التركي والإيراني والأمريكي والروسي ولا نسمع صوت العربي.
في كل هذا يوجد من لم يفر بالاغتراب، من لا يرضي إلا بكونه عربي أصيل، ورغم الهزيمة يرفضون هؤلاء إغراءات المنتصرين والاغتراب.
أما الفارين فليعلموا أن امتنا العربية المهزومة اليوم التي يريدوا الفرار منها، هي التي ولدت من رحم الإسلام، والإسلام أساس حضارتها، وهي التي تتميز بهذا عن باقي الأمم التي دخلها الإسلام، وكما قال الدكتور عصمت سيف الدولة:
(أنه حيث نبحث عن حضارة إسلامية خالصة من الآثار الشعوبية لا نجدها إلا في الحضارة العربية. وحيث نبحث عن حضارة عربية خالصة من الآثار القبلية لا نجدها إلا في الحضارة الإسلامية)
فالأمة العربية ليست حضارة تنتصر للاستبداد ولا الليبرالية ولا الإقطاع ولا الرأسمالية، تلك الأفكار دخيلة علينا تمثل مشاكل هؤلاء الذين يريد أبناء كثر من أمتنا اللحاق بهم.
((فنحن العرب، مثلا، أيا كانت عقائدنا الدينية، لم نعرف في تاريخنا القومي أزمة الحرية التي عرفتها أوروبا في القرون الوسطى. لم نحتج إلى كتاب أو فلاسفة، من أمثال روسو، ليضعوا لنا نظريات تبرر أن الناس متساوون أمام القانون، وأن لكل منهم حق الرأي وحق التملك وحق العيش ولم نقض قروضا لنعترف بالملكية حقا للنساء، ولم نخض حروبا لنكسب الحريات المدنية أو السياسية. لم تعوزنا يوما الحجة لندين الاستبداد، لقد کنا نخضع للاستبداد عاجزين عن مقاومته، متربصين به، وكنا نعرف دائما أنه استبداد غير مشروع، وكان المستبدون أنفسهم يعرفون. ونحن العرب ـ مثلا آخر ـ لم نعرف قط نظام القطاع الذي عرفته أوروبا. كانت لدينا ملكيات كبيرة من الأرض، تمكن أصحابها من الاستبداد الذي يخالف القانون والعرف والتقاليد والعقيدة السائدة. كنا نعرفه ـ حيث وجد في تاريخنا ـ عدوانا ماديا وكان المعتدون أنفسهم يعرفون. ولم يكن الإقطاع في أوروبا مجرد ملكيات كبيرة من الأرض ، بل كان نظاما من الحقوق المشروعة التي يمارسها أمراء القطاع في مواجهة تابعيهم . كان الإقطاع سيادة يدعمها القانون، وتؤيدها التقاليد والعقائد، وتطيقها الأخلاق، وقد يتغنى بها الفن قصيدا وألحانا. ولما لم نعرف الإقطاع نظاما لم تعرف البورجوازية ثورة)) دكتور عصمت سيف الدولة، الشباب العربي، الهوية ومشكلة الانتماء.

وأمتنا وإن كانت مهزومة اليوم، فغدا ستنتصر بإذن الله، ولكن هؤلاء المغتربون يؤخرون باغترابهم وتزييفهم للواقع والهروب منه هذا اليوم، يوم النصر الذي يحل بثورة عربية تنهي الاستبداد والتجزئة والاحتلال والصهيونية والاستغلال في الوطن العربي، ليحل محلهم دولة واحدة عربية حرة غير مجزأة ولا محتلة ولا مستبد بها (دولة عربية واحدة اشتراكية ديمقراطية).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقترح الهدنة.. إسرائيل تمهل حماس حتى مساء الأربعاء للرد


.. إسرائيل تهدد بمحاربة حزب الله في كل لبنان




.. جون كيربي: ننتظر رد حماس على مقترح الاتفاق وينبغي أن يكون نع


.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار




.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ