الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يسوع الناصرى بين المسيح العبرى واللوجوس الإغريقى

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2023 / 4 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد تجدد الحديث عن المسيحية فى عيد القيامة خلال هذا الشهر، ومازال البعض غير مدرك لموقف الكاتب منها معتقداً أنه تخصص نقد إسلامى فقط مثل معظم من يطلق عليهم التنويرين، رغم أننى قد أوضحت فى مناسبات عديدة عن رؤيتى التاريخية للمسيحية والتى هى تقريباً الرؤية الأكاديمية التى تعارف عليها العالم الغربى منذ زمن طويل ، المسيحية ليست ديانة إلهية ولايوجد مايسمى بالديانة الإلهية كل الديانات الكبرى فى العالم القديم هى حركات سياسية تحولت إلى ديانات وعاشت حتى عفى عليها الزمن ،،،
تكونت المسيحية من مرحلتين وشخصيتين تاريخيتين ، الأولى هى مرحلة يسوع الناصرى الزعيم اليهودى الغيور الذى أعدمه الرومان بسبب إدعائه ملك اليهود بلقب المسيح ككل أبطال التاريخ الإسرائيلى ، ومطالبته بالحرية والعدالة الإجتماعية حوالى سنة 30 م ، أحدث إعدام يسوع صدى كبير فى فلسطين وتكونت بعد وفاته فرقة يهودية جديدة فى أورشليم بقيادة أخيه يعقوب لم تخرج عن الشرائع اليهودية ولكنها أحدثت شىء من التجديد مع أمل غامض بعودة يسوع ،
أما المرحلة الثانية فهى مرحلة شاؤول الطرسوسى ، ففى خلال حوالى عقد من الزمن إنضم إلى هذه الجماعة الأولى رجل يهودى ذو تعليم يونانى ويحمل الجنسية الرومانية فى نفس الوقت إسمه شاؤول الطرسوسى كان مسؤلاً عن مطاردة وإضطهاد جماعة يسوع ، ثم وفى أحد الأيام بينما كان فى طريقه إلى دمشق لسبب من الأسباب رأى يسوع فى السماء ربما من واقع الإحساس بالذنب ، فعاد إلى أورشليم وإنضم إلى جماعة يعقوب وغير إسمه إالى بولس وحمل قصة إستشهاد يسوع إلى العالم الإغريقى وأطلق عليه لقب اللوجوس الإغريقى ، أى كلمة الله ، و هكذا خرج بحركته من الدائرة اليهودية إلى العالم الإغريقى ، مؤ سساً بقيامة يسوع الذى رآه بنفسه فى الطريق إلى دمشق ، أو هكذ تصور ، لديانة جديدة بقانون إيمان شعاره الكلمة صار جسداً ، أى اللوجوس صار يسوع ، كلمة الله الإغريقية، حكمة الله الإغريقية ، كل تراث الفلسفة الإغريقية تجسدت فى شخص يسوع ، وبدأ فى كتابة أسفار الرسل مبشراً بالعقيدة الجديدة فى العالم القديم وبالخلاص القادم من ظلم الرومان ، والتى خرجت منها الأناجيل الأربعة القانونية بعد وذلك وعرفت بالعهد الجديد تمييزاً لها عن عهد موسى القديم ، والتى سيطرت عليها روح الفلسفة الرواقية الزهدية عقيدة بولس الفلسفية قبل أن يؤسس المسيحية ويحول فلسفة الإغريق إالى دين ، كما إتضحت فيها أفكار الأفلاطونية الحديثة عقيدة فيلون السكندرى ،وهو يهودى متأغرق أيضاً ، والذى كان من أكبر مقربى تراث الشعبين ، وهكذا أرسى بولس تحالف فكرى وسياسى بين اليهود والإغريق فى عقيدة جديدة إسمها المسيحية موجهة ضد إستبداد الرومان، أعداء اليهود وأعداء الرومان فى ذلك الزمان ،،،
تطورت قصة المسيحة سريعاً بعد ذلك وتلقفتها يد الفلاسفة الإغريق فى كل عالم البحر المتوسط وصاغوا لها إيمان وقوانين حتى إعتنقها الرومان أنفسهم فى نهاية الأمر وإتخذوا منها عقيدة رسمية لإمبراطوريتهم الشاسعة التى إنقسمت إلى شرقية أرثوذكسية وغربية كاثوليكية ، لتنتهى قصة المسيحية الكاثوليكية المسيطرة فى الغرب مع عصر الأنوار خلال القرن الثامن عشر ، بينما إستمرت المسيحية الأرثوذكسية ، خرافة مذمنة فى الشرق مع رفيقها الإسلام حتى اليوم ،،،
وللحوار بقية ،
وكل عام وأنتم بخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - على تلفزيون فرنسا 24 العربي
منير كريم ( 2023 / 4 / 23 - 20:47 )
اشكر الاستاذ المحترم عبد الجواد السيد
مقالك ممتاز ومفيد جدا تكشف فيه بطريقة علمية ( لا غيبية خرافية) نشاة المسيحية وتحولها الى اداة سياسية عند الدولة الرومانية
قبل ايام كانت هناك مقابلة في تلفزيون فرنسا 24 العربي في برنامج محاور للمستشرق الامريكي
جبرئيل رينولدز عن نشاة القران على ضوء ما افرجت عنه السعودية من نقوش اثرية قديمة
خلاصة بحث المستشرق ان اليهودية والمسيحية كانتا لهما الاثر الاعظم في نشوء القران ودور التراث العربي او الثقافة العربية كان ضعيفا جدا
وسبق وان ناقشنا على الحوار المتمدن نفس الفكرة
المسيحية في الغرب كما في الشرق مازالت تعادي العلمانية والفكر الحر وتختبيء وراء التيارات اليمينية فتعادي حق الاجهاض وتعمل ضد تدريس نظرية دارون والنظريات العلمية المعارضة لخرافاتها الغيبية
هذا لازالة الوهم عند الناس
شكرا


2 - تعليق رقم 1الرد على الأستاذ منير كريم
عبدالجواد سيد ( 2023 / 4 / 23 - 22:52 )
أتفق معكم على أن اليهودية والمسيحية من أكبر مصادر القرآن خاصة اليهودية وكذلك الزرادشتية وأشعار العرب الأحناف السابقين لمحمد خاصة عمرو بن زيد بن نفيل وأمية بن أبى الصلت ، القرآن ورسالة محمد هى مجرد تجميع ذكى للثقافات التى سادت قبله فى نفس الزمان والمكان بهدف تجميع قبائل العرب فى دين واحد من أجل غزو العالم القديم وقد إنتهت صلاحيته فى التاريخ الآن وكذلك المسيحية مع فارق أن تجربة الأنوار قد نالت من سيطرة المسيحية وحولتها إالى مجرد رأى فى المجتمع مازال له بعض التأثير حتى اليوم لكنه مجرد رأى لايملك حق الفرض بالقوة أو المنافسة على السلطة بعكس الإسلام الذى مازال مسيطراً مع الأسف على كثير من الجموع الغير متعلمة ويملك فرصة الفرض بالقوة والمنافسة على السلطة وتأسيس حكم الفرد المستبد بإسم الله ، لكنها فى النهاية مع ذلك مسألة وقت ومهما طالت ستصل إالى مرحلة الوجود الرمزى مثل المسيحية ، التحية والتقدير وشكراً على مروركم الكريم


3 - الرد رقم 2 على تعليق الأستاذ منير كريم رقم 1
عبدالجواد سيد ( 2023 / 4 / 24 - 05:39 )
أتفق معكم أستاذ منير فى أخذ القرآن مما سبقه من ثقافات خاصة اليهودية والمسيحية ومصادر أخرى أيضاً ، مع الفارق أن المسيحية تعرضت لمقاومة تنويررية كبرى فى القرن الثامن عشر وبذلك أصبح وجودها مجرد رأى ومجرد محاولة للعودة للماضى بينما الإسلام مازال يتمتع بالسلطة والرغبة فى إستعباد الناس بإسم الله ، التحية والتقدير وشكراً على مروركم الكريم


4 - ‎فهم المسيح ودعوته
د. لبيب سلطان ( 2023 / 4 / 24 - 09:59 )
الاستاذ عبد الجواد
لا اعتراض لي على مجمل طرحكم لتاريخ المسيحية سوى فهم المسيح نفسه حيث توردون كأنه سياسي ادعى نفسه ملكا لليهود وهو لم يدع ذلك بل بقي يسير حافيا كأي متصوف كالحلاج مثلا ولم تكن مدرسته سياسية بل روحانية تنهي ان الله ملك للشعب اليهودي مثلما قيصر ملكا للرومان او نبوخذ نصر للبابليين وملكهم يهوا السماوي جبار وقوي ومنتقم وهو اعلى من الملوك على الارض ( أي لاعلاقة له بالروحانية ) وجاء دور المسيح هنا ان الله روحانيا وليس ملكا والثانية انه الملهم الروحاني لكل البشر وليس لليهود وحدهم فقط أي ان ماتسمونه يسوع الناصري قد نسف اليهودية بالكامل والواقع ان اختصار دعوته انها سياسية ضد الرومان هي مجرد قراءة سطحية مؤدلجة ان التاريخ صراع مصالح فهي لاتصح عليه وهوالذي قال ما لله لله وما لقيصر لقيصر (أي فصل الدين عن السياسة ) ولم تكن له احلاما سياسية واعتقد ان العدل الاجتماعي ينطلق من اسس روحانية وان كهنة اليهود يتاجرون بمفهوم الله ويجب تحريره منهم ورفض الشرائع اليهودية ومانسب له عن الاخذ بالشريعة القديمة اي التوراة لم
يقل به غير بولص ( وبحث فراس السواح مهم هنا) وتبنت الكنيسة كذبة واضحة


5 - 4الرد على تعليق دكتور لبيب سلطان تعليق رقم
عبدالجواد سيد ( 2023 / 4 / 24 - 15:13 )
المقال مختصر والموضوع طويل ، يسوع الناصرى زعيم كبير من زعماء حركة الغيورين الثورية التى إنتشرت فى فلسطين القرن الأول ضد الرومان وهو صديق ليوحنا المعمدان وقد لقى نفس المصير ، كل حياة يسوع القصيرة سياسة فى سياسة حتى حكم الإعدام بتهمة المسيح أى إدعاء ملك اليهود ، الجزء الثانى من حياة المسيح صنعه بولس الرسول بإنضمامه إلى جماعة المسيح التى تكونت بقيادة أخيه يعقوب بعد وفاته وأضفى عليه الصفة اليونانية لوجوس أى كلمة الله وأقامه من الأموات وجعله مبشرا بحضارة اليونان حضارة السلام ضد عنف الرومان ، كل السرديات الرواقية الإنسانية التى جاءت فى الأناجيل من إختراع بولس فى أعمال الرسل والتى نقلت عنها الأناجيل ، الموضوع ليس سطحياً كما تقول حضرتك الموضوع عميق ومعقد ويحتاج إلى معرفة قوية بالعصر الهيلينستى وآدابه وأفكاره وتداحل أفكار الشرق بالغرب ، لقد حاولت تبسيطه وشرحته فى فيديوهات وسينزل فصلاً كاملاً فى الطبعة الثانية من كتابى أساطير الدين والسياسة لو لنا عمر ، كل التحية والتقدير


6 - هل يسوع المؤله كنسيا وهمي؟
منير كريم ( 2023 / 4 / 24 - 23:54 )
الاستاذ عبد الجواد سيد
يفهم من ردودك ان اليسوع اليهودي لم يات بدين
واليسوع الذي صنعه بولص هو اليسوع المألوف
وبولص هو من ابتكر هذا النظام الغيبي الخرافي المناقض لابسط قوانين البايلوجيا وهو تكون جنين من غير كروموسومات ذكرية ويدعي انه الله وينقسم الى ثلاثة ويحيي الموتى الى اخره من الخرافات
هل هذا كله من صنع بولص
ربما مادام هناك من يصدق هذا
الا ان اليسوع البولصي لم يكن داعية سلام وله نص بذلك وهذا يخالف روح الفلسفة
اعتقد يا استاذنا ضروري الاطلاع على ماكتبه المؤرخون اليهود عن يسوع
شكرا جزيلا لك


7 - الرد على الأستاذ منير كريم تعليق رقم 6
عبدالجواد سيد ( 2023 / 4 / 25 - 08:57 )
تحتوى حياة يسوع على كثير من المتناقضات مثل المولد الإلهى والقيامة والمعجزات ورسالة السلام ، فى أعمال بولس والمسيحيون الأوائل محاولة لحل تلك المتناقضات ، ولكن المحاولة لم تنجح تماماً ، يسوع كان زعيماً سياسياً من طائفة الغيورين هاجم معبد أورشليم وأعتقل وأعدم لذلك السبب ،أحاطت بعض الشكوك بمولد يسوع ولذلك كان لابد لها من تفسير ، أيضأً معجزاته وقدراته الخارقة على الشفاء مثثل كثير من زعماء ذلك الزمان كل ذلك الخليط سيربك القارىء بالتحديد هل كان يسوع يهودياً أم مؤسساً للمسيحية يسوع إحتفل بالفصح اليهودى قبل إعدامه بيوم واحد يسوع لم يأت ليغير الناموس يسوع أعدم بتهمة ملك اليهود ، يسوع القيامة الذى فدى الإنسان بحياته هو الجديد لايوجد عند اليهود مسيح فادى يوجد عندهم مسيح مقاتل ملك من نسل داوود ملك يحتفل بعيد الفصح لكن بولس جعل منه فداء للعالم وهذا هو الجديد وهذا هو الذى إنتشر فى العالم مسيح يونانى يخفى خلفه مسيح عبرى منتهى الإرباك ، إختلاط ثقافة الشرق بثقافة الغرب فى العصر الهيلنستى الكلمة صار جسداً ، كلمة الله اللوجوس اليونانى تجسد فى شخص يسوع العبرى، حديث طويل التحية والتقدير

اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في