الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية الإنسية هي الحل

بن سعيد العمراني عبد السلام

2006 / 10 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عرف العقد الأخير تواتر مجموعة من الأحداث غيرت وجه العالم. فمع سقوط جدار برلين، حرب الخليج الأولى و الثانية، أحداث 11 شتنبر و بداية الحرب ضد الإرهاب، تغيرت معطيات كثيرة ؛ فمن ثنائية الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية و الإتحاد السوفيتي انتقلنا إلى وضع دولي متفجر يعرف هيمنة قطب واحد و تواجد مجموعة من الأقطاب المناهضة في كل أرجاء العالم.

فمن معارضة صاخبة في أمريكا اللاتينية إلى حرب هوجاء في العالم الإسلامي إلى تنافس سياسي صامت و حاد مع الإتحاد الأوروبي تعرف السياسة الأمريكية صعوبات جمة.

إلا أن ما يثيرنا (كمسلمين) في هذا الوضع المتأزم هو تنامي المبررات الدينية لهذه الحرب و تزايد النزعات الهوياتية الانغلاقية بما يهدد مركزية دول العالم الإسلامي و يهدد الاستقرار و الأمن. فقد عرفت السنين الأخيرة استقواء ما يمكن تسميته بتيارات الإسلام السياسي التي أوجدت لها ظروف الأزمة الدولية أرضية خصبة للانتشار و التوسع.

إلى هنا قد يظهر رد الفعل عاديا نتيجة الظرفية الدولية: استمرار الاحتلال في نهج سياسة عنصرية تعتمد التجويع و التقتيل في حق الشعب الفلسطيني؛ حرب أفغانستان بما حملته إلى الواجهة من خرافات قوة و بطش تنظيم القاعدة و تأجيج للنزعات الدينية المتزمتة؛ حرب العراق و ما مثلته من تدخل سافر في السياسة الداخلية للدول على الرغم من اختلافنا مع كل ممارسات صدام حسين و مواقفه ذات النزعة القومية؛ و استمرار نهج الحكم الديكتاتوري المتحالف مع الإمبريالية الأمريكية في مجموعة من بلدان العالم الإسلامي.. إلا أنه نود أن نثير الانتباه إلى أن رد الفعل هذا أصبح يتغذى من أفكار عنصرية و ينتج أفعالا تخريبية بما يهدد بتزايد حدة التوتر و استمرار اعتقاد و تكريس أن فكرة الدين الإسلامي يشكل فكر رعب يهدد الديموقراطية و الحرية في العالم الغربي مما يعطي المجال لتنامي التيارات المتطرفة و اليمينية –على شاكلة النازيون الجدد مثلا- في صفوف الدول الغربية (على غرار ما هو حاصل عندنا) و بالتالي المزيد من الإقصاء و المزيد من العنف لدرجة تدفع الوضع الدولي إلى الانفجار.

قد يكون هذا السيناريو هو الأكثر كارثية إلا أن احتمال وقوعه يرتفع بشكل كبير. فمنذ سنين يعرف الوضع الدولي احتقانا مطردا و يعرف صوت و فكر التبصر و التعقل انحسارا في أوساط المجتمعات !!؟

و قد شكلت التطورات الأخيرة التي حملت مجموعة من ما تسمى تنظيمات الإسلام السياسي إلى الحكم ضربة موجعة. إذ يمكن أن تشكل هذه التطورات نقطة اللاعودة إلى السلم العالمي و نقطة انعدام إمكانيات إيجاد حلول أخرى غير المواجهة العسكرية (حالة إيران على الخصوص و فلسطين ..)

لهذا يطيب لنا أن نطلق صرخة إنذار و تحذير؛ فأن يصبح العالم رهينة أصولية فكر ما يسمى الإسلام السياسي (الذي ينفي أي إمكانية للاختلاف) و أصولية أولمرت-شارون-نتنياهو و أصولية بوش معناه أن إمكانيات حدوث حرب عالمية أخرى تصبح جد مرتفعة مع التذكير بالدمار و حجم الضحايا التي ستحدثها حرب كهذه في ضل توفر كل الأطراف على أسلحة فتاكة جد متطورة.

قد يكون التحليل كارثيا في نضر البعض إلا أن ملاحظة بسيطة، كون نتائج الحروب التي حدثت في الآونة الأخيرة (البوسنة، الشيشان، أفغانستان، العراق، السودان..)كانت كارثية. هاته الحروب كانت في البداية حروب مصالح و انتهت حروبا بأغلفة دينية و عرقية و بطريقة أكثر دموية. و هذا قد يؤكد ما قلناه.

لكن هذا التأزم يترافق بتقاعس جل الفئات المتنورة و المتعقلة في كافة الأطراف المعنية باستثناء نزر قليل لا زال يطمح لمستقبل أفضل و هو الشيء الذي يرجح وقوع تطورات متسارعة في الوضع الدولي.

لهذا وجب طرح النقاش مجددا حول حركات السلم العالمي و ضرورة أن تتبنى مبادئ "علمانية إنسية" Laïcité humaniste في مواجهة النزعات الدينية و العرقية المنغلقة و المتطرفة و العنصرية.

ففي نظرنا، أولوية إيجاد إطار يسع الاختلافات و يحترم الأقليات ضرورة مرحلية، و العلمانية الإنسية بما توفر من فضاء احترام للحريات الدينية و الخاصة، و بما توفر من إمكانيات نزع فتيل النزاعات و الحروب و بما توفر من إمكانيات جعل الهويات الإنغلاقية عوامل إضافية في إغناء الثقافة العالمية، و بما توفر من إمكانيات الالتزام بقضايا أكثر أهمية –التطور العلمي و الاقتصادي، الحقوق الإنسانية، البطالة، الحفاظ على البيئة...- محل ترك هذه القضايا التي تهتم بواقع الإنسان لصالح قضايا تمتلئ بكثير من الدوغمائية (صراع الحضارات) و تزرع بذور النزاعات و لا تنعكس إلا سلبا على الواقع الاجتماعي –مزيد من الركود الاقتصادي، مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان...- تستحق أن تمثل شعار المرحلة.

قد نكون نرجسيين في تصورنا حول العلمانية المأمولة، إلا أن الدعوات العنصرية المغلفة بغلوف الدين، و التي تحارب العلمانية لما فيها من إضرار بمصلحة أشخاص معينين، لن تنتج في نظرنا سوى مزيد من الحرب، مزيد من الأزمة، مزيد من التخلف و سيولا من الدم قد يلزم عقودا لمحوها و سيلزم دهر لنسيانها.

و في النهاية، أختم بسؤال حمال إجابات: "هل الأديان بعثت لتكون مصدر تعاسة الإنسانية أم لإسعادها؟"

الجواب البديهي سيكون هو الإسعاد. فلماذا نبرر إذن الكره و العنف باسم الدين؟ و لماذا تكون الحرب باسم الدين؟ و لماذا نمنع التطور باسم الدين؟ أسئلة كثيرة أتمنى أن يكون الجواب عليها تغييرا في السلوك وليس اتهامات بلا حدود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا| ما أثر قانون -مكافحة الانفصالية الإسلامية- على المسلم


.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا




.. 251-Al-Baqarah


.. 252-Al-Baqarah




.. 253-Al-Baqarah