الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 10 والأخيرة

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 4 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما جعل العقل البشري أن يخرج من سيرورته الأولى الطبيعية هو مقدار الدهشة التي أكتشفها مع المعرفة ومع التجربة، فأخذته العوامل النفسية بعيدا عن مسار الحقيقة التي وجد نفسه فيها بوجوده حين بدأ يفكر، وشيئا فشيئا أبتعد عن هذه السيرورة لسببين، الأول بروز ظاهرة الأنا وأشتراطاتها عليه ليس كفرد فقط، بل كممارسة الكل أشترك فيها حتى المستضعف الذي لا حول ولا قوة له أشترك في بناء ضعفه وأستكان لما يفرض عليه ومن حوله، من الأقوياء أصحاب القدرة على التنافس الشديد، فأخذت المنحنيات النفسية تصارع العقل وتنحرف بالسيرورة نحو طريق مصطنع يلبي حاجاتها هي ولا يلبي حاجة الوجود بمسئولية، النقطة الأخرى أن ظهور الفكر المنظم من قبل أصحاب الميل الأناني ومحاولة تسويقه على أنه الخيار "الحل"، أيضا ساهم بشكل جاد في جر الإنسان عن مواصلة السير في طريق الأكتشاف الوجودي بالعقل المنطقي نحو أوهام وأشكال من الوعي الخادع، الوعي الذي تغلف أو تسربل بلباس الخشية من السماء وأن القوة البعيدة ذاتها هي من تقبل بهذا السلوك وترفض هذا السلوك كبداية لفكرة نشوء الدين.
مثلا وتطبيقا لهذا الفرض أو النتيجة نجد هناك واقع مقارب وحقيقي تمثل بأنتقال الفكر الديني عند المسلمين الأوائل من طريق العقلانية التي تميزت بها مرحلة الرسالة وما بعدها بقليل، إلى مرحلة التغيير والتبديل المأخوذ بالدهشة والأفتنان المبكر بما هو وافد أو مكتشف من جديد، لقد لعبت الثقافات الأسطورية القديمة للشعوب والأمم الأخرى وإنعكاس حضاراتها بتأثيراتها على الفكر العربي الإسلامي الروائي الناشئ بقوة، في الوقت الذي تفاجأ العقل العربي وهو يخرج من خيمته التي تقوقع بها ليكتشف العالم أنه كان بعيد جدا عن تبك التحولات المدهشة التي مرت بها شعوب وأمم قريبه منه لأنها كانت تسير في وعي ديني ما، أصطدم المسلمون الأوائل بهذا النوع المركب من الأفكار الأسطورية وأدهشته للحد الذي رغب فيه بزجها بالدين الإسلامي وإعادة أنتاجها بثوب وطعم جديد، وبالأخر سلم أن ما سرده وأثبته هنا وأمن به أصبح جزأ من الإسلام كدين، وحاول لي عنق النصوص الدينية كي تتناسب مع إعجابه ورغبته بتكوين رواية تعزز من وجوده الثقافي بين الأمم.
الداخل الديني أو المؤثر على السيرورة الدينية وهذه واحدة من مقاربات الأخلاق وقيمه مع الدين وقيمه في مجتمعات التحول، أن ما حدث في دائرة الأعتقاد الديني حدث مثله وتماما في دائرة الأخلاق والقيم التي تحدد مساراها ومسيرته في المجتمع، ولنؤكد هذه الحقيقة مثلا وبإجراء مقارنة ما بين الأخلاقي ما قبل الدين وما بعده، يتضح جليا أن قوة العزم الديني سحبت الأخلاق بقوة لجانبها طالما أن عزم الدهشة والمفاخرة والشعور بالتميز قوي عند المتدين بدينه الجديد، هذا ما كان يستمر بهذه الحالية والشكل دائما وعلى وتيرة واحدة، هناك وما أن أستقرت العقيدة في عقل المتدين وأطمأن على قوتها حتى بدأت رحلة النكوص عنده لتتسيد الأخلاق القوية المنبعثة من التجربة والتعامل الراسخ في سلوكيا الفرد شخصا والفرد مجتمعا لتقلل بالنهاية من غلواء الإيمان، هذا نجده تماما في كل مراحل التحول الديني الأساسي أو النوعي، بعد أستقرار المؤمنين المحمدين في يثرب بدأت الظاهرة الأخلاقية تفرض نفسها شيئا فشيئا سواء أكانت وافدة مع الذين دخلوا الإسلام من مجتمعات غير مكة والمدينة، أو من خلال إحياء القديم المتجذر في العقل العربي القبلي أجتماعي وحضاري نسبي.
ما أريد أن أقوله أن العقل البشري الذي وضع القيم الأخلاقية وأبتكر مفهوم الدين وطبقها كظاهرة لم يتحول فجأة من مجاراة الطبيعية الوجودية إلى الطبيعية المثالية لولا صراع الذات مع نفسها، أي أن الدين والأخلاق التي بين يدينا وننسبها مرة لله ومرة للتجربة ومرة للضرورة هي قيم ذاتية بشرية نسبية غير ثابته وغير جديه، وقاصرة عن بلوغ حقيقة الوجود وقوانينه ومعادلاته التي بالتأكيد هي فوق الذاتية البشرية مهما تسامت ومها أرادت أن تعبر عن حقائق الوجود من خلال فعل مثالي مجرد، الفعل المثالي الحقيقي المعبر عن تلم الحقائق يبدا مسيرته وسيرورته من الإيمان بحتمية التماهي سنن الله الأولى، لأنها ثابتة وجدية ومحكمة ومطلقة ولا تنصاع للذاتيات المتغيرة أو المتحولة.
هذه الأعتبارات المهمة التي تتصل بأصل الفكرة من إيماني الشخصي وما يترتب عليها من نتائج على مستوى القيم الأجتماعية التي تسوقنا جبرا في مسارات مخالفة للقانون الوجودي والدين الطبيعي، هي من تفرض حقيقة الجهر بما نؤمن به ونعتقده بعد التجربة الدينية الفاشلة التي لم تقدم للإنسان سوى المزيد من الإشكاليات الوجودية المتروكة بلا حل ولا أمل في تنقيحها أو تصحيحها، وهو ما زال مؤمنا أن طريق الخطايا ربما سيكون في النهاية هو طريق الحق والخير، وهذا من أعظم أستغفالات العقل البشري حين يثمل بمفاهيم مفترضة لكنها غير حقيقية تمثل القدسية والخوف من الله الذي يشبه الإنسان بأفعاله وأنفعالاته، وعدم قدرته على التحكم التفصيلي واليومي بما يجري في الوجود من أخطاء كارثية، وينسى العقل حقيقة واحده هي أنه بالمحاكمة الواقعية والحيادية والصريحة وذات العمق سيكون هو المدان الوحيد، وهو المجرم منذ لحظة أن تخلى عن طريق السيرورة الأولى وأنحاز إلى أوهام الذات، الذات التي لا تفكر خارج مدارها الجزئي من دائرة المدارات المتعددة والمتشابكة والمتقاطعة حول النواة المتحكمة الكبرى في الدائرة المغلقة على وجودها الذاتي بوجودها للذات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية