الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحر بالحر والعبد بالعبد، كيف نقرأها؟

راكان علي
Adel Ahmed

2023 / 4 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لطالما كانت هذه الآية مصدر أرق وحيرة بالنسبة لي، فلم أجد قراءة منطقية لها عند كثير من المفسرين والشارحين، إلى أن وقعت عيني على قراءة الدكتور وائل كريم التي جعلت إيماني بالوحي القرآني يتعمق ويزداد ثقة بأنه يستحيل أن يكون من عند غير الله. المهم أن نعرف كيف نقرأه وفق سياقاتنا وحاجاتنا نحن لا من سبقونا، وأن ندرك معنى عبارة "ثبات النص وحركة المعنى"، فنصوص القرآن ثابتة غير أن معانيه ودلالاته متحركة ومرنة ومناسبة لكل عصر باحتياجاته المختلفة، حتى القصص القرآني رغم أنها مجرد قصص ولا تعني سوى زمن أصحابها، إلا أن لنا فيها عبر ودروس لا يدركها إلا أولو الألباب.


أترككم الآن مع قراءة الدكتور وائل كريم -وهذه صفحته على فيسبوك (Dr.Wael Kraiem Economist) حول آية القِصَاص والعقوبات في القرآن الكريم:
_______________________________________

هل يحلل القرآن قتل من ليس له ذنب؟

•جانب من قانون العقوبات في القرآن.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (179) البقرة.

لقد عُرِضت عليّ هذه الآية الكريمة في سياق نقاش حول قانون العقوبات الذي أنزله الله سبحانه، وكيف يمكن أن نفهمه من آياته التي لا بد وأن تكون صحيحة ولازمة لكل زمان ومكان.

إن مفهوم كلمة قِصَاص تأتي من مصدر قص وهي تتبع الشيء، كقولهم قصصت أثره أي تتبعته. ولهذا نستطيع أن نفهم أن أساس القِصَاص يتحدث عن الطريقه أو مساهمة المتهم بجريمة القتل، لأن التتبع لا يأتي إلا لطريقة تنفيذ شيء. وهكذا نستطيع تقصي الحقيقة وتنفيذ الحكم على الفاعل حسب فعلته.. انتبه إنه يتحدث عن القِصَاص وليس القَصاص.

في جرائم القتل هناك ثلاث درجات لمساهمة متهمين في فعلة القتل، أولها: اتخاذ قرار حر بكامل الوعي والإدراك لتنفيذ الجريمة والقيام بالقتل أو الأمر بتنفيذه وهذا هو الجرم الأعظم الذي يُعَاقب عليه معاقبة الحر، الذي يصل إلى الإعدام دون رحمة. لأن الرحمة في داخله لم تثنيه في مرحلة من مراحل اتخاذ القرار أو التنفيذ عن فعل فعلته.

أما الدرجة الثانية: فهي درجة التنفيذ القسري، أي تحت أمر من سيد. فهنا يكون المنفذ عبدا في فعلته ولا يملك سلطة القرار أو الخيار في تنفيذ الجريمة أو الامتناع عنها. ولذلك فإن وصلنا إلى هذه النتيجة بعد تقصي الحقائق يُعَاقب الجاني عقابا يتناسب مع كونه عبدا في لحظة الفعل، وهنا تندرج كل أعمال القتل التي تحدث دون سيطرة الجاني إما من حيث فقدان العقل أو بأمر من مختار العشيرة أو قائد الكتيبة، وفي هذه العبودية درجات كثيرة، لذلك لم يحدد الله نوع العقوبة ولكنه حدد أنها مختلفة عن عقوبة الحر الذي فعل ذلك بحرية كاملة.

أما الأنثى فتعني في معجم الرائد أنْثَى: اغْتابَ، وأَنِفَ من الشيءِ، كذلك تعني أنث في الأمر: أي لاَنَ فيه وتساهل. أَنُثَ الحَديدُ: لاَنَ.

وهذه المعاني تقودنا إلى الدرجة الثالثة: من التنفيذ، التليين أي التحضير. فهي موازية للشروع في الجريمة كما منصوص في قوانين العقوبات الحديثة، وكذلك المساعدة في تنفيذ الجريمة فهو أيضا مفهوم من مفاهيم تليين وتسهيل التنفيذ بيد المنفذ الحقيقي، كما أن التخطيط وتوفير أدوات الجريمه ومراقبة ساحة الجريمة كلها تندرج تحت باب الأنثى في القتل، وهذه كلها منصوص عليها في قوانين العقوبات الحديثة التي تميز عقوبتها عن منفذ العملية حرا كان أو عبدا.

تتحدث الآية فيما بعد: {فمن عُفِيَ ۖ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ..} وهنا كلمة شيء تدل على أن الجريمة لا تقتصر على القتل وحده، بل على أشياء كثيرة ساهمت في تنفيذ الجريمة. فيمكن أن يعفي أهل المجني عليه عن العبد المنفذ ولا يعفوا عن مصدر الأمر "الحر"، وكذلك عن المخطط أو الذي شرع في الجرم كذلك.

إن الحكمة العظيمة من صياغة هذه الآية على هذا النحو هي ملائمتها لما كان في عصر القبلية والحروب بين العشائر التي كانت تؤمن بالثأر كضرب من ضروب العدالة، ولذلك كان عليهم أن يفهموا أن القِصَاص إذا ما اعتدت قبيلة على أخرى يجب أن يكون بالمثل، عبدا بعبد وحرا بحر وأنثى بأنثى، أما في المجتمع الحضاري فعلينا إعادة فهم القرآن الكريم بما يتماشى مع ظروفنا وحاجتنا إلى تنفيذ العدالة.

{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} هنا نفهم أن الاستمرارية والحياة الكريمة الآمنة لا تقوم إلا على قصاص المعتدي بحسب فعلته، وإن قمنا بقتل منفذ الجريمة وإن كان عبدا مأمورا دون عقاب الحر الذي أمر بالقتل، فلن تكون لنا حياة آمنة أو سكينة، وإن تركنا المحرضين على القتل ومزودي السلاح في بلادنا وعاقبنا المنفذ فقط فلن نصل إلى الأمن والأمان.

أسأل الله أن أكون قد أصبت في ما رأيت، والعفو إن كنت قد أخطأت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب