الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الايزيديين في الشرق الأوسط... قرابين دول فاسدة ومحيط متطرف

امين دنايي

2023 / 4 / 28
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تعرض الايزيديين عبر تاريخهم الطويل إلى الكثير من الإبادات والاضطهاد والحملات العسكرية ،وأكثرها قسوة و دموية كانت في العصور الإسلامية وبخاصة في العصر العثماني، استهدفت وجودهم و علومهم النوعية ،ورغم كل ذلك لم ينتقم الايزيديين من العدو أبداً لأن الأيزيدية تقوم في الأساس على المحبة والمعرفة"وقد جابه أجدادنا العظماء الكثير من الغزوات والقتل والإبادة عبر مفردتي المحبة والمعرفة وكذلك سامحوا اعدائهم بكل مسؤولية أمام الخالق وأمام ضميرهم ليس لأنهم جبناء وعديمي الضمير بل لأنهم شجعان ويفهمون قدسية المثل العليا في المعرفة المقدسة القائمة على التسامح اللامحدود مع اعداء نعلم تمام العلم انهم ينتمون لمستويات وعي متدنية وبالتالي يكون موضوع مجابهتم اشبه بالانحدار إلى قاع الجحيم لمخاطبة كيانات تعيش في الظلام ولا تفهم المعاني الجوهرية للعناية الإلهية".

إن الايزيديين تعايشوا منذ وجودهم ،ورغم الظروف السيئة ومأساتهم المستمرة، يتسمون بالسلم ولم يكونوا على مر الزمن عدوانيين للشعوب والاقوام الأخرى. ويتمسون بالصدق والنزاهة والجد وحب الوطن والحرية والاستقلال.
إن التحديات الكبيرة التي واجهتها الإيزيدية في سبيل البقاء والحفاظ على خصوصيتهم الدينية والقومية الأيزيدية في مواجهة هذه الموجة من التطرف الإسلامي الديني : ما كانت لتحصل لولا الرؤية العميقة للفرد الإيزيدي للحياة والوجود المستمدة من نصوصهم الدينية، ولا توجد في نصوصهم كلمة قتل أو اغتصاب أو نهب وسرقة أو تكفير الآخرين وسبي النساء وما ملكت يمينك، أو أي منهج لفرض الإرادة بالقوة أو الدعوة للقتل والانتقام.

الايزيديين يربون أطفالهم على المبدأ الأيزيدي العظيم"محبة البشر والكائنات بلا اسباب وبلا حدود" في الحين الذي لم يتم قبولهم إلى الآن في الدول التي يتواجدون فيها أو محيطهم الإسلامي لا كديانة ولا كمجتمع ولا كعلم.ففي سوريا،تعرضوا لغزوات وابادات منظمة وتم محاربتهم من الدولة ومن محيطهم الإسلامي حتى أجبروا على الزواج من المسلمين وتفجير معابدهم وسبي نسائهم وأطفالهم ما اجبرهم على الهجرة وبالتالي انقرضوا في هذه الدولة.وفي تركيا أيضاً استمرت حملات الإبادة ضدهم منذ نشوء الدولة العثمانية إلى اليوم ولم تقبل الدولة كتابة اسم الديانة الأيزيدية على هوية أو جنسية الفرد الأيزيدي واطلق عليهم ب"دين سز" أي بدون دين ،كما تم الاستيلاء على قراهم ونبش قبور امواتهم والتعدي على الفتيات والنساء وإصدار فرمان ابيض بحقهم في سبعينات القرن الماضي. ومن خلال الادلاء بشهاداتهم ، أكد اغلب الايزيديين المهاجرين على أنهم هاجروا بسبب الاضطهاد وقسوة التعامل معهم من الحكومة ومن جيرانهم المسلمين.
أما في العراق ، فحدث ولا حرج ، إذ لم يرٓ الايزيديين النور ٤٠٠ سنة خلال العصر العثماني فقد كانوا دوماً ضحية حملات الإبادة المنظمة بحقهم وتمكنوا من الحفاظ على وجودهم وعلومهم في كهوف الجبال ومناطقهم النائية ،واستمرت تهميش الايزيديين و اضطهادهم حتى بعد تكوين الدولة العراقية الحديثة وعبر الحكومات العراقية المتعاقبة.
ولم يتم انصافهم في دساتير الدول التي عاشوا فيها.


إبادة الايزيديين آب ٢٠١٤ ومحاولات الحكومة لتحويل الضحية إلى جلاد وبالعكس:

قامت الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بغزو مناطق الايزيديين في العراق في سنجار وبعشيقة و وبحزان وسهل نينوى وارتكبت بحقهم جرائم إبادة جماعية من سبي الفتيات والنساء وقتل الرجال وإجبارهم على اعتناق الإسلام وخطف الاطفال وتدربيهم في معسكرات التنظيم وغسل ادمغتهم فضلاً عن تدمير المعابد الدينية والبنى التحتية وسلب و نهب الممتلكات واجبارهم على النزوح والهجرة إلى دول كثيرة.حدث كل ذلك بعد ترك الحكومة الايزيديين وحدهم في مواجهة داعش وانضمام اغلب مسلمي سنجار السنة والمناطق المجاورة إلى تنظيم داعش ، ولو لا تعاون هؤلاء مع داعش لما تمكن الأخيرين من سبي فتاة ايزيدية وأحدة.

خلّفت إبادة الايزيديين،فضلاً عن سبي النساء والأطفال، اكثر من ٨٠ مقبرة جماعية وآلاف مؤلفة من النازحين والمهجرين،الذين يعانون من الاستغلال والاضطهاد والفقر والمرض، وآلاف السردايين،الذين ضحوا بأرواحهم من أجل اهلهم ومعتقداتهم،وكذلك آلاف الايتام والناجين والناجيات وهم في معانات نفسية ومعيشية مستمرة،فضلاً عن بيوت طينية مدمرة تمنع أصحابها من العودة.
وعوضاً عن قيام الحكومة بتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المقصرين والمتورطين في إبادة الايزيديين والاعتذار منهم وبناء مناطقهم من جديد ومساعدتهم مادياً ومعنوياً ، عوضاً عن كل ذلك، تشارك بخلق الإرهاب وحمايتهم مثلما حدث في يوم أمس الخميس٢٠٢٣/٤/٢٧ عندما عادت أكثر من ١٥ عائلة من مسلمي السنة من المشتبهين بتورطهم مع داعش في ظل حماية الجيش من الموصل إلى داخل قضاء سنجار ،وتعرفت ناجية ايزيدية على أحدهم واكدت بأنها رأته أكثر من مرة عندما كانت مختطفة لدى التنظيم في الموصل ،مما دفع الايزيديين إلى القيام بمظاهرة ضد عودة السنة وحماية الجيش لهم بتلك الطريقة الاستفزازية والمهينة.
وقد استغلت الخلايا النائمة وبعض المتطرفين هذه المسألة وخرجوا من جحورهم واتهموا الأيزيدية بشتى الاتهامات فضلاً عن صدور فتاوى من بعض الملالي المسلمين، على مرأى ومسمع الحكومة، تصف الايزيديين بعبدة الشر وتحث المسلمين على قتلهم وسبيهم.
وإن قيام الحكومة بهذه الأعمال وفي هذا التوقيت بالذات وعدم تحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين ممن انضموا إلى داعش يعطي لهم الشرعية بقتل الايزيديين وبقية مكونات العراق الغير مسلمة معتقدين أن ما يقومون به هو الحق والحقيقة.

ما هي الحلول ؟

سيعيش ما تبقى من الايزيديين بكرامة وسلام وأمان مع المسلمين إذا قام اصدقاءهم الطيبين والشرفاء من المسلمين بالآتي:
-التحلي بضبط النفس والتحكم بعواطفهم وتربية اطفالهم على المحبة لأن أغلب المسلمين الحاليين مبرمجين منذ الصغر على الكراهية وعدم قبول الآخر المختلف.

-تسليم المتورطين ومن تلطخت أياديهم في سبي وقتل الايزيديين إلى عوائل السردايين والمخطوفات وليس إلى الحكومة العراقية لأن الأخيرة تطلق سراحهم بمقابل مادي.

-الاعتذار من الايزيديين وبناء مناطقهم والعمل على عودة النازحين بأسرع وقت ممكن.

-اصدار فتوى من ملا احمد رئيس جامع الازهر ورئيس المسلمين في العالم يعترف فيها بالايزيدية كديانة عريقة موجودة قبل الميلاد بآلاف السنين ويحث المسلمين وبخاصة الملالي على تحريم اصدار فتاوى لقتل وسبي الايزيديين.

-اصدار دستور عراقي انساني يتساوى فيه جميع المكونات في الحقوق والواجبات ويعترف بجميع الديانات العراقية وأن يكون اسم اوروك دين الدولة الرسمي.

-مساعدة المجتمع الدولي على البحث عن ما تبقى من المخطوفات والأطفال الايزيديين في المجتمعات الإسلامية.

-التوقيع على وثيقة في المجتمع الدولي والأمم المتحدة يؤكدون فيها بعدم الانضمام إلى أي تنظيم إرهابي يظهر في المستقبل ضدهم(الايزيديين).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهدنة في غزة: ماذا بعد تعقّد المفاوضات؟ • فرانس 24


.. هل تكمل قطر دور الوساطة بين حماس وإسرائيل؟ • فرانس 24




.. 4 قتلى وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة -ميس الجبل-


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. والضبابية تحيط بمصير محادثا