الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقض وجود الجنة ومحتواها في الإسلام

هيبت بافي حلبجة

2023 / 5 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لو صدقت فرضية وجود الآلهة في الإسلام ، لو صدقت فرضية وجود الجنة ومحتواها في الإسلام ، لو صدقت كافة الفرضيات الإسلامية ، للبث سؤال إشكالي ، ماهي الجنة في الإسلام ، ماهي الغاية ولماذا ، ماهي وظيفة المسلم الذكر في الجنة ، ماهي وظيفة الأنثى ، والذكر يفض غشاء البكارة ، وكلما فضه أبكر ، وكلما أبكر فض ، فالذكر يفض غشاء البكارة في كل ثانية ، في كل جزء من الثانية ، والأنثى لايجوز لها إلا أن ترفع ساقيها وتفتح ، وكلما فضت بكارتها أبكرت .
ثم لماذا توجد جنة بالأصل ، لكي يدخلها المسلم ويفض غشاء البكارات ، لماذا ، ألا يستطيع إله الإسلام أن يجعلنا كلنا في الجنة منذ المنذ ، هنا على الأرض ، وما المانع ، أليس هذا الإله هو من خلقنا ، أليس هو من يبتغي لنا السعادة الأبدية المطلقة ، أليس هو من نفخ من روحه فينا .
ثم لماذا توجد جهنم بالأصل ، ألكي يعذبنا ، ألكي يرشدنا إلى فعل الخير عسى أن نتجنب نار جهنم ، لماذا ، ألا يستطيع ، ومنذ المنذ ، أن نكون بدون خطايا ، أن نكون ظله على الأرض ، أن نكون كما يروم ويريد ، ما المانع لذلك .
ثم لماذا إبتكار قصة محنة أبليس ، محنة سخيفة تافهة صادرة بالأساس من تصور بشري ، ثم لماذا يعصي آدم ربه حينما أكل من تلك الشجرة ، ألم يكن يدري العواقب الوخيمة والخطيرة سيما وإن الرب قد منعه من أكلها ، ولماذا توجد تلك الشجرة بالأساس ، لماذا . وهذا ، لنذهب إلى المقدمات ومحتوى الجنة في الإسلام .
المقدمة الأولى : نأخذ محتوى الجنة من النصوص الإلهية :
في سورة محمد : مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم ، كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميماٌ فقطع أمعاهم . الآية 15 .
في سورة يس : إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزاوجهم في ظلال على الأرائك متكؤون لهم فيها فاكهة ولهم مايدعون ، سلام قولاٌ من رب رحيم ، وإمتازوا اليوم أيها المجرمون ، ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان ، إنه لكم عدو مبين ، وإن أعبدوني هذا صراط مستقيم . الآيات 55 ـ 61 .
في سورة الرحمن : ولمن خاف مقام ربه جنتان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، ذواتاٌ أفنان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، بينهما عينان تجريان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، فيهما من كل فاكهة زوجان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، كأنهن الياقوت والمرجان . الآيات 46 ـ 58 .
وفي سورة الرحمن : ومن دونهما جنتان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، مدهامتان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، عينان ناضحتان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، فيهما فاكهة ونخل ورمان ، قبأي آلاء ربكما تكذبان . الآيات 62 ـ 68 .
وفي سورة الرحمن : فيهن خيرات حسان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، حور مقصورات في الخيام ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، متكئين على رفرف خضر ، وعبقري حسان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، تبارك أسم ربك ذي الجلال والإكرام . الآيات 70 ـ 78 .
في سورة النبأ : إن للمتقين مفازاٌ ، حدائق وأعناباٌ ، وكواعب أتراباٌ ، وكأساٌ دهاقاٌ ، لايسمعون فيها لغواٌ ولاكذاباٌ ، جزاء من ربك عطاء حساباٌ . الآيات 32 ـ 36 .
في سورة الطور : إن المتقين في جنات ونعيم ، فاكهين بما آتاهم ربهم ، ووقاهم ربهم عذاب الجحيم ، كلوا واشربوا هنيئاٌ بما كنتم تعملون ، متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين . الآيات 17 ـ 20 .
وفي سورة الطور : وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون ، يتنازعون فيها كأساٌ لا لغو فيها ولا تأثيم ، ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون . الآيات 22 ـ 24 .
وفي سورة الطور : قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ، فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم . الآيات 26 ـ 27 .
سورة الدخان : إن المتقين في مقام أمين ، في جنات وعيون ، يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين ، كذلك وزوجناهم بحور عين ، يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ، لايذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم . الآيات 51 ـ 56 .
وفي سورة الدخان : إن شجرة الزقوم ، طعام الأثيم ، كالمهل يغلي في البطون .... ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم . الآيات 43 ـ 48 .
في سورة الواقعة : على سرر موضونة ، متكئين عليها متقابلين ، يطوف عليهم ولدان مخلدون ، بأكواب وأباريق وكأس من معين ، لايصدعون عنها ولاينزفون ، وفاكهة مما يتخيرون ، ولحم طير مما يشتهون ، وحور عين ، كأمثال اللؤلؤ المكنون ، جزاءأ بما كانوا يعملون . الآيات 15 ـ 24 .
وفي سورة الواقعة : وأصحاب اليمين ما أدراك ما أصحاب اليمين ، في سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود ، وماء مسكوب ، وفاكهة كثيرة ، لامقطوعة ولا ممنوعة ، وفرش مرفوعة ، أنا إنشأناهن إنشاء ، فجعلناهن أبكاراٌ ، عرباٌ أتراباٌ ، لأصحاب اليمين . الآيات 27 ـ 38 .
ماذا نستنتج من كافة هذه النصوص ، نستنتج مايناسب موضوع هذه الحلقة :
من زاوية ، إن البشر هم أنفسهم في الجنة كما هم الآن على الأرض بأجسادهم كاملة ، بجهازهم العصبي ، بجهازهم الجنسي ، بجهازهم البصري ، وبنفس الهرمونات والإفرازات ، ويسمعون ويبصرون ويتحدثون ويشمون ويتذوقون ، يأكلون ويشربون ويمارسون الجنس .
ومن زاوية ، إن الإرادة البشرية في الجنة تغدو بلا حدود ، بدون حد ، ولهم كل ما يتشهون ويشتهون ، ويتحقق مباشرة دون أن يمر بالرقابة الإلهية أو الإرادة الربانية ، أي إن إرادتهم تحل محل الإرادة الإلهية وتتخطاها في مستويات عديدة ومن ثم تلغيها .
ومن زاوية ، إن البشر يغدون ، كل كائن منهم ، رباٌ من الأرباب في الجنة ، بالمفهوم الزرادشتي ، حيث السلطة المطلقة ، والإرادة الكلية ، الشهوة التي تسحق الأرض سحقاٌ كوجود وكمحتوى وكمفهوم ، أي إن كل مسلم في الجنة هو رب لايحد نفوذه رب آخر .
ومن زاوية ، في الجنة لاتوجد نواميس ولاقواعد ولا ضابط لسلوك المسلم ، بل أكثر من ذلك ، إن الجنة في تأصيلها هي خاضعة للشرط البشري ، شرط المسلم حينما يدخلها ، أي إن الجنة هي إنطولوجياٌ تابع وجودي لمن يدخل فيها ، للمسلم .
ومن زاوية ، في الجنة ، الإباحية هي الشرط الوحيد ، الإباحية المطلقة والتامة ، ولاقيد يحد شرطها ، ولامحرم يحرم على المسلم شيئاٌ على الإطلاق ، لإن الأصل كل شيء ، كل أمر ، كل كل ، مباح ، مباح دون أن يحده موضوع الحلال أو شرط الممنوع ، أو أن يحده محتوى إن هذا الشيء هو خارج الإمكان ، خارج التحقق .
ومن زاوية ، وفي الحقيقة ، وفي الجنة ينتهي الوجود الإلهي ، لإن الآلهة والإله ، مثل الطيور والنبات والثمار والفواكه والحيوان ، كلها ، يخضع شرط وجودها لشرط الوجود من يدخل الجنة ، أي إن الإله والطيور والحيوان والثمار والفواكه ليست ، وليست إلا ، تابع وجودي لمن يدخل الجنة ، وهكذا ينتهي مفهوم الإله وتنتهي سلطته ، فلاسلطة إلا سلطة المسلم الذي دخل الجنة ، الذي ، كما قلنا ، أصبح رباٌ لاتحده سلطة أي رب آخر .
المقدمة الثانية : نأخذ محتوى الجنة من النصوص النبوية :
عن أبي هريرة قال : عن رسول الله أنه قيل له : أنطأ في الجنة ؟ قال الرسول : نعم ، والذي نفسي بيده ، دحماٌ دحماٌ ( أي بقوة شديدة وبعنف شديد) ، فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكراٌ . أخرجه شعيب الأرناؤوط ، الألباني ، إبن القيم ، إبن حبان .
من حديث جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله : إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ، ولايتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ، قالوا : فما بال الطعام ؟ قال : جشاء ورشح كرشح المسك ، يلهمون التسبيح والتحميد ، كما تلهمون النفس . أخرجه مسلم ، وأبو داود ، وأحمد ، وصححه الألباني .
من حديث زيد بن أرقم قال : أتى النبي رجل من اليهود فقال : يا أبا قاسم ألست تزعم إن أهل الجنة يأكلون ويشربون ، ويقول لأصحابه : إن أقر لي بهذا خصمته . فقال رسول الله : بلى والذي نفس محمد بيده ، إن أحدهم ليعطى قوة مئة رجل في المطعم والمشرب والشهوة والجماع . فقال اليهودي : فإن الذي يأكل ويشرب تكون له حاجة ؟ فقال رسول الله : حاجتهم عرق يفيض من جلودهم كالمسك ، فإذا البطن قد ضمر . أخرجه النسائي ، وأحمد ، وأبن حبان ، وصححه الألباني .
عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله يقول : الدنيا ملعونة ، ملعون مافيها ، إلا ذكر الله وما والاه ، وعالماٌ ومتعلماٌ . رواه الترمذي والبيهقي وأبن ماجه .
ماذا نستنتج من ذلك :
من زاوية ، في الجنة لاتوجد عبادة ، لاتسبيح ولا تحميد ولاحتى ذكر الله ، إنما هي مثل عملية النفس والتنفس تلهم لأهل الجنة ، وهذه الجملة الأخيرة لا معنى لها ، لإن لو كان لها ذلك ، لقال الرسول : إن أهل الجنة هم في شغل أبدي في ذكر الرحمن ، وعبادته وتقديسه وتمجيدة والتسبيح له .
ومن زاوية ، إذا كانت الدنيا ملعونة إلا بذكر الله ، فلماذا يلغي ويسقط هذا الشرط في الجنة طالما لايوجد ذكر لله ، إنما هو أكل وشرب وشهوة وجماع .
ومن زاوية ، هنا أيضاٌ يصبح الإله والآلهة خادماٌ لأهل الجنة ، فما أن يطأ أحدهم حورية حتى يتدخل الإله ليرجعها مطهرة بكراٌ .
المقدمة الثالثة : نود الآن أن ندرك حقيقة الآية 55 ، إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون ، من سورة يس ، ومن ثم ندرك حقيقة هذا الشغل ، الشغل الإلهي ، الشغل الأصلي :
يقول محمد الشنقيطي ، في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن : قال تعالى : إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم . وقال كثير في أهل العلم : إن المراد بالشغل في الآية : هو إفتضاض الأبكار .
يقول الشوكاني في فتح القدير ، الراوي عكرمة ، المحدث الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة : عن إبن عباس ، في قول الله ، إن أصحاب الجنة في شغل فاكهون ، قال : إفتضاض الأبكار .
يقول إبن جرير الطبري في جامع البيان في تفسير القرآن ، قول الله : إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون ، فقال بعضهم : ذلك إفتضاض العذارى . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : أن يقال كما قال الله إن أصحاب الجنة ، هم وأهلهم في شغل فاكهون ، بنعم تأتيهم في شغل ، وذلك الشغل الذي هم فيه نعمة ، وإفتضاض أبكار ، ولهو ولذة ، وشعل عما يلقى أهل النار .
يقول القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ، في قوله تعالى ، إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون ،قال إبن مسعود وإبن عباس وقتادة ومجاهد : شغلهم إفتضاض العذارى .
يقول أبو البركات النسفي ، في مدارك التنزيل وحقائق التأويل : في شغل أي إفتضاض الأبكار على شط الأنهار تحت الأشجار .
يقول الترمذي : في قول الله ، إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون ، قال : شغلهم إفتضاض العذارى . ويقول الجلالان ، إن أصحاب الجنة اليوم في شغل ، كأفتضاض الأبكار .
وكذلك يقول إبن كثير في تفسير القرآن العظيم ، قال عبد الله بن مسعود وإبن عباس وسعيد المسيب وعكرمة والحسن وقتادة والأعمش وسليمان التيمي والأوزاعي في قول الله ، إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون ، قالوا : شغلهم إفتضاض الأبكار .
ماذا نستنتج من ذلك :
من زاوية ، إن إفتضاض الأبكار هو الشغل الحقيقي في الجنة ، وهو يتخطى ، حسب هذا الفهم ، موضوع المتعة الجنسية والعملية الحنسية ، لإنه من أقوى المتع على الإطلاق .
ومن زاوية ، هنا أيضاٌ يخضع الإله والآلهة للشرط الإنساني ، فما أن يفض الرجل في الجنة غشاء البكارة حتى يهرع هذا الإله المسكين إلى إرجاع الإنثى مطهرة بكراٌ .
ومن زاوية ، من المؤكد إن الأنثى ليست إلا أداة في عملية فض الأبكار ، وهي لاتملك ذكراٌ أسمه حور عين ، فالجنة هي للرجل المسلم .
المقدمة الرابعة : ولابد من ذكر هذا المقطع الذي هو تحت مسمى حديث قدسي ، إصدار كلمة الله 2 لندرك حقيقة تفكير المسلم ، حقيقة تفكير الشيخ المسلم ، وكيف يرى الجنة والدنيا :
يا أيها الناس ، كيف رغبتم ورضيتم في الدنيا ، فإنها فانية ونعيمها زائلة ( زائل ) وحياتها منقطعة ، فإنها عندي للمطيعين الجنان بأبوابها الثمانية ، في كل جنة سيعون ألف روضة من الزعفران ، وفي كل روضة سبعون ألف مدينة من اللؤلؤ والمرجان ، وفي كل مدينة سبعون ألف قصر من الياقوت ، وفي كل قصر سبعون ألف دار من الزبرجد ، وفي كل دار سبعون بيت من الذهب ، وفي كل دار سبعون ألف دكان من فضة ، وفي كل دكان سبعون ألف صفحة من الجوهر ، وفي كل صفحة سبعون ألف من الطعام ، وعلى حول كل دكان سبعون ألف سرير من الذهب الأحمر ، وعلى كل سرير سبعون ألف فراش من الحرير والديباج والإستبرق ، وحول كل فراش سبعون ألف نهر من ماء الحيوان واللبن والخمر والعسل المصفى ، وفي كل نهر سبعون ألف لون من الثمار ، وكذلك في كل بيت سبعون ألف خيمة من الأرغوان ، وفي كل خيمة سبعون ألف فراش ، وعلى كل فراش سبعون ألأف حوراء من حور العين بين يديها سبعون ألف وصيفة كإنهن بيض مكنون ، وعلى رأس كل قصر من تلك القصور سبعون ألف قبة من الكافور ، وفي كل قبة سبعون ألف هدية من الرحمن التي لاعين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر ، وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون ، وحور عين كأنثال اللؤلؤ المكنون ، جزاءاٌ بما كانوا يعملون ، ولايموتون ولايبكون ولايحزنون ولايهرمون ولايتعبدون ولايصومون ولايصلون ولايمرضون ولايبولون ولايتغوطون ولايمنون ولايمسهم فيها نصب وماهم منها بمخرجين ، فمن طلب رضائي ودار كرامتي وجواري فليطلبها بالصدقة والإستهانة بالدنيا والقناعة بالقليل ، شهدت نفسي لنفسي أن لا إله إلا أنا ، وعيسى وعزير عبدان من عبادي ورسولان من رسلي .
نكتفي بهذا القدر ، ونفند وجود الجنة من الزاوية الإنطولوجية ، وندحض وجود هكذا جنة من الأساس كما لايمكن أن توجد جنة من نوع آخر ، كالآتي .
أولاٌ : ثمت تناقض إنطولوجي مرعب مابين تلك النصوص الإلهية التي ذكرناها ، ومابين هذا النص ، الآية 56 من سورة الذاريات ، وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ، فهذا النص أتى على إطلاقه ، فهو مطلق ، وكلي الإطلاق من حيث إنطولوجية موضوعه ، فلا شرط يشترط عليه ، ولاقيد يقيده ، ولاحد يحد مجاله ، أي إن العلاقة مابين الخلق والعبادة هي تامة وخاصة وكلية . فالعبادة هي شرط الخلق وليس شرط الحضور البشري سواء في الدنيا أم في الآخرة ، وهذا الشرط هو شرط على الإرادة الإلهية ، بمعنى إن هذه الإرادة حينما خلقت إشترطت العبادة على إطلاقها منذ المنذ إلى منذ المنذ ، مع إدراكنا التام إن هذا ليس شرط الضرورة من الجانب البشري ، فقد يوجد شخص يعبد الإله ، وشخص آخر لايعبده ، لكن المفارقة هي إن هذا الشرط لايجوز أن يلغى من الجانب الإلهي ، فالإله لايمكن أن يعفي المسلم من العبادة وإلا لكانت الآية خالية من المعنى ، ولأنفك الخلق من العبادة .
ثانياٌ : ثمت تناقض بشع في حدود فهم النصوص الإلهية لموضوع الجنة ، وذلك لإنه من تأليف البشر ، فكاتب القرآن لايدرك إلا المفاهيم الأرضية ، وهي هنا : من يدخل الجنة فقد فاز وعفي من أي إلتزام ، أي نجح في الإختبار في هذه الدنيا ، والإختبار الإلهي للإنسان هو في هذه الدنيا ، أما في الآخرة ، وبمجرد دخوله الجنة ، فهو غير ملزم بأي شيء ، بل بالعكس ينتظر بفارغ الصبر حصوله على مكافآته ، أي إن الإله هو من يكون ملزماٌ ، لزوم الضرورة ، على تقديم وتوفير وتحقيق ماوعد به من حور عين ، وإرجاعها مطهرة بكراٌ ، ومن أنهار من الخمر والعسل المصفى ، كطالب جامعي نال شهادته الجامعية ، فهو غير ملزم ، منذ حصوله على الشهادة ، أن يدرس مواده أو أن يقدم إختباراٌ جديداٌ ، بل يحق له أن يتكافأ ويتوظف .
ثالثاٌ : ثمت تناقض في فهم كاتب القرآن لموضوع الخمر ، ففي الجنة ، أنهار من الخمر لذة للشاربين ، الآية 15 من سورة محمد ، بينما في التصور الإلهي ، وفي النص الإلهي ، إنما الخمر والميسر .. رجس من عمل الشيطان : ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والإنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فأجتبوه لعلك نفلحون . سورة المائدة الآية 90 . فالأصل ، حسب هذا النص الأخير ، إن الخمر ، في وجوده ، في حقيقته ، هو رجس من عمل الشيطان ، هو وجود نجس يتخطى موضوع الفعل النجس ، أي إنه ملازم للشيطان إنطولوجياٌ ، لصيق به لوحده دون غيره ، لإنه أتى على إطلاقه ، إطلاقه التام الكلي ، إنما الخمر ... رجس من عمل الشيطان .
وطالما إن الخمر رجس ، والشيطان شرطه ، فكيف يمكن أن توجد أنهار منه في الجنة ، وكيف يمكن أن يخلق الإله إنهاراٌ منه ، وكيف يمكن أن يكون لذة للشاربين وهو رجس من عمل الشيطان .
ثم إن الإله قد إشترط على المؤمنين ، كي يفلحوا ، أي كي يدخلوا الجنة ، شرط إجتناب تلك الأمور ، ويقول بكل صراحة : لعلكم تفلحون ، فكيف يسمح هذا الإله بحدوث العكس تماماٌ ، وكهدية ومكافأة للذكر ، لمن يدخل الجنة .
رابعاٌ : في الجنة تتحول إرادة من يدخلها ، وهو الذكر فقط ، إلى إرادة كلية مطلقة ، إرادة غير مقيدة ، وغير مشروطة بشرط ، إرادة تلغي الشرط الإلهي لتحل محله وتتخطاه ، وتحطم النواميس الإلهية ، تهشم تلك النواميس التي زعم الإله والآلهة إنها سرمدية أبدية سردمية ، فبمجرد أن يدخل الذكر دون الإنثى الجنة ، ينهار كل شيء ، بما فيه ألوهية الإله وحكمه وأحكامه ، من أسه وأساسه إزاء إرادته ورغبته وشهوته .
خامساٌ : آن التمعن في تلك النصوص التي تخص الجنة ، ندرك بكل يسر إن كل نساء الأرض لامطرح لهن في الجنة ، هن غير معنيات بالجنة ، لاشغل لهن فيها ولاعمل ولارغبة ، إلا أن تكونن مجرد أجساد فيها ، الجنة للذكور ولحور العين فقط ، الجنة لإفتضاض الأبكار كاللؤلؤ المكنون من قبل الذكر ، وإرجاعهن مطهرة بكراٌ من قبل الإله الذي أصبح خادماٌ للذكر وفقد ألوهيته .
سادساٌ : ما الجنة ؟ ما إنطولوجيتها ؟ وهنا لدينا قضيتان ، القضية الأولى لمن هي الجنة وما الهدف من وجدها ، والقضية الثانية ، لماذا هي موجودة بالتأصيل .
في القضية الأولى ، الجنة وإله الجنة وخلق آدم وإبتكار محنة إبليس ، كلها ، تصبح في خدمة الذكر ، وهكذا يتحول الوجود نفسه ، الوجود الإنطولوجي ، برمته ، وجود الإله ووجود الكون ، إلى قضية واحدة ، إلى تصور واحد ، إلى رؤية واحدة ، هي إسعاد الذكر في الجنة ، فلولا الذكر ما كانت الجنة ، وما كان الإله ، وما كان الوجود ، وما كانت الحور العين ، وماكان الجنس .
في القضية الثانية ، هي لماذا أفتكر الإله إنطولوجياٌ في خلق الجنة ، وماهو وجه الضرورة في خلقها وجودياٌ ، ومن ثم لماذا ينبغي أن يدخل الذكر الجنة ، وهل دخول الجنة أمر وجودي إلى هذه الدرجة ، وهل الإله نفسه هو في الجنة ، أم إنه مجرد هناك ، في هناك ، في موضع لاموضع له ، في في ، وفقط في في ، ولذلك حينما ندرك حقيقة هذه القضية ، ندرك تماماٌ :
من زاوية ، إن لا إله للكون ، ومن زاوية ، لا جنة ولاجهنم ، ومن زاوية ، لادين ولاديانة ، ومن زاوية ، لا نبي ولا أنبياء ولارسل ، ومن زاوية ، إن موضوع الخمر وموضوع إن خلق ليس إلا للعبادة ، وإن مسألة إفتضاض الأبكار ، هي قضايا سخيفة ، هي رشوة صريحة للعقل الإسلامي ، هي كذبة كبرى لشراء الإنفس . وإلى اللقاء في الحلقة الخامسة والأربعين بعد المائة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
على سالم ( 2023 / 5 / 5 - 05:24 )
شكرا جذيلا للسيد الكاتب لهذا المقال التحليلى المفصل الهام , بدون شك كل اسئلتك منطقيه ومشروعه وهادفه , اتفق معك تماما فى ان ايات القرأن غريبه وعجيبه ومتناقضه وعلينا جميعا ان نؤمن بها بدون سؤال او فهم , اعتقد ان جوجل سوف يلعب دور كبير فى فضح الاساطير المضحكه


2 - ايها المسلمون هل عندكم ادلة تنقض راي الكاتب؟؟
سهيل منصور السائح ( 2023 / 5 / 6 - 03:16 )
اقتباس:
من زاوية ، إن لا إله للكون ، ومن زاوية ، لا جنة ولاجهنم ، ومن زاوية ، لادين ولاديانة ، ومن زاوية ، لا نبي ولا أنبياء ولارسل ، ومن زاوية ، إن موضوع الخمر وموضوع إن خلق ليس إلا للعبادة ، وإن مسألة إفتضاض الأبكار ، هي قضايا سخيفة ، هي رشوة صريحة للعقل الإسلامي ، هي كذبة كبرى لشراء الإنفس. انتهى الاقتباس.:اذا ما هو الايمان؟؟؟
الايمان هو التصديق بدون دليل والتصديق بدون دليل سهل نفضه بدون دليل والذي يدعي غير ذالك فلياتي بالدليل الغير قابل للنقض.

اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا