الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم الكهنة والأكاذيب المقدسة

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 5 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يمكننا أن نعيش في عالم من الأكاذيب والأوهام المقدسة كما يراها البعض ونجعله شعارا لنا ما دام الكون في حركة والإنسان يتباطأ ليصل إلى مرحلة التوقف، لأن أحدا ما في زمان ما في وضع ما ...رأى ذلك جيدا ليكون طريقا لإصلاح خطأ ما، أنا لا أنكر عليه محاولته بل أقدر عاليا ما كان منه بغض النظر عن دافعه أو من أمره بذلك، في النتيجة عمل شيئا مهما وأمرا صالحا وغير مجرى الأحداث، هذه عظمة ونبل وقد تكون بطولة في زمن قل فيه أصحاب الشجاعة أن يقولوا كلمة إصلاح في مجتمع فسد فيه حتى مفهوم الإصلاح، وعندما فكر حرك الوجود من حوله وحذرهم حتى يسلكوا طريق الخير مرغمين أن الحياة مجرد فقاعة، تنفجر في لحظة لنودع أرض الأحلام إلى أرض اللا عودة وهناك حيث تحمل المكونات الوجودية كل تاريخها سؤال وجواب وعتاب وعقاب....
فكلما كبرت العقول ونضجت بأدواتها الطبيعية وفتحت أبواب التغيير والتطور الإدراكي على مصراعيها ولما هو أساسي وضروري للوجود، كلما تصاغرت صور الآلهة المزعومة والأرباب المصنوعة وشمخ الله وحده ليقول للعقل أنت لي وبي ومعي، لذا يحرض الكاذبون العظام المقدسون بالأوهام المزيفون للحقائق بأنتظام ليزيدوا من كذبهم ومن أحتيالهم لينحرف العقل نحو دروب الهاوية، هذه هي أستراتيجية المعبد التضليلي معبد الكذب والتزييف والتزوير برعاية أشرار الكهنة وحلفاء الشيطان، فالله لا يريد معابد ولا يبني بيوتا له من أموال وحاجات الخلق، بل له مساجد يذكر فيها أسمه، فكل مكان ومحل يذكر الله فيه حقا وحقا وصدقا وعدلا مسجد له ومحل عظمة لأن ذكر المعظم بالتعظيم يجعل الذاكر والمذكور ومحل الذكر في حالة من التوحد المعنوي المقرون بنزول الرحمة.
من الأكاذيب الكبرى ما أعتاد الخطاب الإسلامي تقديمه وتجذيره في العقل المسلم تحديدا وهو فيما يخص منزلة النبي محمد بشكل مركز عند طائفة منهم، وأل بيت النبي عند طائفة أخرى وكأن النبي محمد وأل بيته ليسوا من البشر ولا من جنس بني الإنسان، فالقرآن الكريم الذي هو أس الدين الإسلامي وبلا منازع وحقيقة ما يجب أن يؤمن به كل مؤمن بدين الإسلام، لم يتطرق لا في نص ولا في تقدير محدد لمنزلة فوق البشرية وعابرة للإنسانية تحقق للنبي محمد ولا لغيره من الأنبياء منزلة بالقدر الذي يشاع وشاع في الثقافة والخطاب الديني التضليلي، سوى منزلة الشكر والتعظيم المقترن بالصبر والصدق والإخلاص في البلاغ والهداية، فقد ورد في حق الرسول قول الله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)، من ما يستفاد من هذه الآية فيما يخص المنزلة، أن محمدا ليس بأفضل من غيره من الأنبياء لا سيدهم ولا أعظم منهم، فهو وهم في منزلة واحدة عند الله وهي منزلة الرسالة والنبوة بشقيها الإنذار والأعذار.
هناك الكثير من النصوص والآيات التي يوظفها الخطاب التعبوي الإسلامي في محاولة منه لتعظيم منزلة النبي محمد وجعلها خارج قياسات الأنبياء والرسل، بأعتبار أنه النبي الخاتم أولا ولأنه كما يقولون حبيب الله والذي لا نجد لهذا الوصف من نص محكم لا في الكتاب ولا في الثابت من الحديث، فالعملية تتعلق فقط بالعامل النفسي الذي يسوق هذه المبالغات في غير محلها لترتد لاحقا من قبل أطراف من العقل المتدين الأخر بالرد، وأحيانا بالرد القاسي لا سيما وأن ما نقل عبر كتب الروايات أمثال البخاري ومسلم والكافي وبحار الأنوار، تجعل من شخصية الرسول وأل بيته أمثلة قريبة من الربانية اللاهوتية، وبذلك فهم ينسبون المخازي والكذب والتهوين للرسول وأل البيت عبر هذا الخطاب الزائف والمضلل، إن الحقيقية التي يجب أن تقرأ اليوم هي أن الأنبياء جميعا بشر مثلنا (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)، لا إشراك لهم في العبادة مع الله ولا تعظيم خارج ما يعظمه النص أضلا.
إذا كان هذا موقف القرآن الذي يعتبر هو المعيار القياسي في التقييم تجاه الحد والحدود المحمية بحد الله، سواء أكانت تاك المحددات للبشر أو للموضوعات التي تقع تحت باب الحكم أو الموقف منها، فكيف للمسلم أن يتجاوز الحد ويتطاول على التقدير بحجة المحبة (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ)، فتعدي الحدود يمثل بما يحمله من تجاوز للقيم والمحددات التقييمية بشكل ظلما لمن تعدى الحدود ولمن هو موضوع أو جوهر موضوعية الحد، فعندما نصف شخصا بأكثر مما وصفه الله فأننا نعلن أن علمنا ومحبتنا بهذا ولهذا الشخص هي أكبر وأعظم وأدق من علم ومحبة الله، هذا في ظاهر التأويل أما في الحقيقة فهو نوع من أنواع النفاق والتملق والتزلف المنهي عنه دينيا وعقليا، وشكل أخر من أشكال الكذب سواء على النفس أو على الغير.
ليس هذا الموضوع يمثل موقفا عدائيا من النبي وأل بيته، ولا هو تقليل من أحترامنا وتقديرنا وإيماننا بما فيهم من عظمة وصفها الله ووضعها في إطارها المناسب، ولكن لنستعرض بعضا من كذب الكهنة الذي لا ينتهي ولا يتوقف وما زال يتنوع كل مرة بشكل أخر وبعذر متبدل وبتبرير أن الطرف الأخر يسيء إلى من يحبهم المبرر، وعندما تحاول أن تلفت الأنتباه لبعض هذا الكذب تتهم لمعاداة وكراهية أهل البيت أو الصحابة أو المقربين، الكراهية والازدراء يأت من خلال الخطاب الخارج عن المنطق والذي يولد حالات عكسية وإنعكاسية، وما الصراع السياسي بين طوائف المسلمين وما يصدر نتيجة هذا الصراع من جهالة الطرفين من إساءات وإزدراء لحق حتى بالنبي محمد وأزواجه وأل بيته، إلا شكلا من أشكال هذا الظلم والنفاق والكذب والتوظيف السياسي والذاتي للبعض، وهو ما أرتد عكسا على كرامتهم وأحترامهم العام لدى المسلمين، فموضوع الازدراء والتهوين هم المسئولون عنه وهم المبادرون به وليس من يسعى الى وضع الأمور في نصابها ومحلها الطبيعي حتى يدان من الطرفين المسيئين لهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا هو الترس الذي يتستر به الكهنة .!!!
سمير أل طوق البحراني ( 2023 / 5 / 9 - 06:40 )
الاخ الكريم بعد التحية والشكر على هذه الاضاءة التي وضعت فيها النقاط على الحروف بدون تزييف. ان الترس الذي يتستر به الكهنة لبث الاكاذيب المقدسة هو حديث الكساء والذي يشرفنا رايك فيه وهو: عندما جمع محمد عليا وفاطمة والحسن والحسين معه تحت كسآء واحد ودعى لهم جأءه جبريل مسلما وحامل رسالة من الله منضمنة فضلهم ومنزلتهم الرفيعة عنده والتي بموجبها جعلتهم جميعا اشرف خلق الله من الاولين والآخرين وهذا مضمونها على لسان جبرآئيل: العلي الاعلى يقرؤكم السلام ويخصكم بالتحية والاكرام ويقول: ما خلق ارضا مدحية ولا سمآء مبنية ولا قمر يدور ولا بحر يجري ولا نجم يسري الا لاجلكم. فاذا كان هذا الحديث صحيحا فان جميع خلق الله من الاولين والآخرين مدانون لهم لانهم اشرفهم وهم احباء الله. لكن يا اخي العزيز ان سيرة حياتهم لا تعضد هذا القول.لم نسمع ان ينابيع رقراقة وبساتين زاهية انبثقت في الحجاز بل انهم قاسوا الويلات من اصحاب الرسول نفسه. نعم انهم كانوا علماء عظماء كان هدفهم نشر العدالة الاجتماعية وجمع العرب تحت راية واحدة ليكون لهم وجود بين الامم لا غير. حتى ان في بعض الاحاديث الواردة عنهم ينفون ما نسب لهم من معجزات.


2 - رد
عباس علي العلي ( 2023 / 5 / 9 - 08:49 )
السلام عليكم صديقي
شكرا للقراءة الواعية والتفهم في طرح الموضوع
هناك العشرات من الروايات والاحاديث والقصص المفبركة عن الرسول وعن غيره تتضمن الكثير من الأكاذيب والمخالفات الصميمية لمشروع الرسالة، لها أسبابها ودواعيها وهي جزء من حالة الصراع السياسي ودور أعداء محمد وأل محمد في نشرها وتعميق اليقين بها على أنها من الله، وقد ضربت مثلا أن الله وبنص ثابت ولا أحد ينكره يصف النبي محمد بأنه لم ولن ولا يكون أكثر من رسول فقط، أسوة ببقية الرسل وهو النص ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل)، هذا هو الواقع الحقيقي لمكانته عند الله والذي يعارض وينفي حديث الكساء، الذي قد يكون حدث ولكن ليس بتلك المبالغة والتهويل الذي لا يقبله الله ولا الرسول، حينما ربط الوجود كله بمحمد وأل محمد والله تعالى يقول أيضا وما خلقهم إلا ليرحمهم، وهناك نص أخر وما خلقت الجنس والأنس إلا ليعبدون، ونص ثالث الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم أحسن عملا، فالموضوع ابدا ليس شخصانيا ولا متعلقا بفرد، وإلا لكان الله ظالم حين يجعل من كل هذا الوجود محرقة لأجل بضعة أفراد... والسلام عليكم.


3 - شكرا جزيلا
سمير أل طوق البحراني ( 2023 / 5 / 9 - 09:02 )
على الرد ولك وافر التحيات والى تفكيك الخرافات التي لا مكان لها في ميزان المنطق والعقل. الشكر موصول للمرحوم الدكتور علي شريعتي على كتابه: التشيع العلوي والتشيع الصفوي كما الشكر موصول لنبيل الحيدري على كتابه : التشيع العربي والتشيع الفارسي. الحق احق ان يتبع.

اخر الافلام

.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني


.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم




.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran