الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلام عليكم ورحمة الله

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2023 / 5 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في حمى أسلمة الحياة العامة صرنا حين نلقي تحيات مثل: مرحبا، أو صباح الخير أو يسعد صباحك، أو نهارك سعيد، أو مساء الخير، نصادف من يرد التحية بالقول وعليكم السلام ورحمة الله. ويحمل هذا الرد تنبيها ضمنيا لنا بوجوب التخلي عن التحيات التي تحمل الأماني الطيبة، والأستعاضة عنها بجملة "السلام عليكم"!

فما معنى الإستعاضة عن رد التحية بإعلان السلام؟

هل يعني ذلك ان السلام قائم بين من يتبادلون التحية، ام انهم في حالة إحتراب، تضطرهم الى تطمين بعضهم بعضاً عبر إعلان السلام؟

جملة "السلام عليكم" ليست تحية، ولاتحمل أمنيات طيبة لمن نلقيها عليهم، وهي أقرب الى تطمينهم بأننا لا نضمر لهم شراً. واستخدامها يشبه، على نحو ما، رفع الشخص راية بيضاء لتجنب شرور الآخرين. وربما صادفنا بعض الغاضبين يردون: "لا عليكم السلام". أي انهم ما زالوا في نزاع مع من يبادرهم بتلك الجملة. ولا شك انه حين يكون السلام حالة سائدة بين البشر، فانهم لن يجدوا حاجة الى رفع راية بيضاء لإزالة الخوف والريبة لدى من يصادفونهم باستخدام جملة "السلام عليكم".

هذا التحول يرتبط بفكر ديني متحجر، يقود معتنقيه الى قطيعة مع ما سبقته وما تلته من أفكار وأنماط سلوك وتعامل بين البشر، ويقولبهم بقوالبه الخاصة، لقطع أي صلة لهم بالآخر، فردا أو جماعة أو فكرة: لنا رسولنا، كتابنا، طقوسنا أزياءنا حلالنا وحرامنا، الذي يشمل عبارات التحية والتواصل مع الآخر.

وشيوع هذا الفكر صار يؤثر حتى على غير معتنقيه، ليس فقط داخل المجتمعات العربية، بل حتى في بلدان المهجر العربي، فخلال مناقشة هذا الموضوع ذكرت صديقة تعيش في أمريكا إنها ذات مرة وفي فترة أنتظارها الرد على إتصال لها مع العيادة الطبية لأطفالها، وطبيبها والعاملين معه في العيادة عربا، عزمت على أن تستخدم اللغة العربية، وجريا على العادة كانت ستقول: ((صباح الخير)) لكنها تذكرت أن التحية السائدة حاليا هي: ((السلام عليكم)) وأن عليها أن تستخدم لغة المتلقي، طالما أنها صاحبة المكالمة. ولم يسعفها الوقت كثيرا للتفكير أكثر من جزء من الثانية، وحين فتح الخط ألقت الجملة السائدة حاليا في التحية: ((السلام عليكم)). ناسية بشكل كامل أن الطبيب ومن يشتغل معه، جميعهم مسيحيون، فأحست بسخف الموقف، وتساءلت في نفسها عن سر إستسلامها لأمر لا يتوافق مع ميولها وفكرها، ولماذا يجب أن تكون التحية عنصرية تؤطر المتكلم بعنوان معين؟

المثير في الأمر أن المتأسلمين وفي ردهم على التهم التي تلصق الإسلام بالعنف، يتوهمون أنه يفحمون أصحاب الإتهام بالقول: أن التحية في الإسلام هي السلام. مموهين على حقيقة أن السلام هو فقط حالة تخلو من الآحتراب،أو وضع فض أو يفض فيه المتنازعون نزاعاتهم، وليس تحية تلقى على الصحب والأحباب، وأن السلام هو الحالة التي ينبغي أن تكون عادية في حياة البشر، وعكسها هوالشاذ، فيما ينبغي للتحية أن تتجاوز ذلك الى المبادرة بتمني الأمنيات الطيبة لم نحييهم في ظروف السلام وحتى في ظروف الحرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في