الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار: متشرّدون، ضائعون بلا سكن!

لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)

2023 / 5 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


——
*فكَّر كاتبا:لخضر خلفاوي*
——
-عندما تكون في وضعية الشرود الجسدي و النفسي ، فأنت متشرّد ، تجوب الطرقات و الشوارع و الأحياء ، دون أن يكون لك عنوان قار فيه يخصك شخصيا .تبحث عن سكن مهما كانت مواصفاته ، كمأوى تحتمي به و ينجّيك من اغترابك مع نفسك و مع الوجود و مع النّاس .. سكَن يستر وحدتك و سقف يحميك للتخلّص من حالة العراء التي تهدد يومياتك و ربما تهددك باقي أيّان عمرك ..
-فليس منْ اللائق و لا من الحكمة إذا اقترح عليك أحدهم فرصة الإيواء بالمّجّان و يُسكنكَ إليه و معه ؛ و ما تلبث أن تبدأ العيش معه حتى تستيقظ فيك جملة من السّلوكات الجدلية من الانتقادات لصاحب السكن و انتقادات ل السكن ذاته .. تخوض منطلقا في انتقاد متواصل لتفاصيل السّكن الذي آواك فيه ، و أن تنتقد طلاء الجدران و ألوانه ، أو كأن تنتقدَ شكل و توزيع أثاثه و نوعيته و تذمّ اختياراته، أن تنتقد الستائر و أن تنتقد عاتبا ربما بحدة عليه موضع السّكن الذي اختاره قبل مجيئك و حطّت فيه رحالك .. و تنسى سريعا بأنك كنت وحيدا ، بلا عنوان محدّد ، بلا مأوى ، تجوب - شوارع الدّنيا - دون وجهة محددة ، دون سكن قار …و مع مرّ الأيّام دون أن تنتبه تجد نفسكَ
مُكلّفها بأداء دور ( المُعارض) أو بالأحرى دور ( الجُندي اللّئيم و المُحترف في آن ) و بأتم معاني اللفظة و الوصف متضادّا، عدوانيا ، و ربما متضايقا من الحياة بسبب خياراتك .. تلك الحياة التي توفّرت لكَ داخل هذا السّكن!. تنفرُ ربّما من هذا السّكن و تتشعّب الخلافات مع من اختارك و آواكَ و تقبلك تحت كنفه ، تلبسُ الخلافات عقلية ( التضاد و التناطح) ، تتفاقم عقلية ( الندّية) و العناد .. قد يوحي لك الله - إن كنت محظوظا !- فتنظر إلى نفسكَ في المرآة في لحظة منفلتة منك من لاوعيك الباطن (وحي ما !)، تجدَك شخصا مختلفا ، يرتدي بدلة ( حربية، عسكرية قتالية) مثبّت عليها أو مُزوّدة بجميع أنواع الأسلحة، البيضاء منها و النارية .. تبدو لك نفسك كأنّك عُدتَ لتوّكَ من حرب أو معارك ضروس !. و ربّما لا تتذكّر كيف و متى ارتديت هذه البدلة الحربية و هي تعطيك زيّ شخص مُحارب في حالة استنفار قصوى و لا ادري كيف أقحمت نفسك في هكذا حرب ! أو لا تذكر كيف و متى وضعت خوذتها العسكرية على رأسك و انطلقت في جبهة قتالية حامية الوطيس و لا كيف أطلقت ما لا يحصى من الطلقات النّارية و لا عدد الطعنات التي وجهتها إلى غيرك في تلك المعارك و الحروب .. لا تفهم ، بل لا تستوعب ما الذي أوصلك إلى هذا الخراب و إلى هذا الدّمار !؟
-*كنتُ أُحدثكم عن ( العلاقة الشائكة بين الرّجل و المرأة) مذ فجر البشرية ..
*نسينا الهدف المقدّس و النبيل و البسيط في آن واحد ؛ لماذا خُلقنا و لأيّ شيء خُلقنا ! و نسينا الغاية الأولى و الأخيرة من سكن الرّجل للمرأة و سكن المرأة للرجل.. نسينا حتى من خلقنا و تطاولنا على وجوده و قبّحتا آياته فكيف لا ننسى أنفسنا المخلوقة من أنفسنا : ( و منْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا).
-هذا الحال ؛ لأن أولياء الشيطان و إبليس متمسكون برأي و بدين هذا الأخير حيث أفنوا أعمارهم في بث التشكيك في الآيات و محاربة كل يقين وجودي، و "الآيات" هي ( الحجج) ، هي خلاصات حقيقية مقدسة للحقيقة التي أتاحها الخالق للإنسان كي لا يشقى و لا يضلّ و ينفق عمره في الجدل العقيم و البحث العابث في شيء أو أشياء وجودية مفروغ منها :( التّفاحة! آدم هو السبب! حوّاء هي السبب ! هم هكذا لا يتبدّلون !! و هنّ هكذا لن ينفع شيء معهن!!)…
-بسبب هذه العقلية العصيانية و هذا التمرّد عن سنّة الخالق في الكون صار معظم النّاس بلا سكن و في العراء التّام دون أن يشعروا .. بعبارة أخرى ، يعاني الرجل و المرأة أزمة سكن فظيعة ، لكنها ليست أزمة حقيقية بل ( أزمة افتراضية عِيشَت بتفاصيلها و حذافيرها واقعا ) افترضها لهما مذ البداية إبليس و أهواء أنفسهم !.

باريس الكبرى جنوبا
9/5/23








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة