الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحداثة العربية ( التائهة) … هل ستعرف السبيل يوماً الى الشرق ؟
حسام سعد حسن
كاتب
(Husam Saad Hasan)
2023 / 5 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الحداثة العربية ( التائهة )…هل ستعرف السبيل يوماً الى الشرق ؟
د. حسام سعد حسن
منذ قرن ونيف من الزمان و المفكرون العرب ومن مختلف المشارب ( العلمانية القومية الماركسية ….) فضلا عن دعاة التنوير الديني الذين ظهروا في العقدين الماضيين ، كل اولئك يبشرون ويحلمون بحداثة عربية ذات ثقافة و هوية اسلامية تحتفظ لنفسها بمسافة ( بعيدة نسبيا) عن حداثة الغرب ( الاوربي- الامريكي) وتحافظ ( قدر الامكان) على خصوصيتها الدينية ( الاسلامية ) والمجتمعية ( العربية ) .
هذه البشارة او هذا الحلم لم ير النور لغاية الان ، فلم يقدم اي مفكر عربي لغاية اللحظة تصوره ( الناجز) عن هذه الحداثة الموعودة ، فيما يكتفي اولئك المفكرون على شتم التحجر والتقليد المسيطر على الذهنية العربية والشرقية عموما دون الذهاب ابعد من ذلك .
يرى ناصر الرباط * ان الثقافة العربية المعاصرة، على عكس غيرها من ثقافات العالم المُستعمَر سابقاً، ما زالت تفتّش عن حل لعلاقتها المعقدة مع الحداثة، على الرغم من مضي أكثر من قرن ونصف على انطلاق الدعوة للحاق بركب الثقافة العالمية في العالم العربي على أيدي المجدّدين الأوائل، من أمثال الشيخ حسن العطار وبطرس البستاني ورفاعة الطهطاوي وغيرهم، والتي فُهمت حينها على أنها ثقافة "عواصم النور" الأوروبية، وعلى الرغم من تحرُّر غالبية الدول العربية من الاستعمار المباشر خلال الربع الثالث من القرن العشرين، وعلى الرغم من ظهور ثقافات وطنية عربية خلّاقة ومعبّرة وفاعلة على كافّة مساحة العالم العربي غيّرت من منحى ومعنى الحداثة نفسها في محيطها العربي.
بل ربما أصبح الأمر أكثر حدّية الآن مع صعود تيارات عقائدية إسلامية ترفض الحداثة من أساسها، بل وحتى تناضل ضدّها بعنف غير مسبوق وحمية لا تفتر على أساس أنها "ضد الدين، وضد التراث، وضد القديم، وأنها تحرُّرٌ مطلق من القيود الضابطة من دين أو خلق أو حتى عرف اجتماعي قبلته الأذواق السليمة"
الخوض في اسباب ركود الفكر العربي عن تكوين او اطناع حداثة (عربية ) امر شائك و معقد ، تختلف فيه الرؤى و تتعدد الاجتهادات في تفسير ذلك الركود ، بدءا من تعريف الحداثة نفسها وانتهاءا برسم حدودها وضبط مؤثراتها على حركة ودينامية المجتمعات العربية و مرورا بدور الدين (سلبا او ايجابا) في تحقيق تلك الحداثة ، اللافت للنظر ان البوصلة الفكرية العربية طالما اتجهت شمالا وغربا في محاولاتها لبناء حداثتها الموعودة متجاهلة النمو السريع للحداثة الناشئة في شرق اسيا ( الصين ، اليابان ، كوريا، ماليزيا، سنغافورة ،….) والذي يبدو ان غزو الحداثة الغربية لمجتمعاتها بعد الحرب العالمية الثانية لاقى تفاعلاً ايجابياً من قبل تلك المجتمعات مع نجاحها ( الكبير ) بالاحتفاظ بهوياتها الشرقية التاريخية دون صراع او صدام .
الظروف التاريخية ( المعاصرة ) لشعوب شرق اسيا تشبه الى حد كبير ظروف مجتمعاتنا العربية كرزوحها تحت نير الاستعمار ، او وجود ارضية دينية ( روحية و صوفية ) مشتركة بين الشعوب الاسيوية و الاسلامية ، تلك عوامل قد تقود الى نشوء مقدمات لحداثة عربية بامكانها محاكاة الحداثة الاسيوية والسير في ذات الدرب الذي سلكته دون الوصول الى ذات النتائج بالضرورة بل بقدر ما تختط الشعوب العربية لنفسها طريقا مستقلا الى الحداثة.
المشكل الرئيس للوعي و الفكر العربي في فهم و هضم التجربة الاسيوية يكمن في حاجز اللغة ( الحديدي) في ظل غياب اي ترجمات عن اللغات والثقافات الاسيوية للعربية ، بخلاف امكانات التجربة العربية في النقل عن اللغات الاوربية الحية ( الانكليزية الفرنسية الالمانية …
الامر الذي يجعل فكرنا و حداثتنا العربية ( الموعودة ) اسيرة في دورانها في فلك الحداثة الغربية ( الاوربية ) ، وبالتالي استمرار هواجس الذات العربية من تكوين حداثة عربية تؤدي الى الذوبان في الاخر ( الغربي) او البقاء تحت رحمة و نير استبداد
الاصوليات الدينية او تراثها السحيق
——————————
* ناصر الرباط / الحداثة ايضا و ايضا ، مقال ، مجلة العربي الجديد
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. السيسي وبن سلمان: -إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة هي ال
.. هل تستعد إسرائيل لمواجهة غير متوقعة في جنوب لبنان؟
.. الجيش الإسرائيلي يصدر أمر إخلاء لمبنى بالضاحية الجنوبية
.. صور مباشرة للغارات الإسرائيلية على النبطية جنوب لبنان
.. وسط ترقب للرد الإسرائيلي على إيران.. شركات طيران عالمية تعلق