الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي تعليم بدون تربية ؟

محمد بلمزيان

2023 / 5 / 13
التربية والتعليم والبحث العلمي


كان التعليم وما يزال أحد العناصر والمرتكزات الأساسية للرقي الإجتماعي عبر الإهتمام بكافة مراحل بناء الإنسان، بعد مسارات طويلة من حياة التوحش والبداوة والعيش فؤي غياهب الجهل ، وهذا لم يتأت طبعا من فراغ بل جاء ثمرة تفكير بشري طويل ومساهمات كثيرة من رواد الفلسفة والفكر والأدب وسائر العلوم الإجتماعية والدقيقة، محورها هو الإنسان واستراتيجيتها هو الإنسان، وإذا كان هذا التعليم والتكوين يخاطب عقل الإنسان ويرغب في تطوير ملكاته في سبيل الإبداع والخلق من أجل تحقيق مزيد من الطفرات الإجتماعية لإسعاد البشريةـ، فإنه يبقى ناقصا إذا لم يقترن مع استراتيجية أخرى وهي التربية، ذلك أن شحن المعلومات وتكديسها في عقول البشر سوف تؤدي الى فوضى في التركيبية العقلية والدماعية للبشر إذا لم تتوافر بالموازاة مع ذلك استراتيجية اخرى تتعلق بكيفية تصريف هذه المعلومات واستثمارها في سبيل ما هو ايجابي، لكون التربية وإنشاء روابط إنسانية تؤدي الى إرساء نسيج من العلاقات الإنسانية بين كافة الشعوب والأقليات في مختلف بقاع المعمور، على اعتبار أنه المقوم الأساسي لقياس مستوى الحوار والتواصل بين مختلف المكونات مهما بدت متصارعة فيما بينها ، وتجعلها تنساق الى الحوار والتفاهم حينما تصل الى مرحلة تأزم العلاقات، ولا تترك الأمور تتأزم لتصير عصية على الحل والتفاهم، فكلما كان هناك مستوى تعليمي وثقافي عال مصحوب بتكوين جيد كلما كان هناك قدرات التواصلة متوفرة وقادرة على اختراق الحواجز مهما بدت عالية، بالشكل الذي يجعل المخزون المعرفي والثقافي صمام أمان على تذليل كل المعوقات التي تنتصب في الطريق، وفي مقابل هذا الطرح فكلما كانت المستويات التعليمية متضعضعة وضعيفة كلما كانت مؤشرات نشوب الأزمات وتعمقها أكثر حضورا، لكون عوائق إطفاء الحرائق منعدمة ، وبالتالي فإن أبسط سبب لاندلاع الحرائق تكون جاهزة لتكون نارا متأججة ولهيبا يأتي على الأخضر واليابس، خاصة إذا كان نمط التعليم مقرون بنوع من ( الثقافة) تعتمد على إبراز الذات أكثر من اللازم الى حد الغرور الفارغ، الذي يشحد ( عزيمة) تكوين شخصية تتسم بالعنجهية والعنترية والتحدي لكل ما غير منسج مع الذات، وهو معتقد خطير للغاية يربي النشىء على اجترار هذا البراديغم الذي يبدو لافتا لدى فئات عريضة من الشباب من حيث قابليتها على تمثل بعض شخصيات ( الأفلام السينمائية ) أو حتى ( المسرحية) التي تؤدي أدوارا معنية تنسجم مع طبيعة السيناريو الذي أنجز لاقتناع المؤلف على أهميتها الثقافية أو الإيديولوجية وغيرها ، لكنها قد تنسف مفاهيم أخرى وتؤدي الى نشوب صراعات جانبية وقد تبقى قنابل موقوتة قابلة للإنفجار في أية لحظة وحينذاك سوف يؤدي ثمنها حتى من قام بتركيب هذا النمط التعليمي والثقافي، وحتى ذلك المؤلف المسرحي وكات السيناريو لن ينجو من عواقب ذلك التطاول على بعض القيم الإنسانية والمكتسبات التي حققتها البشرية طوال أحقاب وقرون من الصراع بين الشر والخير، وفي خلاصة شبه خاتمة مفتوحة على هذا الطرح الفلسفي للعلاقة الجدلية بين مكون التعليم ومكون التربية وترابطها بشكل يجعل فرز أحدها عن الأخر هو فرز تعسفي ، وينطوي على الكثير من المغامرة والتيهان في فيافي المجهول، وبالتالي فإن تعليما جيدا مهما كانت برامجه غاية في الدقة والتصميم إذا لم يقترن نشر ثقافة التربية وزرع القيم الإنسانية والمدنية لن يجعل المجتمعات تجنح الى السلم والحوار، بعدما تكون ذهنيات البشر مشحونة بمفردات كلها نفي للآخر وشحن على الحرب والتماهي على أبطال الحرب والقتل على شاكلة بعض الأفلام والألعاب التي لا تخلو من هذا التوجه التي تساهم بشكل من الأشكال في بناء شخصية ميالة الى نشر ثقافة الإنتقام ( والإغارة ) على حقوق الغير وتبخيس قدرات الآخرين من خلال رفض مقترحاتهم ووجهات نظرهم مهما كانت مضامينها متقاربة ولا تؤشر على نشوء خلافات عميقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟