الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اضطراب الضلالة وحقيقة شعار لبيك يا حسين

فراس الجندي

2023 / 5 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعتمد تشخيص الفصام على وجود وُهامات (ضلالات فكرية) نموذجية أو هلوسات أو أعراض أخرى. أما الاضطرابات الضلالية فهي غير مرتبطة بالفصام وقد يصعب تمييزها إكلينيكيا، خاصة في مراحلها الأولى، فهي مجموعة متباينة وغير مفهومة تماماً من الاضطرابات الضلالية المستمرة، ومجموعة أكبر من الاضطرابات الذهانية الحادة والعابرة. ويبدو أن الاضطرابات الضلالية شائعة في الفكر الشيعي أو ما يسمى المذهب الاثنا عشري. وحسب التصنيف العالمي العاشر للأمراض النفسية كل ما نحتاجه من أجل التشخيص الفصام هو وجود أعراض من مجموعتين وتكون هذه الأعراض موجودة بوضوح في أغلب الوقت خلال فترة زمنية تمتد من شهر وأكثر. في هذا المقال نحاول أن نربط بين أعراض الفصام أو ما يسمى اضطراب الضلالة وبين كتابات وفتاوى لشيوخ المذهب الاثنا عشري الشيعي، هذه النصوص تندرج تحت ما يسمى الفصام البارانوي أو فصام الضلالة. في الكثير من الأحيان نسمع هتافات من بعض الأحزاب الشيعية تصرخ وتهتف بشعار (لبيك يا حسين) من أين جاء هذا الشعار، وما هي المرتكزات المعرفية والشرعية التي استند عليها أصحاب هذه الحناجر التي تصرخ" لبيك يا حسين" لذلك لا بد من
إخضاع هذا الشعار وهذه النصوص لسلطة العقل ومنهج علم النفس من أجل إلقاء الضوء على كيفية استغلال هذه الشعارات والنصوص في تدمير بنية المجتمع الواحد، وضرب الهوية الوطنية وتفكيك مبدأ المواطنة، من خلال إشهار سيف الكراهية ضد الآخر. ففي كتاب (الكافي) للشيخ
محمد بن يعقوب الكليني يقول: "أن أبو عبد الله الحسين لما قضى نحبه بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما بينهن وما فيهن من الجنة والنار وما حل ربنا وما ُيرى ولا ُيرى بكت على الحسين إلا ثلاث أهل البصرة، وأهل الشام، وآل عثمان". (ص110)
في حديثنا عن فصام الضلالة تحدثنا عن مجموعة من الأعرض إذا وجد الحد الأدنى منها يُشخص الفرد بأنه مصاب بالفصام .إذا أخذنا هذا الكلام للشيخ الكليني وأخضعناه للتشخيص النفسي نجد أن هذا النص قائم على خرافة مصدرها اضطراب التفكير عند كاتب هذا النص ،لأنه لا يوجد إنسان عاقل يتمتع بسلامة حواسه وقدراته العقلية أن يصدق أو أن يؤمن بهذا الكلام ،فقط الإنسان المختل عقلياً أو الشخص الذي يعاني من الاستلاب النفسي المعرفي ،، يقول لقد بكت السماء والأرض الجنة النار الذي يُري والذي لا يُرى بكى على الحسين ،يبدو أن كاتب النص يعاني من اضطراب الوجدان والتبلد ،والتجمد وعدم التناسب الانفعالي ،بالإضافة إلى الضلالات المتغيرة .نحن نعرف أن الصورة الإكلينيكية للفصام الزوراني تغلب عليها ضلالات ثابته نسبياً وعادة ما يصاحبها هلاوس، خاصة من النوع السمعي هلاوس سمعية دون محتوى كلامي واضطرابات إدراكية ،كيف استطاع الشيخ أن يعرف أن السماء والنار والأرض والجنة قد بكت على الحسين ،هل هناك مصادر تاريخية تؤكد هذا الموضوع ،فقط هذا الكلام مصدره الشيخ الكليني. والجانب الثاني كيف يحرض الشيخ على كراهية الآخر وشرعنة العنف ضد الآخر المختلف عنه مذهبيا، حين قال إن الحسين لما قضى نحبه بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما بينهن وما فيهن من الجنة والنار وما حل ربنا وما ُيرى ولا ُيرى بكت على الحسين إلا ثلاث أهل البصرة، وأهل الشام، وآل عثمان. هذه دعوة مشبوهة تقول على تكفير وشرعنة العنف والكراهية ضد أهل الشام والبصرة، والكثير شاهد الميلشيات التي ترفع شعار ولاية الفقيه، كيف كانت تهتف حين دخلوا إلى مناطق بدمشق وقتلوا وشردوا ونهبوا وهم يصرخون لبيك يا حسين، هذا هو المرتكز المعرفي الذي استند عليه هذا الشعار من كتابات الكليني وغيره من شيوخ الفتة، الذين يهدفون إلى تمزيق الهوية الوطنية وضرب التعايش السلمي بين مكونات المجتمع الواحد. لا شك أن شخصية مريض البارانويا شخصية قوية ومسيطرة سائدة طاغية أنانية لا تحترم في داخلها عواطف الأفراد، ويحاول تمثيلها ظاهريا، ويمتلك مقدرة فائقة على الإقناع. ويستطيع أن يجمع حوله الكثير من الأتباع، ويتميز أيضا مريض البارانويا الزوري بالشك وعدم ثقته المطلقة في أحد من الأتباع، ودائما يسخر من الآراء التي تخالف رأيه، ويحتم على الجميع الاقتناع والاقتداء برأيه الذي يعتقد أنه الأسلم والأصح، لذلك نلاحظ الميلشيات تصرخ وتهتف بشعار لبيك يا حسين دون أن تعرف حقيقية هذا الشعار، فقط لأن هذا الشعار يلامس ويغذي طفولة الأنا الأسطورية للحدث التاريخي الذي يتعلق بمقتل الحسين. هذه الضلالات تُعتبر من أبرز الخصائص السريرية لمرض الفصام الزوراني. والفصام حسب مدرسة التحليل النفسي يعود للصراع المستمر بين الأنا والعالم الخارجي ، مما يجعل المريض يمتص الطاقة الليبيدية للداخل ، بدلاً من توجيهها خارجياً ،فالأعراض الفصامية في التحليل النفسي تعني نكوصاً لأنماط بدائية في التفكير والسلوك، لذلك نشاهد سلوك هؤلاء الذين يهتفون بشعار لبيك يا حسين المستند على نص للشيوخ المذهب الاثنا عشري بأنه سلوك بدائي ممتزج بتفكير خرافي، وحسب نظرية بنتسون والتي تعتمد على الترابط المزدوج في تفسير نشأة الفصام، حيث تعتبر أن تعرض الطفل أثناء نموه لمؤثرات شديدة من الوالدين تتميز بهذا الترابط المزدوج ،أي أن التفكير والسلوك والمنطق يعتمد على اكتساب القدرة على التفرقة بين المهم والتافه ،وتصفية الحقائق والعناصر المهمة مما يشوبها من اختلاط وتشويش، وهذه القدرة تُكتسب من الوالدين ،فإذا كان عالم الوالدين مملوءاً بالمعاني غير مفهومة والسلوك الغامض نشأ ما يسمى بالترابط المزدوج ومن هنا لا يستطيع الطفل تنظيم عالمه ،وبالتالي ينشأ الفصام. ونحن ندرك تماماً أن الطفل في المجتمعات العربية الإسلامية يخضع لسلطة العائلة ويتلقى بواسطة الوالدين تعليمات دينه التي تحتوي على كم هائل من الخرافات وما عليه إلا تصديقها دون إمعان سلوك إحكام العقل، هذه الخرافات تصبح جزء أساسي من طبيعة التفكير والسلوك في المستقبل، وبالتالي هو يصدق ويؤمن بأن السماء والأرض قد بكت على مقتل الحسين. بينما تعتبر نظرية لانج وساز (1972) بأن الفصام هو نوع من الاغتراب يختلف عن الشعور الاغترابي المتداول، فالفصام حسب هذه النظرية حقيقة اجتماعية وحدث سياسي، أي هو نوع من أنواع الاغتراب الذي يرتكبه الإنسان في حق أخيه بطريقة وحشية عنيفة، هذه الضلالات التي يستند عليها جمهور لبيك يا حسين والتي رضعها منذ طفولته تصبح اعتقاداً راسخاً ، ويصبح أسير هذه الأفكار ،لذلك نجد في النص المذكور للشيح الذي يتحدث عن بكاء السماء والأرض على مقتل الحسين ليس إلا شكلاً بدائياً في التفكير الناتج عن خلل في منظومة (الأنا) الذي فشل في العمل كوسيط بين اللاشعور والواقع الخارجي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب