الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
خرافات المتأسلمين 46 – خرافة كتاب البخاري كيف ظهرت ولماذا تمت صياغيتها
زهير جمعة المالكي
باحث وناشط حقوقي
(Zuhair Al-maliki)
2023 / 5 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يدعي ( المتاسلمون ) ان الكتاب المنسوب للبخاري هو ( اصح كتاب بعد كتاب الله ) وان هذا هو ( اجماع) علماء الامة والذي يجهلونه انه لايوجد أساسا كتاب اسمه ( " الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه " أقدم مخطوطة، وهي فقط جزء من كتاب ، تعود إلى 105 سنة بعد وفاة البخاري والنسخة التي يعتمدها الازهر لمخطوطة البخاري تعود الى سنة 650 هجري ، بينما البخاري توفي 256 هجرية، أي بعد 394 من وفاته . وإذا سألت عن اقدم النسخ الخطية الموجودة اليوم فقد نشر المستشرق " منجانا " في كمبردج عام 1936م ، أقدم نسخة خطية وقف عليها حتى الآن ، وقد كتبت عام 370هـ .ولكن هل وجد أساسا كتاب بهذا الاسم كتبه البخاري ؟
أن للكِتاب المنسوب للبخاري ثلاثة طرُق اولها روايةُ الفربري وثانيها رواية ابو ذَر الهَروي وثالِثُها روايةِ أبو مُحمد الاصيلي، والغريب في هذهِ الطُرق، هو إانها جميعا ترجع الى شخص واحد وهو محمد بن يوسف الفربري كل الطرق تقود الى الفربري . ثم قام ثلاثة منهم وهم المستملي والسرخسي والكشميهني بتحرير نسخهم ثم اجتهدوا بإكمال التراجم والأحاديث. قال سليمان بن خلف بن سعد الباجي المالكي في التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح جزء 1 صحيفة 310: "وقال الحافظ أبو إسحاق -المستملي المتوفى سنة 376هـجري- انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي عند صاحبه محمد بن يوسف الفربري فرايت فيه أشياء لم تتم وأشياء مبيضه منها تراجم لم يثبت بعدها شىء وأحاديث لم يترجم لها فأضفنا بعض ذلك الى بعض". وأورده ابن حجر في مقدمة كتاب الفتح الصحيفة 16. حتى اشهر شراح البخاري ابن حجر العسقلاني انكر انه وجد نسخة كتاب البخاري يروي السيوطي في التعليق على تفسير الجلالين ( 18 / 12 ) : ( والحافظ ابن حجر يذكر عن أبي الوليد الباجي أن نسخة البخاري في هذا الموضع كانت غير محبوكة ، يعني غير مجلدة ،أوراق ، فسقطت بعض الأوراق ووضعت في غير محلها ، وحصل التقديم والتأخير ) . يقصد أن البخاري قدم نبي الله شعيب على ثمود ، مع أنه بعد صالح عليهم السلام . ويعتذر بأن هذا القسم من النسخة كان أوراقاً غير مجلدة . كما ان النسخ التي تم العثور عليها مختلفة وناقصة فرواية أبي إسحاق المستملي، ورواية أبي محمد السرخسي، ورواية أبي الهيثم الكشميهني، ورواية أبي زيد المروزي فيها التقديم والتأخير. وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم في ما كان في طرة أو رقعة مضافة أنه من موضع ما، فأضافه إليه. ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث. وإنما أوردت هذا لما عني به أهل بلدنا من طلب معنى يجمع بين الترجمة والحديث الذي يليها، وتكلفهم في تعسف التأويل ما لا يسوغ" . و عدد أحاديث البخاري يزيد في رواية الفربري على عدده في رواية ابن معقل النسفي بمئتين، ويزيد عدد النسفي على عدد حماد بن شاكر النسفي بمئة كما ذكره العراقي" . . قال ابن حجر في مقدمة فتح الباري / 6 : ( إبراهيم بن أحمد المستملي قال : انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفربري ، فرأيت فيه أشياء لم تتم ، وأشياء مبيضة ، منها تراجم لم يثبت بعدها شيئاً ، ومنها أحاديث لم يترجم لها ، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض !5. قال الزمخشري ( الفايق : 3 / 117 ) : ( الطرة : القطعة المستطيلة من السحاب ، شبهت بطرة الثوب ) . فهي رقعة كبيرة . وكان في مسودة البخاري بياضات ، ومعها طرر ورقاع فاجتهد النساخ في إضافة ما أضافوه منها في أمكنته ، واختلفت اجتهاداتهم قال ابن حجر ( 6 / 88 ) : ( وكأنه وجد هذه الترجمة في الطرة خالية عن حديث فظن أن هذا موضعها ) ! وقال في ( 8 / 331 ) : ( كأنه استطرد من هذه لهذه ، أو كان في طرة فنقلها الناسخ إلى غير موضعها .
ومما يشير الى ان الكتاب المنسوب للبخاري انما هو انتاج اكثر من شخص ففي حين يدعي انه نقل عن ( عدول ) نجد انه ينقل عن اشخاص متهمين بالتدليس او انهم مختلطين أي مخرفين او بائعي خمور فنجد ان ابو هريرة مدلس وانس ابن مالك مختلط العقل كما يقول ابو حنيفة النعمان وسمرة ابن جندب بائع للخمر كما يروي عن عمر في البخاري ومسلم وكعب الاخبار كذاب وناقل الاسراءيليات كما يذكر محمد رشيد رضا صاحب المنار . ينقل محمد ابن الحسن صاحب ابي حنيفه عن ابي حنيفه قوله ( أُقلّد جميع الصحابة ولا أستجيز خلافهم برأي إلاّ ثلاثة نفر: أنس بن مالك، وأبو هريرة، وسمرة بن جندب.فقيل له في ذلك؟! فقال: أمّا أنس، فاختلط في آخر عمره، وكان يفتي من عقله، وأنا لا أُقلّد عقله؛ وأمّا أبو هريرة، فكان يروي كلّ ما سمع من غير أن يتأمّل في المعنى، ومن غير أن يعرف الناسخ والمنسوخ " كما جاء ذلك في كتاب (مختصر المؤمل في الردّ إلى الأمر الأوّل، لأبي شامة المقدسي (أبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة ) الصفحة 62-63 تقديم وتعليق صلاح الدين مقبول احمد منشورات الصحوة الإسلامية الكويت . كذلك يروي احمد شاكر ومسلم والبخاري (بلَغ عُمَرَ أنَّ سَمُرَةَ باع خمرًا قال: قاتَل اللهُ سَمُرَةَ إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: لعَن اللهُ اليهودَ حُرِّمَتْ عليهِمُ الشُّحومُ فجَمَلوها فباعوها الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 1/96 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (2223) دون ذكر سمرة، ومسلم (1582) . كما يقول محمد رشيد رضا صاحب المنار "كعب الأحبار الذي أجزم بكذبه، بل لا أثق بإيمانه" وفي تفسير المنار ذكر محمد رشيد رضا " إنّ بطليْ الإسرائيليات وينبوعي الخرافات كعب الأحبار ووهب بن منبه"- تفسير المنار . كما نراه يري عن القتله ويعتبرونهم ( ثقاة ) ومن القتله الدين يروي لهم البخاري . مثل مروان اين الحكم الوزغ ابن الوزغ طريد رسول الله الذي قتل طلحة ابن عبيد الله التيمي ، و معاوية ابن ابي سفيان الذي قتل الصحابي حجر ابن عدي وجماعته حتى لامته عائشة بنت ابي بكر ، وعمرو ابن العاص الذي قتل محمد ابن ابي بكر ووضعه في جلد حمار وشواه , و طلحة ابن عبيد الله الذي منع دفن عثمان ابن عفان ثلاثة ايام ومنع دفنه في مقابر المسلمين وعمران بن حطان السدوسي الشاعر المشهور كان يرى رأي الخوارج وكان شاعرهم ويدعو لمذهبهم . قال ابن حجر : وهو الذي رثى عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي عليه السلام وبسر بن أرطأة قال فيه ابن معين:كان رجل سوء . وبسر هذا كان من قادة معاوية وقتل طفلين لعبيد الله ابن عباس وهنا في حضن امهما حتى جنت و يزيد بن زياد الكلاعي الحمصي : نهى أحمد عن مجالسته وكان الأوزاعي سيئ القول فيه . وكان يكره الإمام علي لقتله جده في صفين . روى له البخاري وغيره ، و عمر بن سعد بن أبي وقاص قاد الجيش الذي قتل الحسين وأبناء الرسول ( ص ) في كربلاء . روى له البخاري وغيره. وأبو الغادية قاتل عمار ابن ياسر . كذلك نراهم يكتبون احاديث مقابل ثمن مثل ابو هريرة روى الإمام أحمد بسنده الصحيح إلى سعيد بن المسيب قوله (كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية، سكت، فإذا أمسك عنه، تكلم)، وسعيد بن المسيب ثقة وهو صهر أبي هريرة (زوج ابنته وهو أعلم بما داخل البيت)، والخبر في سير أعلام النبلاء والبداية والنهاية لابن كثير.ونقل الذهبي - سير أعلام النبلاء [ج 2 / 615] (يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، قال: كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية، سكت، فإذا أمسك عنه، تكلم) و يعقوب بن إبراهيم قال النسائي: (قال أبو عبد الرحمن كان يعقوب لا يحدث بهذا الحديث إلا بدينار). (سنن النسائي ج 1 ص 49). ابي نعيم الفضل بن دكين و هشام بن عمار قال السمعاني نقلا عن أبي أحمد عبد الله بن عدي الحافظ بجرجان ام هشام ابن عمار لا يملي الا اذا جمعوا له كما جاء في ( أدب الإملاء والاستملاء للسمعاني ص 121).، و عفان بن مسلم وكان يأخذ الأجرة في مقابل تحديثه بالرواية.
كذلك نرى ان من كتب الكتاب المنسوب للبخاري ينسب الاحاديث الى اشخاص اما لم يعاصروا الرسول فترة كافية او انهم كانوا أطفال فابو هريرة الذي لم يتفقوا على اسمه حتى نسبوا له اكثر من عشرين اسم ونسبوا له اكثر من اربعة الاف حديث لم يعش مع الرسول اكثر من ١٦ شهر و عبد الله بن عباس: اسلم في السنة الثامنه للهجرة وعمره ثمان سنوات وبقي في مكه لفترة من الزمن قبل ان يلتحق بالرسول في المدينة وكانت سنُّهُ عند وفاة الرسول عشر سنوات، ومع هذا روى عنه 1660 حديثا وكان يُلَقَّبْ بحَبْرِ الأمة (أي العالم الكبير). و أنس بن مالك كان غلاما صغيرا (حوالي عشر إلى إثنتي عشرة سنة) حين توفي الرسول ومع هذا فقد روى عنه ألف ومائتين وستة وثمانين حديثا. وأبو سعيد الخدري كان أيضا غلاما صغيرا (حوالي 10ـ12 سنة) حين وفاة النبي لكنه روى عنه 1170 حديثا. وحقا, قالت السيدة عائشة "ثم وما علم أبي سعيد وأنس بأحاديث رسول الله وإنما كانا غلامين صغيرين" (راجع, المعجم الكبير ج1 ص249). و جابر بن عبد الله وكان طفلا يخدم النبي روى عنه 1540 حديثا.والنعمان بن بشير كانت سنُّه ثماني سنوات و مسلمة بن مخلد كانت سنُّه عشر سنين وعبد الله بن الزبير كانت سنُّه تسع سنين والمسور بن مخرمه كانت سنُّه ثماني سنوات .
اذن الكتاب كتبه اشخاص مختلفون ولكن كل الطرق المذكورة ترجع الى شخص واحد فمن هو محمد بن يوسف الفربري؟ لما مات البخاري كان محمد بن يوسف الفربري في العشرينات من عمره : ولد سنة 231 ، وعاش نحو تسعين سنة إلى سنة 320 هجرية ( أنساب السمعاني : 4 / 359 ).قال كما في ( وفيات الأعيان ( 4 / 190 ) وسير الذهبي( 12 / 398 ) ) : ( سمع صحيح البخاري تسعون ألف رجل ، فما بقي أحد يروي عنه غيري ) !فنسخته هي الوحيدة ، ولو صح أنه سمعها معه تسعون ألفاً ، لرواها غيره. و الفربري، وهو محمد بن يوسف بن مطر ، وهذا الرجل لم يوثقه أحد من المتقدمين، فالأصلُ فيهِ الجهالة وهوَ كذلِك، توفى البُخاري في العام 256هـ، وقد وِلد الفربري في 231هـ، وقد سمع الفربري مِن شيخهِ البُخاري كِتابه سنة 248هـ ومِن خلال الطرح يتبين لنا إن عُمر الفربري حين ذلِك ما بين الـ"15-17" سنة فقط، وقد سمَع مِنه كتابه مرة أخرى بعد 4 سنين وذلِك في عامِ 252هـ أي قبل وفاةِ شيخِه بـ4 سنين .ممن وثق محمد بن يوسف الفربري من المتأخرين الذهبي (ت 748هـ) ولم يستند الى قول أحد الذين عاشوا في القرن الثالث والرابع الهجريين، ممن عاصروا الفربري أو عاشوا في القرن الذي توفي فيه، بل لا نجد أحدا وثقه من الذين عاشوا في القرن الخامس الهجري . وقد نسب البعض إلى السمعاني توثيق الفربري في كتاب الأمالي، والسمعاني متأخر لا يعد من المتقدمين حتى نعتمد توثيقه، والسمعاني لم يستند في توثيقه لقول أحد ممن سبقه، على أن السمعاني ترجم للفربري في الأنساب،ولم يذكر وثاقته هناك، وإنما وثق أحد معاصريه وهو محمد بن أبي بكر بن عائشة المقرئ . فكل الدلائل تدل على ان الكتاب المنسوب للبخاري انما كان من اختراع شخص مجهول يدعى الفربري . ولكن لماذا تمت صناعة خرافة البخاري ؟
عندما استقرت بغداد عاصمة الدولة العباسية لسيطرة اتباع احمد ابن حنبل الذي اصبح الداعم الأساس للمتوكل العباسي في مواجهة المعتزلة اتباع أخيه الواثق كانت الدولة الطاهرية (نسبة إلى طاهر بن الحسين الذي قاد جيش المأمون وقاتل أخاه الأمين وقتله وجاءه برأسه سنة 198 ه فجعله المأمون والي خراسان كلها) ، وكانت تشمل إيران الفعلية وبخارى وما وراء النهر ، فاتخذ طاهر نيسابور عاصمة له ، وكان مطلق اليد على أن يؤدي ما عليه من خراج لكن عليها أن تتبع الخليفة في العقائد والسياسة ، ولذلك كانت تمتحن الناس في زمن المأمون والمعتصم والواثق ، فمن قال بقدم القرآن تعاقبه . ثم صارت تمتحنهم بالقول بخلق القرآن في زمن المتوكل ، فمن قال بخلق القرآن تعاقبه .
2. استمرت الدولة الطاهرية لغاية سنة 259 هجرية . كان والي بخارى (خالد السدوسي الشيباني الذهلي ) ، قال عنه السمعاني ( 3 / 18 ) والزركلي ( 2 / 294 ) : ( ولي إمارة خراسان ثم إمارة بخارى وسكنها ، وله بها آثار مشهورة محمودة . وكان عالماً بالحديث ، فاستقدم إليها بعض كبار الحفاظ ، وصنف له نصر بن أحمد البغدادي مسنداً وقال ابن الجوزي في المنتظم ( 12 / 225 ) : ( وكان يحب الحديث ويقول : أنفقت في طلب العلم أكثر من ألف ألف درهم ، وكان قد سمع من ابن راهويه ، وعلي بن حجر ، وخلق كثير ، فلما استوطن بخارى أقدم إلى حضرته حفاظ الحديث مثل : محمد بن نصر المروزي ، وصالح جزرة ، ونصر بن أحمد البغداديين ، وغيرهم ، وصنف له نصر مسنداً . ولكنه طرد البخاري بسبب فتواه في الحرمة بسبب الرضاع من البهيمة .
في النصف الأول من القرن الثالث الهجري ، ظهر (أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري) اظهر بعض أفكاره التي تخالف مدرسة اهل الحديث الحنابلة . وتبعه بعض العلماء عرفوا باسم ( الكلابية ) وكذلك باسم ( الصفاتية ) ومنهم الحارث بن أسد المحاسبي الصوفي ، و أبو العباس القلانسي، وكانت جماعتهم نشطة ببلاد خراسان ، لنشر فكرها و الدعوة إليه ، زمن الإمام الفقيه أبي بكر بن خزيمة . كان احمد ابن حنبل من أشد الناس إنكارا على ابن كلاب و أتباعه ، فلما سمع بهم ذمهم و نفّر الناس منهم ، و أمر بهجر الحارث بن أسد المحاسبي و حذّر منه . ولكن سيطرة الاتراك على مقاليد الحكم في الدولة العباسية أعاد احياء مدرسة ابي حنيفة لمواجهة قوة الخليفة المعتمدة على اتباع ابن حنبل . منطقة (بُخارى) كانت موطن الأحناف بدعم من الاتراك الا ان مدرسة ابي حنيفة انقسمت الى أربعة مذاهب أصولية متنازعة فيما بينها ، هي : الحنفية المعتزلية، و الحنفية الكرّامية وتنتسب إلى عبد الله بن كلاب السجستاني ، و الحنفية السلفية ،و الحنفية الأشعرية .
البخاري في هذه الفترة لم تكن له منزلة عالية في (بُخارى) بل كان طريدا ومات في قرية صغيرة تسمى (خرتنك) وذلك لقُربة من المتوكل العباسي والذي كانت سمعته في بلاد التُرك غير جيدة والتي انتهت بمقتل المتوكل على يد القادة الاتراك الذين كانوا يدعمون مدرسة ابي حنيفة كذلك كان البخاري ساقطا في الفقه والرواية عند أئمة سمرقند الأحناف بسبب فتواه ان الرضاعة من البهيمة تحرم والتي أنكرها الحنابلة وأهل الحديث لاحقا واعتبروها فرية من الأحناف للإنتقام من البخاري بعد كتابة [صحيح الجامع] الذي هاجم فيه المذهب الحنفي بالروايات . والرواية تقول ان سبب طرده من بخاري حتى توفي في قرية خرتنك يعود الى فتواه المضحكة بأن صبيّين إذا ارتضعا بلبن بهيمة فإنهما يصبحان أخويْن! وكانت هذه الفتوى سببا لأن يطرده الناس من قريته (بخارى) في أوزبكستان لرفضهم هذه المهزلة باسم الدين! قال السرخسي الحنفي عند تعرّضه لمسألة الرضاع: ”ولو اُرضع الصبيان من بهيمة لم يكن ذلك رضاعاً، وكان بمنزلة طعام أكلاه من إناء واحد. ومحمد بن اسماعيل (البخاري) صاحب الأخبار رحمه الله يقول: تثبت به حرمة الرضاع! فإنه دخل بخارى في زمن الشيخ الامام أبي حفص (رحمه الله) وجعل يفتي، فقال له الشيخ رحمه الله: لا تفعل فلست هناك! فأبى أن يقبل نصحه، حتى استُفتي عن هذه المسألة: اذا أرضع صبيّان بلبن شاة.. فأفتى بثبوت الحرمة! فاجتمعوا وأخرجوه من بخارا بسبب هذه الفتوى“! (المبسوط للسرخسي الحنفي ج5 ص139 لسرخسي شمس الدين، الناشر: دار المعرفة – بيروت، سنة النشر: 1409 – 1989. كما ذكر هذه القصة ابن نجيم الحنفي في كتابه " البحر الرائق شرح كنز الدقائق، الجزء الثالث الصفحة 400 ، وكذلك ذكرها تقي الدين الغزي في كتابه الطبقات السنية في تراجم الحنفية، الجزء الاول الصفحة 342 في ترجمة ابي حفص الكبير احمد بن حفص ، شيخ ما وراء النهر ووالد العلامة شيخ الحنفية أبي عبد الله محمد بن أحمد بن حفص الفقيه ، وذكرها مصطفى بن عبد الله حاجي خليفة المعروف باسم كاتب جلبي في كتابه "سلم الوصول إلى طبقات الفحول" تحقيق أكمل الدين إحسان أوغلو ومحمد عبد القادر الأرناؤوط وصالح سعداوي صالح سنة النشر: 2010 ، الجزء الاول الصفحة 142. وقد ذكر هذه الفتوى ايضا حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري المالكي صاحب كتاب تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس الجزء الثاني الصفحة 342 . وذكر محمد زاهد الكوثري ان أبو حفص الصغير هو صاحب القصة في إخراج البخاري من بخارى لتقدم وفاة أبيه ، إذ توفي سنة 217هـ كما نص عليه أبو بكر محمد النرشخي في تاريخ بخارى. كذلك البخاري لم يكن كاتبا بل حافظا على طريقة أهل الحديث، وثقافته لم تعرف التدوين، ودليلنا في ذلك أن خزانة البلاط العباسي لم تحوي أي كتب للبخاري الذي كان قريبا من الخليفة المتوكل.
حاول البخاري ان يكون وسطا بين القائلين بخلق القران والقائلين بانه غير مخلوق فاظهر مقالة (ابن كلاّب والكرابيسي ) فكان يقول (أن القرآن كلام الله غير مخلوق ، وألفاظنا به مخلوقة وأفعالنا مخلوقة ، ومن زعم أني قلت : لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب ، فإني لم أَقله ، إِلا أني قلت : أَفعال العباد مخلوقة ) ولكن هذا جر عليه غضب الحنابلة لان ابن حنبل كما يقول الذهبي (أنكر الإِمام أحمد ذلك وعدَّه بدعة ، وقال : من قال : لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن ، فهو جهمي ) . والنتيجة : أن البخاري أخذ مذهب الكرابيسي فوقع في القول بخلق القرآن ، بقوله لفظي بالقرآن مخلوق ، فحكم عليهما أحمد بن حنبل بالكفر . اما مسلم ابن الحجاج صاحب كتاب مسلم يصف البخاري بسوء الروية، والبدعة، وقلة الشأن، وفساد القول، ومخالفة العلم والعلماء، والشذوذ عنهم فقد جاء في مقدمة صحيح مسلم - صحيح مسلم (ط. طيبة) تحقيق نظر بن محمد الفاريابي أبو قتيبة الناشر: دار طيبة , سنة النشر: 1427 – 2006 الصفحة 17 ( وقد تكلم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها بقول لو ضربنا عن حكايته وذكر فساده صفحا لكان رأيا متينا ومذهبا صحيحا إذ الاعراض عن القول المطرح أحرى لإماتته واخمال ذكر قائله وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيها للجهال عليه غير أنا لما تخوفنا من شرور العواقب واغترار الجهلة بمحدثات الأمور وإسراعهم إلى اعتقاد خطأ المخطئين والأقوال الساقطة عند العلماء رأينا الكشف عن فساد قوله ورد مقالته بقدر ما يليق بها من الرد أجدى على الأنام واحمد للعاقبة إن شاء الله ) . وفي هذا يقول الذهبي في كتاب سير اعلام النبلاء الجزء 12 (إن مسلما لحدة في خلقه انحرف أيضا عن البخاري ولم يذكر له حديثا ولا سماه في صحيحه، بل افتتح الكتاب بالحط على من اشترط اللقي لمن روى عنه بصيغة عن، وادعى الإجماع في أن المعاصرة كافية، ولا يتوقف في ذلك على العلم بالتقائهما، ووبخ من اشترط ذلك، وإنما يقول ذلك أبو عبد الله البخاري وشيخه علي بن المديني،) . فانتهى الرجل طريدا في خرتنك واختفى ذكره .
لما مات البخاري كان محمد بن يوسف الفربري في العشرينات من عمره : ولد سنة 231 ، وعاش نحو تسعين سنة إلى سنة 320 هجرية ( أنساب السمعاني : 4 / 359 ).وكان يقول كما في ( وفيات الأعيان ( 4 / 190 ) وسير الذهبي ( 12 / 398 ) ) : ( سمع صحيح البخاري تسعون ألف رجل ، فما بقي أحد يروي عنه غيري ) ولم يقل لنا احد اين اختفى التسعون الفا ؟ فنسخته هي الوحيدة ، ولو صح أنه سمعها معه تسعون ألفاً ، لرواها غيره . حتى النسخة التي ادعى انها ما سمعه من البخاري كانت ناقصة وفيها فراغات كثيرة كما يروي ذلك ابن حجر العسقلاني وغيره فلو سمع حديثا فيجب ان يكتبه كاملا سواء باللفظ أو المعنى، لكن أن تظل صفحات الكتاب بيضاء وأحاديثه منقوصة هذا يعني أن هناك ثغرات التي شهد بوجودها إبن حجر، وأوضح مثال على ان هناك إضافات حصلت حتى بعد موت الفربري ما ذكر في صحيح الجامع نفسه من وضع البخاري كراوي إسناد وليس مصنف كتاب، حيث قال " أخبرنا محمد بن يوسف الفربري، وحدّثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن سفيان قال: إذا قرئ على المحدث فلا بأس أن يقول: حدثني" (صحيح البخاري، باب العلم، 1/ 22) فمن هو الذي روى عن الفربري ؟
ذكر ابن الاثير الجزري في كتابه جامع الأصول في أحاديث الرسول - ومعه: تتمة جامع الأصول المحقق: عبد القادر الأرناؤوط منشورات مكتبة الحلواني - مطبعة الملاح - مكتبة دار البيان سنة النشر: 1389 – 1969 الجزء 11 الصفحة 784 "عن الحميديُّ: حكى أبو مسعود أنَّ للبخاري في الصحيح حكايةً من رواية حصين عنه قال: «رأيتُ في الجاهلية قِرَدَةً اجتمع عليها قِرَدةٌ قد زنت، فرجموها، فرجمتُها معهم» كذا حكى أبو مسعود، ولم يذكر في أيِّ موضع قد أخرجه البخاري من كتابه، فبحثنا عنه فوجدناه في بعض النسخ - لا في كُلِّها - قد ذكره في أيام الجاهلية، وليس في رواية النعيمي عن الفِرَبْرِي أصلاً شيء من هذا الخبر في القِرَدَة، ولعلَّها من المقحمات التي أُقحمت في كتاب البخاري، والذي قال البخاري في [التاريخ الكبير]: عن عمرو بن ميمون قال: «رأيتُ في الجاهلية قِرَدَةً اجتمع عليها قِرَدةٌ، فرجموها فرجمتُها معهم» وليس فيه «قد زنت» فإن صحّت هذه الزيادة، فإنما أخرجها البخاريُّ دلالةً على أن عمرو بن ميمون قد أدرك الجاهلية، ولم يبال بظنِّه الذي ظنّه في الجاهلية" أي ان قصة القردة الزانية في صحيح البخاري المذكورة برقم 3849 عن عمرو بن ميمون هي (موضوعة) في الصحيح ، وأن البخاري ذكرها في كتاب آخر دون لفظ الزنا، مما يعني وجود إشارات وأدلة على حدوث هذا الوضع والتزوير في الكتاب .
كان السبب في ابراز اسم البخاري واختراع اكذوبته هو انقسام الحنابلة بعد موت احمد ابن حنبل الى خمسة فرق و هي : حنابلة متأثرون بالأشعرية ، و حنابلة متأثرون بالاعتزال، و حنابلة متأثرون بالفلسفة اليونانية، و حنابلة متأثرون بالمجسمة ، و حنابلة سلفيون على مذهب أهل الحديث . لذلك في ظل الصراع بين هذه الفرق كان لابد من ابراز كتاب جديد يكون منافسا لمسند احمد ابن حنبل وكان لابد ان ينسب الى رجل عاش في حياة احمد للحصول على الصبغة الشرعية التي يضفيها اسم ابن حنبل على كتب الاحاديث .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. 125-Al-Aanaam
.. الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يدعو المسلمين واليهود ال
.. ترمب يعول على كسب أصواتهم.. المسيحيون الإنجيليون الأمريكيون
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تنهك تجمعات الاحتلال المحتشد
.. #شاهد بعد تدمير الاحتلال مساجد غزة.. طفل يرفع الأذان من شرفة